map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

لماذا يفضلون قوارب الموت

تاريخ النشر : 30-09-2022
لماذا يفضلون قوارب الموت

محمود زغموت

30-9-2022

في كل عام ومع تحسن الظروف الجوية، تعود إلى الواجهة قضية الهجرة ومحاولات اللاجئين الفارين من الحروب والنزاعات وفشل الدولة، الوصول إلى الشواطئ الأوروبية، سعياً وراء الأمن والاستقرار والمستقبل الآمن، وبغية الخلاص من الواقع المرير الذي يعيشونه في بلدانهم، وفي مخيمات اللاجئين المنتشرة في الدول المحيطة بمناطق النزاعات.

وقياسا على المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يسلكون الطرق البرية من مناطق اليونان وبلغاريا، أو بلاروسيا وبولندا، فإن التوجه عبر طرق "التهريب" البحرية لا يمكن مقارنتها من حيث الخطورة وأعداد الضحايا، خاصة تلك المحاولات اليائسة التي بدأت تنشط بصورة ملحوظة ومنذ مطلع العام الحالي انطلاقاً من السواحل اللبنانية.

وفي النظر إلى الكارثة الأخيرة التي حصلت يوم الخميس في الثاني والعشرين من شهر أيلول سبتمبر الحالي، حيث انطلقت الرحلة من ساحل مدينة طرابلس اللبنانية قاصدةً شواطئ ايطاليا وعلى متنها قرابة 150 لاجئ سوري وفلسطيني ومواطن لبناني، ومن بينهم عدد كبير من النساء والأطفال. أدت حتى حينه إلى سقوط أكثر من مئة ضحية غرقا، وفقدان العشرات، فيما نجى ما يقرب من عشرين شخص، بعضهم وردت أنباء مؤكدة عن اعتقالهم من قبل النظام السوري في مشفى الباسل في طرطوس لدواع أمنية، ونقلوا إلى أحد المشافي العسكرية في المدينة حسبما أفادت بعض المصادر وحسب ما نقلت عائلات بعض الضحايا. وقدر عدد المفقودين بثلاثين شخصاً.

لم تكن هذه الفاجعة الأولى من نوعها، لكنها من أكثر الحوادث مأساوية من حيث أعداد الضحايا والمفقودين. نحن أمام مجزرة حقيقية، بل جريمة مكتملة الأركان ارتكبتها شبكة تهريب عابرة للحدود بين سوريا ولبنان أو ربما عصابة نصب غررت بالراغبين بالخلاص من هذا الواقع المرير. قيل أن السلطات اللبنانية أوقفت متزعم الشبكة الذي تلقى مبالغ طائلة من الضحايا، وصلت إلى ستة آلاف دولار للشخص الواحد، قبل أن يرميهم في عرض البحر ويتركهم عرضة للغرق في قارب خردة، لا يكاد يصلح للإبحار، فضلا عن أنه لم يكن يحمل الوقود الكافي للرحلة المنشودة كما أفاد بعض الناجين.

وفي الحديث عن الأسباب التي دفعت الناس لركوب قوارب الموت من لبنان، فمن نافل القول أن مثل هذه الكوارث لن تتوقف قريبا طالما أن الأسباب التي دفعتهم لركوب الموت لا تزال قائمة.

إذ بالنسبة للسوريين والفلسطينيين السوريين فإن بقاء النظام السوري قائما دون مسائلة يمارس اجراءاته القمعية التي دفعتهم للجوء إلى لبنان، فضلاً عن طول أمد النزوح عن الديار وانعدام الافق في لبنان والانهيار الاقتصادي وشح المساعدات المقدمة من الأونروا ومفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وفي غياب وجود حل سياسي، وفي ضوء الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اللبنانية مع حكومة النظام بهدف إعادة اللاجئين السوريين، والتهديد المستمر بالترحيل القسري الذي يؤرق اللاجئين، والذي سيؤدي إن حصل إما إلى الاعتقال والاختفاء القسري أو التجنيد الإجباري والسوق لساحات المعارك بالنسبة لشريحة الشباب، والتي تشكل اليوم أكثر من سبعين بالمئة من طالبي اللجوء. كل هذه الاسباب سالفة الذكر لا تزال قائمة وبالتالي سيبقى هؤلاء يبحثون عن مخرج بصرف النظر عن النتائج.

أما فيما يتعلق بالشرائح الضعيفة من المواطنين اللبنانيين، فإن الانهيار الاقتصادي والتردي المعيشي والخدمي وغياب الدولة سيظل يدفع بهم إلى هذا الخيار المر.

وفيما يخص اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين يشكلون نصف ركاب القارب المنكوب تقريبا، فيساهم الحرمان من الحقوق وشح المساعدات وتنصل وكالة الأونروا والفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير من مسؤولياتها، يجعلهم يبحثون عن الخلاص بأي ثمن من هذا الواقع البائس في المخيمات، حتى لو كان من خلال هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر، بل الأقرب للانتحار. خاصة وأن القوارب التي تستخدمها شبكات التهريب في لبنان على وجه الخصوص، تبدو أنها أكثر سوءاً من مثيلاتها التي تنطلق من السواحل الليبية والتركية، إذا أن فرص وصولها إلى السواحل الأوروبية ضئيلة جداً، وغالبا ما يكون مصير الرحلات التي تنطلق منها بين الغرق أو الاحتجاز في معسكرات خفر السواحل. والمحظوظ منها ما وصل بشق الأنفس إلى جزيرة قبرص أو بعض الجزر اليونانية، لكن من يتعظ؟

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/17863

محمود زغموت

30-9-2022

في كل عام ومع تحسن الظروف الجوية، تعود إلى الواجهة قضية الهجرة ومحاولات اللاجئين الفارين من الحروب والنزاعات وفشل الدولة، الوصول إلى الشواطئ الأوروبية، سعياً وراء الأمن والاستقرار والمستقبل الآمن، وبغية الخلاص من الواقع المرير الذي يعيشونه في بلدانهم، وفي مخيمات اللاجئين المنتشرة في الدول المحيطة بمناطق النزاعات.

وقياسا على المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يسلكون الطرق البرية من مناطق اليونان وبلغاريا، أو بلاروسيا وبولندا، فإن التوجه عبر طرق "التهريب" البحرية لا يمكن مقارنتها من حيث الخطورة وأعداد الضحايا، خاصة تلك المحاولات اليائسة التي بدأت تنشط بصورة ملحوظة ومنذ مطلع العام الحالي انطلاقاً من السواحل اللبنانية.

وفي النظر إلى الكارثة الأخيرة التي حصلت يوم الخميس في الثاني والعشرين من شهر أيلول سبتمبر الحالي، حيث انطلقت الرحلة من ساحل مدينة طرابلس اللبنانية قاصدةً شواطئ ايطاليا وعلى متنها قرابة 150 لاجئ سوري وفلسطيني ومواطن لبناني، ومن بينهم عدد كبير من النساء والأطفال. أدت حتى حينه إلى سقوط أكثر من مئة ضحية غرقا، وفقدان العشرات، فيما نجى ما يقرب من عشرين شخص، بعضهم وردت أنباء مؤكدة عن اعتقالهم من قبل النظام السوري في مشفى الباسل في طرطوس لدواع أمنية، ونقلوا إلى أحد المشافي العسكرية في المدينة حسبما أفادت بعض المصادر وحسب ما نقلت عائلات بعض الضحايا. وقدر عدد المفقودين بثلاثين شخصاً.

لم تكن هذه الفاجعة الأولى من نوعها، لكنها من أكثر الحوادث مأساوية من حيث أعداد الضحايا والمفقودين. نحن أمام مجزرة حقيقية، بل جريمة مكتملة الأركان ارتكبتها شبكة تهريب عابرة للحدود بين سوريا ولبنان أو ربما عصابة نصب غررت بالراغبين بالخلاص من هذا الواقع المرير. قيل أن السلطات اللبنانية أوقفت متزعم الشبكة الذي تلقى مبالغ طائلة من الضحايا، وصلت إلى ستة آلاف دولار للشخص الواحد، قبل أن يرميهم في عرض البحر ويتركهم عرضة للغرق في قارب خردة، لا يكاد يصلح للإبحار، فضلا عن أنه لم يكن يحمل الوقود الكافي للرحلة المنشودة كما أفاد بعض الناجين.

وفي الحديث عن الأسباب التي دفعت الناس لركوب قوارب الموت من لبنان، فمن نافل القول أن مثل هذه الكوارث لن تتوقف قريبا طالما أن الأسباب التي دفعتهم لركوب الموت لا تزال قائمة.

إذ بالنسبة للسوريين والفلسطينيين السوريين فإن بقاء النظام السوري قائما دون مسائلة يمارس اجراءاته القمعية التي دفعتهم للجوء إلى لبنان، فضلاً عن طول أمد النزوح عن الديار وانعدام الافق في لبنان والانهيار الاقتصادي وشح المساعدات المقدمة من الأونروا ومفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وفي غياب وجود حل سياسي، وفي ضوء الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اللبنانية مع حكومة النظام بهدف إعادة اللاجئين السوريين، والتهديد المستمر بالترحيل القسري الذي يؤرق اللاجئين، والذي سيؤدي إن حصل إما إلى الاعتقال والاختفاء القسري أو التجنيد الإجباري والسوق لساحات المعارك بالنسبة لشريحة الشباب، والتي تشكل اليوم أكثر من سبعين بالمئة من طالبي اللجوء. كل هذه الاسباب سالفة الذكر لا تزال قائمة وبالتالي سيبقى هؤلاء يبحثون عن مخرج بصرف النظر عن النتائج.

أما فيما يتعلق بالشرائح الضعيفة من المواطنين اللبنانيين، فإن الانهيار الاقتصادي والتردي المعيشي والخدمي وغياب الدولة سيظل يدفع بهم إلى هذا الخيار المر.

وفيما يخص اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين يشكلون نصف ركاب القارب المنكوب تقريبا، فيساهم الحرمان من الحقوق وشح المساعدات وتنصل وكالة الأونروا والفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير من مسؤولياتها، يجعلهم يبحثون عن الخلاص بأي ثمن من هذا الواقع البائس في المخيمات، حتى لو كان من خلال هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر، بل الأقرب للانتحار. خاصة وأن القوارب التي تستخدمها شبكات التهريب في لبنان على وجه الخصوص، تبدو أنها أكثر سوءاً من مثيلاتها التي تنطلق من السواحل الليبية والتركية، إذا أن فرص وصولها إلى السواحل الأوروبية ضئيلة جداً، وغالبا ما يكون مصير الرحلات التي تنطلق منها بين الغرق أو الاحتجاز في معسكرات خفر السواحل. والمحظوظ منها ما وصل بشق الأنفس إلى جزيرة قبرص أو بعض الجزر اليونانية، لكن من يتعظ؟

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/17863