map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

غزة في عيون الأدباء والمفكرين الفلسطينيين السوريين

تاريخ النشر : 24-02-2024
غزة في عيون الأدباء والمفكرين الفلسطينيين السوريين

فايز أبو عيد

الكتاب والأدباء والإعلاميون والمفكرون الفلسطينيون السوريون حالهم كحال من مسهم الضر وعاشوا النكبات مرات متتالية، مرة جراء ما أصابهم وأصاب أبناء جلدتهم نتيجة الحرب في سورية، ومرة أخرى بسبب أهوال ما يحدث من قتل وتدمير وتجويع لأهلهم في قطاع غزة.

ولأن ما يحدث في غزة رهيب ومخيف، فالدماء تنتشر في كل الأماكن، ورائحة القتل والتدمير تفوح في كل مكان، ولأن غزة جرحهم النازف الذي لا يندمل والذي يشكل محوراً هاماً في وجدان كل كاتب وشاعر عربي وعلى اعتبار أن الأدب العربي لابد من أن يكون له دور في دعم صمود أبناء الشعب الفلسطيني، ساهم العديد منهم من خلال يراعه ومساهماته الأدبية والإعلامية في كشف جرائم الحرب، والانتهاكات الإنسانية، التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وحرب الإبادة البشعة التي لم يعرف التاريخ الإنساني مثيلًا لها على مدار القرون الماضية.

مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية استطلعت آراء ومواقف بعض الأدباء والكتاب والإعلاميين الفلسطينيين السوريين، فكانت الكلمات الآتية:

القاصة والروائية نعمة خالد (آه يا وجع الوجع)

أشعر بالعجز عن وصف ما يحدث في غزة الحبيبة، وإن الكلام لا يمكن أن يعبر عما يختلج فؤادي من مشاعر حزن وألم وحسرة، فقد يمكنني القول وباختصار، ما يحدث في غزة هو الوجع لا غير، هو العجز لا غير، وأرى كل الكون يدس السموم في التصاريح، ويولمون على الدم المسفوح بعض ضمير.

لا كلام عندي إلا الدمع والدعاء، وكل ما أهذي به صغير صغير، وطفلة هناك تسمي ما ترى بصدق، من ذا الذي يصدق أن ابنة سنتين تقضم خبزاً يابساً وتقول والعينين ملء السماء هو قصف، آه يا وجع الوجع وانعدام الضمير.

الكاتب والباحث نبيل السهلي (أما نحن أو نحن)

غزة العزة تعرضت لعديد من الاحتلالات وبقيت غزة وشعبها شامخ ورحل الغزاة، والحرب الصهيونية على غزة ستنتهي بهزيمة الفاشيين الجدد على يد المقاومين الفلسطينيين أصحاب الارض.. ورغم درب الالام الطويل وسقوط آلاف الشهداء والجرحى إلا أن صمود أهل غزة أسقط فكرة التهجير الصهيونية إلى شمال سيناء وصدق الشاعر الراحل محمود درويش الحاضر بيننا عندما قال: "الارض لا تتسع لهويتين أما نحن أو نحن".

الكاتب والباحث علي بدوان (حرب تحرير)

رَسَّخَ صمود قطاع غزة، والعمليات النوعية المُتتالية انطلاقاً من عملية (طوفان الأقصى) فجر السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023 علامةٍ فارقةٍ في الوعي الفلسطينيّ، وفي الذاكرة الجمعية الوطنية الفلسطينية، التي تختزن بين تلافيفها مآثر خالدة في تاريخٍ كفاحي تراكمي، قبل النكبة، وبعد النكبة من خلال مسارات الحركة الوطنية والثورة المعاصرة.

فأثبت الفلسطيني، مرة جديدة وبشكلٍ صارخ، وبإستجماعٍ الخبرات المُكتسبة لديه خلال سنوات الكفاح الفلسطيني، أنه قادر على الفعل والمبادرة، والإبداع في التخطيط والصياغة العسكرية في مواجهة أعتى مراكز الشر في العالم، في مواجهة "إسرائيل" التي تمتلك سلاحاً جوياً كاسحاً أمام العرب مجتمعين. فالنقلة النوعية على الجبهة الجنوبية لفلسطين.

والآن يَستَمِرُ صمود الشعب الفلسطيني وثباته في قطاع غزة، فصمود الناس على أرض القطاع، وتحمّلهم كل الأوجاع التي تفوق التصور، مع أنهار الدماء التي أُريقت، ومازالت تَنزِفُ وتُراق، يُشكّل الآن العنوان الأساسي لجهة رفض مغادرة الناس أرض وطنهم التاريخي، بعد التجربة التي دَفَعَ اثمانها الشعب الفلسطيني في النكبة الأولى، ورفضهم إحداث نكبة جديدة. فالنكبة الأولى لن تَكرّر رغم كل الإجرام المُسلط على شعبنا بقوة النار والبارود والحصار، وتدمير البنى التحتية بما في ذلك المشافي وإطباق الحصار على القطاع أما العالم بأسره.

الكاتب والباحث خليل الصمادي (غزة وسر الصمود)

غزة أصبحت أيقونة تمثل كشف البلطجة الصهيونية التي كانت تدعي أن جيشها الأخلاقي لن يهزم.

 فهذه الحرب كشفت الوهن العربي وأن بعض الحكام وصلوا لسدة الحكم مقابل الحصار والسكوت عن جرائم المحتل، وستكون هذه الحرب نقطة فاصلة في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني.

غزة غير، نعم غير، حاول العدو منذ عام 1948 إبعاد الدين والفكرة عنا، وهذه الحرب لولا الدين والفكر والتربية والإعداد لما صمدوا ولا انتصروا.

غزة قبل معركتها الأخيرة التزمت بقوله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة.

أعدوا الأنفاق والأسلحة التي استطاعوا عليها، ولكنهم قبل ذلك استعدوا بالتربية والإيمان والإصرار على تحقيق الهدف، والناظر لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد أن البعثة النبوية امتدت ٢٣ سنة منها ١٥ سنة إعداد وتربية قبل غزوة بدر و٨ سنوات حتى وفاة الرسول اي ثلثي المدة إعداد والثلث الباقي انتصارات.

الصحفي والإعلامي محمد صوان (المقاومة فكرة متجذرة)

على مدى أربعة أشهر ويزيد اقترفت دولة الاحتلال الصهيوني مجازر غير مسبوقة بحق شعب فلسطين وأهل غزة بالذات! قتلت، هجرت، منعت الغذاء والماء والدواء عنهم، جرفت المدن، والقرى والمخيمات والأراضي، لم تسلم حتى المقابر، وذلك كله بهدف كسر المقاومة ودفع الشعب إلى الاستسلام والهجرة إلى مصر والأردن إلا أن الشعب احتفظ بإرادة الحياة والصمود على أرضه ورفض مغادرتها، كما صان المقاومة وحافظ عليها.

لقد أثبت هذا العدوان الوحشي وجميع الحروب الصهيونية على فلسطين وشعبها أن المقاومة فكرة متجذرة، والفكرة لا يمكن لأي كان أن يقضي عليها.. فمن مصلحة شعبنا المحافظة على هذه الفكرة في آخر القلاع وأكثرها تحصنا في غزة.. ليس مهما مدى حجم المساحة عليها، بل المهم قوة التحصن والإرادة والإيمان التي يستطيع المقاومون عبرها حماية الفكرة كي تبقى تحلق في سماء غابت عنها بعض الوقت!

الإعلامي ماهر شاويش (مزيج من الألم والأمل)

ما يجري في قطاع غزة على وجه الخصوص وفي الداخل الفلسطيني عموماً هو جزء من همّنا اليومي نتابعه ليس فقط كإعلاميين وكتّاب، بل كمكون من مكونات القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني الذي نعتقد جازمين أنه مشروع الكل الفلسطيني في الداخل والخارج.

ونحن لا نتابع الأحداث منذ طوفان الأقصى وحسب، بل منذ تكوّن وعينا بهذه القضية وانشغالنا بها وبالشأن العام الفلسطيني.

وربما أن أهم ما أحدثه طوفان الأقصى هو إعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة المشهد الفلسطيني والعربي والإسلامي والدولي وبناء على مرتكزاتها الأساسية كقضية أرض وشعب، وأن لا استقرار في المنطقة وفي العالم دون حل عادل لهذه القضية مبني على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة الذي هو جوهر ولب القضية الفلسطينية.

ما يجري في قطاع غزة منذ أكثر من أربعة شهور هو مزيج من الألم والأمل، ألم لا يمكن وصفه بكلمات سريعة وفي هذه العجالة وخاصة أنه لايزال كالجرح المفتوح الذي ينزف بأشكال متعددة من المعاناة وعلى مختلف الأصعدة.

وفي ذات الوقت فتح الباب واسعاً على نافذة أمل في ظل انسداد الأفق الذي كان سائداً قبل طوفان الأقصى رغم حجم وكم التضحيات الكبيرة والجسيمة وغير المسبوقة منذ عقود الصراع مع هذا الاحتلال.

ويبقى أن الحدث في غزة أعاد إلى ذاكرتنا وبقوة كل مشاهد الدمار والنزوح والاعتقال والموت بكل أشكاله بما فيه الموت جوعاً الذي عانى منه أهلنا من فلسطينيي سورية في السنوات الماضية ضمن مخيمات اللاجئين وتجمعاتهم من درعا في جنوب سوريا حتى حلب في شمالها، وهذا ما جعل إحساسنا بمعاناة أهلنا في غزة مركباً ومضاعفاً.

ولا يمكن لأي منّا أن يتجاوز التفاعل مع هذا الحدث التاريخي وتزداد المسؤولية على النخب السياسية والثقافية والفكرية لتكون أكثر تفاعلاً انسجاماً مع دورها المنوط بها في حقل الإعلام لتعكس الواقع الذي يعيشه أهلنا في قطاع غزة وفلسطين إلى كل المحافل والمنابر الدولية وتضغط على كل صنّاع القرار في هذا العالم للوصول إلى استجابة ترتقي لمستوى الحدث.

الإعلامي الوليد يحيى (غزة تختزل الكل الفلسطيني)

غزّة بالنسبة لي ككاتب وصحافي، ليست مجرد ساحة مليئة بالأحداث، التي يجب تناولها خبرياً وتحليلياً في نطاق المجال المهني المجرّد، كما يفعل العديد من الصحفيين وخصوصاً من هم خارج نطاق العالم العربي، وأحياناً بعض العرب، الذين يتناولون الحدث في غزّة، على أنه فصل من فصول صراع طويل على ملكية أرض بين طرفين، ولكن تتخلله انتهاكات، تثير حساسيات قانونية وحقوقية، ويحرصون لتتبعها من كلا الطرفين بشكل متساوٍ، فهذا التناول الذي يدعي " الحيادية" لا يمكن اعتباره من ضروب المهنية الصحفية، حين يجري تطبيقه على القضية الفلسطينية والحدث الغزّي بالتحديد.

لذلك لا يمكن لأي صحفي سواء كان فلسطينياً عربياً أم أجنبياً، ان يجرّد غزّة عما تمثّله، باعتبارها إحدى عناوين القضية الفلسطينية وإحدى ساحات صراعها التحرري، الشاهدة على جرائم إبادة جماعية مدفوعة بأفظع الأفكار العنصرية واوهام التفوق العرقي من قبل الصهاينة، واختباراً نهائياً لـ "حضارة" الغرب، وما يدعيه من قيم حقوقية وإنسانية. فصلب الحدث هنا وجوهر القضية هو ما تمثله غزّة بهذا المعنى، وهو ما يجب ان يبرز في تناولها إعلامياً والتركيز عليه، لذلك ليس صحفياً ولا كاتباً منتجاً لأفكار إنسانية أو هدفها خدمة الإنسانية، من يجرد غزّة عن جوهر قضيتها، ويتناولها على أنها مجرد صراع بمحددات تقليدية.

إضافة إلى ذلك، فقطاع غزّة يكثف القضية الفلسطينية بكافة مسائلها، وخصوصاً مسألة اللاجئين وكفاحهم، لما يحتويه من نسبة لاجئين تقارب ٦٠ % من سكانه او أكثر، ما جعل غزة لصيقة جداً وجدانياً بالشتات الفلسطيني وصحافيوه، باعتبارها بمثابة مخيماً كبيراً يختزن الكل الفلسطيني من كافة فلسطين التاريخية.

وما يحدث في غزة اليوم خبر بعضه الشتات الفلسطيني، وخصوصاً في مخيم اليرموك في سوريا الذي تعرض لصنوف من الإبادة المادية والمعنوية بتدميره وسحق رمزيته وقتل وتشريد سكانه، وهذا ما حوّل غزّة في نظري كصحفي وربما يشاركني به الكثير من الصحفيين الفلسطينيين والسوريين، إلى نموذج يكثّف ما هو مخطط ضدنا ويُنفّذ في اقصى وحشيته دون استحياء، كان العدو الصهيوني قد بدأه منذ نكبة 1948، وشهدنا ما يشبهه في مخيم اليرموك ومدن سوريا الثائرة ضد الظلم والاستبداد، ومرآتاً تعكس مصيراً لا يمكن تجنبه الا بمقاومة مشاريع الاحتلال والاستيطان والعنصرية والاستبداد المحلي والاجنبي على حدّ سواء، و مختبراً معيارياً للأخلاقيات والقيم التي يعمل وفقها الصحفي أو كل من يعمل في مهنة تعنى بالحقيقة والحقوق والقيم والإنسانية.

الكاتب والإعلامي ماهر حجازي (غزة تعني لنا الكثير)

غزة تعني لنا الكثير، فهي تذكر اللاجئين الفلسطيني في دول الشتات أن لهم وطناً محتلاً، وتذكرنا بأننا نعيش اللجوء والتهجير، تذكرنا بأن الشعب الفلسطيني حي.

إن ما يجري اليوم في غزة من إبادة جماعية وارتكاب مجازر ممنهجة متواصلة منذ خمسة أشهر، وما يرافقه من منع إدخال المساعدات الغذائية والطبية، إضافة لسياسة التجويع والحصار الذي تنتهجه قوات الاحتلال الإسرائيلي كسلاح ضد أهلنا في قطاع غزة، يعيد ذاكرتي إلى ما تعرض له مخيم اليرموك عام 2015 من حصار وتجويع، والأيام القاسية التي عشتها أنا وعائلتي، ومشاهد الأطفال والنساء والكبار والمرضى الذين كانوا يتضورون جوعاً حتى الموت، ويأكلون الحشائش والقطط فقط لمجرد البقاء على قيد الحياة.

ومن نافل القول: إن جريمة التجويع هي جريمة إبادة تضاف إلى جرائم القصف والقتل، والإعدامات الميدانية التي تقوم بها الاحتلال في قطاع غزة وهي تستوجب محاسبة دولية.

يجب أن لا يفلت الاحتلال وحكومته من العقاب الدولي على ما ارتكبه ويرتكبه من إبادة جماعية بحق أهلنا في قطاع غزة، والأولوية اليوم لوقف العدوان وإدخال المساعدات وإعادة الإعمار ورفع الحصار.

الإعلامي عبد السلام فايز (حملة تطهير عرقي)

لقد أعادت المجازر في غزة إلى ذكرياتنا مأساة المخيمات الفلسطينية التي عايشناها في سورية، بغض النظر عن فوارق الآلة التدميرية، فما يحدث في غزة هو أكثر من إبادة جماعية، بل هو حملة تطهير عرقي ممنهج بحق أصحاب الأرض الحقيقيين، يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي من أجل أن يكون المشهد عِبرةً للفلسطيني إذا ما فكر يوماً أن يطالب بحقوقه المشروعة، لأن ذلك سيجعله عُرضة للقتل والإبادة والتجويع والتهجير والتشريد وافتراش الشتاء والخيام إنْ وُجدت..

ولعل فلسطينيي سورية الذين هُجّروا مرتين وقُتلوا مرتين، وأُوذوا مرتين، لَهُم أجدر بالتضامن مع أهالي غزة الذين يتعرضون لمذبحة العصر على يد الاحتلال الإسرائيلي، أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكناً، بل قدم كافة أشكال الدعم العسكري والسياسي والإعلامي لصالح الإسرائيليين، فراحوا جميعاً يلاحقون الفلسطيني حتى في خيمته وشتاته، فيقطعون تمويلهم للأونروا التي تعتبر الشاهد الوحيد على نكبة المخيمات، في محاولة مفضوحة لتجويع اللاجئ الفلسطيني وملاحقته في لقمة عيشه.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/20088

فايز أبو عيد

الكتاب والأدباء والإعلاميون والمفكرون الفلسطينيون السوريون حالهم كحال من مسهم الضر وعاشوا النكبات مرات متتالية، مرة جراء ما أصابهم وأصاب أبناء جلدتهم نتيجة الحرب في سورية، ومرة أخرى بسبب أهوال ما يحدث من قتل وتدمير وتجويع لأهلهم في قطاع غزة.

ولأن ما يحدث في غزة رهيب ومخيف، فالدماء تنتشر في كل الأماكن، ورائحة القتل والتدمير تفوح في كل مكان، ولأن غزة جرحهم النازف الذي لا يندمل والذي يشكل محوراً هاماً في وجدان كل كاتب وشاعر عربي وعلى اعتبار أن الأدب العربي لابد من أن يكون له دور في دعم صمود أبناء الشعب الفلسطيني، ساهم العديد منهم من خلال يراعه ومساهماته الأدبية والإعلامية في كشف جرائم الحرب، والانتهاكات الإنسانية، التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وحرب الإبادة البشعة التي لم يعرف التاريخ الإنساني مثيلًا لها على مدار القرون الماضية.

مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية استطلعت آراء ومواقف بعض الأدباء والكتاب والإعلاميين الفلسطينيين السوريين، فكانت الكلمات الآتية:

القاصة والروائية نعمة خالد (آه يا وجع الوجع)

أشعر بالعجز عن وصف ما يحدث في غزة الحبيبة، وإن الكلام لا يمكن أن يعبر عما يختلج فؤادي من مشاعر حزن وألم وحسرة، فقد يمكنني القول وباختصار، ما يحدث في غزة هو الوجع لا غير، هو العجز لا غير، وأرى كل الكون يدس السموم في التصاريح، ويولمون على الدم المسفوح بعض ضمير.

لا كلام عندي إلا الدمع والدعاء، وكل ما أهذي به صغير صغير، وطفلة هناك تسمي ما ترى بصدق، من ذا الذي يصدق أن ابنة سنتين تقضم خبزاً يابساً وتقول والعينين ملء السماء هو قصف، آه يا وجع الوجع وانعدام الضمير.

الكاتب والباحث نبيل السهلي (أما نحن أو نحن)

غزة العزة تعرضت لعديد من الاحتلالات وبقيت غزة وشعبها شامخ ورحل الغزاة، والحرب الصهيونية على غزة ستنتهي بهزيمة الفاشيين الجدد على يد المقاومين الفلسطينيين أصحاب الارض.. ورغم درب الالام الطويل وسقوط آلاف الشهداء والجرحى إلا أن صمود أهل غزة أسقط فكرة التهجير الصهيونية إلى شمال سيناء وصدق الشاعر الراحل محمود درويش الحاضر بيننا عندما قال: "الارض لا تتسع لهويتين أما نحن أو نحن".

الكاتب والباحث علي بدوان (حرب تحرير)

رَسَّخَ صمود قطاع غزة، والعمليات النوعية المُتتالية انطلاقاً من عملية (طوفان الأقصى) فجر السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023 علامةٍ فارقةٍ في الوعي الفلسطينيّ، وفي الذاكرة الجمعية الوطنية الفلسطينية، التي تختزن بين تلافيفها مآثر خالدة في تاريخٍ كفاحي تراكمي، قبل النكبة، وبعد النكبة من خلال مسارات الحركة الوطنية والثورة المعاصرة.

فأثبت الفلسطيني، مرة جديدة وبشكلٍ صارخ، وبإستجماعٍ الخبرات المُكتسبة لديه خلال سنوات الكفاح الفلسطيني، أنه قادر على الفعل والمبادرة، والإبداع في التخطيط والصياغة العسكرية في مواجهة أعتى مراكز الشر في العالم، في مواجهة "إسرائيل" التي تمتلك سلاحاً جوياً كاسحاً أمام العرب مجتمعين. فالنقلة النوعية على الجبهة الجنوبية لفلسطين.

والآن يَستَمِرُ صمود الشعب الفلسطيني وثباته في قطاع غزة، فصمود الناس على أرض القطاع، وتحمّلهم كل الأوجاع التي تفوق التصور، مع أنهار الدماء التي أُريقت، ومازالت تَنزِفُ وتُراق، يُشكّل الآن العنوان الأساسي لجهة رفض مغادرة الناس أرض وطنهم التاريخي، بعد التجربة التي دَفَعَ اثمانها الشعب الفلسطيني في النكبة الأولى، ورفضهم إحداث نكبة جديدة. فالنكبة الأولى لن تَكرّر رغم كل الإجرام المُسلط على شعبنا بقوة النار والبارود والحصار، وتدمير البنى التحتية بما في ذلك المشافي وإطباق الحصار على القطاع أما العالم بأسره.

الكاتب والباحث خليل الصمادي (غزة وسر الصمود)

غزة أصبحت أيقونة تمثل كشف البلطجة الصهيونية التي كانت تدعي أن جيشها الأخلاقي لن يهزم.

 فهذه الحرب كشفت الوهن العربي وأن بعض الحكام وصلوا لسدة الحكم مقابل الحصار والسكوت عن جرائم المحتل، وستكون هذه الحرب نقطة فاصلة في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني.

غزة غير، نعم غير، حاول العدو منذ عام 1948 إبعاد الدين والفكرة عنا، وهذه الحرب لولا الدين والفكر والتربية والإعداد لما صمدوا ولا انتصروا.

غزة قبل معركتها الأخيرة التزمت بقوله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة.

أعدوا الأنفاق والأسلحة التي استطاعوا عليها، ولكنهم قبل ذلك استعدوا بالتربية والإيمان والإصرار على تحقيق الهدف، والناظر لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد أن البعثة النبوية امتدت ٢٣ سنة منها ١٥ سنة إعداد وتربية قبل غزوة بدر و٨ سنوات حتى وفاة الرسول اي ثلثي المدة إعداد والثلث الباقي انتصارات.

الصحفي والإعلامي محمد صوان (المقاومة فكرة متجذرة)

على مدى أربعة أشهر ويزيد اقترفت دولة الاحتلال الصهيوني مجازر غير مسبوقة بحق شعب فلسطين وأهل غزة بالذات! قتلت، هجرت، منعت الغذاء والماء والدواء عنهم، جرفت المدن، والقرى والمخيمات والأراضي، لم تسلم حتى المقابر، وذلك كله بهدف كسر المقاومة ودفع الشعب إلى الاستسلام والهجرة إلى مصر والأردن إلا أن الشعب احتفظ بإرادة الحياة والصمود على أرضه ورفض مغادرتها، كما صان المقاومة وحافظ عليها.

لقد أثبت هذا العدوان الوحشي وجميع الحروب الصهيونية على فلسطين وشعبها أن المقاومة فكرة متجذرة، والفكرة لا يمكن لأي كان أن يقضي عليها.. فمن مصلحة شعبنا المحافظة على هذه الفكرة في آخر القلاع وأكثرها تحصنا في غزة.. ليس مهما مدى حجم المساحة عليها، بل المهم قوة التحصن والإرادة والإيمان التي يستطيع المقاومون عبرها حماية الفكرة كي تبقى تحلق في سماء غابت عنها بعض الوقت!

الإعلامي ماهر شاويش (مزيج من الألم والأمل)

ما يجري في قطاع غزة على وجه الخصوص وفي الداخل الفلسطيني عموماً هو جزء من همّنا اليومي نتابعه ليس فقط كإعلاميين وكتّاب، بل كمكون من مكونات القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني الذي نعتقد جازمين أنه مشروع الكل الفلسطيني في الداخل والخارج.

ونحن لا نتابع الأحداث منذ طوفان الأقصى وحسب، بل منذ تكوّن وعينا بهذه القضية وانشغالنا بها وبالشأن العام الفلسطيني.

وربما أن أهم ما أحدثه طوفان الأقصى هو إعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة المشهد الفلسطيني والعربي والإسلامي والدولي وبناء على مرتكزاتها الأساسية كقضية أرض وشعب، وأن لا استقرار في المنطقة وفي العالم دون حل عادل لهذه القضية مبني على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة الذي هو جوهر ولب القضية الفلسطينية.

ما يجري في قطاع غزة منذ أكثر من أربعة شهور هو مزيج من الألم والأمل، ألم لا يمكن وصفه بكلمات سريعة وفي هذه العجالة وخاصة أنه لايزال كالجرح المفتوح الذي ينزف بأشكال متعددة من المعاناة وعلى مختلف الأصعدة.

وفي ذات الوقت فتح الباب واسعاً على نافذة أمل في ظل انسداد الأفق الذي كان سائداً قبل طوفان الأقصى رغم حجم وكم التضحيات الكبيرة والجسيمة وغير المسبوقة منذ عقود الصراع مع هذا الاحتلال.

ويبقى أن الحدث في غزة أعاد إلى ذاكرتنا وبقوة كل مشاهد الدمار والنزوح والاعتقال والموت بكل أشكاله بما فيه الموت جوعاً الذي عانى منه أهلنا من فلسطينيي سورية في السنوات الماضية ضمن مخيمات اللاجئين وتجمعاتهم من درعا في جنوب سوريا حتى حلب في شمالها، وهذا ما جعل إحساسنا بمعاناة أهلنا في غزة مركباً ومضاعفاً.

ولا يمكن لأي منّا أن يتجاوز التفاعل مع هذا الحدث التاريخي وتزداد المسؤولية على النخب السياسية والثقافية والفكرية لتكون أكثر تفاعلاً انسجاماً مع دورها المنوط بها في حقل الإعلام لتعكس الواقع الذي يعيشه أهلنا في قطاع غزة وفلسطين إلى كل المحافل والمنابر الدولية وتضغط على كل صنّاع القرار في هذا العالم للوصول إلى استجابة ترتقي لمستوى الحدث.

الإعلامي الوليد يحيى (غزة تختزل الكل الفلسطيني)

غزّة بالنسبة لي ككاتب وصحافي، ليست مجرد ساحة مليئة بالأحداث، التي يجب تناولها خبرياً وتحليلياً في نطاق المجال المهني المجرّد، كما يفعل العديد من الصحفيين وخصوصاً من هم خارج نطاق العالم العربي، وأحياناً بعض العرب، الذين يتناولون الحدث في غزّة، على أنه فصل من فصول صراع طويل على ملكية أرض بين طرفين، ولكن تتخلله انتهاكات، تثير حساسيات قانونية وحقوقية، ويحرصون لتتبعها من كلا الطرفين بشكل متساوٍ، فهذا التناول الذي يدعي " الحيادية" لا يمكن اعتباره من ضروب المهنية الصحفية، حين يجري تطبيقه على القضية الفلسطينية والحدث الغزّي بالتحديد.

لذلك لا يمكن لأي صحفي سواء كان فلسطينياً عربياً أم أجنبياً، ان يجرّد غزّة عما تمثّله، باعتبارها إحدى عناوين القضية الفلسطينية وإحدى ساحات صراعها التحرري، الشاهدة على جرائم إبادة جماعية مدفوعة بأفظع الأفكار العنصرية واوهام التفوق العرقي من قبل الصهاينة، واختباراً نهائياً لـ "حضارة" الغرب، وما يدعيه من قيم حقوقية وإنسانية. فصلب الحدث هنا وجوهر القضية هو ما تمثله غزّة بهذا المعنى، وهو ما يجب ان يبرز في تناولها إعلامياً والتركيز عليه، لذلك ليس صحفياً ولا كاتباً منتجاً لأفكار إنسانية أو هدفها خدمة الإنسانية، من يجرد غزّة عن جوهر قضيتها، ويتناولها على أنها مجرد صراع بمحددات تقليدية.

إضافة إلى ذلك، فقطاع غزّة يكثف القضية الفلسطينية بكافة مسائلها، وخصوصاً مسألة اللاجئين وكفاحهم، لما يحتويه من نسبة لاجئين تقارب ٦٠ % من سكانه او أكثر، ما جعل غزة لصيقة جداً وجدانياً بالشتات الفلسطيني وصحافيوه، باعتبارها بمثابة مخيماً كبيراً يختزن الكل الفلسطيني من كافة فلسطين التاريخية.

وما يحدث في غزة اليوم خبر بعضه الشتات الفلسطيني، وخصوصاً في مخيم اليرموك في سوريا الذي تعرض لصنوف من الإبادة المادية والمعنوية بتدميره وسحق رمزيته وقتل وتشريد سكانه، وهذا ما حوّل غزّة في نظري كصحفي وربما يشاركني به الكثير من الصحفيين الفلسطينيين والسوريين، إلى نموذج يكثّف ما هو مخطط ضدنا ويُنفّذ في اقصى وحشيته دون استحياء، كان العدو الصهيوني قد بدأه منذ نكبة 1948، وشهدنا ما يشبهه في مخيم اليرموك ومدن سوريا الثائرة ضد الظلم والاستبداد، ومرآتاً تعكس مصيراً لا يمكن تجنبه الا بمقاومة مشاريع الاحتلال والاستيطان والعنصرية والاستبداد المحلي والاجنبي على حدّ سواء، و مختبراً معيارياً للأخلاقيات والقيم التي يعمل وفقها الصحفي أو كل من يعمل في مهنة تعنى بالحقيقة والحقوق والقيم والإنسانية.

الكاتب والإعلامي ماهر حجازي (غزة تعني لنا الكثير)

غزة تعني لنا الكثير، فهي تذكر اللاجئين الفلسطيني في دول الشتات أن لهم وطناً محتلاً، وتذكرنا بأننا نعيش اللجوء والتهجير، تذكرنا بأن الشعب الفلسطيني حي.

إن ما يجري اليوم في غزة من إبادة جماعية وارتكاب مجازر ممنهجة متواصلة منذ خمسة أشهر، وما يرافقه من منع إدخال المساعدات الغذائية والطبية، إضافة لسياسة التجويع والحصار الذي تنتهجه قوات الاحتلال الإسرائيلي كسلاح ضد أهلنا في قطاع غزة، يعيد ذاكرتي إلى ما تعرض له مخيم اليرموك عام 2015 من حصار وتجويع، والأيام القاسية التي عشتها أنا وعائلتي، ومشاهد الأطفال والنساء والكبار والمرضى الذين كانوا يتضورون جوعاً حتى الموت، ويأكلون الحشائش والقطط فقط لمجرد البقاء على قيد الحياة.

ومن نافل القول: إن جريمة التجويع هي جريمة إبادة تضاف إلى جرائم القصف والقتل، والإعدامات الميدانية التي تقوم بها الاحتلال في قطاع غزة وهي تستوجب محاسبة دولية.

يجب أن لا يفلت الاحتلال وحكومته من العقاب الدولي على ما ارتكبه ويرتكبه من إبادة جماعية بحق أهلنا في قطاع غزة، والأولوية اليوم لوقف العدوان وإدخال المساعدات وإعادة الإعمار ورفع الحصار.

الإعلامي عبد السلام فايز (حملة تطهير عرقي)

لقد أعادت المجازر في غزة إلى ذكرياتنا مأساة المخيمات الفلسطينية التي عايشناها في سورية، بغض النظر عن فوارق الآلة التدميرية، فما يحدث في غزة هو أكثر من إبادة جماعية، بل هو حملة تطهير عرقي ممنهج بحق أصحاب الأرض الحقيقيين، يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي من أجل أن يكون المشهد عِبرةً للفلسطيني إذا ما فكر يوماً أن يطالب بحقوقه المشروعة، لأن ذلك سيجعله عُرضة للقتل والإبادة والتجويع والتهجير والتشريد وافتراش الشتاء والخيام إنْ وُجدت..

ولعل فلسطينيي سورية الذين هُجّروا مرتين وقُتلوا مرتين، وأُوذوا مرتين، لَهُم أجدر بالتضامن مع أهالي غزة الذين يتعرضون لمذبحة العصر على يد الاحتلال الإسرائيلي، أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكناً، بل قدم كافة أشكال الدعم العسكري والسياسي والإعلامي لصالح الإسرائيليين، فراحوا جميعاً يلاحقون الفلسطيني حتى في خيمته وشتاته، فيقطعون تمويلهم للأونروا التي تعتبر الشاهد الوحيد على نكبة المخيمات، في محاولة مفضوحة لتجويع اللاجئ الفلسطيني وملاحقته في لقمة عيشه.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/20088