map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

هل يكون مصير مخيم درعا مختلفاً عن مصير اليرموك وتل الزعتر

تاريخ النشر : 05-09-2021
هل يكون مصير مخيم درعا مختلفاً عن مصير اليرموك وتل الزعتر

محمود زغموت

على الكتف الشرقي لمدينة درعا، حط اللاجئون الفلسطينيون رحالهم، بعد أن اقتلعوا من ديارهم في الجليل وصفد وطبريا والناصرة وقرى سهل الحولة، بفعل عصابات الإرهاب الصهيوني وحرب الابادة والتطهير العرقي التي تعرضوا لها عام 1948، في غفلة من الزمن الذي لم يقف عندها، وإن كان ثمة تغير بأشكال العصابات والمليشيات وأسماءها، فقد تشابهت النوايا والأحقاد والجرائم، وما أشبه اليوم بالأمس، حيث الحصار والقصف والقتل الجماعي، بهدف الطرد والتهجير وتغيير هوية المنطقة.

ظل أهالي مخيم درعا يبكون البلاد من بعيد، ويُرضِعون أبناءهم حبها مع حليب أمهاتهم. يقفون على الجانب الغربي من سهل حوران وعلى أطراف وادي اليرموك، يلوحون للبطاح الممتدة من بحيرة طبريا إلى الناصرة، يرسلون إليها دموعهم وأشواقهم.

ظلوا لسنوات مضت بعيد النكبة، يزفون أبنائهم بالرصاص والزغاريد واليرغول إلى صفوف المقاتلين في الثورة الفلسطينية ونقاط الاشتباك في لبنان والأردن والجولان السوري. قبل أن تعدو الذئاب على الذاكرة ويقلب لهم من ادعى وصلاً بقضيتهم ظهر المجن.

أحد عشر ألف لاجئ فلسطيني كانوا يعيشون في مخيم درعا قبل انطلاق الثورة السورية، حسب آخر احصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، هجروا من فلسطين على موجتين، الأولى عام 1948 والثانية عام 1967.

وكغيره من المخيمات الفلسطينية في سوريا، طال المخيم وأهله من عمليات القتل والاعتقال والحصار والقصف والقتل تحت التعذيب ما طاله. نتيجة سياسة العقاب الجماعي التي انتهجها النظام السوري ضد المناطق التي ثارت عليه، وبصرف النظر عن موقفهم منه تأييداً أو حياداً أو معارضة، فيكفي أن تكون من سكان درعا حتى تنال قسطاً من التنكيل والإذلال على حواجز النظام ومواقعه العسكرية، التي انتشرت بالمئات في المدينة وريفها، في وقت مبكر من عام 2011.

خرج المخيم عن سيطرة النظام السوري مطلع العام 2012، غير أنه بقي محاطا بالحواجز العسكرية، وظل يتعرض لعمليات القصف بالسلاح الثقيل والطيران الحربي وعمليات القنص واستهداف المدنيين، ما أدى إلى نزوح النسبة الأكبر من سكانه، وتوزعهم على القرى والبلدات المحيطة، إلى حين توصلت فصائل المعارضة والنظام لاتفاق وقف اطلاق نار عام 2018، ساهم بتوقف المعارك وعودة بعض السكان إلى المخيم، إلا أن المعارك لم تلبث أن اندلعت مجددا، وهذه سياسة يتبعها النظام والروس والمليشيات الايرانية في تبريد بعض الجبهات والتركز على جبهة واحدة، وها هي درعا البلد وحي طريق السد والمخيمات قد جاءها الدور، ففي أواخر حزيران المنصرم، نقض النظام الاتفاق وعاد للسكان بمطالب جديدة تقضي بتسليم السلاح والمطلوبين أو تفريغ المنطقة ممن تبقى من أهلها ونقلهم إلى الشمال السوري.

حشد النظام السوري ميليشياته بدعم روسي ايراني، وأطبق الحصار على المخيم ودرعا البلد، وبدء محاولات الاقتحام التي تصدى لها مقاتلي المعارضة، وعادت جولات المفاوضات بين الجانبين. حيث حاول وفد أهالي درعا البلد جهدهم في تحييد المنطقة عن المواجهات وايجاد حل يجنب السكان التهجير، إلا أن النظام والمليشيات الايرانية كانت تنقض الاتفاق كل مرة كعادتها، ما يؤكد وجود نوايا مسبقة بتهجير الأهالي وتغيير الواقع الديموغرافي للمنطقة، وكان مراسل مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، نقل عن لجنة التفاوض التي تمثل أهالي درعا البلد والمخيمات، أن النظام السوري عرض عليها فصل ملف مخيم درعا عن درعا البلد وحي طريق السد، تحت ذريعة وجود مطلوبين في المخيم، وتسليم السلاح الخفيف ونشر حواجز داخل المنطقة، مقابل تحييدها عن المواجهات، الأمر الذي قابلته اللجنة بالرفض التام. وهذا يؤكد نوايا النظام في تدمير المخيم وازالته نهائيا، وهذا ينطبق تماما مع تصريحات محافظ درعا "محمد الهنوس" مطلع تشرين الأول عام 2018 عندما زار المنطقة، وأكد بأن هناك قرار بالسماح بعودة السكان لجميع المناطق باستثناء مخيم اللاجئين الفلسطينيين في درعا حيث سيعاد تنظيم المنطقة وفق مخطط جديد.

خلال الساعات القليلة الماضية زاد النظام والمليشيات الايرانية من وتيرة القصف على المنطقة المحاصرة بشكل غير مسبوق، مستخدما صواريخ "فيل" و"جولان"، الأمر الذي أدى لوقوع اصابات في صفوف المدنيين، واحداث دمار هائل، طال الأبنية السكنية والبنى التحتية، في مشهد يعيد إلى الذاكرة صور الدمار والقصف الذي أحدثه النظام في مخيم اليرموك عام مطلع العام 2018، فهل يكون مصير مخيم درعا كمصير اليرموك الذي وضع له النظام مخططاً تنظيمياً جديداً ولايزال يمنع سكانه من العودة اليه حتى يومنا هذا؟

في الأثناء يعم الصمت كافة المرجعيات الفلسطينية التي تتنافس تمثيل الشعب الفلسطيني، سواء منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة أو الفصائل، وكذلك وكالة الأونروا المعنية بحماية اللاجئين الفلسطينيين على الأراضي السورية، وتترك عشرات العائلات فلسطينية في المخيم تحت القصف والحصار والخذلان، وكأن ما جرى لهم خلال السنوات العشر الماضية من فقدان للأحبة وخسارة للممتلكات وضياع لجيل كامل لم يكن كافياً. 

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/16000

محمود زغموت

على الكتف الشرقي لمدينة درعا، حط اللاجئون الفلسطينيون رحالهم، بعد أن اقتلعوا من ديارهم في الجليل وصفد وطبريا والناصرة وقرى سهل الحولة، بفعل عصابات الإرهاب الصهيوني وحرب الابادة والتطهير العرقي التي تعرضوا لها عام 1948، في غفلة من الزمن الذي لم يقف عندها، وإن كان ثمة تغير بأشكال العصابات والمليشيات وأسماءها، فقد تشابهت النوايا والأحقاد والجرائم، وما أشبه اليوم بالأمس، حيث الحصار والقصف والقتل الجماعي، بهدف الطرد والتهجير وتغيير هوية المنطقة.

ظل أهالي مخيم درعا يبكون البلاد من بعيد، ويُرضِعون أبناءهم حبها مع حليب أمهاتهم. يقفون على الجانب الغربي من سهل حوران وعلى أطراف وادي اليرموك، يلوحون للبطاح الممتدة من بحيرة طبريا إلى الناصرة، يرسلون إليها دموعهم وأشواقهم.

ظلوا لسنوات مضت بعيد النكبة، يزفون أبنائهم بالرصاص والزغاريد واليرغول إلى صفوف المقاتلين في الثورة الفلسطينية ونقاط الاشتباك في لبنان والأردن والجولان السوري. قبل أن تعدو الذئاب على الذاكرة ويقلب لهم من ادعى وصلاً بقضيتهم ظهر المجن.

أحد عشر ألف لاجئ فلسطيني كانوا يعيشون في مخيم درعا قبل انطلاق الثورة السورية، حسب آخر احصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، هجروا من فلسطين على موجتين، الأولى عام 1948 والثانية عام 1967.

وكغيره من المخيمات الفلسطينية في سوريا، طال المخيم وأهله من عمليات القتل والاعتقال والحصار والقصف والقتل تحت التعذيب ما طاله. نتيجة سياسة العقاب الجماعي التي انتهجها النظام السوري ضد المناطق التي ثارت عليه، وبصرف النظر عن موقفهم منه تأييداً أو حياداً أو معارضة، فيكفي أن تكون من سكان درعا حتى تنال قسطاً من التنكيل والإذلال على حواجز النظام ومواقعه العسكرية، التي انتشرت بالمئات في المدينة وريفها، في وقت مبكر من عام 2011.

خرج المخيم عن سيطرة النظام السوري مطلع العام 2012، غير أنه بقي محاطا بالحواجز العسكرية، وظل يتعرض لعمليات القصف بالسلاح الثقيل والطيران الحربي وعمليات القنص واستهداف المدنيين، ما أدى إلى نزوح النسبة الأكبر من سكانه، وتوزعهم على القرى والبلدات المحيطة، إلى حين توصلت فصائل المعارضة والنظام لاتفاق وقف اطلاق نار عام 2018، ساهم بتوقف المعارك وعودة بعض السكان إلى المخيم، إلا أن المعارك لم تلبث أن اندلعت مجددا، وهذه سياسة يتبعها النظام والروس والمليشيات الايرانية في تبريد بعض الجبهات والتركز على جبهة واحدة، وها هي درعا البلد وحي طريق السد والمخيمات قد جاءها الدور، ففي أواخر حزيران المنصرم، نقض النظام الاتفاق وعاد للسكان بمطالب جديدة تقضي بتسليم السلاح والمطلوبين أو تفريغ المنطقة ممن تبقى من أهلها ونقلهم إلى الشمال السوري.

حشد النظام السوري ميليشياته بدعم روسي ايراني، وأطبق الحصار على المخيم ودرعا البلد، وبدء محاولات الاقتحام التي تصدى لها مقاتلي المعارضة، وعادت جولات المفاوضات بين الجانبين. حيث حاول وفد أهالي درعا البلد جهدهم في تحييد المنطقة عن المواجهات وايجاد حل يجنب السكان التهجير، إلا أن النظام والمليشيات الايرانية كانت تنقض الاتفاق كل مرة كعادتها، ما يؤكد وجود نوايا مسبقة بتهجير الأهالي وتغيير الواقع الديموغرافي للمنطقة، وكان مراسل مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، نقل عن لجنة التفاوض التي تمثل أهالي درعا البلد والمخيمات، أن النظام السوري عرض عليها فصل ملف مخيم درعا عن درعا البلد وحي طريق السد، تحت ذريعة وجود مطلوبين في المخيم، وتسليم السلاح الخفيف ونشر حواجز داخل المنطقة، مقابل تحييدها عن المواجهات، الأمر الذي قابلته اللجنة بالرفض التام. وهذا يؤكد نوايا النظام في تدمير المخيم وازالته نهائيا، وهذا ينطبق تماما مع تصريحات محافظ درعا "محمد الهنوس" مطلع تشرين الأول عام 2018 عندما زار المنطقة، وأكد بأن هناك قرار بالسماح بعودة السكان لجميع المناطق باستثناء مخيم اللاجئين الفلسطينيين في درعا حيث سيعاد تنظيم المنطقة وفق مخطط جديد.

خلال الساعات القليلة الماضية زاد النظام والمليشيات الايرانية من وتيرة القصف على المنطقة المحاصرة بشكل غير مسبوق، مستخدما صواريخ "فيل" و"جولان"، الأمر الذي أدى لوقوع اصابات في صفوف المدنيين، واحداث دمار هائل، طال الأبنية السكنية والبنى التحتية، في مشهد يعيد إلى الذاكرة صور الدمار والقصف الذي أحدثه النظام في مخيم اليرموك عام مطلع العام 2018، فهل يكون مصير مخيم درعا كمصير اليرموك الذي وضع له النظام مخططاً تنظيمياً جديداً ولايزال يمنع سكانه من العودة اليه حتى يومنا هذا؟

في الأثناء يعم الصمت كافة المرجعيات الفلسطينية التي تتنافس تمثيل الشعب الفلسطيني، سواء منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة أو الفصائل، وكذلك وكالة الأونروا المعنية بحماية اللاجئين الفلسطينيين على الأراضي السورية، وتترك عشرات العائلات فلسطينية في المخيم تحت القصف والحصار والخذلان، وكأن ما جرى لهم خلال السنوات العشر الماضية من فقدان للأحبة وخسارة للممتلكات وضياع لجيل كامل لم يكن كافياً. 

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/16000