map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

هذه حكايتي (26) | محمد حمود: هُجرنا من مخيمنا في سورية ورأينا داعش يقطع الرؤوس قبل وصولنا إلى تركيا

تاريخ النشر : 08-01-2018
هذه حكايتي (26) | محمد حمود: هُجرنا من مخيمنا في سورية ورأينا داعش يقطع الرؤوس قبل وصولنا إلى تركيا

مجموعة العمل – علاء البرغوثي

حكايتنا هذه المرة تحمل في طياتها الكثير من المآسي التي قد يعيشها إنسان في حرب ما، فقد عانى أصحابها من ويلات الحرب في سورية، فعاشوا الخوف تحت قصف الطائرات وهجروا من مخيمهم حندرات بعد سيطرة جبهة النصرة عليه، ليعيشوا رعب الحياة تحت إجرام تنظيم "داعش".

يروي لنا اللاجئ "محمد ديب حمود" من أبناء مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين بمدينة حلب، ابن بلدة البروة في مدينة عكا بفلسطين المحتلة، والأب لستة أبناء وبنات تفاصيل رحلته وعائلته خلال الحرب في سورية، والتي قد يشاركه بها المئات من اللاجئين الفلسطينيين السوريين.

وسننقل لكم الحكاية على لسان صاحبها، ضمن مشروع هذه حكايتي والذي اطلقته مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية لتوثيق وجمع حكايات اللاجئين الفلسطينيين السوريين خلال الحرب في سورية، وذلك في محاولة منها تسليط الضوء ونقل صوت اللاجئين الفلسطينيين للعالم أجمع.

بداية الحرب

كانت حياتنا في سورية كحال معظم اللاجئين الفلسطينيين السوريين، نعيش حياة هادئة، بمستوى اقتصادي متوسط، درست في المدارس في سورية حتى الصف الأول الثانوي لأنتقل بعدها إلى دراسة الموسيقا، ومن ثم انتقلت للعمل في إحدى معامل الأدوية بمدينة حلب.

بقيت حياتنا مستقرة حتى بداية الحرب الدامية في سورية، فبعيداً عن الرأي السياسي مما يحصل في سورية إلا أن هناك حقيقة جلية وواضحة لا أحد يستطيع أن ينكرها وهي أن المدنيين في سورية هم الخاسر الأكبر ونحن من دفعنا تلك الفاتورة الكبيرة من قصف وحصار وشهداء.

كنت أرفض أن أتدخل بأي صراع أو أن أحسب على أي طرف فكنت أفضل الوقوف على حياد وأرفض أن انحاز لأي طرف خاصة عندما تطورت الأمور وبدأ يسقط ضحايا من الطرفين، رغم أن والدي ديب حمود كان من مؤسسي حركة القوميين الأحرار واعتقل في السجون الأردنية والسورية لأسباب سياسية، لكنني فضلت الحياد في هذه الحرب الدموية، فقد كانت مناظر الشهداء والجرحى من الطرفين تحرق القلب فما ذنب الأطفال والنساء والأطفال أن  يقصفوا بالطيران أو قذائف الهاون.

لواء التوحيد يسيطر على مخيم حندرات

ما هي إلا عدت شهور حتى دخلت قوات المعارضة السورية المسلحة إلى مخيمنا مخيم حندرات وبدأت معها مرحلة جديدة، حيث سيطرت المعارضة على مشفى الكندي في المخيم.

بعد دخول لواء التوحيد، الذي حاول حينها عدم التعرض لأهالي المخيم، وكان تعاملهم مقبول نوعاً ما مع اللجان الأهلية التي شكلت من أعيان المخيم، وكانت اللجنة تحاول قدر الإمكان أن يبقى المخيم على الحياد دون أن نصبح طرف من الأطراف.

كنا نطالب أن يبقى المخيم دون سلاح، لكن كان هناك طلب من المعارضة أن تعتقل جميع من يعمل مع النظام، الأمر الذي أحدث بعض التوتر إلا أنه وخلال التواصل بين لجنة المخيم والمعارضة المسلحة تم الاتفاق على أن يسلم المحسوبون على النظام أسلحتهم وبهذا حل الخلاف.

 بعد عدة أيام تعرض المخيم لقصف جوي لم يسقط حينها ضحايا لكن كان هناك أضراراً مادية، وانتشر الخوف وتوتر الوضع في المخيم، عندها خرجت مع مجموعة من الشباب طالبنا فيها المعارضة  أن تخرج من المخيم حتى لا يتم استهدافه مرة ثانية، وخلال المظاهرة أصبت بطلق ناري في يدي اليسرى وتعرضت للإعاقة بعدها حتى اليوم لا أستطيع أن أحركها أو أحمل بها أوزان ثقيلة.

خلال تلك الفترة بدأت موجات النزوح وعندها نزحت وعائلتي إلى حي الصاخور المجاور وبقينا عند أقاربنا وفي ذلك الوقت أصبت إصابة ثانية وحرقت يدي الثانية.

النظام يستعيد السيطرة والنصرة تحاصر وتسيطر مرة ثانية

بعد فترة استعاد النظام السوري سيطرته على المخيم لفترة وجيزة، فعدت للمخيم مع عائلتي، كان الوضع المعيشي  سيء جداً، خصوصاً بعد أن قامت جبهة النصرة بمحاصرة المخيم.

لكن بالرغم من الحصار عدت للعمل في معمل الأدوية الذي كان في مناطق المعارضة كان طريقي للمخيم يمر يومياً عبر خمسة حواجز ثلاثة منها تابعة للنظام واثنان منها تابعين للمعارضة واستمرينا بالعمل.

في أحد الأيام وأثناء مرورنا عند حاجز لجبهة النصرة عند معمل الاسمنت أخبرنا عناصر جبهة النصرة أن نبلغ أهل المخيم أننا سنقتحم المخيم ونسيطر عليه ونعتقل جميع المحسوبين على النظام، وكانت معاملة عناصر الحاجز سيئة حتى أنهم صادروا بعض المواد الغذائية التي كنت قد أحضرتها لعائلتي في المخيم والتي كانت فقط بعض الخضراوات بحجة أنها قد تكون للمحسوبين على النظام.

عند وصولي قابلت اللجنة ونقلت لهم ما قاله لي عناصر الحاجز، طبعا كنا حينها المجموعة الوحيدة التي تخرج من المخيم ومناطق النظام إلى مناطق المعارضة وتعود طبعا كان هناك اتفاق بين الطرفين على ذلك، بعد عدة أيام قامت الجبهة بمنعنا من الوصول إلى المعمل وعدنا حينها.

 انتشرت في تلك الفترة العديد من حالات القنص كنا لا نعرف من الجهة التي تقنص فقد كان قناصة المعارضة والنظام منتشرين وكل منهم يتهم الآخر.

بعد استشهاد أحد أصدقائي برصاص قناص، وإصابة آخر، وبعدها بدأ القصف على المخيم وتم استهداف مشفى الكندي، كان الوضع مأساوي جداً قصف وحصار، فمرت تقريبا عشرة أيام ولم يبق طعام في المخيم أو مواد تدفئة كان الوضع سيء جداً ، أصبحنا نأكل "الشوربة" للأطفال فقط ولم يتوفر أي نوع من الطعام.

عندها بدأت حركة النزوح من المخيم، بداية كنت أرفض الخروج من منزلي وترك المخيم فقد كان المخيم والمنزل يعنيان لي الكثير، ولكن عندما استعادت فصائل المعارضة سيطرتها على المخيم، طلبوا منا أن نغادر المخيم بحجة أن خروجنا مؤقت. وعندما تسيطر المعارضة على مشفى الكندي والسجن ستسمح لنا بالعودة، حينها تعرض المخيم للقصف

وبدأت رحلة النزوح وتوجهنا حينها إلى منطقة الصاخور التي كانت تتبع للمعارضة، وبقينا فيها حوالي الشهرين.

 وبعدها تعرضت المنطقة للقصف الشديد واضطررنا  أن ننزح من جديد .

الرقة ورعب "داعش" قاطع الرؤوس

كان حينها الطريق إلى دمشق من جهة خناصر مغلق، وباتجاه حماة غير آمن، فقررت الذهاب إلى الرقة كونها كانت آمنة نوعاً ما، فحسمت أمري وذهبت لأعيش بالرقة وعملت هناك لحوالي العام والنصف، 7 أشهر مع المعارضة، وبعدها سيطر تنظيم "داعش" على المدينة، وبدأ معها مسلسل جديد من الرعب، صبرت لعدة شهور إلى أن استهدفت المدنية بصواريخ سكود.

قام بعدها عناصر "داعش" بحملة إعدامات بالجملة على دار النعيم في المدينة، كان ذلك اليوم يوماً لا ينسى حين سيطرت "داعش" على الفرقة 17 للجيش السوري وارتكبت مجزرة بحق المئات من العساكر، وأذكر ذلك اليوم بتفاصيله المرة حيث أتت ابنتي وهي بحالة هيستيرية تصرخ وتناديني صباحاً لأنظر عبر النافذة.

منظر مرعب حقاً، كانت عشرات الرؤوس معلقة على الدوار كانت مفصولة عن الأجساد، وهنا أصيبت ابنتي وتوقف لسانها عن النطق.

كانت الحياة تحت حكم "داعش" مخيفة جداً ولا يمكن تخيله، إعدام صلب تعليق رؤوس، وعندها صرت أفكر ماذا سأفعل هل أعود إلى حلب أم أذهب إلى دمشق أم انتقل إلى تركيا، وعندها حسمت أمري واخترت تركيا.

الطريق إلى تركيا

بدأت رحلة معاناتنا الجديدة واللجوء الجديد بمصاعب جديدة، تعرضنا للمضايقات على الحدود من قبل حرس الحدود التركية لم يطلقوا النار علينا لكن أخافونا وأفزعوا الأطفال والنساء، طبعا دفعت مبلغا كبيرا لاحد المهربين الذي اخذنا من الرقة إلى غازي عنتاب، وصلت إلى غازي عنتاب، وهناك لم يبق معي أي مال في تلك المنطقة، اتصلت بأحد الأصدقاء ليساعدني وبقينا عنده قرابة عشرة أيام.

وبعدها انتقلنا إلى مدينة أورفا، كنت استدين المال، وبعدها انتقلت إلى تل أبيض لم أستطيع الحصول على عمل لتأمين أي مورد لعائلتي وبعد ذلك بدأت رحلة معاناتنا الثالثة.

تواصلت مع أحد الأصدقاء ودعاني لإحياء إحدى الحفلات المتعلقة بفلسطين في منطقة كلس بمركز الايواء للفلسطينيين، فتعرفت على وضع العائلات هناك وقررت حينها الانتقال للمركز حتى اخفف من ضغط المعيشة.

بعد فترة من الزمن انتشرت بعض الشائعات عن المركز وتراجعت اللجنة المسؤولة عن المركز عن مهامها بحجة أن السلطات التركية طلبت بإغلاق المركز.

المخيم من جديد

قيل لنا انه سيتم نقلنا إلى مخيم ديريك، طبعا عندما أعطونا الإحداثيات على الخريطة كان لمخيم ثاني وكان مقبول لنا، وبعد نقلنا بالسيارات وصلنا إلى المخيم كان المخيم سيء بمنطقة جبلية بين ثلاثة جبال حوله أسلاك شائكة وأقرب قرية له تبعد حوالي 4 كم ولا يتوفر فيها أسواق.

كانت الحرارة عالية في المخيم والغبار يملئ المكان، فالكثير من الأطفال مرضوا بالحساسية والربو، وازدادت معاناة جميع العوائل.

 ففي أحد المرات وقعت حادثة تسمم أصيب فيها 25 شخصاً على الأقل، كما اندلعت العديد من الحرائق التي أودت بحياة قرابة أربعة أطفال، كان هناك تشديد كبير، وكان المخيم اشبه بالسجن ممنوعة فيه الإجازات او الخروج.

كما كانت المنطقة منطقة اشتباكات بين تنظيم "البي كي كي" المحظور في تركيا والجيش التركي كنا دائماً نسمع أصوات الرصاص والاشتباكات، كما كنا نتعرض لمصاعب بالحركة والاتصالات فقد كان يوجد بعض الموبايلات لمن استطاع إدخالها للمخيم وفي حال كان يعرف بذلك كانت تتم معاقبة حاملها.

كانت معاناتنا مجرد خبر على إحدى القنوات تواصلنا مع العديد من الهيئات بعضهم تملص وآخرون ساعدونا بمبالغ قليلة تقريبا 20 ليرة لكل فرد، لم تقدم لنا أي جهة حلولاً لمعاناتنا.

بعدها جاء قرار من الحكومة التركية بتفريغ المخيم ونقل سكانه إلى مخيمين القسم الأول باتجاه مديت وقسم لمخيم سروج

مخيم سروج كان فيه 35 ألف نسمة معظمهم من الأخوة الأكراد، كان التعامل معهم صعب جداً حتى إدارة المخيم كانت عنصرية تعاملننا بطريقة صعبة جداً وتمنع عنا الاجازات.

الخروج من المخيم واستمرار المعاناة

خرجت من المخيم إلى ازمير هرباً من جحيم الحياة في المخيم، أمنت عمل لا يكفي حتى المعيشة ربما يكفي فقط لإيجار المنزل كنا نبقى عدة أيام دون طعام لكن ذلك أفضل من المخيم.

نعاني الآن من موضوع الكيملك، وتكمن مشكلتي أن بطاقاتي من منطقة أورفة وليس ازمير وهنا دخلت بمشاكل جديدة تتعلق بإذن السفر والأوراق التي توزعت بأكثر من مدينة وذلك بسبب تنقلنا بين أكثر من مخيم، والمشكلة أن الجهات التركية تطلب بعض الطلبات الصعبة جداً منها عقد البيت الموثق والمسجل، واذن عمل موثق ومقيد، وهذا صعب جداً، وإذن العمل في ذات المدينة يحتاج لكملك من ذات المدينة وانا لا املكه وحتى الآن لم أجد حلاً.

أنا الآن أعيش مع أربعة أطفال وأمهم ولدي ابنتان متزوجتان  وأعاني من آلام شديدة بسبب البرد وإصابة ييدي، في ظل عملي المتقطع والمهدد بالتوقف نهائياً بأي يوم.

لا يوجد أي جهة رسمية تتولى امرنا فوكالة الأونروا لم تقدم لنا مساعدات كونها لا تعمل في تركيا، فالمستقبل مظلم في وجهنا ولم أستطيع تعلم اللغة التركية لعدم توفر الوقت والمال، أطفالي محرومين من التعليم في المدارس التركية لأنه لا يوجد معهم كملك من ذات المدينة.

أدعو أي جهة حقوقية أو إغاثية تستطيع مساعدتي لوضع حد لمعاناتي المستمرة، وكل ما أتمناه اليوم أن يلتم شملي بأمي وأبي وأن أعيش وعائلتي حياة كريمة دون خوف أو قلق.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/8855

مجموعة العمل – علاء البرغوثي

حكايتنا هذه المرة تحمل في طياتها الكثير من المآسي التي قد يعيشها إنسان في حرب ما، فقد عانى أصحابها من ويلات الحرب في سورية، فعاشوا الخوف تحت قصف الطائرات وهجروا من مخيمهم حندرات بعد سيطرة جبهة النصرة عليه، ليعيشوا رعب الحياة تحت إجرام تنظيم "داعش".

يروي لنا اللاجئ "محمد ديب حمود" من أبناء مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين بمدينة حلب، ابن بلدة البروة في مدينة عكا بفلسطين المحتلة، والأب لستة أبناء وبنات تفاصيل رحلته وعائلته خلال الحرب في سورية، والتي قد يشاركه بها المئات من اللاجئين الفلسطينيين السوريين.

وسننقل لكم الحكاية على لسان صاحبها، ضمن مشروع هذه حكايتي والذي اطلقته مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية لتوثيق وجمع حكايات اللاجئين الفلسطينيين السوريين خلال الحرب في سورية، وذلك في محاولة منها تسليط الضوء ونقل صوت اللاجئين الفلسطينيين للعالم أجمع.

بداية الحرب

كانت حياتنا في سورية كحال معظم اللاجئين الفلسطينيين السوريين، نعيش حياة هادئة، بمستوى اقتصادي متوسط، درست في المدارس في سورية حتى الصف الأول الثانوي لأنتقل بعدها إلى دراسة الموسيقا، ومن ثم انتقلت للعمل في إحدى معامل الأدوية بمدينة حلب.

بقيت حياتنا مستقرة حتى بداية الحرب الدامية في سورية، فبعيداً عن الرأي السياسي مما يحصل في سورية إلا أن هناك حقيقة جلية وواضحة لا أحد يستطيع أن ينكرها وهي أن المدنيين في سورية هم الخاسر الأكبر ونحن من دفعنا تلك الفاتورة الكبيرة من قصف وحصار وشهداء.

كنت أرفض أن أتدخل بأي صراع أو أن أحسب على أي طرف فكنت أفضل الوقوف على حياد وأرفض أن انحاز لأي طرف خاصة عندما تطورت الأمور وبدأ يسقط ضحايا من الطرفين، رغم أن والدي ديب حمود كان من مؤسسي حركة القوميين الأحرار واعتقل في السجون الأردنية والسورية لأسباب سياسية، لكنني فضلت الحياد في هذه الحرب الدموية، فقد كانت مناظر الشهداء والجرحى من الطرفين تحرق القلب فما ذنب الأطفال والنساء والأطفال أن  يقصفوا بالطيران أو قذائف الهاون.

لواء التوحيد يسيطر على مخيم حندرات

ما هي إلا عدت شهور حتى دخلت قوات المعارضة السورية المسلحة إلى مخيمنا مخيم حندرات وبدأت معها مرحلة جديدة، حيث سيطرت المعارضة على مشفى الكندي في المخيم.

بعد دخول لواء التوحيد، الذي حاول حينها عدم التعرض لأهالي المخيم، وكان تعاملهم مقبول نوعاً ما مع اللجان الأهلية التي شكلت من أعيان المخيم، وكانت اللجنة تحاول قدر الإمكان أن يبقى المخيم على الحياد دون أن نصبح طرف من الأطراف.

كنا نطالب أن يبقى المخيم دون سلاح، لكن كان هناك طلب من المعارضة أن تعتقل جميع من يعمل مع النظام، الأمر الذي أحدث بعض التوتر إلا أنه وخلال التواصل بين لجنة المخيم والمعارضة المسلحة تم الاتفاق على أن يسلم المحسوبون على النظام أسلحتهم وبهذا حل الخلاف.

 بعد عدة أيام تعرض المخيم لقصف جوي لم يسقط حينها ضحايا لكن كان هناك أضراراً مادية، وانتشر الخوف وتوتر الوضع في المخيم، عندها خرجت مع مجموعة من الشباب طالبنا فيها المعارضة  أن تخرج من المخيم حتى لا يتم استهدافه مرة ثانية، وخلال المظاهرة أصبت بطلق ناري في يدي اليسرى وتعرضت للإعاقة بعدها حتى اليوم لا أستطيع أن أحركها أو أحمل بها أوزان ثقيلة.

خلال تلك الفترة بدأت موجات النزوح وعندها نزحت وعائلتي إلى حي الصاخور المجاور وبقينا عند أقاربنا وفي ذلك الوقت أصبت إصابة ثانية وحرقت يدي الثانية.

النظام يستعيد السيطرة والنصرة تحاصر وتسيطر مرة ثانية

بعد فترة استعاد النظام السوري سيطرته على المخيم لفترة وجيزة، فعدت للمخيم مع عائلتي، كان الوضع المعيشي  سيء جداً، خصوصاً بعد أن قامت جبهة النصرة بمحاصرة المخيم.

لكن بالرغم من الحصار عدت للعمل في معمل الأدوية الذي كان في مناطق المعارضة كان طريقي للمخيم يمر يومياً عبر خمسة حواجز ثلاثة منها تابعة للنظام واثنان منها تابعين للمعارضة واستمرينا بالعمل.

في أحد الأيام وأثناء مرورنا عند حاجز لجبهة النصرة عند معمل الاسمنت أخبرنا عناصر جبهة النصرة أن نبلغ أهل المخيم أننا سنقتحم المخيم ونسيطر عليه ونعتقل جميع المحسوبين على النظام، وكانت معاملة عناصر الحاجز سيئة حتى أنهم صادروا بعض المواد الغذائية التي كنت قد أحضرتها لعائلتي في المخيم والتي كانت فقط بعض الخضراوات بحجة أنها قد تكون للمحسوبين على النظام.

عند وصولي قابلت اللجنة ونقلت لهم ما قاله لي عناصر الحاجز، طبعا كنا حينها المجموعة الوحيدة التي تخرج من المخيم ومناطق النظام إلى مناطق المعارضة وتعود طبعا كان هناك اتفاق بين الطرفين على ذلك، بعد عدة أيام قامت الجبهة بمنعنا من الوصول إلى المعمل وعدنا حينها.

 انتشرت في تلك الفترة العديد من حالات القنص كنا لا نعرف من الجهة التي تقنص فقد كان قناصة المعارضة والنظام منتشرين وكل منهم يتهم الآخر.

بعد استشهاد أحد أصدقائي برصاص قناص، وإصابة آخر، وبعدها بدأ القصف على المخيم وتم استهداف مشفى الكندي، كان الوضع مأساوي جداً قصف وحصار، فمرت تقريبا عشرة أيام ولم يبق طعام في المخيم أو مواد تدفئة كان الوضع سيء جداً ، أصبحنا نأكل "الشوربة" للأطفال فقط ولم يتوفر أي نوع من الطعام.

عندها بدأت حركة النزوح من المخيم، بداية كنت أرفض الخروج من منزلي وترك المخيم فقد كان المخيم والمنزل يعنيان لي الكثير، ولكن عندما استعادت فصائل المعارضة سيطرتها على المخيم، طلبوا منا أن نغادر المخيم بحجة أن خروجنا مؤقت. وعندما تسيطر المعارضة على مشفى الكندي والسجن ستسمح لنا بالعودة، حينها تعرض المخيم للقصف

وبدأت رحلة النزوح وتوجهنا حينها إلى منطقة الصاخور التي كانت تتبع للمعارضة، وبقينا فيها حوالي الشهرين.

 وبعدها تعرضت المنطقة للقصف الشديد واضطررنا  أن ننزح من جديد .

الرقة ورعب "داعش" قاطع الرؤوس

كان حينها الطريق إلى دمشق من جهة خناصر مغلق، وباتجاه حماة غير آمن، فقررت الذهاب إلى الرقة كونها كانت آمنة نوعاً ما، فحسمت أمري وذهبت لأعيش بالرقة وعملت هناك لحوالي العام والنصف، 7 أشهر مع المعارضة، وبعدها سيطر تنظيم "داعش" على المدينة، وبدأ معها مسلسل جديد من الرعب، صبرت لعدة شهور إلى أن استهدفت المدنية بصواريخ سكود.

قام بعدها عناصر "داعش" بحملة إعدامات بالجملة على دار النعيم في المدينة، كان ذلك اليوم يوماً لا ينسى حين سيطرت "داعش" على الفرقة 17 للجيش السوري وارتكبت مجزرة بحق المئات من العساكر، وأذكر ذلك اليوم بتفاصيله المرة حيث أتت ابنتي وهي بحالة هيستيرية تصرخ وتناديني صباحاً لأنظر عبر النافذة.

منظر مرعب حقاً، كانت عشرات الرؤوس معلقة على الدوار كانت مفصولة عن الأجساد، وهنا أصيبت ابنتي وتوقف لسانها عن النطق.

كانت الحياة تحت حكم "داعش" مخيفة جداً ولا يمكن تخيله، إعدام صلب تعليق رؤوس، وعندها صرت أفكر ماذا سأفعل هل أعود إلى حلب أم أذهب إلى دمشق أم انتقل إلى تركيا، وعندها حسمت أمري واخترت تركيا.

الطريق إلى تركيا

بدأت رحلة معاناتنا الجديدة واللجوء الجديد بمصاعب جديدة، تعرضنا للمضايقات على الحدود من قبل حرس الحدود التركية لم يطلقوا النار علينا لكن أخافونا وأفزعوا الأطفال والنساء، طبعا دفعت مبلغا كبيرا لاحد المهربين الذي اخذنا من الرقة إلى غازي عنتاب، وصلت إلى غازي عنتاب، وهناك لم يبق معي أي مال في تلك المنطقة، اتصلت بأحد الأصدقاء ليساعدني وبقينا عنده قرابة عشرة أيام.

وبعدها انتقلنا إلى مدينة أورفا، كنت استدين المال، وبعدها انتقلت إلى تل أبيض لم أستطيع الحصول على عمل لتأمين أي مورد لعائلتي وبعد ذلك بدأت رحلة معاناتنا الثالثة.

تواصلت مع أحد الأصدقاء ودعاني لإحياء إحدى الحفلات المتعلقة بفلسطين في منطقة كلس بمركز الايواء للفلسطينيين، فتعرفت على وضع العائلات هناك وقررت حينها الانتقال للمركز حتى اخفف من ضغط المعيشة.

بعد فترة من الزمن انتشرت بعض الشائعات عن المركز وتراجعت اللجنة المسؤولة عن المركز عن مهامها بحجة أن السلطات التركية طلبت بإغلاق المركز.

المخيم من جديد

قيل لنا انه سيتم نقلنا إلى مخيم ديريك، طبعا عندما أعطونا الإحداثيات على الخريطة كان لمخيم ثاني وكان مقبول لنا، وبعد نقلنا بالسيارات وصلنا إلى المخيم كان المخيم سيء بمنطقة جبلية بين ثلاثة جبال حوله أسلاك شائكة وأقرب قرية له تبعد حوالي 4 كم ولا يتوفر فيها أسواق.

كانت الحرارة عالية في المخيم والغبار يملئ المكان، فالكثير من الأطفال مرضوا بالحساسية والربو، وازدادت معاناة جميع العوائل.

 ففي أحد المرات وقعت حادثة تسمم أصيب فيها 25 شخصاً على الأقل، كما اندلعت العديد من الحرائق التي أودت بحياة قرابة أربعة أطفال، كان هناك تشديد كبير، وكان المخيم اشبه بالسجن ممنوعة فيه الإجازات او الخروج.

كما كانت المنطقة منطقة اشتباكات بين تنظيم "البي كي كي" المحظور في تركيا والجيش التركي كنا دائماً نسمع أصوات الرصاص والاشتباكات، كما كنا نتعرض لمصاعب بالحركة والاتصالات فقد كان يوجد بعض الموبايلات لمن استطاع إدخالها للمخيم وفي حال كان يعرف بذلك كانت تتم معاقبة حاملها.

كانت معاناتنا مجرد خبر على إحدى القنوات تواصلنا مع العديد من الهيئات بعضهم تملص وآخرون ساعدونا بمبالغ قليلة تقريبا 20 ليرة لكل فرد، لم تقدم لنا أي جهة حلولاً لمعاناتنا.

بعدها جاء قرار من الحكومة التركية بتفريغ المخيم ونقل سكانه إلى مخيمين القسم الأول باتجاه مديت وقسم لمخيم سروج

مخيم سروج كان فيه 35 ألف نسمة معظمهم من الأخوة الأكراد، كان التعامل معهم صعب جداً حتى إدارة المخيم كانت عنصرية تعاملننا بطريقة صعبة جداً وتمنع عنا الاجازات.

الخروج من المخيم واستمرار المعاناة

خرجت من المخيم إلى ازمير هرباً من جحيم الحياة في المخيم، أمنت عمل لا يكفي حتى المعيشة ربما يكفي فقط لإيجار المنزل كنا نبقى عدة أيام دون طعام لكن ذلك أفضل من المخيم.

نعاني الآن من موضوع الكيملك، وتكمن مشكلتي أن بطاقاتي من منطقة أورفة وليس ازمير وهنا دخلت بمشاكل جديدة تتعلق بإذن السفر والأوراق التي توزعت بأكثر من مدينة وذلك بسبب تنقلنا بين أكثر من مخيم، والمشكلة أن الجهات التركية تطلب بعض الطلبات الصعبة جداً منها عقد البيت الموثق والمسجل، واذن عمل موثق ومقيد، وهذا صعب جداً، وإذن العمل في ذات المدينة يحتاج لكملك من ذات المدينة وانا لا املكه وحتى الآن لم أجد حلاً.

أنا الآن أعيش مع أربعة أطفال وأمهم ولدي ابنتان متزوجتان  وأعاني من آلام شديدة بسبب البرد وإصابة ييدي، في ظل عملي المتقطع والمهدد بالتوقف نهائياً بأي يوم.

لا يوجد أي جهة رسمية تتولى امرنا فوكالة الأونروا لم تقدم لنا مساعدات كونها لا تعمل في تركيا، فالمستقبل مظلم في وجهنا ولم أستطيع تعلم اللغة التركية لعدم توفر الوقت والمال، أطفالي محرومين من التعليم في المدارس التركية لأنه لا يوجد معهم كملك من ذات المدينة.

أدعو أي جهة حقوقية أو إغاثية تستطيع مساعدتي لوضع حد لمعاناتي المستمرة، وكل ما أتمناه اليوم أن يلتم شملي بأمي وأبي وأن أعيش وعائلتي حياة كريمة دون خوف أو قلق.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/8855