map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

هذه حكايتي (32)| "محمود شاويش" مسعفاً في سورية وشاهداً لوفاة فتاة على قارب الموت

تاريخ النشر : 19-02-2018
هذه حكايتي (32)| "محمود شاويش" مسعفاً في سورية وشاهداً لوفاة فتاة على قارب الموت

مجموعة العمل – علاء البرغوثي | السويد

الحكاية الثانية والثلاثون من سلسلة مشروع هذه حكايتي الذي أطلقته مجموعة العمل منذ العام 2017، يرويها هذه المرة اللاجئ "محمود شاويش" ابن قرية القباعة قضاء مدينة صفد في فلسطين المحتلة، واللاجئ سابقاً في حي جوبر في الريف الدمشقي.

يقول "محمود" عشت حياتي في سورية مثلي كمثل الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في سورية، كانت الحياة طبيعية إلى أن بدأت الثورة في سورية، حيث تعرضنا كفلسطينيين لما تعرض له الشعب السوري من حصار وقصف ومعاناة، ولعل مكان إقامتي في حي جوبر جعلني أعاني الكثير مع أهالي ذلك الحي الذي تعرض للحصار المشدد والقصف المتكرر اللذان أسفرا عن قضاء المئات من أبناء الحي.

عملي في المجال الطبي جعلني شاهداً على المأساة

خلال تواجدي في سورية درست في المعهد الصحي، وعملت كمعالج فيزيائي في عدد من المشافي والعيادات الطبية، وخلال الثورة كان من الواجب عليّ كإنسان أن أسعف أي مصاب.

كانت الأحياء المجاورة لحي جوبر تتعرض لقصف عنيف ومتكرر، كانت الأوضاع مأساوية جداً، لم يكن هناك كوادر طبية ولا حتى الأدوات الطبية تكفي، كان الوضع مخيفاً جداً، جرحى أطفال ونساء ورجال دماء وأطراف مبتورة قصص لم تغب عن ذاكرتي حتى اليوم.

في المشفى الميداني لأول مرة

أذكر تماماً أول مرة ذهبت فيها إلى المشافي الميدانية، كانت حينها بعد التفجير الكبير الذي وقع في بلدة زملكا في العام 2012، عندها جاء أحد الأصدقاء وطلب مني مرافقته بسرعة، كان الوضع الأمني في البلدة سيء جداً، حواجز النظام منتشرة في كل مكان، رغم ذلك ذهبت مع صديقي، وخلال طريقنا تعرضت سيارتنا لإطلاق نار كثيف من قبل إحدى حواجز النظام على طريق زملكا عين ترما بالقرب من صالات الأفراح.

أكملنا طريقنا، وطلب مني صديقي أن أضع قناع على رأسي كي لا يعرفني أحد من المخبرين الذين قد يتواجدون في أي مكان، لكن بعد أن وصلنا إلى المشفى كان الوضع مأساوي جداً عملت لأربعة ساعات أنا وعدد من العاملين في القطاع الصحي كانت المعدات بدائية جداً وغير كافية، وأمام ذلك الوضع خلعت قناعي واستمريت بالعمل.

 بعد العمل في المشفى الأول انتقلنا إلى المشفى الثاني وبعدها تنقلنا بين المنازل، كان الوضع سيئاً جداً أذكر حينها أن عدد الشهداء والجرحى قد تجاوز 200، وفي ظل هذا العدد الكبير ولم تتوفر أي من الخدمات الطبية المناسبة، حيث كانت المعدات بسيطة جداً، فعملنا دون أي مواد معقمة حتى دون قفازات طبية، ومعظم الأدوية كانت مفقودة.

كانت العديد من الحالات تعاني من فقدان أطرافها ومن نزيف حاد، كما كنت أساعد نقطة الهلال الأحمر السوري التي يسمح لها النظام في بعض الحالات بأن تقدم العلاج للمصابين.

الأمن يقتحم منزلي ويروع أطفالي

قبل أن تسيطر المعارضة على الحي، كان النظام يجري مداهمات مفاجئة للمنازل، ففي إحدى المرات وخلال ذهابي أنا وأطفالي من المنزل، أخبرني أحد الأصدقاء بأن عليّ العودة للمنزل لأن حملة تفتيش كبيرة ستتم خلال الفترة القادمة، بالفعل عدت إلى المنزل، للاستعداد للتفتيش، طبعاً هناك الاستعدادات يجب أن نحضرها قبل أن يفتش الجيش منازلنا، كأن نضع كأس المتة على الطاولة، وأن نشغل التلفاز على قناة الدنيا التابعة للنظام، وأن نعلم أطفالنا الإجابة على بعض الأسئلة، مثل من حبيبكم؟ بشار!! وغيرها من الشعارات الموالية.

بالفعل ما هي إلا ساعات حتى اقتحم تسعة عساكر من النظام منزلي، دخلوه وهم بكافة سلاحهم الميداني من المسدس وحتى قاذف الـ RBG، فتشوا كل شيء في المنزل وقلبوه رأساً على عقب، لكن ما استفزني أن أحد الجنود أعطى سلاحه لطفلي الصغير وقال له هل يأتي أحد من أصدقاء والدك ويحمل مثل هذا السلاح؟ هنا تدخلت على عجل وخفت على ابني، فقلت للعسكري إني أعمل مع الضابط فلان في مشفى الشرطة، فاختلفت لهجته وتعامله معي، وقال لي "كنت أخبرنا من البداية أنك تعمل معنا ما كنا فتشنا" وبعدها خرجوا.

قرار الخروج من جوبر

لم أكن أفكر يوماً من الأيام أن أترك منزلي أو أن أترك سورية لكن وبسبب توتر الأوضاع، أجبرت على ترك منزلي وذلك بعد إخبارنا بضرورة إخراج النساء والأطفال من الحي، أذكر حينها لم يكن متاح لنا إلا الخروج إلى الغوطة عبر أحد الممرات التي كانت تتعرض للقنص من قبل النظام، وتحت المخاطر ممرنا إلى الغوطة والحمد لله لم نصب بأذى، بقينا هناك ليومين، وبعدها عدنا إلى جوبر ومنها خرجنا إلى دمشق.

من سورية إلى مصر

بعد خروجنا من جوبر قررنا السفر إلى مصر، حقيقة كان هدفي أن أعود للعيش في قطاع غزة بفلسطين حيث تمكنت العديد من العوائل العودة إليها، كانت حينها مصر تستقبل العوائل من الفلسطينيين السوريين، وبالفعل رتبت أمور سفري، ولأني كنت أخشى من أن اعتقل اضطررت لدفع مبلغ مادي كبير لإحدى شركات السفر التي كان لها علاقات مع أمن المطار، وبالفعل سافرنا إلى مصر.

في مصر كانت أوضاعنا مقبولة عشنا في بلدة البحيرة في مدينة الإسكندرية، كانت البلد حينا تحت حكم الرئيس محمد مرسي، حصلنا على إقامات وعملت أنا وزوجتي، لكن ما إن بدأت أمورنا بالاستقرار حتى حصل الانقلاب وانقلبت حياتنا معه رأساً على عقب.

الأمن المصري يستدعيني وقرار الهجرة يعود من جديد

بعد أيام قليلة من الانقلاب جرت حملة تجيش إعلامي ضد كل ما هو فلسطيني، عشنا حالة من الخوف، حتى أذكر مرة أني كنت أرتدي كنزة عليها علم فلسطين، فطلب أحد أصدقائي مني أن أبدلها وذلك خوفاً عليّ من أي "بلطجي"، بعد عدة أيام وصلني استدعاء من قبل الأمن المصري كان الاستدعاء للعائلات الفلسطينية التي تسكن البلدة.

ذهبت بالفعل إلى الأمن المصري، كان تعاملهم سيء، بعد انتظار لعدة ساعات تقريبا حوالي 4 ساعات، جاء دوري للمقابلة، وبدأت أسئلة عنصر الأمن الذي بدأ باتهامي أنهم لديهم صوراً لي في ميدان رابعة خلال اعتصامات الإخوان المسلمين في مصر، قلت له أني في الإسكندرية ولم أغادرها، بعدها اتهمني بأني أنتمي للإخوان وعندما فندت اتهاماته اتهمني بأني أنتمي لحركة حماس في فلسطين وأيضاً نفيت ذلك الاتهام، وبعدها بدأ يسألني عن حياتي وكيف أعيش في مصر، عندها علمت أنني يجب أن أغادر مصر.

على قارب الموت.. حيث توفيت الفتاة أمام أعيننا

بعد ما عانيته أنا وعائلتي في مصر، قررت أن أجازف بقوارب الموت، محاولاً الوصول إلى أوروبا، وتركت عائلتي في مصر، وبالفعل بدأت بالتحضير إلى الرحلة، كانت رحلة شاقة استمرت حوالي 8 أيام فقدنا فيها كل شيء الماء والطعام، كان الأطفال على المركب يعانون كثيراً.

في إحدى المرات كان الموج عالياً جداً مررنا بوقت عصيب كاد المركب حينها أن يغرق، وخلال ذلك الوقت أصيبت إحدى الفتيات بأزمة سكري، وبعدها توفيت على الفور، حزن جميع الركاب على تلك الشابة، وحزننا أكثر على والدها الذي دخل في صدمة نفسية عميقة.

مع ارتفاع درجات الحرارة في الصباح والبرودة في الشتاء، كان الوضع صعب جداً فقد بدأ جثمان الفتاة بالتحلل، والرائحة كانت قوية جداً، انقسم الركاب إلى فريقين الأول كان يريد أن يرمي الجثة في الماء والآخر رفض الفكرة، لكن مع الوقت بدأ الجميع يقترب من الاجماع على رمي الجثمان في الماء.

ذهبت أنا وأحد الركاب لنخبر والد الفتاة في بقرار الركاب، كان الرجل يعيش بصدمة أثرت عليه بشكل كبير لم يتجاوب ولم يبدي أي ردة فعل تجاه ما حدثناه به، كان ذلك الموقف من أقسى المواقف التي مررت بها في حياتي، عندما عدت لمجموعة الركاب والذين كانوا يجهزون أنفسهم لرمي الجثة، خرج أحد الركاب واقترح عدم رمي الجثمان، معللاً ذلك بأنه في حال تم رمي الجثمان وعلم خفر السواحل عند وصولنا بالحادثة قد يعتبرها جريمة وندخل تحت المسائلة القانونية، وبالفعل غير الجميع رأيه وقررنا الاحتفاظ بالجثمان حتى وصولنا إلى الشاطئ، وبالفعل هذا ما جرى وعند وصولنا إلى الشاطئ تم دفن الجثمان وخرجت جنازة كبيرة للفتاة التي دفنت في إيطاليا.

السويد أخيراً والبدء من جديد

بعد أيام وصلت إلى السويد، حيث حصلت على اللجوء وأتممت لم شملي مع عائلتي، والآن أعمل بالمجال الطبي، لم تكن حياتنا في السويد سهلة هنا العديد من العقبات التي واجهتنا، منها تعلم اللغة والبحث عن عمل، والتأقلم مع الجو الجديد، والانتظار لأوقات طويلة لإنجاز المعاملات.

لكن بفضل الله تجاوزناها والآن نعمل على البدء من جديد في هذا البلد، في محاولة لبناء مستقبل آمن لأبنائنا بعيداً عن الحرب والخوف والجوع والقصف والاشتباكات، فيكفيهم ما عاشوه خلال سنوات الحرب في سورية.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/9113

مجموعة العمل – علاء البرغوثي | السويد

الحكاية الثانية والثلاثون من سلسلة مشروع هذه حكايتي الذي أطلقته مجموعة العمل منذ العام 2017، يرويها هذه المرة اللاجئ "محمود شاويش" ابن قرية القباعة قضاء مدينة صفد في فلسطين المحتلة، واللاجئ سابقاً في حي جوبر في الريف الدمشقي.

يقول "محمود" عشت حياتي في سورية مثلي كمثل الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في سورية، كانت الحياة طبيعية إلى أن بدأت الثورة في سورية، حيث تعرضنا كفلسطينيين لما تعرض له الشعب السوري من حصار وقصف ومعاناة، ولعل مكان إقامتي في حي جوبر جعلني أعاني الكثير مع أهالي ذلك الحي الذي تعرض للحصار المشدد والقصف المتكرر اللذان أسفرا عن قضاء المئات من أبناء الحي.

عملي في المجال الطبي جعلني شاهداً على المأساة

خلال تواجدي في سورية درست في المعهد الصحي، وعملت كمعالج فيزيائي في عدد من المشافي والعيادات الطبية، وخلال الثورة كان من الواجب عليّ كإنسان أن أسعف أي مصاب.

كانت الأحياء المجاورة لحي جوبر تتعرض لقصف عنيف ومتكرر، كانت الأوضاع مأساوية جداً، لم يكن هناك كوادر طبية ولا حتى الأدوات الطبية تكفي، كان الوضع مخيفاً جداً، جرحى أطفال ونساء ورجال دماء وأطراف مبتورة قصص لم تغب عن ذاكرتي حتى اليوم.

في المشفى الميداني لأول مرة

أذكر تماماً أول مرة ذهبت فيها إلى المشافي الميدانية، كانت حينها بعد التفجير الكبير الذي وقع في بلدة زملكا في العام 2012، عندها جاء أحد الأصدقاء وطلب مني مرافقته بسرعة، كان الوضع الأمني في البلدة سيء جداً، حواجز النظام منتشرة في كل مكان، رغم ذلك ذهبت مع صديقي، وخلال طريقنا تعرضت سيارتنا لإطلاق نار كثيف من قبل إحدى حواجز النظام على طريق زملكا عين ترما بالقرب من صالات الأفراح.

أكملنا طريقنا، وطلب مني صديقي أن أضع قناع على رأسي كي لا يعرفني أحد من المخبرين الذين قد يتواجدون في أي مكان، لكن بعد أن وصلنا إلى المشفى كان الوضع مأساوي جداً عملت لأربعة ساعات أنا وعدد من العاملين في القطاع الصحي كانت المعدات بدائية جداً وغير كافية، وأمام ذلك الوضع خلعت قناعي واستمريت بالعمل.

 بعد العمل في المشفى الأول انتقلنا إلى المشفى الثاني وبعدها تنقلنا بين المنازل، كان الوضع سيئاً جداً أذكر حينها أن عدد الشهداء والجرحى قد تجاوز 200، وفي ظل هذا العدد الكبير ولم تتوفر أي من الخدمات الطبية المناسبة، حيث كانت المعدات بسيطة جداً، فعملنا دون أي مواد معقمة حتى دون قفازات طبية، ومعظم الأدوية كانت مفقودة.

كانت العديد من الحالات تعاني من فقدان أطرافها ومن نزيف حاد، كما كنت أساعد نقطة الهلال الأحمر السوري التي يسمح لها النظام في بعض الحالات بأن تقدم العلاج للمصابين.

الأمن يقتحم منزلي ويروع أطفالي

قبل أن تسيطر المعارضة على الحي، كان النظام يجري مداهمات مفاجئة للمنازل، ففي إحدى المرات وخلال ذهابي أنا وأطفالي من المنزل، أخبرني أحد الأصدقاء بأن عليّ العودة للمنزل لأن حملة تفتيش كبيرة ستتم خلال الفترة القادمة، بالفعل عدت إلى المنزل، للاستعداد للتفتيش، طبعاً هناك الاستعدادات يجب أن نحضرها قبل أن يفتش الجيش منازلنا، كأن نضع كأس المتة على الطاولة، وأن نشغل التلفاز على قناة الدنيا التابعة للنظام، وأن نعلم أطفالنا الإجابة على بعض الأسئلة، مثل من حبيبكم؟ بشار!! وغيرها من الشعارات الموالية.

بالفعل ما هي إلا ساعات حتى اقتحم تسعة عساكر من النظام منزلي، دخلوه وهم بكافة سلاحهم الميداني من المسدس وحتى قاذف الـ RBG، فتشوا كل شيء في المنزل وقلبوه رأساً على عقب، لكن ما استفزني أن أحد الجنود أعطى سلاحه لطفلي الصغير وقال له هل يأتي أحد من أصدقاء والدك ويحمل مثل هذا السلاح؟ هنا تدخلت على عجل وخفت على ابني، فقلت للعسكري إني أعمل مع الضابط فلان في مشفى الشرطة، فاختلفت لهجته وتعامله معي، وقال لي "كنت أخبرنا من البداية أنك تعمل معنا ما كنا فتشنا" وبعدها خرجوا.

قرار الخروج من جوبر

لم أكن أفكر يوماً من الأيام أن أترك منزلي أو أن أترك سورية لكن وبسبب توتر الأوضاع، أجبرت على ترك منزلي وذلك بعد إخبارنا بضرورة إخراج النساء والأطفال من الحي، أذكر حينها لم يكن متاح لنا إلا الخروج إلى الغوطة عبر أحد الممرات التي كانت تتعرض للقنص من قبل النظام، وتحت المخاطر ممرنا إلى الغوطة والحمد لله لم نصب بأذى، بقينا هناك ليومين، وبعدها عدنا إلى جوبر ومنها خرجنا إلى دمشق.

من سورية إلى مصر

بعد خروجنا من جوبر قررنا السفر إلى مصر، حقيقة كان هدفي أن أعود للعيش في قطاع غزة بفلسطين حيث تمكنت العديد من العوائل العودة إليها، كانت حينها مصر تستقبل العوائل من الفلسطينيين السوريين، وبالفعل رتبت أمور سفري، ولأني كنت أخشى من أن اعتقل اضطررت لدفع مبلغ مادي كبير لإحدى شركات السفر التي كان لها علاقات مع أمن المطار، وبالفعل سافرنا إلى مصر.

في مصر كانت أوضاعنا مقبولة عشنا في بلدة البحيرة في مدينة الإسكندرية، كانت البلد حينا تحت حكم الرئيس محمد مرسي، حصلنا على إقامات وعملت أنا وزوجتي، لكن ما إن بدأت أمورنا بالاستقرار حتى حصل الانقلاب وانقلبت حياتنا معه رأساً على عقب.

الأمن المصري يستدعيني وقرار الهجرة يعود من جديد

بعد أيام قليلة من الانقلاب جرت حملة تجيش إعلامي ضد كل ما هو فلسطيني، عشنا حالة من الخوف، حتى أذكر مرة أني كنت أرتدي كنزة عليها علم فلسطين، فطلب أحد أصدقائي مني أن أبدلها وذلك خوفاً عليّ من أي "بلطجي"، بعد عدة أيام وصلني استدعاء من قبل الأمن المصري كان الاستدعاء للعائلات الفلسطينية التي تسكن البلدة.

ذهبت بالفعل إلى الأمن المصري، كان تعاملهم سيء، بعد انتظار لعدة ساعات تقريبا حوالي 4 ساعات، جاء دوري للمقابلة، وبدأت أسئلة عنصر الأمن الذي بدأ باتهامي أنهم لديهم صوراً لي في ميدان رابعة خلال اعتصامات الإخوان المسلمين في مصر، قلت له أني في الإسكندرية ولم أغادرها، بعدها اتهمني بأني أنتمي للإخوان وعندما فندت اتهاماته اتهمني بأني أنتمي لحركة حماس في فلسطين وأيضاً نفيت ذلك الاتهام، وبعدها بدأ يسألني عن حياتي وكيف أعيش في مصر، عندها علمت أنني يجب أن أغادر مصر.

على قارب الموت.. حيث توفيت الفتاة أمام أعيننا

بعد ما عانيته أنا وعائلتي في مصر، قررت أن أجازف بقوارب الموت، محاولاً الوصول إلى أوروبا، وتركت عائلتي في مصر، وبالفعل بدأت بالتحضير إلى الرحلة، كانت رحلة شاقة استمرت حوالي 8 أيام فقدنا فيها كل شيء الماء والطعام، كان الأطفال على المركب يعانون كثيراً.

في إحدى المرات كان الموج عالياً جداً مررنا بوقت عصيب كاد المركب حينها أن يغرق، وخلال ذلك الوقت أصيبت إحدى الفتيات بأزمة سكري، وبعدها توفيت على الفور، حزن جميع الركاب على تلك الشابة، وحزننا أكثر على والدها الذي دخل في صدمة نفسية عميقة.

مع ارتفاع درجات الحرارة في الصباح والبرودة في الشتاء، كان الوضع صعب جداً فقد بدأ جثمان الفتاة بالتحلل، والرائحة كانت قوية جداً، انقسم الركاب إلى فريقين الأول كان يريد أن يرمي الجثة في الماء والآخر رفض الفكرة، لكن مع الوقت بدأ الجميع يقترب من الاجماع على رمي الجثمان في الماء.

ذهبت أنا وأحد الركاب لنخبر والد الفتاة في بقرار الركاب، كان الرجل يعيش بصدمة أثرت عليه بشكل كبير لم يتجاوب ولم يبدي أي ردة فعل تجاه ما حدثناه به، كان ذلك الموقف من أقسى المواقف التي مررت بها في حياتي، عندما عدت لمجموعة الركاب والذين كانوا يجهزون أنفسهم لرمي الجثة، خرج أحد الركاب واقترح عدم رمي الجثمان، معللاً ذلك بأنه في حال تم رمي الجثمان وعلم خفر السواحل عند وصولنا بالحادثة قد يعتبرها جريمة وندخل تحت المسائلة القانونية، وبالفعل غير الجميع رأيه وقررنا الاحتفاظ بالجثمان حتى وصولنا إلى الشاطئ، وبالفعل هذا ما جرى وعند وصولنا إلى الشاطئ تم دفن الجثمان وخرجت جنازة كبيرة للفتاة التي دفنت في إيطاليا.

السويد أخيراً والبدء من جديد

بعد أيام وصلت إلى السويد، حيث حصلت على اللجوء وأتممت لم شملي مع عائلتي، والآن أعمل بالمجال الطبي، لم تكن حياتنا في السويد سهلة هنا العديد من العقبات التي واجهتنا، منها تعلم اللغة والبحث عن عمل، والتأقلم مع الجو الجديد، والانتظار لأوقات طويلة لإنجاز المعاملات.

لكن بفضل الله تجاوزناها والآن نعمل على البدء من جديد في هذا البلد، في محاولة لبناء مستقبل آمن لأبنائنا بعيداً عن الحرب والخوف والجوع والقصف والاشتباكات، فيكفيهم ما عاشوه خلال سنوات الحرب في سورية.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/9113