map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

جيش التحرير الفلسطيني استنزاف الأعمار والأرزاق

تاريخ النشر : 10-07-2024
جيش التحرير الفلسطيني استنزاف الأعمار والأرزاق

فايز أبو عيد / صحفي وإعلامي

يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه " علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل"، وعليهِ من نافل القول الاهتمام بالإعداد البدني والعسكري لأي شاب على وجه البسيطة، وفي حال وقوع أي شعب تحت الاحتلال، سيكون بالغ الضرورة تجهيزه لخوض المعارك التحررية وإعداده ليبذل ماله ودمه ونفسه كرمى للوطن السليب. فالغاية الأولى والأخيرة من هذا الإعداد والتدريب هو تحرير الوطن المحتل، وأنا هنا أتحدث عن الخدمة الإلزامية في جيش التحرير الفلسطيني. فمن المعروف أن خدمة العلم تطبق على الفلسطينيين والسوريين سواء.

أود أن أسلط الضوء على الخدمة الإلزامية للشبان الفلسطينيين في سوريا، بعدما صارت بمثابة استنزاف لحياتهم وأعمارهم وأرزاقهم نظرا لطول فترة خدمتهم العسكرية، فهي قد تمتد لأكثر من خمس سنوات في حال وجود عقوبات بسبب التخلف أو لأسباب أخرى تتعلق بالانضباط، وفي أفضل الأحوال وكما هو معروف تمتد لأربع سنوات ونصف، سنة ونصف خدمة إلزامية وثلاث سنوات احتفاظ.

هذا الكابوس دفع العديد من الشبان الفلسطينيين للسفر خارج سوريا، بسبب هذه المدة الزمنية الطويلة.

وفي المقابل لا يمكن نكران الجوانب الإيجابية للخدمة العسكرية الإلزامية، من رياضة والتدرب على فك البندقية وتركيبها وتنظيفها والتعوّد على الحياة العسكرية وخشونتها ومشقتها، والتدرب أيضا على أسلحة أخرى تستخدم في ميدان المعركة. والقيام بالمشاريع العسكرية التي تمتد لأيام وهناك مقولة منتشرة تقول (كل شي في الجيش مو الك بس الرياضة الك".    ومع التأكيد أنه خلال الخدمة العسكرية يتعرف أبناء المخيمات على بعضهم البعض وتتشكل صداقات قد تمتد حتى نهاية العمر.

وبدوره يخبرنا أحد الشبان ممن أنهوا الخدمة العسكرية منذ سنوات، أنّه كان ملزماً بتدريب الشبان الملتحقين بالخدمة العسكرية وغالبيتهم تم ضبطهم موجوداً وسوقهم رغماً عنهم لخدمة العلم كما حصل معه هو نفسه، هذا التدريب يجب أن يكون قاسياً وهو مؤذٍ لحد بعيد، فغالبيتهم ممن أنهوا دورات الصاعقة في مركز التدريب في مصياف وخاصة دورة الميجر خرجوا بعاهات وإصابات، كالغضروف والروماتيزم.

 ورغم شراسة التدريب وعنفه، فالطعام سيء لحد بعيد فالخبز في كثير من الأحيان يقدم جافّا والخضراوات ذابلة وغير صالحة للأكل مما يضطره هو وأصحابه لكبّ نصفها وطبخ نصفها الآخر، ودورات المياه غير صالحة للاستخدام البشري وهي دائماً بحاجة للتصليح، أما النوم فله حكاية خاصة به، الأسرة من حديد، والبطانيات أما قديمة ومتسخة، أو تزخر بالقمل والعث.

ويخبرنا شاب آخر أنهى الخدمة العسكرية خلال الأزمة السورية، أنّه أمضى أربع سنوات ونصف بالجيش بلا فائدة مرجوّة،  فقد كان يقضي أيامه هو وأصحابه بنوبات الحرس وبالقيام بتعشيب مقر القيادة وحفر الأقماع وتعزيلها، - تلك الأقماع هي عبارة عن حفر كبيرة بعمق متر يتم الاختباء بها عند القصف المباغت -  التي يستخدمونها بعد حفرها كمراحيض لعدم وجود دورات مياه  أساساً في الكثير من القطع العسكرية لجيش التحرير الفلسطيني كالقادسية على سبيل المثال لا الحصر، ويمضون الليل بلعب الورق(الشدة)  أو الشطرنج والتسلية بأي شيء مع انتشار واضح للمشروبات الروحية والمخدرات.

 وبخصوص وضعه المادي، كان يستدين بشكل دائم لشراء المعلبات بسبب ندرة الطعام في قطعته العسكرية، وقد حمّل عائلته فوق طاقتها، فقد استنزفهم مادياً حتى أنهى خدمته، على الرغم أنّه اشتغل عاماً بطوله وفّر فيه مصاريف خدمته العسكرية، لكن بسبب انهيار قيمة الليرة السورية وضعف قدرتها الشرائية، فقد المبلغ الذي وفّره قيمته. أمّا عن راتبه الشهري كان حوالي عشرين دولارا وعندما أنهى خدمته (أربع سنوات ونصف) حصل على مكافأة مالية تعادل 250 دولارا.

بدوره حدثنا شاب آخر وهو ابن عائلة ميسورة، أنّه أمضى خدمته العسكرية في المنزل ماعدا الدورة العسكرية التي يكون فيها التدريب مكثّفا وهي حوالي ستة أشهر، فقد كان يدفع المال بشكل دوري للضابط المسؤول عن قطعته شهريا، فهو حسب التعبير السائد "مفيّش".

 وعند سؤاله عن المبلغ الشهري أجاب أنّه " مليون ونصف ليرة سورية" أي ما يعادل 100 دولار مع تحويل الوحدات للاتصال الهاتفي " لمعلمّه " حسب وصفه له، وشراء الحلويات والشاي والقهوة والسكر بشكل دائم له وتقديمه لراتبه الشهري له أيضا.

وعند السؤال عن حال الإجازات ومدتها أبلغنا بالمعلومات الآتية ففي حال كانت الإجازة لمدة يوم واحد فقط فمن المطلوب دفع مبلغ يعادل دولارا واحدا، وإذا كان يسعى لإجازة أسبوعية مدتها أسبوع كامل كان يدفع ما يعادل 25 دولارا. هذه الرشاوى منتشرة لحد كبير في جيش التحرير الفلسطيني منذ بداياته، وأنا أتذكر أنه كان لي صديق في جيش التحرير الفلسطيني يدفع مبلغ 1500 ليرة سورية مقابل إجازة أسبوعية أي ما يعادل 30 دولارا وذلك قبل الأزمة السّورية.

ومن الجدير بالذكر أنّ غالبية من تم مقابلتهم، يظهر أنهم أنفقوا خمس سنوات أو أكثر أو أقل بقليل في الخدمة العسكرية فهناك عقوبة التخلف وهي حوالي 6 أشهر، مع الأخذ بالحسبان أنّ غالبيتهم من المتخلفين وطبّقت عليهم هذه العقوبة الظالمة.

هذه السنوات الطويلة الصعبة ترهق عائلات الفلسطينيين ماديا ومعنويا، وتحمّلهم فوق طاقتهم، وخصوصا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سوريا، فمن المفروض أن تكون مرحلة الشباب مرحلة بناء في عمر الفلسطيني، لا مرحلة استنزاف وإهدار للعمر والمال على حد سواء، فهي خسارة مضاعفة في جميع الأحوال.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/20466

فايز أبو عيد / صحفي وإعلامي

يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه " علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل"، وعليهِ من نافل القول الاهتمام بالإعداد البدني والعسكري لأي شاب على وجه البسيطة، وفي حال وقوع أي شعب تحت الاحتلال، سيكون بالغ الضرورة تجهيزه لخوض المعارك التحررية وإعداده ليبذل ماله ودمه ونفسه كرمى للوطن السليب. فالغاية الأولى والأخيرة من هذا الإعداد والتدريب هو تحرير الوطن المحتل، وأنا هنا أتحدث عن الخدمة الإلزامية في جيش التحرير الفلسطيني. فمن المعروف أن خدمة العلم تطبق على الفلسطينيين والسوريين سواء.

أود أن أسلط الضوء على الخدمة الإلزامية للشبان الفلسطينيين في سوريا، بعدما صارت بمثابة استنزاف لحياتهم وأعمارهم وأرزاقهم نظرا لطول فترة خدمتهم العسكرية، فهي قد تمتد لأكثر من خمس سنوات في حال وجود عقوبات بسبب التخلف أو لأسباب أخرى تتعلق بالانضباط، وفي أفضل الأحوال وكما هو معروف تمتد لأربع سنوات ونصف، سنة ونصف خدمة إلزامية وثلاث سنوات احتفاظ.

هذا الكابوس دفع العديد من الشبان الفلسطينيين للسفر خارج سوريا، بسبب هذه المدة الزمنية الطويلة.

وفي المقابل لا يمكن نكران الجوانب الإيجابية للخدمة العسكرية الإلزامية، من رياضة والتدرب على فك البندقية وتركيبها وتنظيفها والتعوّد على الحياة العسكرية وخشونتها ومشقتها، والتدرب أيضا على أسلحة أخرى تستخدم في ميدان المعركة. والقيام بالمشاريع العسكرية التي تمتد لأيام وهناك مقولة منتشرة تقول (كل شي في الجيش مو الك بس الرياضة الك".    ومع التأكيد أنه خلال الخدمة العسكرية يتعرف أبناء المخيمات على بعضهم البعض وتتشكل صداقات قد تمتد حتى نهاية العمر.

وبدوره يخبرنا أحد الشبان ممن أنهوا الخدمة العسكرية منذ سنوات، أنّه كان ملزماً بتدريب الشبان الملتحقين بالخدمة العسكرية وغالبيتهم تم ضبطهم موجوداً وسوقهم رغماً عنهم لخدمة العلم كما حصل معه هو نفسه، هذا التدريب يجب أن يكون قاسياً وهو مؤذٍ لحد بعيد، فغالبيتهم ممن أنهوا دورات الصاعقة في مركز التدريب في مصياف وخاصة دورة الميجر خرجوا بعاهات وإصابات، كالغضروف والروماتيزم.

 ورغم شراسة التدريب وعنفه، فالطعام سيء لحد بعيد فالخبز في كثير من الأحيان يقدم جافّا والخضراوات ذابلة وغير صالحة للأكل مما يضطره هو وأصحابه لكبّ نصفها وطبخ نصفها الآخر، ودورات المياه غير صالحة للاستخدام البشري وهي دائماً بحاجة للتصليح، أما النوم فله حكاية خاصة به، الأسرة من حديد، والبطانيات أما قديمة ومتسخة، أو تزخر بالقمل والعث.

ويخبرنا شاب آخر أنهى الخدمة العسكرية خلال الأزمة السورية، أنّه أمضى أربع سنوات ونصف بالجيش بلا فائدة مرجوّة،  فقد كان يقضي أيامه هو وأصحابه بنوبات الحرس وبالقيام بتعشيب مقر القيادة وحفر الأقماع وتعزيلها، - تلك الأقماع هي عبارة عن حفر كبيرة بعمق متر يتم الاختباء بها عند القصف المباغت -  التي يستخدمونها بعد حفرها كمراحيض لعدم وجود دورات مياه  أساساً في الكثير من القطع العسكرية لجيش التحرير الفلسطيني كالقادسية على سبيل المثال لا الحصر، ويمضون الليل بلعب الورق(الشدة)  أو الشطرنج والتسلية بأي شيء مع انتشار واضح للمشروبات الروحية والمخدرات.

 وبخصوص وضعه المادي، كان يستدين بشكل دائم لشراء المعلبات بسبب ندرة الطعام في قطعته العسكرية، وقد حمّل عائلته فوق طاقتها، فقد استنزفهم مادياً حتى أنهى خدمته، على الرغم أنّه اشتغل عاماً بطوله وفّر فيه مصاريف خدمته العسكرية، لكن بسبب انهيار قيمة الليرة السورية وضعف قدرتها الشرائية، فقد المبلغ الذي وفّره قيمته. أمّا عن راتبه الشهري كان حوالي عشرين دولارا وعندما أنهى خدمته (أربع سنوات ونصف) حصل على مكافأة مالية تعادل 250 دولارا.

بدوره حدثنا شاب آخر وهو ابن عائلة ميسورة، أنّه أمضى خدمته العسكرية في المنزل ماعدا الدورة العسكرية التي يكون فيها التدريب مكثّفا وهي حوالي ستة أشهر، فقد كان يدفع المال بشكل دوري للضابط المسؤول عن قطعته شهريا، فهو حسب التعبير السائد "مفيّش".

 وعند سؤاله عن المبلغ الشهري أجاب أنّه " مليون ونصف ليرة سورية" أي ما يعادل 100 دولار مع تحويل الوحدات للاتصال الهاتفي " لمعلمّه " حسب وصفه له، وشراء الحلويات والشاي والقهوة والسكر بشكل دائم له وتقديمه لراتبه الشهري له أيضا.

وعند السؤال عن حال الإجازات ومدتها أبلغنا بالمعلومات الآتية ففي حال كانت الإجازة لمدة يوم واحد فقط فمن المطلوب دفع مبلغ يعادل دولارا واحدا، وإذا كان يسعى لإجازة أسبوعية مدتها أسبوع كامل كان يدفع ما يعادل 25 دولارا. هذه الرشاوى منتشرة لحد كبير في جيش التحرير الفلسطيني منذ بداياته، وأنا أتذكر أنه كان لي صديق في جيش التحرير الفلسطيني يدفع مبلغ 1500 ليرة سورية مقابل إجازة أسبوعية أي ما يعادل 30 دولارا وذلك قبل الأزمة السّورية.

ومن الجدير بالذكر أنّ غالبية من تم مقابلتهم، يظهر أنهم أنفقوا خمس سنوات أو أكثر أو أقل بقليل في الخدمة العسكرية فهناك عقوبة التخلف وهي حوالي 6 أشهر، مع الأخذ بالحسبان أنّ غالبيتهم من المتخلفين وطبّقت عليهم هذه العقوبة الظالمة.

هذه السنوات الطويلة الصعبة ترهق عائلات الفلسطينيين ماديا ومعنويا، وتحمّلهم فوق طاقتهم، وخصوصا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سوريا، فمن المفروض أن تكون مرحلة الشباب مرحلة بناء في عمر الفلسطيني، لا مرحلة استنزاف وإهدار للعمر والمال على حد سواء، فهي خسارة مضاعفة في جميع الأحوال.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/20466