map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

بودكاست قصة من المخيم بعنوان "تسع سنوات من التيه والحكاية لم تنته بعد"(2)

تاريخ النشر : 01-07-2021
بودكاست قصة من المخيم بعنوان "تسع سنوات من التيه والحكاية لم تنته بعد"(2)

مجموعة العمل – لندن

يتابع أبو آدم حديثه مع مجموعة العمل، ليخبرنا أنه أثناء تواجده في السجن تمكن من التواصل مع السفير الفلسطيني في فيتنام سعيد الطميزي من خلال رقم الواتس أب، و عرض عليه المشكلة كاملةً، و بدوره قام السفير بواجبه على أكمل وجه، و هنا يُشِيد أبو آدم كثيرا بهذا الدور إذ يقول في حديثه لنا :" الفضل في إطلاق سراحنا من سجن لاوس يعود بعد فضل الله إلى سعادة السفير سعيد الطميزي، الذي لبّى نداء استغاثتي داخل السجن، فجاء إلى السجن بنفسه، يحمل جواز السلطة الخاص بي، و ساعدني أنا و ثلاثة أشخاص آخرين مادياً، و بقي هناك حتى تم إطلاق سراحنا بشرط مغادرة البلد و عدم العودة إلى تايلاند، فقام بحجز تذاكر طيران لنا إلى ماليزيا، و ظل برفقتنا هناك حتى غادرنا إلى ماليزيا ، و هنا لابد من توجيه الشكر له على هذه الوقفة التي لا يمكن أن أنساها.

وفي ماليزيا بقيت هناك 25 يوماً، أمّنتُ خلالها تكاليف السفر مرة أخرى إلى تايلاند، وعدتُ مرة أخرى إلى تايلاند لأعمل في ذات المطعم الذي كنت أعمل فيه سابقاً.. سنتان و أنا أنتظر قرار المنظمة بالترحيل إلى أوروبا، إلى أن تم اعتقالي مرة أخرى من أمام البيت و اقتيادي إلى السجن الذي كان في الأصل مركز ترحيل خاص بالأجانب، إذ يُزَجّون فيه إلى أن يتم ترحيلهم إلى بلد آخر، و لأنه لا يوجد بلد يستقبلني كفلسطيني فقد طالت فترة مكوثي هناك، حيث مكثت في السجن ما يقارب أربعة أشهر، أبحث خلالها عن حلٍ سريع في ظل انسداد الأفق أمام ناظرَيّ، و كنا ما يقارب 125 شخصاً في صالة طولها 24 متراً ، و عرضها ستة أمتار، ننتظر المجهول لأنّ الأوراق قد تداخلت مع بعضها البعض، و لم يبقَ أمامنا إلا أن ننتظر صدور قرار بالموافقة على دفع الكفالة من أجل إطلاق سراحنا ، و هذا ما كنا نتابعه من خلال الأخبار التي كانت تأتينا من خارج السجن، خلال زيارات بعض الناس لذويهم هناك، فكلما عاد شخصٌ من جناح الزيارة، كنا نتسابق إليه لنرى هل يحمل لنا بُشرى الموافقة على دفع الكفالة مقابل إطلاق سراحنا أم لا، و بدوره كان ينقل لنا الأخبار كما سمعها من المصدر.

كنا ننام في السجن و أقدامنا على بعضها البعض، متداخلين في أجسام بعضنا، مما أدى إلى إصابتنا بحكة شديدة، و انتشار الحساسية في أجسامنا بسبب التعرق الشديد و ارتفاع الضغط، و كان هناك 3 مراحيض فقط لهذا العدد الكبير، و يُمنَع استخدام الأحذية، و لهذا كنا ندخل إلى المراحيض حفاة، بالإضافة إلى العديد من المشاكل النفسية التي أصابتني، إذ صادفت أشخاصاً راقدين في السجن منذ أكثر من ثلاث سنوات لا ينتظرون شيئاً، وجوههم لا تبعث على الارتياح أبداً ، حيث أقدم أحدهم على الانتحار من خلال شنق نفسه في المرحاض في الساعة الثانية ليلاً، و بقي مُعلّقاً أمام أعيننا حتى الساعة التاسعة صباحاً، إذ دخلت الشرطة و فكّت الحبال عنه ببساطةٍ منقطعة النظير، و كأنّ شيئاً لم يحدث، و هذا ما أتعبَ حالتي النفسية، أضف إلى ذلك غلاء الأسعار ، حيث كانت تكلفة الاتصال مع أهلي دولار و نصف لكل دقيقتين، و رداءة الطعام و تلوثه الذي كان سبباً في إصابتنا بالإسهال الشديد في كثير من الأحيان، و أمراض عديدة لم نجد لها مُسمّيات أو علاجاً أو أي شيء.

الحالة بشكل عام يُرثَى لها، و لا أنيس لنا في ظلمة السجن سوى الانتظار للحصول على فيزا إلى بلدٍ يستقبل اللاجئ الفلسطيني، و لهذا أشار عليّ بعض الأشخاص الذين كنت أتواصل معهم من داخل السجن، إلى أنّ أربيل يمكن أن تستقبل اللاجئ الفلسطيني، عن طريق فيزا الكترونية، و عليّ البحث أيضاً عن شركة طيران توافق على أن يركب هذا (المعثّر) على متنها، و استطعت الحصول على هذه الفيزا الالكترونية، و حجزت تذكرة سفر من تايلاند إلى أربيل، على متن الطيران القطري، و كنت ملزماً بدفع مبلغ قدره 1350 دولار، لقاء هذه العملية، و لكنني دفعته من أجل الخلاص من هذا الواقع الذي لا يليق بي كإنسان بالدرجة الأولى، و لا يتناسب مع الوقت الممنوح لي أيضاً، فالطريق أمامي ما تزال جدّ طويلة، لأنني سأكون مضطراً بعد رحلتي إلى أربيل، للعودة إلى تايلاند مرة ثالثة لانتظار قرار منظمة الهجرة بالتسفير إلى أوروبا.

وبالفعل خرجت من السجن مرة أخرى، وغادرت تايلاند على متن الطيران القطري تحت مُسمّى (ترحيل)، إذ تسوء نظرة الركاب والطاقم لكل من يحمل هذه التهمة، لأن الاعتقاد السائد هو أنّ المُرحّلين هم أصحاب الجرائم والجُنَح وتُجّار المخدرات، وهذا ما كانت أعين الركاب مليئةً به وهم يتفحّصون علامات وجهي الذي أرهقته الظروف.

وصلت إلى أربيل محطتي الجديدة، و بقيت هناك 3 أسابيع، حتى حصلت على فيزا إلى أندونيسيا بشكل نظامي، و غادرت إلى أندونيسيا ، و من هناك غادرت إلى كمبوديا عبر الطيران السنغافوري، و هي دولة مجاورة لتايلاند، و كانت محطة الترانزيت في سنغافورة، حيث أُسِيء إليّ هناك كحاملٍ لجواز السلطة الفلسطينية الذي لم يعجب أمن المطار، فانهالوا علي بالأسئلة والمضايقات بشكلٍ هائل، ثم تابعت في الطائرة رحلتي إلى كمبوديا، و منها دخلت عبر خطوط التهريب إلى تايلاند التي مازلت فيها حتى هذه اللحظة، أنتظر الموافقة على التسفير في أي لحظة باتجاه أوروبا.

ما يجعلني أصاب بحرقة قاتلة، هو أنني غادرت سورية وأنا ابن ثلاثين ربيعاً، واليوم عمري ما يقارب 39 سنةً دموية.. تسع سنواتٍ ذهبت من عمري هدراً وعبثاً، تسعُ سنواتٍ قضيتها في السجون والمطارات، والترحيل من دولة إلى دولة، تسعُ سنواتٍ وأنا أعيش على شيء اسمه الأمل الذي كان يُقتَل في كل مرة، تسع سنواتٍ ذهبت وأنا أبحث عن مستقبلٍ واعد ولمّا أجده بعد، تارةً أستدين المال، وتارةً أبحث عن عمل لأقضي هذا الدين، وتارةً أبحث عن فيزا وعن دولة وعن مطار وشركة طيران، وتارةً أبحث عن لقمة العيش.. لكنّ السؤال المطروح: متى ستنتهي هذه المهزلة، فقد أصبحتُ على أبواب الأربعين بدون زواج ولا أطفال ولا حتى استقرار، فكيف لي الزواج إذا كنتُ أعيش تحت خطر الاعتقال والترحيل في كل مرة؟ ومن هي الزوجة التي سوف تقبل بمثل هذه الظروف؟!!

رسالتي إلى شركائي في الإنسانية، وإلى المسؤولين أينما كانوا، أن تبحثوا عن أمثالنا وتُنصِتوا لهم، لأنّ قلوبهم ملأى بالآلام، وذلك حينما تصبح المطارات محطتنا الأولى والأخيرة، وتصبح السجون شُطآن حياتنا التي يزورها الناس في حياتهم الطبيعية مطلع كل صيف، فلا شطآننا بالشطآن السياحية، ولا رحلاتنا بالرحلات الاصطيافية، بل ألمٌ يحدوه ألم، ودولة بعدها دولة، والجميع يرفضنا.. يطاردنا..

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/15626

مجموعة العمل – لندن

يتابع أبو آدم حديثه مع مجموعة العمل، ليخبرنا أنه أثناء تواجده في السجن تمكن من التواصل مع السفير الفلسطيني في فيتنام سعيد الطميزي من خلال رقم الواتس أب، و عرض عليه المشكلة كاملةً، و بدوره قام السفير بواجبه على أكمل وجه، و هنا يُشِيد أبو آدم كثيرا بهذا الدور إذ يقول في حديثه لنا :" الفضل في إطلاق سراحنا من سجن لاوس يعود بعد فضل الله إلى سعادة السفير سعيد الطميزي، الذي لبّى نداء استغاثتي داخل السجن، فجاء إلى السجن بنفسه، يحمل جواز السلطة الخاص بي، و ساعدني أنا و ثلاثة أشخاص آخرين مادياً، و بقي هناك حتى تم إطلاق سراحنا بشرط مغادرة البلد و عدم العودة إلى تايلاند، فقام بحجز تذاكر طيران لنا إلى ماليزيا، و ظل برفقتنا هناك حتى غادرنا إلى ماليزيا ، و هنا لابد من توجيه الشكر له على هذه الوقفة التي لا يمكن أن أنساها.

وفي ماليزيا بقيت هناك 25 يوماً، أمّنتُ خلالها تكاليف السفر مرة أخرى إلى تايلاند، وعدتُ مرة أخرى إلى تايلاند لأعمل في ذات المطعم الذي كنت أعمل فيه سابقاً.. سنتان و أنا أنتظر قرار المنظمة بالترحيل إلى أوروبا، إلى أن تم اعتقالي مرة أخرى من أمام البيت و اقتيادي إلى السجن الذي كان في الأصل مركز ترحيل خاص بالأجانب، إذ يُزَجّون فيه إلى أن يتم ترحيلهم إلى بلد آخر، و لأنه لا يوجد بلد يستقبلني كفلسطيني فقد طالت فترة مكوثي هناك، حيث مكثت في السجن ما يقارب أربعة أشهر، أبحث خلالها عن حلٍ سريع في ظل انسداد الأفق أمام ناظرَيّ، و كنا ما يقارب 125 شخصاً في صالة طولها 24 متراً ، و عرضها ستة أمتار، ننتظر المجهول لأنّ الأوراق قد تداخلت مع بعضها البعض، و لم يبقَ أمامنا إلا أن ننتظر صدور قرار بالموافقة على دفع الكفالة من أجل إطلاق سراحنا ، و هذا ما كنا نتابعه من خلال الأخبار التي كانت تأتينا من خارج السجن، خلال زيارات بعض الناس لذويهم هناك، فكلما عاد شخصٌ من جناح الزيارة، كنا نتسابق إليه لنرى هل يحمل لنا بُشرى الموافقة على دفع الكفالة مقابل إطلاق سراحنا أم لا، و بدوره كان ينقل لنا الأخبار كما سمعها من المصدر.

كنا ننام في السجن و أقدامنا على بعضها البعض، متداخلين في أجسام بعضنا، مما أدى إلى إصابتنا بحكة شديدة، و انتشار الحساسية في أجسامنا بسبب التعرق الشديد و ارتفاع الضغط، و كان هناك 3 مراحيض فقط لهذا العدد الكبير، و يُمنَع استخدام الأحذية، و لهذا كنا ندخل إلى المراحيض حفاة، بالإضافة إلى العديد من المشاكل النفسية التي أصابتني، إذ صادفت أشخاصاً راقدين في السجن منذ أكثر من ثلاث سنوات لا ينتظرون شيئاً، وجوههم لا تبعث على الارتياح أبداً ، حيث أقدم أحدهم على الانتحار من خلال شنق نفسه في المرحاض في الساعة الثانية ليلاً، و بقي مُعلّقاً أمام أعيننا حتى الساعة التاسعة صباحاً، إذ دخلت الشرطة و فكّت الحبال عنه ببساطةٍ منقطعة النظير، و كأنّ شيئاً لم يحدث، و هذا ما أتعبَ حالتي النفسية، أضف إلى ذلك غلاء الأسعار ، حيث كانت تكلفة الاتصال مع أهلي دولار و نصف لكل دقيقتين، و رداءة الطعام و تلوثه الذي كان سبباً في إصابتنا بالإسهال الشديد في كثير من الأحيان، و أمراض عديدة لم نجد لها مُسمّيات أو علاجاً أو أي شيء.

الحالة بشكل عام يُرثَى لها، و لا أنيس لنا في ظلمة السجن سوى الانتظار للحصول على فيزا إلى بلدٍ يستقبل اللاجئ الفلسطيني، و لهذا أشار عليّ بعض الأشخاص الذين كنت أتواصل معهم من داخل السجن، إلى أنّ أربيل يمكن أن تستقبل اللاجئ الفلسطيني، عن طريق فيزا الكترونية، و عليّ البحث أيضاً عن شركة طيران توافق على أن يركب هذا (المعثّر) على متنها، و استطعت الحصول على هذه الفيزا الالكترونية، و حجزت تذكرة سفر من تايلاند إلى أربيل، على متن الطيران القطري، و كنت ملزماً بدفع مبلغ قدره 1350 دولار، لقاء هذه العملية، و لكنني دفعته من أجل الخلاص من هذا الواقع الذي لا يليق بي كإنسان بالدرجة الأولى، و لا يتناسب مع الوقت الممنوح لي أيضاً، فالطريق أمامي ما تزال جدّ طويلة، لأنني سأكون مضطراً بعد رحلتي إلى أربيل، للعودة إلى تايلاند مرة ثالثة لانتظار قرار منظمة الهجرة بالتسفير إلى أوروبا.

وبالفعل خرجت من السجن مرة أخرى، وغادرت تايلاند على متن الطيران القطري تحت مُسمّى (ترحيل)، إذ تسوء نظرة الركاب والطاقم لكل من يحمل هذه التهمة، لأن الاعتقاد السائد هو أنّ المُرحّلين هم أصحاب الجرائم والجُنَح وتُجّار المخدرات، وهذا ما كانت أعين الركاب مليئةً به وهم يتفحّصون علامات وجهي الذي أرهقته الظروف.

وصلت إلى أربيل محطتي الجديدة، و بقيت هناك 3 أسابيع، حتى حصلت على فيزا إلى أندونيسيا بشكل نظامي، و غادرت إلى أندونيسيا ، و من هناك غادرت إلى كمبوديا عبر الطيران السنغافوري، و هي دولة مجاورة لتايلاند، و كانت محطة الترانزيت في سنغافورة، حيث أُسِيء إليّ هناك كحاملٍ لجواز السلطة الفلسطينية الذي لم يعجب أمن المطار، فانهالوا علي بالأسئلة والمضايقات بشكلٍ هائل، ثم تابعت في الطائرة رحلتي إلى كمبوديا، و منها دخلت عبر خطوط التهريب إلى تايلاند التي مازلت فيها حتى هذه اللحظة، أنتظر الموافقة على التسفير في أي لحظة باتجاه أوروبا.

ما يجعلني أصاب بحرقة قاتلة، هو أنني غادرت سورية وأنا ابن ثلاثين ربيعاً، واليوم عمري ما يقارب 39 سنةً دموية.. تسع سنواتٍ ذهبت من عمري هدراً وعبثاً، تسعُ سنواتٍ قضيتها في السجون والمطارات، والترحيل من دولة إلى دولة، تسعُ سنواتٍ وأنا أعيش على شيء اسمه الأمل الذي كان يُقتَل في كل مرة، تسع سنواتٍ ذهبت وأنا أبحث عن مستقبلٍ واعد ولمّا أجده بعد، تارةً أستدين المال، وتارةً أبحث عن عمل لأقضي هذا الدين، وتارةً أبحث عن فيزا وعن دولة وعن مطار وشركة طيران، وتارةً أبحث عن لقمة العيش.. لكنّ السؤال المطروح: متى ستنتهي هذه المهزلة، فقد أصبحتُ على أبواب الأربعين بدون زواج ولا أطفال ولا حتى استقرار، فكيف لي الزواج إذا كنتُ أعيش تحت خطر الاعتقال والترحيل في كل مرة؟ ومن هي الزوجة التي سوف تقبل بمثل هذه الظروف؟!!

رسالتي إلى شركائي في الإنسانية، وإلى المسؤولين أينما كانوا، أن تبحثوا عن أمثالنا وتُنصِتوا لهم، لأنّ قلوبهم ملأى بالآلام، وذلك حينما تصبح المطارات محطتنا الأولى والأخيرة، وتصبح السجون شُطآن حياتنا التي يزورها الناس في حياتهم الطبيعية مطلع كل صيف، فلا شطآننا بالشطآن السياحية، ولا رحلاتنا بالرحلات الاصطيافية، بل ألمٌ يحدوه ألم، ودولة بعدها دولة، والجميع يرفضنا.. يطاردنا..

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/15626