map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

مسنة فلسطينية وصيتي أنا أدفن في مخيم اليرموك

تاريخ النشر : 31-08-2023
مسنة فلسطينية وصيتي أنا أدفن في مخيم اليرموك

مجموعة العمل || فايز أبو عيد

"عمري من عمر مخيم اليرموك، وكل ما كان المخيم يكبر سنة كنت أكبر معه" بهذه العبارة تعبر المسنة الفلسطينية سهام ذات السبعين عاماً التي تعود جذور عائلتها إلى قرية الجاعونة في فلسطين عن ارتباطها وعشقها وحنينها للمكان الذي ولدت وترعرعت فيه، فمخيم اليرموك لديها هو مرتع الصبا والذكريات الجميلة.

 الحديث عن مخيم اليرموك له نكهته الخاصة؛ لدى الحاجة سهام التي تروي لـ مجموعة العمل تفاصيل حياتها وحياة عائلتها في المخيم ورحلة نزوحها عنه بسبب الحرب التي اندلعت عام 2011 في سورية، فتقول : "أبي وأعمامي بنوا بجهدهم وعرق جبينهم  دارنا،  ووضعوا القرش فوق القرش والحجر فوق الحجر  حتى حققوا حلمهم في بناء بيوت تأويهم وتأوي أولادهم من بعدهم، إلا أن تلك الفرحة لم تدم طويلاً وفي لحظة، سلب منا السلام والسعادة وكل شيء ضاع فجأة بلمح البصر، بسبب تلك الحرب اللعينة التي أُقحم فيها مخيم اليرموك عنوة، فالقصف طال العديد من منازل وحارات المخيم ومن بينهم بنايتنا التي دمرت بالكامل.

وتستطرد سهام أذكر تلك اللحظات الأليمة التي لا تمحى من ذاكرتي مهما حييت، يوم 16/12/2012 عندما قصف الطيران الحربي جامع عبد القادر الحسيني وإحدى مدارس وكالة الأونروا، كنت يومها أزور بيت أخي أحمد وأواسيه هو وزجته وأخفف من مصابهما جراء اعتقال أجهزة الأمن السوري لنجليهما، وعند مغادرتي منزل أخي أحسست سمعت صوت القصف وشعرت بقوة ضغط كبيرة أطاحت بي على الأرض وافقدتني الوعي ورمتني بكل قوة من الدرج إلى الأسفل، ولم أدري بعد ذلك ما جرى لي، مضيفة استيقظت بعد ذلك على أصوات صراخ الأطفال والنساء، ونظرت حولي وأنا في حالة من الذهول فوجدت نفسي في سيارة جارنا الذي نقلني أنا وعدد من المصابين إلى مشفى فلسطين في المخيم. 

مردفه وبسبب شدة وهول الضربة فقدت القدرة على تحريك أي عضلة بجسدي، والشيء الوحيد الذي استطعت تحريكه كان عيناي، حيث رأيت الجثث مرمية على الأرض والمصابين والدماء التي تسيل منهم، وكنت أسمع صرخات وأنيين المصابين من نساء وأطفال هذا المشهد زاد من خوفي وبث الرعب في قلبي، وأثار العديد من الأسئلة في ذهني حول ما الذنب الذي أقترفه مخيم اليرموك حتى يتم قصف حاراته وتدمير منازل سكانه فوق رؤوسهم، لماذا النكبات والمآسي تتوالى علينا؟ بأي حق يقتل ويعتقل ويعذب أبناءنا؟

موضحة أنه بعد الأحداث أن عصفت في مخيم اليرموك وقصفه بالطيران الحربي، وما جرى معي من أحداث وإصابتي اضطررنا لمغادرة المخيم، ومن ثم سوريا وذهبنا في رحلة لجوء وتشتت جديد، فرست سفن رحلتنا هذه المرة في لبنان التي كنا عاقدين العزم على أن نمكث فيها عدة أسابيع ريثما يستقر الوضع في اليرموك ومن ثم نعود إلى منزلنا، إلا أن سيناريو أجدادنا وآباءنا عندما خرجوا من فلسطين تكرر معنا، والأسبوع امتد إلى أسبوعين ومن ثم أشهر وسنين، والآن مر 11 سنة ونحن لازلنا نقبع في لبنان الذي نعاني فيه مرارة الغربة وضنك الحياة، وبؤس المعيشة والأحوال الاقتصادية المزرية.

وتختم المسنة الفلسطينية سهام حديثها لـ "مجموعة العمل" قائلة: "وجع وقهر وغربة هي حياتنا الآن، لقد خسرنا كل ما نملك، فقدنا الأحبة والأصدقاء والخلان تفرقنا في أصقاع الأرض الأربعة، عانينا من تهميش وتجاهل السلطة والفصائل الفلسطينية لنا، ولكن ما يجعل قلبك يبكي دماً وتموت قهراً وكمداً هو تلك العنصرية المقيتة التي عانيناها من بعض أبناء جلدتنا في لبنان، خاصة أولئك أصحاب القلوب السوداء التي لا تريد الخير للآخرين، لذلك أوصيت أبنائي وأحفادي أن يدفنوني بقبر أمي في مقبرة الشهداء بمخيم يرموك، لا أريد أبداً أن أدفن في لبنان بمقبرة الغرباء".

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/19356

مجموعة العمل || فايز أبو عيد

"عمري من عمر مخيم اليرموك، وكل ما كان المخيم يكبر سنة كنت أكبر معه" بهذه العبارة تعبر المسنة الفلسطينية سهام ذات السبعين عاماً التي تعود جذور عائلتها إلى قرية الجاعونة في فلسطين عن ارتباطها وعشقها وحنينها للمكان الذي ولدت وترعرعت فيه، فمخيم اليرموك لديها هو مرتع الصبا والذكريات الجميلة.

 الحديث عن مخيم اليرموك له نكهته الخاصة؛ لدى الحاجة سهام التي تروي لـ مجموعة العمل تفاصيل حياتها وحياة عائلتها في المخيم ورحلة نزوحها عنه بسبب الحرب التي اندلعت عام 2011 في سورية، فتقول : "أبي وأعمامي بنوا بجهدهم وعرق جبينهم  دارنا،  ووضعوا القرش فوق القرش والحجر فوق الحجر  حتى حققوا حلمهم في بناء بيوت تأويهم وتأوي أولادهم من بعدهم، إلا أن تلك الفرحة لم تدم طويلاً وفي لحظة، سلب منا السلام والسعادة وكل شيء ضاع فجأة بلمح البصر، بسبب تلك الحرب اللعينة التي أُقحم فيها مخيم اليرموك عنوة، فالقصف طال العديد من منازل وحارات المخيم ومن بينهم بنايتنا التي دمرت بالكامل.

وتستطرد سهام أذكر تلك اللحظات الأليمة التي لا تمحى من ذاكرتي مهما حييت، يوم 16/12/2012 عندما قصف الطيران الحربي جامع عبد القادر الحسيني وإحدى مدارس وكالة الأونروا، كنت يومها أزور بيت أخي أحمد وأواسيه هو وزجته وأخفف من مصابهما جراء اعتقال أجهزة الأمن السوري لنجليهما، وعند مغادرتي منزل أخي أحسست سمعت صوت القصف وشعرت بقوة ضغط كبيرة أطاحت بي على الأرض وافقدتني الوعي ورمتني بكل قوة من الدرج إلى الأسفل، ولم أدري بعد ذلك ما جرى لي، مضيفة استيقظت بعد ذلك على أصوات صراخ الأطفال والنساء، ونظرت حولي وأنا في حالة من الذهول فوجدت نفسي في سيارة جارنا الذي نقلني أنا وعدد من المصابين إلى مشفى فلسطين في المخيم. 

مردفه وبسبب شدة وهول الضربة فقدت القدرة على تحريك أي عضلة بجسدي، والشيء الوحيد الذي استطعت تحريكه كان عيناي، حيث رأيت الجثث مرمية على الأرض والمصابين والدماء التي تسيل منهم، وكنت أسمع صرخات وأنيين المصابين من نساء وأطفال هذا المشهد زاد من خوفي وبث الرعب في قلبي، وأثار العديد من الأسئلة في ذهني حول ما الذنب الذي أقترفه مخيم اليرموك حتى يتم قصف حاراته وتدمير منازل سكانه فوق رؤوسهم، لماذا النكبات والمآسي تتوالى علينا؟ بأي حق يقتل ويعتقل ويعذب أبناءنا؟

موضحة أنه بعد الأحداث أن عصفت في مخيم اليرموك وقصفه بالطيران الحربي، وما جرى معي من أحداث وإصابتي اضطررنا لمغادرة المخيم، ومن ثم سوريا وذهبنا في رحلة لجوء وتشتت جديد، فرست سفن رحلتنا هذه المرة في لبنان التي كنا عاقدين العزم على أن نمكث فيها عدة أسابيع ريثما يستقر الوضع في اليرموك ومن ثم نعود إلى منزلنا، إلا أن سيناريو أجدادنا وآباءنا عندما خرجوا من فلسطين تكرر معنا، والأسبوع امتد إلى أسبوعين ومن ثم أشهر وسنين، والآن مر 11 سنة ونحن لازلنا نقبع في لبنان الذي نعاني فيه مرارة الغربة وضنك الحياة، وبؤس المعيشة والأحوال الاقتصادية المزرية.

وتختم المسنة الفلسطينية سهام حديثها لـ "مجموعة العمل" قائلة: "وجع وقهر وغربة هي حياتنا الآن، لقد خسرنا كل ما نملك، فقدنا الأحبة والأصدقاء والخلان تفرقنا في أصقاع الأرض الأربعة، عانينا من تهميش وتجاهل السلطة والفصائل الفلسطينية لنا، ولكن ما يجعل قلبك يبكي دماً وتموت قهراً وكمداً هو تلك العنصرية المقيتة التي عانيناها من بعض أبناء جلدتنا في لبنان، خاصة أولئك أصحاب القلوب السوداء التي لا تريد الخير للآخرين، لذلك أوصيت أبنائي وأحفادي أن يدفنوني بقبر أمي في مقبرة الشهداء بمخيم يرموك، لا أريد أبداً أن أدفن في لبنان بمقبرة الغرباء".

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/19356