map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

فلسطينيون على طريق الموت: دمشق-تركيا

تاريخ النشر : 20-05-2015
فلسطينيون على طريق الموت: دمشق-تركيا

خاص بـ عــ48ـرب../ قصي عمامة

تحرير: هاشم حمدان

'لا ترخي ذقنك ولا تحلقها تماماً، اتركها بين بين، أمسح كل ما في هاتفك الجوال، إحذف الصور، وتخلص من تطبيقات الاتصال، لا تترك إلا أسماء وأرقام عائلتك، الأفضل ألا يكون هاتفك ثميناً جداً، إحمل قليلاً من المتاع، وقليلاً من المال بالعملة السورية ووزعه بين ملابسك، وحاول أن تكون هادئاً كل الطريق من دمشق حتى الحدود السورية التركية'.. هذه أبرز النصائح التي تلقنها عصابات تهريب البشر التي تنقل الهاربين من سوريا باتجاه الأراضي التركية. معظم هؤلاء فلسطينيون تمنع تركيا دخلولهم إليها، لكنهم يصلونها إما للعمل والإقامة أو لإكمال الطريق نحو أوروبا، يصلون بعد رحلة شاقة قد تستغرق عشرين ساعة من السفر في طريق كان لا يحتاج إلا لثماني ساعات فقط.

لا تستقبل لبنان ولا الأردن ولا العراق الفلسطيني السوري، لبنان أغلق الباب بشكل كامل على دخول الفلسطيني السوري، وكذلك فعلت الأردن وتلتها العراق. فضلاً عن هذا، لا تبدو الحياة للفلسطيني السوري ممكنة إلا في تركيا التي منها يتابع أغلب الواصلين إليها الطريق إلى أوروبا.

أكثر من 100 نفطة تفتيش بعضها لجبهة النصرة

بات الطريق من دمشق نحو نقاط التهريب الثلاث في شمال البلاد، محفوفاً بالمخاطر على المدنيين في ظل النزاع العسكري في البلاد. أكثر من 100 نقطة تفتيش عسكرية على طول الطريق 'قرابة 350 كيلومترا' تعود لقوات النظام وميليشاته حتى جنوب حلب، فيما تنصب قوى من المعارضة وتنظيم الدولة داعش وجبهة النصرة وأحرار الشام وجيش الإسلام وغيرها نقاطها في ما بعد حلب، لكل منها تهم جاهزة للاعتقال أو التصفية.

قرر عامر محمد (32 عاماً)، مغادرة سوريا باتجاه تركيا للعمل فيها، من ساحة ابن النفيس في شمال غرب العاصمة استقل حافلة تقل ركاب من العاصمة إلى عفرين بريف حلب، المدينة الكردية التي تقع على الحدود السورية التركية مباشرة، وتسيطر عليها قوات الحماية الكردية منذ أكثر من عامين.

يقول عامر 'تناولت دواء مهدئاً قبل صعود الحافلة عند الثانية عشرة منتصف الليل، كان كل ركاب الحافلة من السوريين الأكراد، كوني فلسطينيا سوريا أبدو مثيراً للشبهات بينهم على كل حاجز عسكري سيصادفنا على الطريق، حتى وصلنا عفرين بعد 14 ساعة من المسير'.

تعتبر رحلة عامر في الأراضي السورية موفقة مقارنة بغيره، فهو لم يجد أية عقبات استثنائية إلا حين ألقى حرس الحدود التركي القبض عليه، وهو يعبر الحدود مع آخرين.

يقول: 'كانت برفقتي أم فلسطينية معها ثلاثة أطفال، كنا نركض في أرض زراعية حدوية قرابة الثامنة مساء، تأخرت السيدة التي كانت معنا في الركض، ثم سمعنا إطلاق نار، لم نستطيع المتابعة فالأطفال أصيبوا بالرعب، أعادنا عناصر الجيش التركي إلى داخل سوريا، بعد أن فتشونا وصادروا بعض الدخان الذي كان معي'.

عاود عامر الكرة مع ذات العائلة في ذات الليلة، وتمكن من الدخول إلى تركيا وهو يقيم اليوم فيها.

 

التهمة: فلسطيني

على عكس عامر، كاد أحمد أبو حشيش ويبلغ الخامسة والعشرين من العمر، أن يفقد حياته في رحلة مماثلة. أحمد استقل حافلة من ساحة العباسيين في شرق دمشق باتجاه أعزاز في ريف حلب، والتي تسيطر عليها كتائب من المعارضة السورية، من في عمر أحمد هم مطلوبون للخدمة الإلزامية، فاعترضته كل الحواجز العسكرية لجميع أطراف الصراع تسأله عن أدائه للخدمة أو هروبه منها، وظن حين وصل اعزاز أنه بات في آمان تام، إلا أن ما حدث أنه اختطف من كتيبة مسلحة كاد 'أميرها' أن يقتله.

يقول أحمد 'قال لي المهرب سنذهب الآن إلى بيتي كي نرتاح قبل أن نعبر الحدود. في منزل المهرب كنت مطمئناً، فأخرجت ما معي من مال من ثيابي الداخلية لأضعه في حقيبتي حين دخل الغرفة فجأة وشاهد ما معي من مال (مبلغ 5000 يورو)، هي ما كنت أنوي أن أتوجه به إلى أوروبا عبر البحر'. وعندها اقتاد المهرب أحمد إلى مقر عسكري في إعزاز بعد أن قال له إن أوراقاً يجب أن يتم الحصول عليها من هناك، فاعتقل على الفور وضرب وعذب لساعات قبل أن يقول له مسلح في المقر إن تهمته أنه فلسطيني.

'قال لي أنت من جماعة لواء القدس التابعة لأحمد جبريل التي تقاتل في حلب إلى جانب النظام، كنت أنكر فيضربني أكثر، ثم قال إني لا زلت أخدم في جيش النظام، استمر في ضربي حتى أغمي علي. حين أفقت قال لي إن الأمير أمر بإعدامي'.

 كمعجزة يصف أحمد خروجه من المقر العسكري في أعزاز قبل أن يصل تركيا، ويظل لأربعة أيام هائماً في شوراع مرسين، التي استقر بها اليوم منتظراً مركباً يقله إلى إيطاليا.

 

الحدود

لا تنتهي المصاعب مع الاقتراب من الشريط الحدودي، إذ على الهارب أن يحذر من الجيش التركي الذي يشدد من إجراءاته يوماً بعد يوم، بسبب ما يقول إنه تسلل لمقاتلين إلى داخل سوريا، أو تسلل من تسميهم مخربين إلى الأراضي التركية.

ياسر دامول (47 عاما)، سلك أكثر الطرق أمناً في سوريا اليوم، إذ استقل طائرة من دمشق إلى القامشلي في أقصى شمال شرق سوريا، هكذا تجنب الطريق البري وبقي أمامه عبور الحدود من أكثر نقاطها تعقيداً، فالجيش التركي أردى أكثر من عشرة مدنين هاربين من سوريا إلى تركيا على طول نقاط التماس مع القامشلي، فالمنطقة السورية ذات الغالبية التركية تشكل حساسية عالية بالنسبة للجيش التركي لما بين القوميتن من تاريخ.

يصف ياسر الرحلة بالقول 'كانت مثل فيلم أكشن كامل، كل ما عشته في مخيم اليرموك لا يوازي تلك الليلة، أمطار شديدة طوال الطريق الذي كان المهرب قد قال لنا إنه لا يتجاوز مئة متر، لكننا سرنا لأكثر من أربع ساعات ولا نعلم شيئاً عن جغرافيا المكان، كان معنا نساء وأطفال وشيوخ، ولم يكن بمقدورك مساعدة أحد، خدعنا المهرب وتخلى عنا في بداية الطريق، ولم يكن أحد ينوي العودة إلى سوريا' وصل ياسر بعد عناء شاق لكن أسر كثيرة عادت أدراجها إلى سوريا في ذات ليلة دخوله غير الشرعي إلى تركيا.

ينتشر الفلسطينيون في معظم المدن التركية، منهم من يعمل بعد أن يستصدر بطاقة لاجئ كالتي تمنح للسوريين، فيما يتابع بعضهم الرحلة نحو أوروبا بحراً أو براً.

المصدر: موقع عرب 48 

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/1834

خاص بـ عــ48ـرب../ قصي عمامة

تحرير: هاشم حمدان

'لا ترخي ذقنك ولا تحلقها تماماً، اتركها بين بين، أمسح كل ما في هاتفك الجوال، إحذف الصور، وتخلص من تطبيقات الاتصال، لا تترك إلا أسماء وأرقام عائلتك، الأفضل ألا يكون هاتفك ثميناً جداً، إحمل قليلاً من المتاع، وقليلاً من المال بالعملة السورية ووزعه بين ملابسك، وحاول أن تكون هادئاً كل الطريق من دمشق حتى الحدود السورية التركية'.. هذه أبرز النصائح التي تلقنها عصابات تهريب البشر التي تنقل الهاربين من سوريا باتجاه الأراضي التركية. معظم هؤلاء فلسطينيون تمنع تركيا دخلولهم إليها، لكنهم يصلونها إما للعمل والإقامة أو لإكمال الطريق نحو أوروبا، يصلون بعد رحلة شاقة قد تستغرق عشرين ساعة من السفر في طريق كان لا يحتاج إلا لثماني ساعات فقط.

لا تستقبل لبنان ولا الأردن ولا العراق الفلسطيني السوري، لبنان أغلق الباب بشكل كامل على دخول الفلسطيني السوري، وكذلك فعلت الأردن وتلتها العراق. فضلاً عن هذا، لا تبدو الحياة للفلسطيني السوري ممكنة إلا في تركيا التي منها يتابع أغلب الواصلين إليها الطريق إلى أوروبا.

أكثر من 100 نفطة تفتيش بعضها لجبهة النصرة

بات الطريق من دمشق نحو نقاط التهريب الثلاث في شمال البلاد، محفوفاً بالمخاطر على المدنيين في ظل النزاع العسكري في البلاد. أكثر من 100 نقطة تفتيش عسكرية على طول الطريق 'قرابة 350 كيلومترا' تعود لقوات النظام وميليشاته حتى جنوب حلب، فيما تنصب قوى من المعارضة وتنظيم الدولة داعش وجبهة النصرة وأحرار الشام وجيش الإسلام وغيرها نقاطها في ما بعد حلب، لكل منها تهم جاهزة للاعتقال أو التصفية.

قرر عامر محمد (32 عاماً)، مغادرة سوريا باتجاه تركيا للعمل فيها، من ساحة ابن النفيس في شمال غرب العاصمة استقل حافلة تقل ركاب من العاصمة إلى عفرين بريف حلب، المدينة الكردية التي تقع على الحدود السورية التركية مباشرة، وتسيطر عليها قوات الحماية الكردية منذ أكثر من عامين.

يقول عامر 'تناولت دواء مهدئاً قبل صعود الحافلة عند الثانية عشرة منتصف الليل، كان كل ركاب الحافلة من السوريين الأكراد، كوني فلسطينيا سوريا أبدو مثيراً للشبهات بينهم على كل حاجز عسكري سيصادفنا على الطريق، حتى وصلنا عفرين بعد 14 ساعة من المسير'.

تعتبر رحلة عامر في الأراضي السورية موفقة مقارنة بغيره، فهو لم يجد أية عقبات استثنائية إلا حين ألقى حرس الحدود التركي القبض عليه، وهو يعبر الحدود مع آخرين.

يقول: 'كانت برفقتي أم فلسطينية معها ثلاثة أطفال، كنا نركض في أرض زراعية حدوية قرابة الثامنة مساء، تأخرت السيدة التي كانت معنا في الركض، ثم سمعنا إطلاق نار، لم نستطيع المتابعة فالأطفال أصيبوا بالرعب، أعادنا عناصر الجيش التركي إلى داخل سوريا، بعد أن فتشونا وصادروا بعض الدخان الذي كان معي'.

عاود عامر الكرة مع ذات العائلة في ذات الليلة، وتمكن من الدخول إلى تركيا وهو يقيم اليوم فيها.

 

التهمة: فلسطيني

على عكس عامر، كاد أحمد أبو حشيش ويبلغ الخامسة والعشرين من العمر، أن يفقد حياته في رحلة مماثلة. أحمد استقل حافلة من ساحة العباسيين في شرق دمشق باتجاه أعزاز في ريف حلب، والتي تسيطر عليها كتائب من المعارضة السورية، من في عمر أحمد هم مطلوبون للخدمة الإلزامية، فاعترضته كل الحواجز العسكرية لجميع أطراف الصراع تسأله عن أدائه للخدمة أو هروبه منها، وظن حين وصل اعزاز أنه بات في آمان تام، إلا أن ما حدث أنه اختطف من كتيبة مسلحة كاد 'أميرها' أن يقتله.

يقول أحمد 'قال لي المهرب سنذهب الآن إلى بيتي كي نرتاح قبل أن نعبر الحدود. في منزل المهرب كنت مطمئناً، فأخرجت ما معي من مال من ثيابي الداخلية لأضعه في حقيبتي حين دخل الغرفة فجأة وشاهد ما معي من مال (مبلغ 5000 يورو)، هي ما كنت أنوي أن أتوجه به إلى أوروبا عبر البحر'. وعندها اقتاد المهرب أحمد إلى مقر عسكري في إعزاز بعد أن قال له إن أوراقاً يجب أن يتم الحصول عليها من هناك، فاعتقل على الفور وضرب وعذب لساعات قبل أن يقول له مسلح في المقر إن تهمته أنه فلسطيني.

'قال لي أنت من جماعة لواء القدس التابعة لأحمد جبريل التي تقاتل في حلب إلى جانب النظام، كنت أنكر فيضربني أكثر، ثم قال إني لا زلت أخدم في جيش النظام، استمر في ضربي حتى أغمي علي. حين أفقت قال لي إن الأمير أمر بإعدامي'.

 كمعجزة يصف أحمد خروجه من المقر العسكري في أعزاز قبل أن يصل تركيا، ويظل لأربعة أيام هائماً في شوراع مرسين، التي استقر بها اليوم منتظراً مركباً يقله إلى إيطاليا.

 

الحدود

لا تنتهي المصاعب مع الاقتراب من الشريط الحدودي، إذ على الهارب أن يحذر من الجيش التركي الذي يشدد من إجراءاته يوماً بعد يوم، بسبب ما يقول إنه تسلل لمقاتلين إلى داخل سوريا، أو تسلل من تسميهم مخربين إلى الأراضي التركية.

ياسر دامول (47 عاما)، سلك أكثر الطرق أمناً في سوريا اليوم، إذ استقل طائرة من دمشق إلى القامشلي في أقصى شمال شرق سوريا، هكذا تجنب الطريق البري وبقي أمامه عبور الحدود من أكثر نقاطها تعقيداً، فالجيش التركي أردى أكثر من عشرة مدنين هاربين من سوريا إلى تركيا على طول نقاط التماس مع القامشلي، فالمنطقة السورية ذات الغالبية التركية تشكل حساسية عالية بالنسبة للجيش التركي لما بين القوميتن من تاريخ.

يصف ياسر الرحلة بالقول 'كانت مثل فيلم أكشن كامل، كل ما عشته في مخيم اليرموك لا يوازي تلك الليلة، أمطار شديدة طوال الطريق الذي كان المهرب قد قال لنا إنه لا يتجاوز مئة متر، لكننا سرنا لأكثر من أربع ساعات ولا نعلم شيئاً عن جغرافيا المكان، كان معنا نساء وأطفال وشيوخ، ولم يكن بمقدورك مساعدة أحد، خدعنا المهرب وتخلى عنا في بداية الطريق، ولم يكن أحد ينوي العودة إلى سوريا' وصل ياسر بعد عناء شاق لكن أسر كثيرة عادت أدراجها إلى سوريا في ذات ليلة دخوله غير الشرعي إلى تركيا.

ينتشر الفلسطينيون في معظم المدن التركية، منهم من يعمل بعد أن يستصدر بطاقة لاجئ كالتي تمنح للسوريين، فيما يتابع بعضهم الرحلة نحو أوروبا بحراً أو براً.

المصدر: موقع عرب 48 

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/1834