map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

الكامب ليس مخيمًا.. هولندا ليست اليرموك!

تاريخ النشر : 13-02-2021
الكامب ليس مخيمًا.. هولندا ليست اليرموك!

أحمد شوقي أبو شعير

الكامب ليس مخيمًا. منذ وصولي إلى هولندا قبل ثلاثة شهور وأنا أسمع الكثير من الهولنديين يذكرون كلمة (خزيلخ) ضمن أحاديثهم.

قمت بالسؤال عن معنى الكلمة، ولم أجد لها مرادفًا يحمل معناها كاملًا باللغة العربية. ببساطة، هذه الكلمة الهولندية تعني المكان الدافئ الصغير الذي تشعر وأنت في داخله بالحنان. وأقرب مصطلح وجدته في لهجاتنا العامية قريب بالمعنى هو كلمة "كنكنة". أكثر ما جعل هذه الكلمة الهولندية تلتصق في ذهني هو أنّي لم أشعر بما تحمله هذه الكلمة من معنى منذ أن خرجت من مخيم اليرموك قبل ثلاث سنوات. المخيّم كان يحمل المعنى الدقيق لهذه الكلمة وأكثر من ذلك، هو مكانٌ صغير جغرافيًا ولكن كل من سكنه يراه أكبر من أوروبا التي لجأنا إليها اليوم، بحاراته الضيقة والزحام الدائم وصراخ الأطفال والشباب، والأضواء المنتشرة بكثرة في كل مكان والملابس المعلقّة على النوافذ في انتظار أن تجف من بعد الغسل، والسيارات البسيطة التي سائقها دائمًا يكيل الشتائم على سائقي السيارات الأخرى.

كل تفاصيل المخيم كانت تحمل معنى خزيلخ. أنا الآن موجود في مكان تجمع للاجئين يسمّى (كامب)، ومرادف هذه الكلمة الإنجليزية باللغة العربية هو كلمة مخيّم، وحتى الآن لم أجد أي شخص في الكامب يسمّيه مخيمًا. أغلب من أعرفهم في الكامب من لاجئين فلسطينيين وسوريين وحتى عراقيين، قد سبق سبق لهم أن زاروا مخيم اليرموك، وإن لم يسبق لهم أن زاروه فقد سمعوا عنه الكثير من الحكايات والقصص. هؤلاء الأشخاص في الكامب لا يشعرون بأي شيء من الأشياء التي شعروا بها لحظة دخولهم المخيّم. في الكامب لا يمكنك أن تأكل شاورما في الساعة الثالثة فجرًا، لا يمكنك أن تستيقظ على صوت فيروز ولا تعرف مصدره، في الكامب لا ترى شابًا عاد من ورشة الدهان التي يعمل بها ليشارك في نقاش سياسي أو ثقافي، أو ربما ندوة شعرية، أو لعزف العود في بيت أحد الأصدقاء.

في الكامب ستشعر دائمًا بالوحدة ولن تستطيع أن تزور مقبرة الشهداء لتبكي على قبر صديقك الذي غادرك قبل شهرين. لهذه الأسباب لن ترى شخصًا يدعو الكامب مخيمًا. خارج الكامب يقف شاب فلسطيني يدخن سيجارة قد لفها على أصابعه، يقول متنهدًا: (إيمتا بدنا نرجع عالمخيم؟) فيردّ عليه شخص لم يزر المخيم: "لقد خرجنا للتو من المخيم". يضحك ابن المخيم ضحكةً ساخرة ويستنشق دخان سيجارته بكل ما يحمله من هموم تكبره بخمسين عامًا. حاولت الاستعانة بمترجم (غوغل) لأجد مرادفًا لكلمة (خزيلخ) فأعطاني كلمة "دفء" التي هي جزءٌ صغير من معنى الكلمة. أطالب الشركة استبدال كلمة دفٕ بكلمة مخيّم، وترجمة كلمة (كامب) الإنجليزية بكلمة (كامب) العربية.

المصدر: موقع الترا صوت

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/14863

أحمد شوقي أبو شعير

الكامب ليس مخيمًا. منذ وصولي إلى هولندا قبل ثلاثة شهور وأنا أسمع الكثير من الهولنديين يذكرون كلمة (خزيلخ) ضمن أحاديثهم.

قمت بالسؤال عن معنى الكلمة، ولم أجد لها مرادفًا يحمل معناها كاملًا باللغة العربية. ببساطة، هذه الكلمة الهولندية تعني المكان الدافئ الصغير الذي تشعر وأنت في داخله بالحنان. وأقرب مصطلح وجدته في لهجاتنا العامية قريب بالمعنى هو كلمة "كنكنة". أكثر ما جعل هذه الكلمة الهولندية تلتصق في ذهني هو أنّي لم أشعر بما تحمله هذه الكلمة من معنى منذ أن خرجت من مخيم اليرموك قبل ثلاث سنوات. المخيّم كان يحمل المعنى الدقيق لهذه الكلمة وأكثر من ذلك، هو مكانٌ صغير جغرافيًا ولكن كل من سكنه يراه أكبر من أوروبا التي لجأنا إليها اليوم، بحاراته الضيقة والزحام الدائم وصراخ الأطفال والشباب، والأضواء المنتشرة بكثرة في كل مكان والملابس المعلقّة على النوافذ في انتظار أن تجف من بعد الغسل، والسيارات البسيطة التي سائقها دائمًا يكيل الشتائم على سائقي السيارات الأخرى.

كل تفاصيل المخيم كانت تحمل معنى خزيلخ. أنا الآن موجود في مكان تجمع للاجئين يسمّى (كامب)، ومرادف هذه الكلمة الإنجليزية باللغة العربية هو كلمة مخيّم، وحتى الآن لم أجد أي شخص في الكامب يسمّيه مخيمًا. أغلب من أعرفهم في الكامب من لاجئين فلسطينيين وسوريين وحتى عراقيين، قد سبق سبق لهم أن زاروا مخيم اليرموك، وإن لم يسبق لهم أن زاروه فقد سمعوا عنه الكثير من الحكايات والقصص. هؤلاء الأشخاص في الكامب لا يشعرون بأي شيء من الأشياء التي شعروا بها لحظة دخولهم المخيّم. في الكامب لا يمكنك أن تأكل شاورما في الساعة الثالثة فجرًا، لا يمكنك أن تستيقظ على صوت فيروز ولا تعرف مصدره، في الكامب لا ترى شابًا عاد من ورشة الدهان التي يعمل بها ليشارك في نقاش سياسي أو ثقافي، أو ربما ندوة شعرية، أو لعزف العود في بيت أحد الأصدقاء.

في الكامب ستشعر دائمًا بالوحدة ولن تستطيع أن تزور مقبرة الشهداء لتبكي على قبر صديقك الذي غادرك قبل شهرين. لهذه الأسباب لن ترى شخصًا يدعو الكامب مخيمًا. خارج الكامب يقف شاب فلسطيني يدخن سيجارة قد لفها على أصابعه، يقول متنهدًا: (إيمتا بدنا نرجع عالمخيم؟) فيردّ عليه شخص لم يزر المخيم: "لقد خرجنا للتو من المخيم". يضحك ابن المخيم ضحكةً ساخرة ويستنشق دخان سيجارته بكل ما يحمله من هموم تكبره بخمسين عامًا. حاولت الاستعانة بمترجم (غوغل) لأجد مرادفًا لكلمة (خزيلخ) فأعطاني كلمة "دفء" التي هي جزءٌ صغير من معنى الكلمة. أطالب الشركة استبدال كلمة دفٕ بكلمة مخيّم، وترجمة كلمة (كامب) الإنجليزية بكلمة (كامب) العربية.

المصدر: موقع الترا صوت

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/14863