map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سورية بعد الثورة

تاريخ النشر : 29-11-2016
أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سورية بعد الثورة

محمود زغموت | لموقع جيرون

مقدمة

تحمّل الفلسطينيون السوريون، منذ انطلاق الثورة السورية، كنظرائهم من السوريين، ثمن التصعيد العسكري المتزايد، وتمدد المواجهات بين النظام وقوى المعارضة إلى مخيماتهم وتجمعاتهم السكنية؛ إذ قضت أعداد منهم ضحايا لعمليات القصف والاعتقال والتعذيب والاختطاف والاختفاء القسري، وبسبب الجوع ونقص العلاج؛ نتيجة حصار بعض مخيماتهم من قوات النظام، فيما سقط آخرون في أثناء القتال في صفوف الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام، أو في صفوف جيش التحرير الفلسطيني، أو في صفوف فصائل المعارضة المسلحة. بينما كان قدر بعضهم الغرق في مياه المتوسط في أثناء محاولتهم الوصول إلى شواطئ الأمان الأوروبية.

أعداد اللاجئين الفلسطينيين في سورية وتوزع المخيمات

قدرت بعثة المسح الاقتصادي للشرق الأوسط التابعة للأمم المتحدة في كانون أول/ ديسمبر 1949، عدد اللاجئين الفلسطينيين في سورية 80 ألف لاجئ، أقام منهم في المخيمات 53175 لاجئ. بينما تُقدّر حاليًا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في سورية أعداد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها بـ 564 ألفًا، بحسب إحصائية صدرت عنها بتاريخ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013.

يتوزع اللاجئون الفلسطينيون في سورية على اثني عشر مخيمًا، تعترف الأونروا بتسعة منها، وهي: خمسة في ريف دمشق (مخيم خان الشيح، مخيم خان دنون، مخيم جرمانا، مخيم قبر الست، مخيم سبينة)، واحد في حمص (مخيم العائدين)، واحد في حماه (مخيم العائدين)، واثنان في حلب (مخيم النيرب)، أما في درعا فتعترف “الأونروا” بمخيمين على أنهما مخيم واحد (العائدين و الطوارئ).

وهناك ثلاثة مخيمات فلسطينية لا تعترف بها “الأونروا” وهي: في دمشق (مخيم اليرموك)، وفي اللاذقية (مخيم الرمل)، وفي حلب (مخيم حندرات). يضاف إليها مخيمان في ريف دمشق (مخيم الحسينية، ومخيم الرمدان)؛ ما يرفع عدد المخيمات إلى 14 مخيم.

الأوضاع الأمنية وتسلسل الأحداث

مع انطلاق الثورة السورية واشتعال المظاهرات في مدينة درعا، وانتقالها إلى مدن سورية أخرى، ظهرت محاولات مبكرة لتصدير أزمة النظام السوري باتجاه المخيمات الفلسطينية، حيث حاولت صحيفة الوطن السورية تحميل الفلسطينيين في مخيم درعا مسؤولية ما أسمته “التخريب والتحريض” في عددها الصادر بتاريخ 22 آذار/ مارس 2011، فيما اتهمت المستشارة بثينة شعبان في تصريح لها يوم 27 آذار/ مارس من العام نفسه، مجموعة من الفلسطينيين في مخيم الرمل بالوقوف وراء “الفتنة” في محافظة اللاذقية على حد تعبيرها، فيما كشفت “أحداث الخالصة” أو “انتفاضة اليرموك” في 6 حزيران/ يونيو 2011 في مخيم اليرموك نوايا مبيتة لدى النظام والفصائل الفلسطينية الموالية له، بمحاولة اللعب بالورقة الفلسطينية واستخدام الدم الفلسطيني للتغطية على الدم السوري وحرف الأنظار عن الحراك المتصاعد في الشارع السوري.

مع تأزم الأوضاع  وتحول الثورة من الحالة السلمية إلى الحالة المسلحة، جاءت عمليات اغتيال عدد من ضباط جيش التحرير الفلسطيني والذين قيل أنهم رفضوا مشاركة جيش التحرير في المعارك، لتؤكد وجود جهات تضغط للزج بالفلسطيني في أتون الصراع إلى جانب النظام، إذ اغتيل العقيد رضا الخضراء، والعقيد عبد الناصر مقاري وسائقه، أواخر شباط/ فبراير 2012، فيما تم اغتيال العقيد أحمد صالح الحسن أواخر حزيران من العام نفسه، لتتوالى بعدها عمليات استهداف ضباط جيش التحرير، فيما تعرض ضباط آخرين للاختطاف والاختفاء القسري، وقد تذرعت الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام بهذه العمليات وبأحداث “الخالصة” لتضغط باتجاه تشكيل لجان مسلحة من أبناء المخيمات، بذريعة حمايتها وضبط أمنها، الأمر الذي لم يلق قبولًا في الشارع الفلسطيني، وكذلك لدى بعض الفصائل الفلسطينية التي أكدت على “الحياد الإيجابي”، ورفض الانخراط في المعارك إلى جانب أي طرف، والاقتصار على تقديم العون والواجب الإنساني تجاه الأخوة المهجّرين من المناطق المجاورة. إذ أن مخيم اليرموك والمخيمات الفلسطينية الأخرى كانت جزر هادئة نسبيًا، في محيط مشتعل، بالرغم من التعاطف والتضامن الذي أبداه الشارع الفلسطيني مع ثورة السوريين، الأمر الذي ظهر جليًا في النصف الثاني من عام 2012، عندما تحول مخيم اليرموك إلى ملاذ آمن للمهجرين، حيث فتحت المدارس والمساجد لإيواء عشرات العائلات التي نزحت من الجوار، جراء الحملات الأمنية للجيش السوري، إذ أن أهالي المخيم بادروا إلى تشكيل لجان الإغاثة لتقديم العون والمساعدات، وتأمين السكن والماء والغذاء لآلاف المواطنين الذين دخلوا مخيم اليرموك.

بدأت الأوضاع حينئذ تسخن تدرجًا؛ إذ تعرض حي الجاعونة، الخميس 2 آب/ أغسطس 2012 للقصف بقذائف الهاون؛ ما أدى إلى سقوط عشرين قتيلًا وعدد من الجرحى، ليشتعل المخيم بالمظاهرات في اليوم الثاني في أثناء تشييع القتلى، وتوالى بعدئذ سقوط القذائف بين فينة وأخرى على أحياء المخيم الخالي تمامًا من أي وجودد للمعارضة المسلحة والخاضع لما يسمى اللجان “الشعبية” الفلسطينية التابعة للفصائل الموالية للنظام.

كان يوم 16 كانون الأول/ ديسمبر 2012 يومًا مصيريًا في تاريخ مخيم اليرموك، إذ اقتحمته فصائل المعارضة السورية المتمركزة في بلدة يلدا ومدينة الحجر الأسود وحي التضامن، لوضع حد لتجاوزات “اللجان الشعبية الفلسطينية” التابعة للنظام، هذه اللجان التي تهاوت بصورة دراماتيكية مريبة، وانسحب عناصرها خارج المخيم، فيما انشق بعضهم والتحق بصفوف فصائل المعارضة، تخلل المعارك تنفيذ سلاح الجو السوري غارة عنيفة، استهدفت مسجد عبد القادر الحسيني، حيث سقط عشرات المدنيين بين قتيل ومصاب، علمًا بأن المخيم كان خاليًا حينئذ من أي وجود لفصائل المعارضة، ما سبب صدمة كبيرة لسكان المخيم، ودفع العدد الأكبر منهم للنزوح عنه.

وفي مخيمات أخرى أيضًا اتخذ النظام السوري من خروجها عن سيطرته، ذريعة لقصفها واستهدافها بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والطائرات الحربية، وبالتالي وضع السكان أمام خيارين، إما التهجير والنزوح، والتشرد في مراكز الإيواء والدول المجاورة، أو البقاء فيها تحت نيران القصف بأنواع شتى من الأسلحة، كما حصل في مخيم درعا الذي نزح عنه 70 في المئة من سكانه، بحسب تقرير صادر عن “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” على موقعها بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، ومخيم خان الشيح الذي نزح عنه 60 بالمئة من سكانه، فيما نزح جميع سكان مخيم حندرات في حلب؛ بسبب المعارك الدائرة في المنطقة بين طرفي الصراع، وكذلك الحال في مخيم سبينة الذي لا تزال قوات النظام تمنع سكانه من العودة إليه، منذ استعادته من المعارضة يوم 17 تشرين الثاني/ نوفمبر2013، بينما عاد إلى مخيم الحسينية ما نسبته 60 في المئة من سكانه، بعد نزوح دام لأكثر من عامين بحسب التقرير. ووفق إحصاءات وكالة “الأونروا” وحتى شهر تموز/ يوليو 2015، فقد نزح 15500 لاجئ فلسطيني سوري إلى الأردن. و42500 لاجئ فلسطيني سوري إلى لبنان. و6000 لاجئ فلسطيني سوري إلى مصر، فيما قدرت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” وجود 8000 لاجئ فلسطيني سوري في تركيا. و1000 لاجئ فلسطيني سوري في قطاع غزة، وأكثر من 79 ألف لاجئ فلسطيني سوري وصلوا إلى أوروبا؛ حتى منتصف 2016.

الحصار وتردي الأوضاع الإنسانية

جاء تدهور الوضع الإنساني في بعض المخيمات الفلسطينية، كنتيجة طبيعية للحصار الذي فرضته قوات النظام والفصائل الفلسطينية الموالية لها؛ إذ سقط في مخيم اليرموك وحده 190 ضحية؛ نتيجة الحصار ومنع دخول المواد الأساسية، وذلك بحسب تقرير توثيقي نشر على موقع “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية”، بتاريخ 21 تشرين الثاني/ نوفمبر لهذا العام، إذ يفتقد مخيم اليرموك جميع مقومات الحياة، بسبب نفاد المواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال، مما انعكس ذلك على سكانه من الناحية الصحية والنفسية. وفي تقرير للمفوض العام لوكالة الغوث “الأونروا”، يتحدث عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سورية خلال عام 2014، أكد أن “النزاع المسلح” مستمر في زيادة الاحتياجات الإنسانية لدى اللاجئين الفلسطينيين.

من أصل 560 ألف لاجئ فلسطيني مسجل، لا يزال حوالي 480 ألف في البلد. ولقد شُرِّد أكثر من 60 في المئة من اللاجئين المسجلين مرة واحدة على الأقل، في حين شُّرد 80 ألف آخرون إلى بلدان أخرى. وبحلول كانون الأول/ ديسمبر2014، كان اللاجئون المتبقون يعتمدون بنسبة 95 في المئة على “الأونروا” لتلبية الحد الأدنى من الحاجات الأساسية، وبحسب التقرير، لا يبدو أن هناك أي علامة على الانخفاض في حدة الأثر الإنساني للأزمة في سورية. وقد استنفد اللاجئون الفلسطينيون جميع آليات التدبر، وفي غياب حل سياسي، تقدر “الأونروا” أن 460 ألف شخص سيظلون بحاجة إلى مجال واسع من المساعدات الإنسانية؛ من أجل تلبية حاجاتهم الدنيا، بما يشمل المال والغذاء والمواد غير الغذائية والمأوى والصحة والمياه والصرف الصحي. وأصبح الآن العديد من اللاجئين الفلسطينيين يستخدمون آليات تدبر سلبية، مثل تقليص كميات الغذاء التي يتناولونها. وأكدت وكالة الغوث في تقاريرها أن تصاعد أعمال العنف يجعل التنقل والعبور أكثر صعوبة ويسبّب معاناة شديدة للاجئين. حيث قامت الأردن بإغلاق حدودها بوجه اللاجئين الفلسطينيين من سورية منذ بداية النزاع، وقام لبنان أيضًا باتخاذ إجراءٍ مماثل، في أيار/ مايو 2015. بينما تمنع السلطات التركية اللاجئين الفلسطينيين، حاملي وثائق السفر السورية من دخول أراضيها عبر المعابر الرسمية؛ ما زاد في معاناتهم، واضطر كثير منهم إلى سلوك طرق غير شرعية، والوقوع ضحايا لابتزاز المهربين، أو التعرض لمخاطر المرور من مناطق ساخنة.

ومن جهة أخرى، فإن المخيمات التي لاتزال تخضع لسيطرة النظام السوري كمخيمات الشمال، (مخيم النيرب في حلب، مخيم العائدين في حماه، مخيم العائدين في حمص، مخيم الرمل في اللاذقية) ومخيمات ريف دمشق (مخيم جرمانا، مخيم خان دنون، مخيم قبر الست، مخيم الحسينية) هي الأخرى تشهد أزمات متصاعدة، وذلك بسبب انتشار البطالة والفقر وغياب المواد النفطية وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة و شح المياه، والضغط السكاني بسبب تزايد أعداد النازحين من المخيمات الأخرى والمناطق المجاورة، واستغلت الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام، “الجبهة الشعبية – القيادة العامة” و”فتح الانتفاضة” و”جبهة النضال”، الانتشار المتزايد للبطالة في صفوف الشباب الفلسطيني، لتجنيد مزيد منهم في صفوفها والزج بهم في الجبهات المشتعلة إلى جانب قوات النظام، فيما لايزال الشباب الفلسطيني يخضع لعملية التجنيد الإجباري في صفوف جيش التحرير الفلسطيني ويزج بهم في المعارك إلى جانب قوات النظام.

الوضع التعليمي

توقفت العملية التعليمية في المخيمات التي خرجت عن سيطرة النظام، وذلك بسبب القصف الدائم  والاشتباكات، وغياب الأمن، فيما برزت ظاهرة المدارس البديلة  في بعض المخيمات، إذ تعتمد هذه المدارس على الكادر التعليمي التطوعي، ويتلقى بعضها دعمًا وتمويلًا خارجيًا، عبر جمعيات ومنظمات غير حكومية تنشط في مجال العمل الإنساني، وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” قد أعلنت -على موقعها الإلكتروني- أن نسبة كبيرة من الطلاب الفلسطينيين في سورية اضطروا إلى ترك مدارسهم، بسبب تزايد مستويات الفقر والبطالة، وعدم القدرة على توفير الطعام، والصعوبة في إيجاد مكان بديل للسكن. ووفقًا للتقرير، فإن التعليم، إحدى أهم الخدمات التي تقدمها “الأونروا” للاجئين الفلسطينيين في سورية، وقالت إن برنامج التربية في سورية كان يشغِّل 118 مدرسة للتعليم الأساسي قبل بدء الحرب، لكن 42 مدرسة فقط لا تزال تعمل حاليًا، إلى جانب توفير وزارة التربية والتعليم السورية 43 مدرسة إضافية، بحسب وكالة الغوث “الأونروا”. وأكد التقرير إلى أن الصراع في سورية حدَّ كثيرًا من فرص الشباب والأطفال في الحصول على التعليم. ويُعَدّ الخوف من الاعتقال أو التصفية الجسدية لدى الكثير من طلاب الشهادة الثانوية أحد أبرز المعوِّقات التي تعترض حركة التعليم بين الشباب وتمنعهم من التقدم للامتحانات العامة.

ضحايا ومعتقلين

تقدر أعداد الضحايا الفلسطينيين منذ انطلاق الثورة السورية بالآلاف، ولا تعدّ الأرقام الصادرة عن المنظمات الحقوقية ومراكز الأبحاث المتخصصة في شؤون اللاجئين أرقامًا حقيقية، وذلك بسبب تكتم الأهالي على مصير أبنائهم؛ خوفًا من بطش النظام، وعدم إفصاح الأجهزة الأمنية عن أعداد الضحايا والمعتقلين لديها. وفي تقرير خاص نشرته “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” على موقعها الإلكتروني، بتاريخ 21 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الجاري، فقد وثّقت المجموعة قضاء 3247 ضحية فلسطينية داخل سورية نتيجة الأعمال الحربية، وخارج سورية نتيجة محاولات الوصول إلى أوروبا أو تعرضهم لحوادث قاتلة في مناطق لجوئهم الجديد، منذ بدء الأحداث الدامية في سورية، ولغاية حزيران/ يونيو 2016.

فيما قضى مئات اللاجئين الفلسطينيين في السجون السورية؛ نتيجة التصفية المباشرة، أو بعد تعرضهم لأقسى وأشد أنواع التعذيب. وبحسب شهادات بعض الناجين من المعتقلات يتعرض المعتقلون داخل السجون ومراكز الاحتجاز لدى النظام السوري إلى أشد عمليات التعذيب والاذلال، التي غالبًا ما تنجم عنها أضرار نفسية وجسدية كبيرة، قد تصل إلى الموت، نتيجة أساليب التعذيب المختلفة التي استخدمها المحققون والحراس، كالضرب لفترات طويلة، بالعصي والأسلاك، وتثبيت المعتقلين في أوضاع مؤلمة لفترات طويلة، والاعتداء الجنسي والإذلال، وانتزاع الأظافر، والإعدام الوهمي، وبحسب التقرير، فإن المجموعة وثقت اعتقال 1129 لاجئًا فلسطينيًا في السجون السورية، منهم 80 لاجئة فلسطينية، لا تتوافر معلومات عن مصيرهم، ووثقت كذلك 455 ضحية من اللاجئين الفلسطينيين قضوا تحت التعذيب. علمًا أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك؛ بسبب تكتم الأمن السوري عن أسماء المعتقلين، وإحجام أهالي المعتقلين من توثيق أسماء أبنائهم؛ خوفًا من التبعات.

خلاصة

تعرّض الفلسطينيون في سورية منذ انطلاق الثورة السورية لاستهداف مخيماتهم وتجمعاتهم بصنوف شتى من الأسلحة؛ ما أدى إلى تهجيرهم وتدمير ممتلكاتهم، كما قضى المئات منهم نتيجة العمليات العسكرية والاعتقال التعسفي والاختطاف والاختفاء القسري، على الرغم من محاولاتهم الوقوف على الحياد ميدانيا وسياسيًا، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، لذا؛ لابد من التأكيد على نقاط عدة:

المخيمات الفلسطينية في سورية هي محطة على طريق العودة إلى فلسطين المحتلة، وهي شاهد على النكبة، واستهدافها هو استهداف للقضية الفلسطينية، بما هي قضية تحرر وطني، تقرها المواثيق الدولية والشرائع السماوية.

لابد من التحرك العاجل -على المستوى الفلسطيني والإقليمي والدولي- لوقف استهداف المخيمات والفلسطينيين في سورية، ورفع الحصار عن المخيمات المحاصرة، والكشف عن مصير المعتقلين الفلسطينيين في السجون السورية.

وضع جميع المنظمات والمؤسسات ذات العلاقة، كمنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية، وكذلك السلطة، ووكالة “الأونروا” أمام مسؤولياتها على المستوى السياسي والإنساني، لاسيما تأمين الحماية للاجئين الفلسطينيين في سورية، وحفظ حقوقهم الإنسانية إلى حين العودة إلى فلسطين.

إن الفلسطينيين في سورية على الرغم من تضامنهم مع قضية الشعب السوري، وإيمانهم بعدالتها، وبعيدًا عن مواقف الفصائل الفلسطينية، كانوا منذ بداية الأزمة يؤكدون موقفهم المحايد سياسيًا وميدانيًا، ويرفضون الزج بهم في الصراع الحاصل، واستخدام قضيتهم العادلة من أي طرف، غطاءً لقمع السوريين وحرمانهم من حقهم في تقرير مصيرهم

المصدر: موقع جيرون

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/6261

محمود زغموت | لموقع جيرون

مقدمة

تحمّل الفلسطينيون السوريون، منذ انطلاق الثورة السورية، كنظرائهم من السوريين، ثمن التصعيد العسكري المتزايد، وتمدد المواجهات بين النظام وقوى المعارضة إلى مخيماتهم وتجمعاتهم السكنية؛ إذ قضت أعداد منهم ضحايا لعمليات القصف والاعتقال والتعذيب والاختطاف والاختفاء القسري، وبسبب الجوع ونقص العلاج؛ نتيجة حصار بعض مخيماتهم من قوات النظام، فيما سقط آخرون في أثناء القتال في صفوف الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام، أو في صفوف جيش التحرير الفلسطيني، أو في صفوف فصائل المعارضة المسلحة. بينما كان قدر بعضهم الغرق في مياه المتوسط في أثناء محاولتهم الوصول إلى شواطئ الأمان الأوروبية.

أعداد اللاجئين الفلسطينيين في سورية وتوزع المخيمات

قدرت بعثة المسح الاقتصادي للشرق الأوسط التابعة للأمم المتحدة في كانون أول/ ديسمبر 1949، عدد اللاجئين الفلسطينيين في سورية 80 ألف لاجئ، أقام منهم في المخيمات 53175 لاجئ. بينما تُقدّر حاليًا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في سورية أعداد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها بـ 564 ألفًا، بحسب إحصائية صدرت عنها بتاريخ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013.

يتوزع اللاجئون الفلسطينيون في سورية على اثني عشر مخيمًا، تعترف الأونروا بتسعة منها، وهي: خمسة في ريف دمشق (مخيم خان الشيح، مخيم خان دنون، مخيم جرمانا، مخيم قبر الست، مخيم سبينة)، واحد في حمص (مخيم العائدين)، واحد في حماه (مخيم العائدين)، واثنان في حلب (مخيم النيرب)، أما في درعا فتعترف “الأونروا” بمخيمين على أنهما مخيم واحد (العائدين و الطوارئ).

وهناك ثلاثة مخيمات فلسطينية لا تعترف بها “الأونروا” وهي: في دمشق (مخيم اليرموك)، وفي اللاذقية (مخيم الرمل)، وفي حلب (مخيم حندرات). يضاف إليها مخيمان في ريف دمشق (مخيم الحسينية، ومخيم الرمدان)؛ ما يرفع عدد المخيمات إلى 14 مخيم.

الأوضاع الأمنية وتسلسل الأحداث

مع انطلاق الثورة السورية واشتعال المظاهرات في مدينة درعا، وانتقالها إلى مدن سورية أخرى، ظهرت محاولات مبكرة لتصدير أزمة النظام السوري باتجاه المخيمات الفلسطينية، حيث حاولت صحيفة الوطن السورية تحميل الفلسطينيين في مخيم درعا مسؤولية ما أسمته “التخريب والتحريض” في عددها الصادر بتاريخ 22 آذار/ مارس 2011، فيما اتهمت المستشارة بثينة شعبان في تصريح لها يوم 27 آذار/ مارس من العام نفسه، مجموعة من الفلسطينيين في مخيم الرمل بالوقوف وراء “الفتنة” في محافظة اللاذقية على حد تعبيرها، فيما كشفت “أحداث الخالصة” أو “انتفاضة اليرموك” في 6 حزيران/ يونيو 2011 في مخيم اليرموك نوايا مبيتة لدى النظام والفصائل الفلسطينية الموالية له، بمحاولة اللعب بالورقة الفلسطينية واستخدام الدم الفلسطيني للتغطية على الدم السوري وحرف الأنظار عن الحراك المتصاعد في الشارع السوري.

مع تأزم الأوضاع  وتحول الثورة من الحالة السلمية إلى الحالة المسلحة، جاءت عمليات اغتيال عدد من ضباط جيش التحرير الفلسطيني والذين قيل أنهم رفضوا مشاركة جيش التحرير في المعارك، لتؤكد وجود جهات تضغط للزج بالفلسطيني في أتون الصراع إلى جانب النظام، إذ اغتيل العقيد رضا الخضراء، والعقيد عبد الناصر مقاري وسائقه، أواخر شباط/ فبراير 2012، فيما تم اغتيال العقيد أحمد صالح الحسن أواخر حزيران من العام نفسه، لتتوالى بعدها عمليات استهداف ضباط جيش التحرير، فيما تعرض ضباط آخرين للاختطاف والاختفاء القسري، وقد تذرعت الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام بهذه العمليات وبأحداث “الخالصة” لتضغط باتجاه تشكيل لجان مسلحة من أبناء المخيمات، بذريعة حمايتها وضبط أمنها، الأمر الذي لم يلق قبولًا في الشارع الفلسطيني، وكذلك لدى بعض الفصائل الفلسطينية التي أكدت على “الحياد الإيجابي”، ورفض الانخراط في المعارك إلى جانب أي طرف، والاقتصار على تقديم العون والواجب الإنساني تجاه الأخوة المهجّرين من المناطق المجاورة. إذ أن مخيم اليرموك والمخيمات الفلسطينية الأخرى كانت جزر هادئة نسبيًا، في محيط مشتعل، بالرغم من التعاطف والتضامن الذي أبداه الشارع الفلسطيني مع ثورة السوريين، الأمر الذي ظهر جليًا في النصف الثاني من عام 2012، عندما تحول مخيم اليرموك إلى ملاذ آمن للمهجرين، حيث فتحت المدارس والمساجد لإيواء عشرات العائلات التي نزحت من الجوار، جراء الحملات الأمنية للجيش السوري، إذ أن أهالي المخيم بادروا إلى تشكيل لجان الإغاثة لتقديم العون والمساعدات، وتأمين السكن والماء والغذاء لآلاف المواطنين الذين دخلوا مخيم اليرموك.

بدأت الأوضاع حينئذ تسخن تدرجًا؛ إذ تعرض حي الجاعونة، الخميس 2 آب/ أغسطس 2012 للقصف بقذائف الهاون؛ ما أدى إلى سقوط عشرين قتيلًا وعدد من الجرحى، ليشتعل المخيم بالمظاهرات في اليوم الثاني في أثناء تشييع القتلى، وتوالى بعدئذ سقوط القذائف بين فينة وأخرى على أحياء المخيم الخالي تمامًا من أي وجودد للمعارضة المسلحة والخاضع لما يسمى اللجان “الشعبية” الفلسطينية التابعة للفصائل الموالية للنظام.

كان يوم 16 كانون الأول/ ديسمبر 2012 يومًا مصيريًا في تاريخ مخيم اليرموك، إذ اقتحمته فصائل المعارضة السورية المتمركزة في بلدة يلدا ومدينة الحجر الأسود وحي التضامن، لوضع حد لتجاوزات “اللجان الشعبية الفلسطينية” التابعة للنظام، هذه اللجان التي تهاوت بصورة دراماتيكية مريبة، وانسحب عناصرها خارج المخيم، فيما انشق بعضهم والتحق بصفوف فصائل المعارضة، تخلل المعارك تنفيذ سلاح الجو السوري غارة عنيفة، استهدفت مسجد عبد القادر الحسيني، حيث سقط عشرات المدنيين بين قتيل ومصاب، علمًا بأن المخيم كان خاليًا حينئذ من أي وجود لفصائل المعارضة، ما سبب صدمة كبيرة لسكان المخيم، ودفع العدد الأكبر منهم للنزوح عنه.

وفي مخيمات أخرى أيضًا اتخذ النظام السوري من خروجها عن سيطرته، ذريعة لقصفها واستهدافها بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والطائرات الحربية، وبالتالي وضع السكان أمام خيارين، إما التهجير والنزوح، والتشرد في مراكز الإيواء والدول المجاورة، أو البقاء فيها تحت نيران القصف بأنواع شتى من الأسلحة، كما حصل في مخيم درعا الذي نزح عنه 70 في المئة من سكانه، بحسب تقرير صادر عن “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” على موقعها بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، ومخيم خان الشيح الذي نزح عنه 60 بالمئة من سكانه، فيما نزح جميع سكان مخيم حندرات في حلب؛ بسبب المعارك الدائرة في المنطقة بين طرفي الصراع، وكذلك الحال في مخيم سبينة الذي لا تزال قوات النظام تمنع سكانه من العودة إليه، منذ استعادته من المعارضة يوم 17 تشرين الثاني/ نوفمبر2013، بينما عاد إلى مخيم الحسينية ما نسبته 60 في المئة من سكانه، بعد نزوح دام لأكثر من عامين بحسب التقرير. ووفق إحصاءات وكالة “الأونروا” وحتى شهر تموز/ يوليو 2015، فقد نزح 15500 لاجئ فلسطيني سوري إلى الأردن. و42500 لاجئ فلسطيني سوري إلى لبنان. و6000 لاجئ فلسطيني سوري إلى مصر، فيما قدرت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” وجود 8000 لاجئ فلسطيني سوري في تركيا. و1000 لاجئ فلسطيني سوري في قطاع غزة، وأكثر من 79 ألف لاجئ فلسطيني سوري وصلوا إلى أوروبا؛ حتى منتصف 2016.

الحصار وتردي الأوضاع الإنسانية

جاء تدهور الوضع الإنساني في بعض المخيمات الفلسطينية، كنتيجة طبيعية للحصار الذي فرضته قوات النظام والفصائل الفلسطينية الموالية لها؛ إذ سقط في مخيم اليرموك وحده 190 ضحية؛ نتيجة الحصار ومنع دخول المواد الأساسية، وذلك بحسب تقرير توثيقي نشر على موقع “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية”، بتاريخ 21 تشرين الثاني/ نوفمبر لهذا العام، إذ يفتقد مخيم اليرموك جميع مقومات الحياة، بسبب نفاد المواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال، مما انعكس ذلك على سكانه من الناحية الصحية والنفسية. وفي تقرير للمفوض العام لوكالة الغوث “الأونروا”، يتحدث عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سورية خلال عام 2014، أكد أن “النزاع المسلح” مستمر في زيادة الاحتياجات الإنسانية لدى اللاجئين الفلسطينيين.

من أصل 560 ألف لاجئ فلسطيني مسجل، لا يزال حوالي 480 ألف في البلد. ولقد شُرِّد أكثر من 60 في المئة من اللاجئين المسجلين مرة واحدة على الأقل، في حين شُّرد 80 ألف آخرون إلى بلدان أخرى. وبحلول كانون الأول/ ديسمبر2014، كان اللاجئون المتبقون يعتمدون بنسبة 95 في المئة على “الأونروا” لتلبية الحد الأدنى من الحاجات الأساسية، وبحسب التقرير، لا يبدو أن هناك أي علامة على الانخفاض في حدة الأثر الإنساني للأزمة في سورية. وقد استنفد اللاجئون الفلسطينيون جميع آليات التدبر، وفي غياب حل سياسي، تقدر “الأونروا” أن 460 ألف شخص سيظلون بحاجة إلى مجال واسع من المساعدات الإنسانية؛ من أجل تلبية حاجاتهم الدنيا، بما يشمل المال والغذاء والمواد غير الغذائية والمأوى والصحة والمياه والصرف الصحي. وأصبح الآن العديد من اللاجئين الفلسطينيين يستخدمون آليات تدبر سلبية، مثل تقليص كميات الغذاء التي يتناولونها. وأكدت وكالة الغوث في تقاريرها أن تصاعد أعمال العنف يجعل التنقل والعبور أكثر صعوبة ويسبّب معاناة شديدة للاجئين. حيث قامت الأردن بإغلاق حدودها بوجه اللاجئين الفلسطينيين من سورية منذ بداية النزاع، وقام لبنان أيضًا باتخاذ إجراءٍ مماثل، في أيار/ مايو 2015. بينما تمنع السلطات التركية اللاجئين الفلسطينيين، حاملي وثائق السفر السورية من دخول أراضيها عبر المعابر الرسمية؛ ما زاد في معاناتهم، واضطر كثير منهم إلى سلوك طرق غير شرعية، والوقوع ضحايا لابتزاز المهربين، أو التعرض لمخاطر المرور من مناطق ساخنة.

ومن جهة أخرى، فإن المخيمات التي لاتزال تخضع لسيطرة النظام السوري كمخيمات الشمال، (مخيم النيرب في حلب، مخيم العائدين في حماه، مخيم العائدين في حمص، مخيم الرمل في اللاذقية) ومخيمات ريف دمشق (مخيم جرمانا، مخيم خان دنون، مخيم قبر الست، مخيم الحسينية) هي الأخرى تشهد أزمات متصاعدة، وذلك بسبب انتشار البطالة والفقر وغياب المواد النفطية وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة و شح المياه، والضغط السكاني بسبب تزايد أعداد النازحين من المخيمات الأخرى والمناطق المجاورة، واستغلت الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام، “الجبهة الشعبية – القيادة العامة” و”فتح الانتفاضة” و”جبهة النضال”، الانتشار المتزايد للبطالة في صفوف الشباب الفلسطيني، لتجنيد مزيد منهم في صفوفها والزج بهم في الجبهات المشتعلة إلى جانب قوات النظام، فيما لايزال الشباب الفلسطيني يخضع لعملية التجنيد الإجباري في صفوف جيش التحرير الفلسطيني ويزج بهم في المعارك إلى جانب قوات النظام.

الوضع التعليمي

توقفت العملية التعليمية في المخيمات التي خرجت عن سيطرة النظام، وذلك بسبب القصف الدائم  والاشتباكات، وغياب الأمن، فيما برزت ظاهرة المدارس البديلة  في بعض المخيمات، إذ تعتمد هذه المدارس على الكادر التعليمي التطوعي، ويتلقى بعضها دعمًا وتمويلًا خارجيًا، عبر جمعيات ومنظمات غير حكومية تنشط في مجال العمل الإنساني، وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” قد أعلنت -على موقعها الإلكتروني- أن نسبة كبيرة من الطلاب الفلسطينيين في سورية اضطروا إلى ترك مدارسهم، بسبب تزايد مستويات الفقر والبطالة، وعدم القدرة على توفير الطعام، والصعوبة في إيجاد مكان بديل للسكن. ووفقًا للتقرير، فإن التعليم، إحدى أهم الخدمات التي تقدمها “الأونروا” للاجئين الفلسطينيين في سورية، وقالت إن برنامج التربية في سورية كان يشغِّل 118 مدرسة للتعليم الأساسي قبل بدء الحرب، لكن 42 مدرسة فقط لا تزال تعمل حاليًا، إلى جانب توفير وزارة التربية والتعليم السورية 43 مدرسة إضافية، بحسب وكالة الغوث “الأونروا”. وأكد التقرير إلى أن الصراع في سورية حدَّ كثيرًا من فرص الشباب والأطفال في الحصول على التعليم. ويُعَدّ الخوف من الاعتقال أو التصفية الجسدية لدى الكثير من طلاب الشهادة الثانوية أحد أبرز المعوِّقات التي تعترض حركة التعليم بين الشباب وتمنعهم من التقدم للامتحانات العامة.

ضحايا ومعتقلين

تقدر أعداد الضحايا الفلسطينيين منذ انطلاق الثورة السورية بالآلاف، ولا تعدّ الأرقام الصادرة عن المنظمات الحقوقية ومراكز الأبحاث المتخصصة في شؤون اللاجئين أرقامًا حقيقية، وذلك بسبب تكتم الأهالي على مصير أبنائهم؛ خوفًا من بطش النظام، وعدم إفصاح الأجهزة الأمنية عن أعداد الضحايا والمعتقلين لديها. وفي تقرير خاص نشرته “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” على موقعها الإلكتروني، بتاريخ 21 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الجاري، فقد وثّقت المجموعة قضاء 3247 ضحية فلسطينية داخل سورية نتيجة الأعمال الحربية، وخارج سورية نتيجة محاولات الوصول إلى أوروبا أو تعرضهم لحوادث قاتلة في مناطق لجوئهم الجديد، منذ بدء الأحداث الدامية في سورية، ولغاية حزيران/ يونيو 2016.

فيما قضى مئات اللاجئين الفلسطينيين في السجون السورية؛ نتيجة التصفية المباشرة، أو بعد تعرضهم لأقسى وأشد أنواع التعذيب. وبحسب شهادات بعض الناجين من المعتقلات يتعرض المعتقلون داخل السجون ومراكز الاحتجاز لدى النظام السوري إلى أشد عمليات التعذيب والاذلال، التي غالبًا ما تنجم عنها أضرار نفسية وجسدية كبيرة، قد تصل إلى الموت، نتيجة أساليب التعذيب المختلفة التي استخدمها المحققون والحراس، كالضرب لفترات طويلة، بالعصي والأسلاك، وتثبيت المعتقلين في أوضاع مؤلمة لفترات طويلة، والاعتداء الجنسي والإذلال، وانتزاع الأظافر، والإعدام الوهمي، وبحسب التقرير، فإن المجموعة وثقت اعتقال 1129 لاجئًا فلسطينيًا في السجون السورية، منهم 80 لاجئة فلسطينية، لا تتوافر معلومات عن مصيرهم، ووثقت كذلك 455 ضحية من اللاجئين الفلسطينيين قضوا تحت التعذيب. علمًا أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك؛ بسبب تكتم الأمن السوري عن أسماء المعتقلين، وإحجام أهالي المعتقلين من توثيق أسماء أبنائهم؛ خوفًا من التبعات.

خلاصة

تعرّض الفلسطينيون في سورية منذ انطلاق الثورة السورية لاستهداف مخيماتهم وتجمعاتهم بصنوف شتى من الأسلحة؛ ما أدى إلى تهجيرهم وتدمير ممتلكاتهم، كما قضى المئات منهم نتيجة العمليات العسكرية والاعتقال التعسفي والاختطاف والاختفاء القسري، على الرغم من محاولاتهم الوقوف على الحياد ميدانيا وسياسيًا، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، لذا؛ لابد من التأكيد على نقاط عدة:

المخيمات الفلسطينية في سورية هي محطة على طريق العودة إلى فلسطين المحتلة، وهي شاهد على النكبة، واستهدافها هو استهداف للقضية الفلسطينية، بما هي قضية تحرر وطني، تقرها المواثيق الدولية والشرائع السماوية.

لابد من التحرك العاجل -على المستوى الفلسطيني والإقليمي والدولي- لوقف استهداف المخيمات والفلسطينيين في سورية، ورفع الحصار عن المخيمات المحاصرة، والكشف عن مصير المعتقلين الفلسطينيين في السجون السورية.

وضع جميع المنظمات والمؤسسات ذات العلاقة، كمنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية، وكذلك السلطة، ووكالة “الأونروا” أمام مسؤولياتها على المستوى السياسي والإنساني، لاسيما تأمين الحماية للاجئين الفلسطينيين في سورية، وحفظ حقوقهم الإنسانية إلى حين العودة إلى فلسطين.

إن الفلسطينيين في سورية على الرغم من تضامنهم مع قضية الشعب السوري، وإيمانهم بعدالتها، وبعيدًا عن مواقف الفصائل الفلسطينية، كانوا منذ بداية الأزمة يؤكدون موقفهم المحايد سياسيًا وميدانيًا، ويرفضون الزج بهم في الصراع الحاصل، واستخدام قضيتهم العادلة من أي طرف، غطاءً لقمع السوريين وحرمانهم من حقهم في تقرير مصيرهم

المصدر: موقع جيرون

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/6261