map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

فلسطينيو سورية.. وجدليّة الهجرة

تاريخ النشر : 17-06-2023
فلسطينيو سورية.. وجدليّة الهجرة

خاص مجموعة العمل - ماهر حسن شاويش

نجا خمسة لاجئين فلسطينيين سوريين، وفُقِدَ 8 آخرين بينهم 5 لاجئين من أبناء مخيم درعا، وآخران من سكان مخيم النيرب بمدينة حلب كانوا على متن المركب الذي غرق يوم الأربعاء 14 حزيران/ يونيو الحالي قبالة سواحل شبه جزيرة مورا اليونانية، والذي كان يقل قرابة 700 مهاجر بحسب مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية

وهذه ليست حادثة الغرق المأساوية الأولى وقد لا تكون الأخيرة ومع كل حادث غرق من هذا النوع وفقدان لعدد من فلسطينيي سورية على طريق الهجرة، يُفتح نقاش حول صوابية هذا الخيار من عدمه، وتتشعب الطروحات بين رافض ومدافع ومتحفز وحذر.

ونعلم يقيناً أن لا إجابة شافية وكافية تُحيط بملابسات الموضوع من جميع جوانبه، فضلاً عن القدرة على حسم الأمر بضد أو مع، أو البت بنعم وافية أو لا ناهية. وندرك أيضاً أن أي مقاربة للقضية سيتحمل مسؤوليتها من يقدمها سلباً كانت النتائج أم إيجاباً لذلك لا يتورط فرد أو مؤسسة في التصدي للمسألة علانية، وهذا لا يعني أنه لا يوجد مؤسسات وأفراد يمررون تصوراتهم ورؤيتهم بشكل أقرب للسرية وعلى هيئة نصح أو توصية.

الولوج في الأمر يشبه " نكش عش دبابير " كما يُقال في المثل والموروث الشعبي، ولكن هل السكوت عنه وترك الناس لخياراتهم دون توجيه أو مشورة توجه صحيح؟ أم أنه أشبه بسلوك نعامة دفنت رأسها في التراب؟! والأهم من المعني أو المخوّل الذي يقع على عاتقه فصل الخطاب أو القول الفصل في هذا العنوان المتشابك والمعقد في الحيز الوطني؟

المنطق يقول إن هذا الأمر منوط بمرجعية الشعب الفلسطيني، والإشكالية التي نعاني منها هي غياب هذه المرجعية وبالحد الأدنى الاختلاف على تحديدها، فهل هي الجهة التي تدّعي أنها الممثل الشرعي والوحيد المتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية؟ أم أن لكل بقعة جغرافية مرجعيتها؟ وإذا كان الأمر كذلك فقد يسهل الأمر على قطاع غزة والضفة الغربية بحكم سلطات الأمر الواقع هناك، لكنه سيكون صعباً وربما معقداً على فلسطينيي الخارج الذين يفتقدون لأي جهة مرجعية أو تمثيلية في ظل التنافس السلبي على التمثيل وغياب أي عملية انتخابية ديمقراطية نزيهة وشفافة في أوساطهم تفرز مرجعية وطنية حقيقية وشرعية؟! وفي حالة فلسطينيي سورية فإنهم محسوبون على الجغرافية الأصعب والأعقد.

وعليه دعونا نفكر بصوتٍ عال ونضع ما هو ممكن من سيناريوهات وتساؤلات في ظل ما هو متوفر في الواقع الراهن والإمكانيات. إذا قلنا للاجئين: "لا تهاجروا "، هذا يعني أن هناك ثمة استحقاقات واجبة على هذا الطرح ليس أقلها تأمين مقومات الحياة الكريمة لهم في أماكن تواجدهم لحين تغيّر الظروف إلى الأفضل، وهذا يحتاج إلى خطة واضحة شاملة تتوافر على وسائل وأدوات تقوم على تنفيذها جهات محددة ومسؤولة لا تُعفى منها جميع الجهات المعنية بفلسطينيي سورية والمتمثلة بالبلد المضيف والأونروا وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وبقية الفصائل والمفوضية العليا للاجئين. وقد ثبت بالوجه الملموس وبالتجربة عدم التزام هذه الجهات على مدار عقد من أزمة فلسطينيي سورية، وأن ما كان يقدم من قبلها هو حلول ترقيعيه لو أنها كانت مجدية لما اضطر اللاجئون للهجرة وركوب قوارب الموت؟!

إذاً هل نقول للاجئين:" هاجروا"؟ وفي هذه الحالة من يتحمّل تبعات مثل هكذا قرار على المستوى الوطني؟ لاسيما عند فشل عملية الهجرة وعدم القدرة على الوصول إلى الجغرافيات المنشودة، لأن هذا القرار أيضاً يحتاج إلى خطة مصاحبة له لوجستياً، والأهم أنه يتطلّب أن يكون عليه إجماع ومتبنى وطنياً لارتباطه بحقوق وثوابت في مقدمتها حق العودة، وإن بات معروفاً أن اللاجئ لم ولن يتخلى عن هذا الحق، وتمسّك اللاجئين به في دول الشتات والمنافي الأوروبية خير دليل، ولكن هناك حاجة لمنع أي تبادل لإطلاق الاتهامات بين الفصائل والمؤسسات الفلسطينية.

على المستوى الفلسطيني كلا الخيارين غير ممكنين، لا على الصعيد الوطني ولا على صعيد الإمكانيات المتاحة، ومن هنا برز خيار الخلاص الفردي، وهو الخيار الذي يمكن نقاشه عبر طرح محددات له بناء على التجارب وخلاصة وحصيلة عشر سنوات من الأزمة. وعند الحديث عن خيار الخلاص الفردي مهم جداً أن نبتعد عن لغة التخوين والتفريط والتنازل لأن الكل الوطني يدرك أن هذا الحل يُقدّم على أنه خيار وهو في الواقع اضطرار، وعليه لا ينبغي التهويل والترهيب، وعند الترغيب يفترض أن تكون المحددات والنواظم حاضرة وبقوة.

هذه المحددات والنواظم هي فعلياً الأخذ بالأسباب وتوخي الحذر وعدم التسرع أو الانجرار لهذا الخيار من دون ترتيب وتحضير، والأهم الحصول على أكبر قدر من الضمانات، صحيح أن بيئة هذا المسار ليست سليمة ولا قانونية؟! لكن استحضار موجبات نجاحها ممكن وهو ما يجب التركيز عليه لتفادي الخسائر في الأموال والأرواح.

يبقى القول هل يُعتبر هذا تشجيع على سلوك هذا الخيار؟ الجواب طبعاً وقطعاً لا، من دون دراسة وإعداد وتحضير مسبق؟! ونعم ولكن مصحوبة بدعوة لاستدعاء كل الأسباب والظروف لإنجاحه عند التوجه لتطبيقه.

كاتب صحفي مقيم في هولندا

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/19024

خاص مجموعة العمل - ماهر حسن شاويش

نجا خمسة لاجئين فلسطينيين سوريين، وفُقِدَ 8 آخرين بينهم 5 لاجئين من أبناء مخيم درعا، وآخران من سكان مخيم النيرب بمدينة حلب كانوا على متن المركب الذي غرق يوم الأربعاء 14 حزيران/ يونيو الحالي قبالة سواحل شبه جزيرة مورا اليونانية، والذي كان يقل قرابة 700 مهاجر بحسب مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية

وهذه ليست حادثة الغرق المأساوية الأولى وقد لا تكون الأخيرة ومع كل حادث غرق من هذا النوع وفقدان لعدد من فلسطينيي سورية على طريق الهجرة، يُفتح نقاش حول صوابية هذا الخيار من عدمه، وتتشعب الطروحات بين رافض ومدافع ومتحفز وحذر.

ونعلم يقيناً أن لا إجابة شافية وكافية تُحيط بملابسات الموضوع من جميع جوانبه، فضلاً عن القدرة على حسم الأمر بضد أو مع، أو البت بنعم وافية أو لا ناهية. وندرك أيضاً أن أي مقاربة للقضية سيتحمل مسؤوليتها من يقدمها سلباً كانت النتائج أم إيجاباً لذلك لا يتورط فرد أو مؤسسة في التصدي للمسألة علانية، وهذا لا يعني أنه لا يوجد مؤسسات وأفراد يمررون تصوراتهم ورؤيتهم بشكل أقرب للسرية وعلى هيئة نصح أو توصية.

الولوج في الأمر يشبه " نكش عش دبابير " كما يُقال في المثل والموروث الشعبي، ولكن هل السكوت عنه وترك الناس لخياراتهم دون توجيه أو مشورة توجه صحيح؟ أم أنه أشبه بسلوك نعامة دفنت رأسها في التراب؟! والأهم من المعني أو المخوّل الذي يقع على عاتقه فصل الخطاب أو القول الفصل في هذا العنوان المتشابك والمعقد في الحيز الوطني؟

المنطق يقول إن هذا الأمر منوط بمرجعية الشعب الفلسطيني، والإشكالية التي نعاني منها هي غياب هذه المرجعية وبالحد الأدنى الاختلاف على تحديدها، فهل هي الجهة التي تدّعي أنها الممثل الشرعي والوحيد المتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية؟ أم أن لكل بقعة جغرافية مرجعيتها؟ وإذا كان الأمر كذلك فقد يسهل الأمر على قطاع غزة والضفة الغربية بحكم سلطات الأمر الواقع هناك، لكنه سيكون صعباً وربما معقداً على فلسطينيي الخارج الذين يفتقدون لأي جهة مرجعية أو تمثيلية في ظل التنافس السلبي على التمثيل وغياب أي عملية انتخابية ديمقراطية نزيهة وشفافة في أوساطهم تفرز مرجعية وطنية حقيقية وشرعية؟! وفي حالة فلسطينيي سورية فإنهم محسوبون على الجغرافية الأصعب والأعقد.

وعليه دعونا نفكر بصوتٍ عال ونضع ما هو ممكن من سيناريوهات وتساؤلات في ظل ما هو متوفر في الواقع الراهن والإمكانيات. إذا قلنا للاجئين: "لا تهاجروا "، هذا يعني أن هناك ثمة استحقاقات واجبة على هذا الطرح ليس أقلها تأمين مقومات الحياة الكريمة لهم في أماكن تواجدهم لحين تغيّر الظروف إلى الأفضل، وهذا يحتاج إلى خطة واضحة شاملة تتوافر على وسائل وأدوات تقوم على تنفيذها جهات محددة ومسؤولة لا تُعفى منها جميع الجهات المعنية بفلسطينيي سورية والمتمثلة بالبلد المضيف والأونروا وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وبقية الفصائل والمفوضية العليا للاجئين. وقد ثبت بالوجه الملموس وبالتجربة عدم التزام هذه الجهات على مدار عقد من أزمة فلسطينيي سورية، وأن ما كان يقدم من قبلها هو حلول ترقيعيه لو أنها كانت مجدية لما اضطر اللاجئون للهجرة وركوب قوارب الموت؟!

إذاً هل نقول للاجئين:" هاجروا"؟ وفي هذه الحالة من يتحمّل تبعات مثل هكذا قرار على المستوى الوطني؟ لاسيما عند فشل عملية الهجرة وعدم القدرة على الوصول إلى الجغرافيات المنشودة، لأن هذا القرار أيضاً يحتاج إلى خطة مصاحبة له لوجستياً، والأهم أنه يتطلّب أن يكون عليه إجماع ومتبنى وطنياً لارتباطه بحقوق وثوابت في مقدمتها حق العودة، وإن بات معروفاً أن اللاجئ لم ولن يتخلى عن هذا الحق، وتمسّك اللاجئين به في دول الشتات والمنافي الأوروبية خير دليل، ولكن هناك حاجة لمنع أي تبادل لإطلاق الاتهامات بين الفصائل والمؤسسات الفلسطينية.

على المستوى الفلسطيني كلا الخيارين غير ممكنين، لا على الصعيد الوطني ولا على صعيد الإمكانيات المتاحة، ومن هنا برز خيار الخلاص الفردي، وهو الخيار الذي يمكن نقاشه عبر طرح محددات له بناء على التجارب وخلاصة وحصيلة عشر سنوات من الأزمة. وعند الحديث عن خيار الخلاص الفردي مهم جداً أن نبتعد عن لغة التخوين والتفريط والتنازل لأن الكل الوطني يدرك أن هذا الحل يُقدّم على أنه خيار وهو في الواقع اضطرار، وعليه لا ينبغي التهويل والترهيب، وعند الترغيب يفترض أن تكون المحددات والنواظم حاضرة وبقوة.

هذه المحددات والنواظم هي فعلياً الأخذ بالأسباب وتوخي الحذر وعدم التسرع أو الانجرار لهذا الخيار من دون ترتيب وتحضير، والأهم الحصول على أكبر قدر من الضمانات، صحيح أن بيئة هذا المسار ليست سليمة ولا قانونية؟! لكن استحضار موجبات نجاحها ممكن وهو ما يجب التركيز عليه لتفادي الخسائر في الأموال والأرواح.

يبقى القول هل يُعتبر هذا تشجيع على سلوك هذا الخيار؟ الجواب طبعاً وقطعاً لا، من دون دراسة وإعداد وتحضير مسبق؟! ونعم ولكن مصحوبة بدعوة لاستدعاء كل الأسباب والظروف لإنجاحه عند التوجه لتطبيقه.

كاتب صحفي مقيم في هولندا

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/19024