map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

هل تفقد هولندا أفضل مزايا اللجوء إليها؟

تاريخ النشر : 01-09-2022
هل تفقد هولندا أفضل مزايا اللجوء  إليها؟

ماهر حسن شاويش 
يفاضل اللاجئون بين بلدان اللجوء في القارة الأوربية وتحديداً الغربية منها وفقاً لمزايا اللجوء في كل بلد وتبعاً للإجراءات التي تتخذها هذه البلدان في التعاطي مع طالبي اللجوء ، وهي إجراءات متغيرة وليست ثابتة تنتهجها الحكومات والمؤسسات المعنية بناء على أوضاعها وإمكانياتها فتشتد تارة وتسهل تارة أخرى ولا ناظم ولا محدد لذلك إلا ما تلتزم به هذه الدول وفق القوانين الدولية والاتفاقات الموقعة عليها وحتى هذه أحياناً يعتريها بعض التجاوزات . 
وخلال الأعوام القليلة الماضية تصدرت هولندا وجهات اللاجئين باعتبارها الأفضل تقريباً من حيث إجراءات دراسة طلبات اللجوء وسرعة التجاوب مع ملفات لم الشمل لاسيما أن كليهما كان مسقوفاً زمنياً بفترة لا تتجاوز ستة أشهر يحق لطالب اللجوء بعدها الاستفسار عن طلبه وكذا رفع دعوى في حال التأخر عن هذه المدة ويتقاضى تعويضاً بحسب مدة التأخر في دراسة طلب اللجوء ، ويتاح لطالب اللجوء جلب أفراد عائلته من أبنائه الذين تجاوزوا الثامنة عشرة من عمرهم وقد يصل العمر في بعض الحالات إلى الثامنة والعشرين مادام الابن غير متزوج أو مرتبط بعمل ، وكان هذا المسار مريحاً وواضحاً لطالب اللجوء الذي تعتبر فترات الانتظار الطويلة والمفتوحة هي أسوأ ما يمكن أن يواجهه من صعوبات ومعوقات . 
ومع دخول البلاد في حالات الإغلاق المتكررة نتيجة جائحة كورونا خلال عامي 2020 و 2021 اضطرب هذا النظام المتبع ، وتأثرت كل المنظومة المتعلقة بسياسيات اللجوء في البلاد وتكبدت الحكومة مبالغ مالية كبيرة للتعويض عن التأخير وتراكمت الطلبات وزاد الطين بلّة النقص الحاد في الموظفين المتخصصين نتيجة الإصابات في أوساطهم وإجراءات الحجر الصحي وغيرها من سلسلة الإجراءات المرتبطة بالجائحة. كما لايمكن إغفال آثار اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا التي تزامنت مع انفتاح البلاد ورفع حالة الحظر مطلع هذا العام فبدأت تظهر نتائج كل ما سبق ، وتجلّت الأزمة في ازدياد أعداد الحاصلين  على إقامات  لكنهم  لم يحصلوا  على بيوت من البلديات التي تم فرزهم عليها وبعض الاحصائيات  تشير إلى أن عددهم وصل إلى 13000 وهؤلاء مؤهلون أيضاً لعمليات لم الشمل وبالتالي أرقامهم مرشحة للزيادة ، علماً أن هولندا بالأصل لديها مشكلة في موضوع الإسكان وخاصة السكن الاجتماعي المخصص للاجئين ولذوي الدخل المنخفض وآخرين تنطبق عليهم بنود معينة . 
هذا الاستعصاء إن صح التعبير ولّد ازدحام في الكامبات وأربك المؤسسات المعنية ونجم عنه إشكالات اجتماعية وصحية وخدمية في مراكز اللجوء ظهرت خلال الأشهر الأخيرة من هذا العام بشكل واضح وحاولت المؤسسات الاستجابة لها عبر عديد من الاجراءات كاستئجار أماكن جديدة أو تأهيل أخرى وكذا نداءات متكررة للبلديات لتخصيص أماكن لديها ، لكن الأمر تجاوز على مايبدو القدرة على السيطرة وانفجر في مركز الاستقبال الرئيسي في منطقة تير آبل التابعة لمقاطعة خرونينغن شمال البلاد واضطر اللاجئون للنوم في خيم نصبت لهم ، وخلق ذلك أزمات في المكان انعكست على مستوى الخدمات المعيشية والصحية وقضى رضيع قبل أسابيع قليلة بسبب ذلك ، وتحول الأمر في البلاد إلى قضية رأي عام واشتعل النقاش فأصبح حديث الساعة لدى الساسة والعامة .
الجديد كان قبل أيام عندما صدرت قرارات اعتبرت الأشد وربما الأسوأ منها في انعكاسها على اللاجئين من خلال رفع سقف زمن الانتظار لدراسة طلبات اللجوء إلى 15 شهراً وكذا عمليات لم الشمل وربط عملية لم الشمل للاجئ  الذي حاز على إقامة بحصوله على بيت وإلا لن يستطيع أن يجلب عائلته وهو قرار سيمتد حتى نهاية عام 2023 , وكذلك أوقفت هولندا العمل باتفاقية سابقة كانت قد عقدتها مع تركيا تتضمن استقبال ألف طالب لجوء من المخيمات في كل عام ؟!
القضية لا زالت تتفاعل في أروقة المجتمع الهولندي بمختلف أوساطه الرسمية والشعبية حتى أن الملك الهولندي نفذ زيارة ميدانية قبل أيام إلى مركز اللجوء الرئيسي وكان برنامجها حافلاً التقى خلالها بعض المسؤولين والموظفين في المركز والبلدية التي يتبع لها المركز وكذا عدد من اللاجئين المقيمين فيه ، والنقاش داخل الحكومة الهولندية وفي البرلمان لايزال محتدماً حول الأمر وقد قدم أحد البرلمانيين استقالته احتجاجاً على سياسة الحكومة في اللجوء ، والأمر يتدحرج ، ومع ذلك تبقى هولندا وجهة تستحق التفكير وتقصد ضمن خيارات طالبي اللجوء من المهاجرين لاسيما أن معظم تصريحات المسؤولين تنحو باتجاه أن مايجري قد يكون سقفه عام 2023 وأن هذه الاجراءات والقرارات هدفها تحسين ظروف اللاجئين الذين وصلوا البلاد لحين تجاوز الأزمة الحالية.
ويبقى أن نؤكد أن هناك ثمّة محددات  أخرى يضعها طالبي اللجوء بحسبانهم عند اختيار بلد اللجوء متعلقة بشروط الحصول على الجنسية وتوفر العمل وصعوبة اللغة وبرامج الاندماج وحتى طقس البلاد وطبيعة سكانها ، وبالنسبة لفلسطينيي سورية إذا ماكانت فعلاً هذه الاجراءات مؤقتة فإن هولندا لم تفقد بالنسبة إليهم ميزة مهمة لايمكن القفز عنها تكمن في الحصول على الجنسية خلال ثلاث سنوات وهي أقصر فترة يمكنهم الحصول خلالها على جنسية في أي بلد من بلدان القارة الأوربية وبالتالي لازالت ضمن خياراتهم ولكن ربما ليست في مقدمتها .
كاتب صحفي مقيم في هولندا

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/17732

ماهر حسن شاويش 
يفاضل اللاجئون بين بلدان اللجوء في القارة الأوربية وتحديداً الغربية منها وفقاً لمزايا اللجوء في كل بلد وتبعاً للإجراءات التي تتخذها هذه البلدان في التعاطي مع طالبي اللجوء ، وهي إجراءات متغيرة وليست ثابتة تنتهجها الحكومات والمؤسسات المعنية بناء على أوضاعها وإمكانياتها فتشتد تارة وتسهل تارة أخرى ولا ناظم ولا محدد لذلك إلا ما تلتزم به هذه الدول وفق القوانين الدولية والاتفاقات الموقعة عليها وحتى هذه أحياناً يعتريها بعض التجاوزات . 
وخلال الأعوام القليلة الماضية تصدرت هولندا وجهات اللاجئين باعتبارها الأفضل تقريباً من حيث إجراءات دراسة طلبات اللجوء وسرعة التجاوب مع ملفات لم الشمل لاسيما أن كليهما كان مسقوفاً زمنياً بفترة لا تتجاوز ستة أشهر يحق لطالب اللجوء بعدها الاستفسار عن طلبه وكذا رفع دعوى في حال التأخر عن هذه المدة ويتقاضى تعويضاً بحسب مدة التأخر في دراسة طلب اللجوء ، ويتاح لطالب اللجوء جلب أفراد عائلته من أبنائه الذين تجاوزوا الثامنة عشرة من عمرهم وقد يصل العمر في بعض الحالات إلى الثامنة والعشرين مادام الابن غير متزوج أو مرتبط بعمل ، وكان هذا المسار مريحاً وواضحاً لطالب اللجوء الذي تعتبر فترات الانتظار الطويلة والمفتوحة هي أسوأ ما يمكن أن يواجهه من صعوبات ومعوقات . 
ومع دخول البلاد في حالات الإغلاق المتكررة نتيجة جائحة كورونا خلال عامي 2020 و 2021 اضطرب هذا النظام المتبع ، وتأثرت كل المنظومة المتعلقة بسياسيات اللجوء في البلاد وتكبدت الحكومة مبالغ مالية كبيرة للتعويض عن التأخير وتراكمت الطلبات وزاد الطين بلّة النقص الحاد في الموظفين المتخصصين نتيجة الإصابات في أوساطهم وإجراءات الحجر الصحي وغيرها من سلسلة الإجراءات المرتبطة بالجائحة. كما لايمكن إغفال آثار اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا التي تزامنت مع انفتاح البلاد ورفع حالة الحظر مطلع هذا العام فبدأت تظهر نتائج كل ما سبق ، وتجلّت الأزمة في ازدياد أعداد الحاصلين  على إقامات  لكنهم  لم يحصلوا  على بيوت من البلديات التي تم فرزهم عليها وبعض الاحصائيات  تشير إلى أن عددهم وصل إلى 13000 وهؤلاء مؤهلون أيضاً لعمليات لم الشمل وبالتالي أرقامهم مرشحة للزيادة ، علماً أن هولندا بالأصل لديها مشكلة في موضوع الإسكان وخاصة السكن الاجتماعي المخصص للاجئين ولذوي الدخل المنخفض وآخرين تنطبق عليهم بنود معينة . 
هذا الاستعصاء إن صح التعبير ولّد ازدحام في الكامبات وأربك المؤسسات المعنية ونجم عنه إشكالات اجتماعية وصحية وخدمية في مراكز اللجوء ظهرت خلال الأشهر الأخيرة من هذا العام بشكل واضح وحاولت المؤسسات الاستجابة لها عبر عديد من الاجراءات كاستئجار أماكن جديدة أو تأهيل أخرى وكذا نداءات متكررة للبلديات لتخصيص أماكن لديها ، لكن الأمر تجاوز على مايبدو القدرة على السيطرة وانفجر في مركز الاستقبال الرئيسي في منطقة تير آبل التابعة لمقاطعة خرونينغن شمال البلاد واضطر اللاجئون للنوم في خيم نصبت لهم ، وخلق ذلك أزمات في المكان انعكست على مستوى الخدمات المعيشية والصحية وقضى رضيع قبل أسابيع قليلة بسبب ذلك ، وتحول الأمر في البلاد إلى قضية رأي عام واشتعل النقاش فأصبح حديث الساعة لدى الساسة والعامة .
الجديد كان قبل أيام عندما صدرت قرارات اعتبرت الأشد وربما الأسوأ منها في انعكاسها على اللاجئين من خلال رفع سقف زمن الانتظار لدراسة طلبات اللجوء إلى 15 شهراً وكذا عمليات لم الشمل وربط عملية لم الشمل للاجئ  الذي حاز على إقامة بحصوله على بيت وإلا لن يستطيع أن يجلب عائلته وهو قرار سيمتد حتى نهاية عام 2023 , وكذلك أوقفت هولندا العمل باتفاقية سابقة كانت قد عقدتها مع تركيا تتضمن استقبال ألف طالب لجوء من المخيمات في كل عام ؟!
القضية لا زالت تتفاعل في أروقة المجتمع الهولندي بمختلف أوساطه الرسمية والشعبية حتى أن الملك الهولندي نفذ زيارة ميدانية قبل أيام إلى مركز اللجوء الرئيسي وكان برنامجها حافلاً التقى خلالها بعض المسؤولين والموظفين في المركز والبلدية التي يتبع لها المركز وكذا عدد من اللاجئين المقيمين فيه ، والنقاش داخل الحكومة الهولندية وفي البرلمان لايزال محتدماً حول الأمر وقد قدم أحد البرلمانيين استقالته احتجاجاً على سياسة الحكومة في اللجوء ، والأمر يتدحرج ، ومع ذلك تبقى هولندا وجهة تستحق التفكير وتقصد ضمن خيارات طالبي اللجوء من المهاجرين لاسيما أن معظم تصريحات المسؤولين تنحو باتجاه أن مايجري قد يكون سقفه عام 2023 وأن هذه الاجراءات والقرارات هدفها تحسين ظروف اللاجئين الذين وصلوا البلاد لحين تجاوز الأزمة الحالية.
ويبقى أن نؤكد أن هناك ثمّة محددات  أخرى يضعها طالبي اللجوء بحسبانهم عند اختيار بلد اللجوء متعلقة بشروط الحصول على الجنسية وتوفر العمل وصعوبة اللغة وبرامج الاندماج وحتى طقس البلاد وطبيعة سكانها ، وبالنسبة لفلسطينيي سورية إذا ماكانت فعلاً هذه الاجراءات مؤقتة فإن هولندا لم تفقد بالنسبة إليهم ميزة مهمة لايمكن القفز عنها تكمن في الحصول على الجنسية خلال ثلاث سنوات وهي أقصر فترة يمكنهم الحصول خلالها على جنسية في أي بلد من بلدان القارة الأوربية وبالتالي لازالت ضمن خياراتهم ولكن ربما ليست في مقدمتها .
كاتب صحفي مقيم في هولندا

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/17732