map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

زجّ المخيمات الفلسطينية في أتون الحرب السورية، أمر فرضه الواقع أم أنه دبر بليل؟

تاريخ النشر : 20-03-2022
زجّ المخيمات الفلسطينية في أتون الحرب السورية، أمر فرضه الواقع أم أنه دبر بليل؟

 أنهت الأزمة السورية عامها الحادي عشر بعد أن مرت بمراحل عديدة تزداد صعوبة ومرارة كلما تقدم بها العمر، ويأتي فيها الموت بأشكال مختلفة مرة بالرصاص والسلاح الأبيض ومرة بالقذائف والصواريخ وتارة يأتي بالبراميل وبالكيماوي تارة أخرى، مترافقاً مع مآسٍ عظيمة من تجويع وحصار واعتقالات واغتصاب وتعذيب، فكل حجر شاهد على سنوات نزعت فيها كل معاني الرحمة والإنسانية والرفق.
وعلى الرغم من محاولة البقاء على الحياد، لم تكن المخيمات الفلسطينية بعيدة عن تلك المأساة بل كانت في قلبها وأصاب الفلسطينيين ما أصاب أشقاءهم السوريين من قصف وقتل واعتقال وتهجير وتعذيب وحصار. 
مع بداية الاحتجاجات الشعبية المناهضة للسلطات السورية كان الجو العام شعبياً في المخيمات الفلسطينية يميل إلى الوقوف على الحياد ولو اختلفت الآراء السياسية، ولكن معظم أبناء المخيمات كانوا يرون ضرورة تحييد اللاجئين الفلسطينيين عن أية نزاعات داخلية في الدول التي يقطنون فيها، والسبب الأبرز في ذلك التجربة التي مر بها الفلسطينيون في الكويت في تسعينيات القرن الماضي نتيجة تأييد بعض الفصائل الفلسطينية للعراق في حرب الخليج الثانية، وخلت تقريباً المخيمات الفلسطينية من تجمعات مؤيدة أو مناهضة للسلطات السورية إلا في حالات يكثر فيها تعداد السكان السوريين كما في مخيم الرمل ومخيم درعا، أما بشكل عام كانت المخيمات تسمع بما يجري دون أي حدث . 
حافظت المخيمات الفلسطينية على استقرارها النسبي طوال فترة الاحتجاجات السلمية وحتى مع بداية عسكرة الحراك كانت ماتزال الأمور تبدو هادئة حتى منتصف عام 2012 حيث دخلت الأزمة مرحلة جديدة، وبدأت فصائل المعارضة بالتوسع وأصبح محيط غالبية المخيمات ميادين للقتا، وأصبحت هي ملجأً للفارين من المعارك والقصف العنيف، وفي تلك الفترة آوت المخيمات الفلسطينية مئات آلاف النازحين، كمخيم اليرموك الذي استقبل وحده عشرات الآلاف من مهجري القدم والعسالي والحجر الأسود والميدان وببيلا ويلدا وبيت سحم، ومخيم الحسينية الذي استقبل الآلاف من السيدة زينب والذيابية وحجيرة والبويضة.
حاول الأهالي استقبال النازحين بما يليق بالأخوة التي تجمع الشقيقين، ومع اشتداد المعارك حاول طرفي النزاع اجتذاب الفلسطينيين إلى جانبه بسبب قربهم من العاصمة دمشق وخبرتهم في القتال، ولأسباب سياسية إعلامية بغية التأثير بالرأي العام العربي والإسلام،  بدأت السلطات السورية بتجنيد عناصر من الجبهة الشعبية القيادة العامة بحجة حماية المخيمات وصحيح بأن الأمر لم يكن مقبولاً بشكل عام إلا أنها جرت بشكل منفصل وتحت ذرائع مختلفة، أما جيش التحرير الفلسطيني وُكِّل كما قيل بحماية المنشآت الحيوية مثل المحطة الحرارية بحران العواميد و دير علي والمدينة الصناعية بعدرا بريف دمشق.
وفي تلك الفترة تقريباً قتل عدد من العسكريين التابعين لجيش التحرير وهم من أبناء مخيمات حلب أثناء ذهابهم لقضاء إجازتهم، واتهمت السلطات فصائل المعارضة، فيما أعلنت فصائل المعارضة نفيها وظهر فيما بعد أنهم قتلوا في مناطق سيطرة السلطات السورية؛ ومن الواضح بأن الفاعل كان يخطط لأمر يضع الفلسطينيين وجهاً لوجه أمام عدوه.
 بعدها بدت السلطات السورية كأنه تتخلى عن المخيمات الفلسطينية، فمخيم اليرموك كان تحت سيطرة تنظيم "القيادة العامة" الموالية للنظام عندما قصف مسجد عبد القادر الحسيني بالطيران، الأمر الذي أدى إلى تهجير ساكنيه والذي لجأوا إليه، وانسحبت قواته إلى أطرافه دون قتال يذكر، ولم يكن في صالح المعارضة حينها السيطرة على المخيم لأسباب لوجستية، فبعد خروج السلطات منه وإغلاق أطرافه تمكن من فرض حصار على جنوب دمشق بالكامل وتجويع ساكنيه وقطع امداداته.
 أما مخيم الحسينية تعرض للقصف والحصار دون أن يكون فيه عنصر واحد للمعارضة، وخضع لنفس الحصار الواقع على جنوب دمشق، وبعد حصار طويل وأخذ ورد ومماطلة من السلطات السورية لعقد هدنة في مخيم اليرموك دخل تنظيم داعش بعد معركة مشبوهة إلى المخيم، عندها قامت السلطات السورية بقصفه بكثافة أكبر على الرغم من قلة عدد المقاتلين وضعف تسليح، ولكن القصف تضاعف وبشكل أعنف وكأن الغاية كانت تدمير المخيم بحيث يصبح غير صالح للسكن. 
وبالعودة إلى جيش التحرير تم إشراكه في المعارك ضد المعارضة في الغوطتين ودرعا، وقتل نتيجة تلك المعارك أكثر من 230 عنصر من عناصره، إضافة إلى حالات العجز والإعاقة، وقامت بعدها السلطات السورية بالإيعاز الى الفصائل الفلسطينية الموالية لها مثل فتح الانتفاضة والقيادة العامة بتجنيد الشباب الفلسطيني بحجة استعادة المخيمات وإعطائهم وعود بالاستقرار والحماية، ولكنها أخذتهم أبعد من ذلك إلى جبهات الغوطتين وجنوب دمشق والقلمون. 
استفادت السلطات السورية من تلك الفصائل في تعويض جزء من خسارتها البشرية جراء الحرب وتأليب الشارع الفلسطيني ضد فصائل المعارضة، وحقق مكاسب لم يحلم العدو "الإسرائيلي" بتحقيقها وذلك بتدمير المخيمات الفلسطينية واخراج أكثر من 600 ألف لاجئ من معادلة الصراع وتشريدهم في بقاع الأرض.

 

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/16991

 أنهت الأزمة السورية عامها الحادي عشر بعد أن مرت بمراحل عديدة تزداد صعوبة ومرارة كلما تقدم بها العمر، ويأتي فيها الموت بأشكال مختلفة مرة بالرصاص والسلاح الأبيض ومرة بالقذائف والصواريخ وتارة يأتي بالبراميل وبالكيماوي تارة أخرى، مترافقاً مع مآسٍ عظيمة من تجويع وحصار واعتقالات واغتصاب وتعذيب، فكل حجر شاهد على سنوات نزعت فيها كل معاني الرحمة والإنسانية والرفق.
وعلى الرغم من محاولة البقاء على الحياد، لم تكن المخيمات الفلسطينية بعيدة عن تلك المأساة بل كانت في قلبها وأصاب الفلسطينيين ما أصاب أشقاءهم السوريين من قصف وقتل واعتقال وتهجير وتعذيب وحصار. 
مع بداية الاحتجاجات الشعبية المناهضة للسلطات السورية كان الجو العام شعبياً في المخيمات الفلسطينية يميل إلى الوقوف على الحياد ولو اختلفت الآراء السياسية، ولكن معظم أبناء المخيمات كانوا يرون ضرورة تحييد اللاجئين الفلسطينيين عن أية نزاعات داخلية في الدول التي يقطنون فيها، والسبب الأبرز في ذلك التجربة التي مر بها الفلسطينيون في الكويت في تسعينيات القرن الماضي نتيجة تأييد بعض الفصائل الفلسطينية للعراق في حرب الخليج الثانية، وخلت تقريباً المخيمات الفلسطينية من تجمعات مؤيدة أو مناهضة للسلطات السورية إلا في حالات يكثر فيها تعداد السكان السوريين كما في مخيم الرمل ومخيم درعا، أما بشكل عام كانت المخيمات تسمع بما يجري دون أي حدث . 
حافظت المخيمات الفلسطينية على استقرارها النسبي طوال فترة الاحتجاجات السلمية وحتى مع بداية عسكرة الحراك كانت ماتزال الأمور تبدو هادئة حتى منتصف عام 2012 حيث دخلت الأزمة مرحلة جديدة، وبدأت فصائل المعارضة بالتوسع وأصبح محيط غالبية المخيمات ميادين للقتا، وأصبحت هي ملجأً للفارين من المعارك والقصف العنيف، وفي تلك الفترة آوت المخيمات الفلسطينية مئات آلاف النازحين، كمخيم اليرموك الذي استقبل وحده عشرات الآلاف من مهجري القدم والعسالي والحجر الأسود والميدان وببيلا ويلدا وبيت سحم، ومخيم الحسينية الذي استقبل الآلاف من السيدة زينب والذيابية وحجيرة والبويضة.
حاول الأهالي استقبال النازحين بما يليق بالأخوة التي تجمع الشقيقين، ومع اشتداد المعارك حاول طرفي النزاع اجتذاب الفلسطينيين إلى جانبه بسبب قربهم من العاصمة دمشق وخبرتهم في القتال، ولأسباب سياسية إعلامية بغية التأثير بالرأي العام العربي والإسلام،  بدأت السلطات السورية بتجنيد عناصر من الجبهة الشعبية القيادة العامة بحجة حماية المخيمات وصحيح بأن الأمر لم يكن مقبولاً بشكل عام إلا أنها جرت بشكل منفصل وتحت ذرائع مختلفة، أما جيش التحرير الفلسطيني وُكِّل كما قيل بحماية المنشآت الحيوية مثل المحطة الحرارية بحران العواميد و دير علي والمدينة الصناعية بعدرا بريف دمشق.
وفي تلك الفترة تقريباً قتل عدد من العسكريين التابعين لجيش التحرير وهم من أبناء مخيمات حلب أثناء ذهابهم لقضاء إجازتهم، واتهمت السلطات فصائل المعارضة، فيما أعلنت فصائل المعارضة نفيها وظهر فيما بعد أنهم قتلوا في مناطق سيطرة السلطات السورية؛ ومن الواضح بأن الفاعل كان يخطط لأمر يضع الفلسطينيين وجهاً لوجه أمام عدوه.
 بعدها بدت السلطات السورية كأنه تتخلى عن المخيمات الفلسطينية، فمخيم اليرموك كان تحت سيطرة تنظيم "القيادة العامة" الموالية للنظام عندما قصف مسجد عبد القادر الحسيني بالطيران، الأمر الذي أدى إلى تهجير ساكنيه والذي لجأوا إليه، وانسحبت قواته إلى أطرافه دون قتال يذكر، ولم يكن في صالح المعارضة حينها السيطرة على المخيم لأسباب لوجستية، فبعد خروج السلطات منه وإغلاق أطرافه تمكن من فرض حصار على جنوب دمشق بالكامل وتجويع ساكنيه وقطع امداداته.
 أما مخيم الحسينية تعرض للقصف والحصار دون أن يكون فيه عنصر واحد للمعارضة، وخضع لنفس الحصار الواقع على جنوب دمشق، وبعد حصار طويل وأخذ ورد ومماطلة من السلطات السورية لعقد هدنة في مخيم اليرموك دخل تنظيم داعش بعد معركة مشبوهة إلى المخيم، عندها قامت السلطات السورية بقصفه بكثافة أكبر على الرغم من قلة عدد المقاتلين وضعف تسليح، ولكن القصف تضاعف وبشكل أعنف وكأن الغاية كانت تدمير المخيم بحيث يصبح غير صالح للسكن. 
وبالعودة إلى جيش التحرير تم إشراكه في المعارك ضد المعارضة في الغوطتين ودرعا، وقتل نتيجة تلك المعارك أكثر من 230 عنصر من عناصره، إضافة إلى حالات العجز والإعاقة، وقامت بعدها السلطات السورية بالإيعاز الى الفصائل الفلسطينية الموالية لها مثل فتح الانتفاضة والقيادة العامة بتجنيد الشباب الفلسطيني بحجة استعادة المخيمات وإعطائهم وعود بالاستقرار والحماية، ولكنها أخذتهم أبعد من ذلك إلى جبهات الغوطتين وجنوب دمشق والقلمون. 
استفادت السلطات السورية من تلك الفصائل في تعويض جزء من خسارتها البشرية جراء الحرب وتأليب الشارع الفلسطيني ضد فصائل المعارضة، وحقق مكاسب لم يحلم العدو "الإسرائيلي" بتحقيقها وذلك بتدمير المخيمات الفلسطينية واخراج أكثر من 600 ألف لاجئ من معادلة الصراع وتشريدهم في بقاع الأرض.

 

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/16991