map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

بودكاست قصة من المخيم بعنوان "فراس.. بين دفة النجاح في المهجر وتَبِعات الحرب" (ح1)

تاريخ النشر : 08-11-2021
بودكاست قصة من المخيم بعنوان "فراس.. بين دفة النجاح في المهجر وتَبِعات الحرب" (ح1)

مجموعة العمل – لندن

عندما يُجهِز اليأسُ والألم على الأفراد، فإنّ ردة الفعل تتفاوت حسب الشخص المُتلقّي، فقد يستكين الإنسان وقد ينهض، ولا غرابةَ على الإطلاق في كلتا الحالتين..

هذا هو حال فلسطينيّي سورية أمام أهوال الحرب التي استهدفت مخيماتهم في كافة مناطق البلاد، منهم من غيّرَ المُصاب محرى حياته نحو الأسوأ، ومنهم من حقق شيئاً من النجاح..

فراس أحد هؤلاء الذين رفضوا أن يكونوا على الهامش في بلد الاغتراب، رغم كل ما خيّم عليهِ من أحزان، وهو واحد من فلسطينيّي سورية، عمره ما يقارب 35 عاماً، يقيم حالياً في السويد، يحمل شهادة معهد إعداد المدرسين، اتصلنا به للإصغاء إلى روايته فوافق، بشرط عدم ذكر معلومات إضافية عنه، أو حتى ذِكر اسم المخيم الذي ينتمي إليه، حاله في ذلك حال الكثيرين الذي يخشون على أنفسهم وذويهم في الداخل السوري ومخيمات الشتات وبلاد المهجر..

يقول فراس في حديثه لمجموعة  العمل :" عندما تخرجت من المعهد في سورية ، لم أوفّق في الحصول على وظيفة في المدارس ، لأن اختصاصي كمدرس للتربية الفنية ليس مطلوباً كثيراً ، لذلك رحت أزاول الأعمال الحرة ، و تركت التدريس جانباً ، إلى أن بدأت أعمل في مهنة النجارة ، و تعلمتها بنسبة 75% ، و ما إن اندلعت الحرب في سورية ، حتى كنت من أوائل الهاربين خارج البلد ، حيث غادرت مخيّمي العزيز في نهاية العام 2012 ، لذلك لم أعايش الثورة في كافة مراحلها و كنت أتابع الأخبار من خلال الإعلام فقط ، لأنّ عائلتي لم تكن تجرؤ أن تحدثني بالتفاصيل عن طريق الهاتف ، و الاكتفاء بالقول : الله يفرجها بعد كل اتصال .

تعرض والدي أثناء التهجير من المخيم إلى طلقة قناص في قدمه، مما أدى إلى إصابته إصابة بليغة في العظم، نُقِل على إثرها إلى المشفى، لتبقى عرجته ملازمة له حتى هذه اللحظة..

تلقيت النبأ وأنا في السويد، ولكن عزائي كان بأنّ شقيقي موجود معه في البيت نفسه، وسوف يقوم على شؤونه، فكان هذا النبأ أول صدمة لي في بلد الاغتراب، خاصةً السويد المعروفة بأجواء الكآبة والمساحات الخالية، والغابات والطقس البارد الذي يبعث على الخمول، ولأنني كنت آنذاك حديث العهد في البلد، فقد أخذت على عاتقي النهوض بنفسي وصنع مستقبل جديد يُخرجني من حالة الحزن والكآبة التي أصابتني بعد إصابة والدي..

راعني آنذاك خبر مهم عن أحد أصدقائي الفلسطينيين الذي كان جاراً لي في المخيم ، و هو شاب بسيط كان يعمل سائق سيارة ، يقيم حالياً في ألمانيا و لم يكن يحمل أي شهادة دراسية و ليس لديه صفة المثقف ، لكنّ هذا الشاب الدرويش الذي يحمل نفس اسمي ، وصل ألمانيا و تمكن من إتقان اللغة الألمانية خلال سبعة شهور فقط ، لدرجة أنه خاطب المحقق أثناء جلسة الحصول على حق الإقامة باللغة الألمانية دون وجود مترجم كالعادة ، الأمر الذي لفت انتباه المحقق فأخبر الصحافة بذلك ، و بدورها احتفلت به الصحف المحلية كأول لاجئ يخاطب المحقق بدون مترجم خلال جلسة التحقيق الأولى ..

كان هذا الخبر بمثابة تشجيع لي، ودافعٍ قوي وحافز للوصول إلى ما أبتغيه، ومنذ تلك اللحظة قررت ألا أكون على الهامش، فالمجتمع الأوروبي لا يحترم إلا صاحب العمل، والشخص الناجح، أما الأشخاص الكسالى والذين يعتمدون على رواتب المساعدات بدون أعذار ويختلقون الذرائع للتهرب من العمل، فليس لهم أي احترام يُذكر..

دخلت إلى مواقع الانترنت ، لأقرأ عن السويد و عاداتهم و تقاليدهم ، و عرفتُ منذ ذلك الحين أنّ اللغة هي مفتاح البلد ، و طريقي للنجاح و إثبات الحضور ، لذلك عكفت على نفسي ما يقارب سنة ، أدرس كل يوم سبع ساعات بشكل منظّم ، و أحفظ المصطلحات و لغة الشارع ، و أتعلم قواعد بناء الجملة و أدبيات الحديث و أسس الخطاب ، حتى قطعت شوطاً كبيراً في هذا المضمار ، و كنت أجلب الجرائد اليومية لاستخراج الكلمات المهمة التي أحتاجها في حياتي اليومية ، و أسّستُ صداقة محترمة مع جاري السويدي ، لأن الاحتكاك مع الناس يقوّي اللغة و يزيد من درجات الاندماج ، و كنت أزوره و يزورني بشكل مستمر حتى أصبحت قادراً على الحديث لساعات في أي موضوع ..

حدثته عن فلسطين وكيف أُخرِجَ أجدادنا منها، وعن مظلمة الشعب الفلسطيني، وجرائم دولة الاحتلال وأحقيّتنا في فلسطين، وعن وضع المخيمات في سورية وطبيعة الحياة هناك، وكان يصغي إليّ جيداً ويُثنِي على سرعتي في تعلم اللغة، واختراقي لهذا البلد وعاداتهم وتقاليدهم، حيث أنني لم أعطِ اهتماماً لشيء كاهتمامي في تعلّم اللغة وتأسيس المستقبل..

بعد هذه المرحلة اكتسبت ثقة كبيرة في النفس، و قمت بتعديل شهادة معهد إعداد المدرسين التي أحملها من سورية، فكانت النتيجة أنّني إذا أردت مزاولة مهنة التدريس في السويد فيجب أن أخضع لدورة تأهيل في إحدى الجامعات هناك ، وهي مجانية للاجئين بشرط نجاحهم في امتحان المرحلة الثالثة في اللغة قبل التحاقهم بالدورة، وبالفعل نجحت في امتحان اللغة و التحقت بالدورة ومدتها سنة، حيث كانت صعبة للغاية، لكنني أجهدت نفسي من أجل النجاح، وتعلمت فيها مزيداً من أسس التدريس في السويد و قانون التعليم وخضت فترة تجريب حيث كنا نذهب إلى المدارس للاطلاع على وسائل التعليم وأسس العملية التربوية، والاحتكاك عن كثب مع المدرسين والاستماع جيداً إلى نصائحهم وتوجيهاتهم ..

كانت مرحلة مرهقة بالنسبة لي، لكنني وبفضل الله نسيت كل هذا الإرهاق عندما تلقيت إيميل النجاح من الإدارة، حيث كانت فرحتي لا توصف، إذ أصبح بإمكاني الآن التقدم بطلب عمل لمدارس المرحلة الابتدائية لأكون مدرّساً، بالإضافة إلى قرب حصولي على الجنسية السويدية، وهذا ما يدعمني أيضاً..

لم أتأخر كثيراً، فقد حالفني الحظ للحصول على فرصة عمل في إحدى المدارس الواقعة في المدينة المجاورة، حيث ذهبت لمقابلة المدير، وتم تكليفي بإدارة أحد الصفوف..

كانت بداية موفقة بالنسبة لي أنستني كل السنوات الماضية، لكنني وبعد أن زاولت مهنة التدريس كنت مع تَحدٍّ آخر، صعب للغاية، ومصابٍ جلل كاد ينهي كل ما بنيته، لكنني بفضل الله تجاوزت المحنة وتغلبت على المصيبة ..."

فما هي هذه المأساة التي كادت تُطِيح بفراس، وكيف تغلب عليها وماهي رسالته التي سوف يوجهها للمتابعين..

هذا ما سوف نقرؤه ان شاء الله في الحلقة القادمة مع فراس..

تابعونا..

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/16341

مجموعة العمل – لندن

عندما يُجهِز اليأسُ والألم على الأفراد، فإنّ ردة الفعل تتفاوت حسب الشخص المُتلقّي، فقد يستكين الإنسان وقد ينهض، ولا غرابةَ على الإطلاق في كلتا الحالتين..

هذا هو حال فلسطينيّي سورية أمام أهوال الحرب التي استهدفت مخيماتهم في كافة مناطق البلاد، منهم من غيّرَ المُصاب محرى حياته نحو الأسوأ، ومنهم من حقق شيئاً من النجاح..

فراس أحد هؤلاء الذين رفضوا أن يكونوا على الهامش في بلد الاغتراب، رغم كل ما خيّم عليهِ من أحزان، وهو واحد من فلسطينيّي سورية، عمره ما يقارب 35 عاماً، يقيم حالياً في السويد، يحمل شهادة معهد إعداد المدرسين، اتصلنا به للإصغاء إلى روايته فوافق، بشرط عدم ذكر معلومات إضافية عنه، أو حتى ذِكر اسم المخيم الذي ينتمي إليه، حاله في ذلك حال الكثيرين الذي يخشون على أنفسهم وذويهم في الداخل السوري ومخيمات الشتات وبلاد المهجر..

يقول فراس في حديثه لمجموعة  العمل :" عندما تخرجت من المعهد في سورية ، لم أوفّق في الحصول على وظيفة في المدارس ، لأن اختصاصي كمدرس للتربية الفنية ليس مطلوباً كثيراً ، لذلك رحت أزاول الأعمال الحرة ، و تركت التدريس جانباً ، إلى أن بدأت أعمل في مهنة النجارة ، و تعلمتها بنسبة 75% ، و ما إن اندلعت الحرب في سورية ، حتى كنت من أوائل الهاربين خارج البلد ، حيث غادرت مخيّمي العزيز في نهاية العام 2012 ، لذلك لم أعايش الثورة في كافة مراحلها و كنت أتابع الأخبار من خلال الإعلام فقط ، لأنّ عائلتي لم تكن تجرؤ أن تحدثني بالتفاصيل عن طريق الهاتف ، و الاكتفاء بالقول : الله يفرجها بعد كل اتصال .

تعرض والدي أثناء التهجير من المخيم إلى طلقة قناص في قدمه، مما أدى إلى إصابته إصابة بليغة في العظم، نُقِل على إثرها إلى المشفى، لتبقى عرجته ملازمة له حتى هذه اللحظة..

تلقيت النبأ وأنا في السويد، ولكن عزائي كان بأنّ شقيقي موجود معه في البيت نفسه، وسوف يقوم على شؤونه، فكان هذا النبأ أول صدمة لي في بلد الاغتراب، خاصةً السويد المعروفة بأجواء الكآبة والمساحات الخالية، والغابات والطقس البارد الذي يبعث على الخمول، ولأنني كنت آنذاك حديث العهد في البلد، فقد أخذت على عاتقي النهوض بنفسي وصنع مستقبل جديد يُخرجني من حالة الحزن والكآبة التي أصابتني بعد إصابة والدي..

راعني آنذاك خبر مهم عن أحد أصدقائي الفلسطينيين الذي كان جاراً لي في المخيم ، و هو شاب بسيط كان يعمل سائق سيارة ، يقيم حالياً في ألمانيا و لم يكن يحمل أي شهادة دراسية و ليس لديه صفة المثقف ، لكنّ هذا الشاب الدرويش الذي يحمل نفس اسمي ، وصل ألمانيا و تمكن من إتقان اللغة الألمانية خلال سبعة شهور فقط ، لدرجة أنه خاطب المحقق أثناء جلسة الحصول على حق الإقامة باللغة الألمانية دون وجود مترجم كالعادة ، الأمر الذي لفت انتباه المحقق فأخبر الصحافة بذلك ، و بدورها احتفلت به الصحف المحلية كأول لاجئ يخاطب المحقق بدون مترجم خلال جلسة التحقيق الأولى ..

كان هذا الخبر بمثابة تشجيع لي، ودافعٍ قوي وحافز للوصول إلى ما أبتغيه، ومنذ تلك اللحظة قررت ألا أكون على الهامش، فالمجتمع الأوروبي لا يحترم إلا صاحب العمل، والشخص الناجح، أما الأشخاص الكسالى والذين يعتمدون على رواتب المساعدات بدون أعذار ويختلقون الذرائع للتهرب من العمل، فليس لهم أي احترام يُذكر..

دخلت إلى مواقع الانترنت ، لأقرأ عن السويد و عاداتهم و تقاليدهم ، و عرفتُ منذ ذلك الحين أنّ اللغة هي مفتاح البلد ، و طريقي للنجاح و إثبات الحضور ، لذلك عكفت على نفسي ما يقارب سنة ، أدرس كل يوم سبع ساعات بشكل منظّم ، و أحفظ المصطلحات و لغة الشارع ، و أتعلم قواعد بناء الجملة و أدبيات الحديث و أسس الخطاب ، حتى قطعت شوطاً كبيراً في هذا المضمار ، و كنت أجلب الجرائد اليومية لاستخراج الكلمات المهمة التي أحتاجها في حياتي اليومية ، و أسّستُ صداقة محترمة مع جاري السويدي ، لأن الاحتكاك مع الناس يقوّي اللغة و يزيد من درجات الاندماج ، و كنت أزوره و يزورني بشكل مستمر حتى أصبحت قادراً على الحديث لساعات في أي موضوع ..

حدثته عن فلسطين وكيف أُخرِجَ أجدادنا منها، وعن مظلمة الشعب الفلسطيني، وجرائم دولة الاحتلال وأحقيّتنا في فلسطين، وعن وضع المخيمات في سورية وطبيعة الحياة هناك، وكان يصغي إليّ جيداً ويُثنِي على سرعتي في تعلم اللغة، واختراقي لهذا البلد وعاداتهم وتقاليدهم، حيث أنني لم أعطِ اهتماماً لشيء كاهتمامي في تعلّم اللغة وتأسيس المستقبل..

بعد هذه المرحلة اكتسبت ثقة كبيرة في النفس، و قمت بتعديل شهادة معهد إعداد المدرسين التي أحملها من سورية، فكانت النتيجة أنّني إذا أردت مزاولة مهنة التدريس في السويد فيجب أن أخضع لدورة تأهيل في إحدى الجامعات هناك ، وهي مجانية للاجئين بشرط نجاحهم في امتحان المرحلة الثالثة في اللغة قبل التحاقهم بالدورة، وبالفعل نجحت في امتحان اللغة و التحقت بالدورة ومدتها سنة، حيث كانت صعبة للغاية، لكنني أجهدت نفسي من أجل النجاح، وتعلمت فيها مزيداً من أسس التدريس في السويد و قانون التعليم وخضت فترة تجريب حيث كنا نذهب إلى المدارس للاطلاع على وسائل التعليم وأسس العملية التربوية، والاحتكاك عن كثب مع المدرسين والاستماع جيداً إلى نصائحهم وتوجيهاتهم ..

كانت مرحلة مرهقة بالنسبة لي، لكنني وبفضل الله نسيت كل هذا الإرهاق عندما تلقيت إيميل النجاح من الإدارة، حيث كانت فرحتي لا توصف، إذ أصبح بإمكاني الآن التقدم بطلب عمل لمدارس المرحلة الابتدائية لأكون مدرّساً، بالإضافة إلى قرب حصولي على الجنسية السويدية، وهذا ما يدعمني أيضاً..

لم أتأخر كثيراً، فقد حالفني الحظ للحصول على فرصة عمل في إحدى المدارس الواقعة في المدينة المجاورة، حيث ذهبت لمقابلة المدير، وتم تكليفي بإدارة أحد الصفوف..

كانت بداية موفقة بالنسبة لي أنستني كل السنوات الماضية، لكنني وبعد أن زاولت مهنة التدريس كنت مع تَحدٍّ آخر، صعب للغاية، ومصابٍ جلل كاد ينهي كل ما بنيته، لكنني بفضل الله تجاوزت المحنة وتغلبت على المصيبة ..."

فما هي هذه المأساة التي كادت تُطِيح بفراس، وكيف تغلب عليها وماهي رسالته التي سوف يوجهها للمتابعين..

هذا ما سوف نقرؤه ان شاء الله في الحلقة القادمة مع فراس..

تابعونا..

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/16341