map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

أحمد عباسي.. عدسة اليرموكيين الساهرة – أشرف سهلي

تاريخ النشر : 03-01-2017
أحمد عباسي.. عدسة اليرموكيين الساهرة – أشرف سهلي

أشرف السهلي - بيروت 

بلمسات رشيقة من أنامله.. يضغط مرسلا طلقات لكن من حب وابتسامات... الأنامل تلك عجنت خبز الحياة والموت بجميع أطوارهما، وأصرّت على تجميع الضحايا في إطار يأسر الناظرين إليه. ... ومن تلقاء نفسه، تطوع الشاب العشريني لإبراز الكارثة الفلسطينية قرينة بالسورية، موثقا تلاحم المآسي في اليرموك وجواره. 

اللاجئ الفلسطيني السوري أحمد عباسي، مصور فوتوغرافي عاش جميع مراحل الحصار والحرب في مخيم اليرموك المنكوب ومحيطه جنوب العاصمة السورية دمشق، مواكبا بكاميرته ضروبا متعددة لمعاناة أبناء شعبه، بدءا بتظاهرات تشييع شهداء الجوع داخل المخيم، حيث ارتقى أكثر من 190 ضحية نتيجة الحصار المستمر (بحسب مصادر متطابقة). مرورا بأوجاع الأطفال وكبار السنّ المرهقين، وصولا إلى توثيق لحظات توزيع وكالة الغوث "الأونروا" والمؤسسات الإغاثية المساعدات على اللاجئين.

محطة بارزة

ولعلّ مشاركة الشاب الواعد في تصوير فيلم "رسائل من اليرموك" للمخرج الفلسطيني رشيد المشهراوي، كانت أبرز محطات عباسي داخل الحصار. مشتركا بذلك مع صديق روحه نيراز سعيد، أحد أبرز المصورين الفوتوغرافيين في اليرموك ومخيمات الفلسطينيين، والذي واعتقله الأمن السوري في العاصمة دمشق مطلع أيلول / سبتمبر 2015م. 

ويوثق الفيلم الذي استغرق تصويره ثمانية أشهر، يوميات اللاجئين الفلسطينيين في اليرموك المحاصر، حيث يستعين المخرج بفيديوات وصور فوتوغرافية زوده بها سعيد وعباسي. وتقوم الفكرة على إبراق المحاصرين رسائل من قلب المخيم تمتزج فيها آمال المستقبل بآلام القتل والجوع والعطش والمرض.

 

متحدثا عن بداية عهده بالتصوير، يقول عباسي: "خيا ... من زمان أنا بحب التصوير من ورى أصدقائي كنت كتير متابعهن سامر أبو حشيش ونيراز الله يفك أسرو.. قصدي كانو يشتغلو أفلام قصيرة قبل الازمة".. ويتابع: "درست تصميم إعلاني ومونتاج تلفزيوني وخدع سينمائية بعد البكلوريا بالمركز الثقافي الروسي بدمشق... المهم أخوي من وقتها وأنا بحب التصوير وبعد البكلوريا اختصيت وكنت حابب أكمل".

ويشير ابن مدينة صفد الفلسطينية المهجرة العام 1948م، إلى أنه تمكن من دراسة برامج "الفوتوشوب" و"الاليستريتر" و"الانديزاين" و"بريميير" و"الافتر ايفيكت" ونيل شهادات بها من معاهد معتمدة في دمشق، مع بداية الأحداث في سوريا. إلا أنه لم يتمكن من التخصص في أي منها نظرا لتدهور الأوضاع في اليرموك، ما دفعه لحمل كاميرته وتوثيق ما يجري على الأرض، فيما يتعلق بأثر الحرب على المدنيين ويوميات حياتهم الاجتماعية.

الوصافة الفلسطينية

وفي الربع الثاني من العام 2016م، حظي الشاب بالمركز الثاني ضمن مسابقة مجموعة "سيريا غراف" للتصوير، وتعرف الأخيرة عن نفسها بأنها (مجموعة إعلامية تهتم بالتصوير الفوتوغرافي وتساهم بايصال الصورة كاملة وتدريب الشباب السوري وتحفيزهم عبر مسابقة تصوير شهرية).

أحمد نال الوصافة عن صورة سمّاها "في طابور الانتظار"، تلخص أحوال الرجال الفلسطينيين النازحين عن اليرموك إلى بلدة يلدا المجاورة، أثناء جلوسهم بانتظار توزيع المساعدات. وكأنها تحاكي في رماديتها والمصير المجهول لأصحابها صورا للاجئي أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية في أربعينيات القرن الماضي.

في طابور الانتظار – أحمد عباسي 

لاجئو الحرب العالمية الثانية

خرج ابن اليرموك إلى يلدا نازحا إثر اجتياح تنظيم الدولة "داعش" للمخيم أوائل نيسان/ إبريل 2015م، وواصل رسالته الإنسانية هناك، ويشار إلى أن "في طابور الانتظار" كانت واحدة من سلسلة صور التقطها في الجنوب الدمشقي. كما أخرج فيلم "الحياة حلوة" من فكرة الفنان الفلسطيني السوري محمد نور أحمد "أبو غابي" وإنتاج حسن طنجة بمنحة من "مهرجان سوريا لأفلام الموبايل"، وسلط الفيلم الضوء على الطموحات المستقبلية لـ7 أطفال نزحوا عن اليرموك.

وحول المعايير التي يعتمدها في التصوير، يرى أحمد أنه من الجيد ترك الصورة تحكي القصة، حيث يقول: "أحب التركيز على الطفل وابتسامته وعلى الختيار والصبر الموجود لديه، كما تلفتني المواقف التي تعودنا عليها رغم مضايقتها لنا".

     عروس اليرموك

فن تصوير البورتريه يستخدمه عباسي أيضا، وتصوير البورتريه وفقا لتعريف مختصر؛ " هو تصوير شخص أو مجموعة أشخاص, بهدف إظهار ملامح الوجوه وتعبيراتها". وفي هذا السياق ينوه المصور اليرموكي إلى أنه يسعى لإحداث فارق يعكس للمشاهدين مزاج الإنسان المحاصر باستخدام تأثيرات "الفوتوشوب" في بعض الأحيان... وبانفعال عاطفي يشرح: " هذه الوجوه بكل الحزن والفرح الباديين عليها من حقها أن تدخل التاريخ، لقد حرموا من كل شيء... متعبون مازالوا يحاولون الابتسام!". 

لعنة الحرب

عباسي الذي فقد شقيقه جراء الاشتباكات في المخيم، يأمل أن تنتهي الحرب وتنجلي آثارها عن قلوب الفلسطينيين والسوريين، قائلا: "بدنا نعيش .. كتير كذبنا لما قلنا نحنا استثناء.. شعبنا شبع قهر وتشريد". كما يلحّ على ضرورة متابعة دراسته الجامعية خارج أسوار الحصار يوما.

ومما لا شكّ فيه أن حياة الناشطين الإعلاميين تتراوح بين كفي عفريت خلال الصراعات المسلحة، حيث يشير عباسي إلى أنه فقد العديد من رفاقه أبناء مخيمه، أبرزهم صديقاه الإعلاميان خالد بكراوي وحسان حسان اللذين قضيا تحت التعذيب في السجون السورية، بالإضافة لصديقه المصور الشهيد جمال خليفة وارتقى نتيجة القصف على المخيم في آذار / مارس 2015م. وغيب السجن رفيق دربه نيراز سعيد. ويؤكد أن بقاء الإعلاميين بشكل عام والمصورين بشكل خاص في اليرموك ومحيطه محفوف بالمخاطر. فهم "مطلوبون لجميع أطراف الصراع"، على حد قوله.

وبالرغم من ذلك إلا أن الشاب يصرّ على مواصلة الطريق بلا توقف، مبينا أنه سيواصل التصوير لنقل قصص الناس بشفافية. داعيا أهالي اليرموك المهجرين إلى إنعاش الذاكرة لرفع معنويات أخوتهم الصامدين.

مؤخرا شارك أحمد في فكرة وتصوير "أوتار أمل"، وهو عمل من إخراج محمد خميس. وقبل عدة أشهر تقدم بصورتين يعتبرهما مميزتينّ، إلى مسابقة أجمل صورة فوتوغرافية بعدسة لاجئ فلسطيني والتي تنظمها الأونروا سنويا، تيمنا بصديقه نيراز الذي فاز بالجائزة العام 2014م عن صورة "الملوك الثلاثة"، علّه يعيد مخيمات سوريا إلى الواجهة مجددا في حال حقق الفوز.

ربما استطاعت كاميرا أحمد عباسي وبقية الإعلاميين أبناء المخيمات الفلسطينية في سوريا، نقل جزء بسيط من المأساة نظرا لضعف الإمكانات، غير أنها رسمت بالضوء لوحات على جدران الإنسانية، أملا بإنصاف المظلومين ذات مرة. 

 

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/6490

أشرف السهلي - بيروت 

بلمسات رشيقة من أنامله.. يضغط مرسلا طلقات لكن من حب وابتسامات... الأنامل تلك عجنت خبز الحياة والموت بجميع أطوارهما، وأصرّت على تجميع الضحايا في إطار يأسر الناظرين إليه. ... ومن تلقاء نفسه، تطوع الشاب العشريني لإبراز الكارثة الفلسطينية قرينة بالسورية، موثقا تلاحم المآسي في اليرموك وجواره. 

اللاجئ الفلسطيني السوري أحمد عباسي، مصور فوتوغرافي عاش جميع مراحل الحصار والحرب في مخيم اليرموك المنكوب ومحيطه جنوب العاصمة السورية دمشق، مواكبا بكاميرته ضروبا متعددة لمعاناة أبناء شعبه، بدءا بتظاهرات تشييع شهداء الجوع داخل المخيم، حيث ارتقى أكثر من 190 ضحية نتيجة الحصار المستمر (بحسب مصادر متطابقة). مرورا بأوجاع الأطفال وكبار السنّ المرهقين، وصولا إلى توثيق لحظات توزيع وكالة الغوث "الأونروا" والمؤسسات الإغاثية المساعدات على اللاجئين.

محطة بارزة

ولعلّ مشاركة الشاب الواعد في تصوير فيلم "رسائل من اليرموك" للمخرج الفلسطيني رشيد المشهراوي، كانت أبرز محطات عباسي داخل الحصار. مشتركا بذلك مع صديق روحه نيراز سعيد، أحد أبرز المصورين الفوتوغرافيين في اليرموك ومخيمات الفلسطينيين، والذي واعتقله الأمن السوري في العاصمة دمشق مطلع أيلول / سبتمبر 2015م. 

ويوثق الفيلم الذي استغرق تصويره ثمانية أشهر، يوميات اللاجئين الفلسطينيين في اليرموك المحاصر، حيث يستعين المخرج بفيديوات وصور فوتوغرافية زوده بها سعيد وعباسي. وتقوم الفكرة على إبراق المحاصرين رسائل من قلب المخيم تمتزج فيها آمال المستقبل بآلام القتل والجوع والعطش والمرض.

 

متحدثا عن بداية عهده بالتصوير، يقول عباسي: "خيا ... من زمان أنا بحب التصوير من ورى أصدقائي كنت كتير متابعهن سامر أبو حشيش ونيراز الله يفك أسرو.. قصدي كانو يشتغلو أفلام قصيرة قبل الازمة".. ويتابع: "درست تصميم إعلاني ومونتاج تلفزيوني وخدع سينمائية بعد البكلوريا بالمركز الثقافي الروسي بدمشق... المهم أخوي من وقتها وأنا بحب التصوير وبعد البكلوريا اختصيت وكنت حابب أكمل".

ويشير ابن مدينة صفد الفلسطينية المهجرة العام 1948م، إلى أنه تمكن من دراسة برامج "الفوتوشوب" و"الاليستريتر" و"الانديزاين" و"بريميير" و"الافتر ايفيكت" ونيل شهادات بها من معاهد معتمدة في دمشق، مع بداية الأحداث في سوريا. إلا أنه لم يتمكن من التخصص في أي منها نظرا لتدهور الأوضاع في اليرموك، ما دفعه لحمل كاميرته وتوثيق ما يجري على الأرض، فيما يتعلق بأثر الحرب على المدنيين ويوميات حياتهم الاجتماعية.

الوصافة الفلسطينية

وفي الربع الثاني من العام 2016م، حظي الشاب بالمركز الثاني ضمن مسابقة مجموعة "سيريا غراف" للتصوير، وتعرف الأخيرة عن نفسها بأنها (مجموعة إعلامية تهتم بالتصوير الفوتوغرافي وتساهم بايصال الصورة كاملة وتدريب الشباب السوري وتحفيزهم عبر مسابقة تصوير شهرية).

أحمد نال الوصافة عن صورة سمّاها "في طابور الانتظار"، تلخص أحوال الرجال الفلسطينيين النازحين عن اليرموك إلى بلدة يلدا المجاورة، أثناء جلوسهم بانتظار توزيع المساعدات. وكأنها تحاكي في رماديتها والمصير المجهول لأصحابها صورا للاجئي أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية في أربعينيات القرن الماضي.

في طابور الانتظار – أحمد عباسي 

لاجئو الحرب العالمية الثانية

خرج ابن اليرموك إلى يلدا نازحا إثر اجتياح تنظيم الدولة "داعش" للمخيم أوائل نيسان/ إبريل 2015م، وواصل رسالته الإنسانية هناك، ويشار إلى أن "في طابور الانتظار" كانت واحدة من سلسلة صور التقطها في الجنوب الدمشقي. كما أخرج فيلم "الحياة حلوة" من فكرة الفنان الفلسطيني السوري محمد نور أحمد "أبو غابي" وإنتاج حسن طنجة بمنحة من "مهرجان سوريا لأفلام الموبايل"، وسلط الفيلم الضوء على الطموحات المستقبلية لـ7 أطفال نزحوا عن اليرموك.

وحول المعايير التي يعتمدها في التصوير، يرى أحمد أنه من الجيد ترك الصورة تحكي القصة، حيث يقول: "أحب التركيز على الطفل وابتسامته وعلى الختيار والصبر الموجود لديه، كما تلفتني المواقف التي تعودنا عليها رغم مضايقتها لنا".

     عروس اليرموك

فن تصوير البورتريه يستخدمه عباسي أيضا، وتصوير البورتريه وفقا لتعريف مختصر؛ " هو تصوير شخص أو مجموعة أشخاص, بهدف إظهار ملامح الوجوه وتعبيراتها". وفي هذا السياق ينوه المصور اليرموكي إلى أنه يسعى لإحداث فارق يعكس للمشاهدين مزاج الإنسان المحاصر باستخدام تأثيرات "الفوتوشوب" في بعض الأحيان... وبانفعال عاطفي يشرح: " هذه الوجوه بكل الحزن والفرح الباديين عليها من حقها أن تدخل التاريخ، لقد حرموا من كل شيء... متعبون مازالوا يحاولون الابتسام!". 

لعنة الحرب

عباسي الذي فقد شقيقه جراء الاشتباكات في المخيم، يأمل أن تنتهي الحرب وتنجلي آثارها عن قلوب الفلسطينيين والسوريين، قائلا: "بدنا نعيش .. كتير كذبنا لما قلنا نحنا استثناء.. شعبنا شبع قهر وتشريد". كما يلحّ على ضرورة متابعة دراسته الجامعية خارج أسوار الحصار يوما.

ومما لا شكّ فيه أن حياة الناشطين الإعلاميين تتراوح بين كفي عفريت خلال الصراعات المسلحة، حيث يشير عباسي إلى أنه فقد العديد من رفاقه أبناء مخيمه، أبرزهم صديقاه الإعلاميان خالد بكراوي وحسان حسان اللذين قضيا تحت التعذيب في السجون السورية، بالإضافة لصديقه المصور الشهيد جمال خليفة وارتقى نتيجة القصف على المخيم في آذار / مارس 2015م. وغيب السجن رفيق دربه نيراز سعيد. ويؤكد أن بقاء الإعلاميين بشكل عام والمصورين بشكل خاص في اليرموك ومحيطه محفوف بالمخاطر. فهم "مطلوبون لجميع أطراف الصراع"، على حد قوله.

وبالرغم من ذلك إلا أن الشاب يصرّ على مواصلة الطريق بلا توقف، مبينا أنه سيواصل التصوير لنقل قصص الناس بشفافية. داعيا أهالي اليرموك المهجرين إلى إنعاش الذاكرة لرفع معنويات أخوتهم الصامدين.

مؤخرا شارك أحمد في فكرة وتصوير "أوتار أمل"، وهو عمل من إخراج محمد خميس. وقبل عدة أشهر تقدم بصورتين يعتبرهما مميزتينّ، إلى مسابقة أجمل صورة فوتوغرافية بعدسة لاجئ فلسطيني والتي تنظمها الأونروا سنويا، تيمنا بصديقه نيراز الذي فاز بالجائزة العام 2014م عن صورة "الملوك الثلاثة"، علّه يعيد مخيمات سوريا إلى الواجهة مجددا في حال حقق الفوز.

ربما استطاعت كاميرا أحمد عباسي وبقية الإعلاميين أبناء المخيمات الفلسطينية في سوريا، نقل جزء بسيط من المأساة نظرا لضعف الإمكانات، غير أنها رسمت بالضوء لوحات على جدران الإنسانية، أملا بإنصاف المظلومين ذات مرة. 

 

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/6490