map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

أمنيات الفتيات البيضاء

تاريخ النشر : 22-07-2024
أمنيات الفتيات البيضاء

فايز أبو عيد || مجموعة العمل

من المعروف أن للحرب إرهاصاتها السلبية التي لا تنتهي أبدًا وقد تستمر لعقود بعدها، ولكن من عاش في لجتها وأكتوى بنارها يعرف أن لها أوزارًا أثقل من الأسلحة، وآثاراً عميقة وندوب وجروح نفسية متنوعة بسبب ما تُخلفه من دمار وخراب اقتصادي وعمراني، ثقافي واجتماعي، فالأذى الذي يصيب الإنسان يتنوّع بين فقدانه لأحبابه، جراء القتل والاعتقال والاخفاء القسري، ليصل للهجرة الطوعية أو القسرية طلباً للأمن والأمان.

وشكلت ظاهرة هجرة الشباب تحديداً اختلال في بنية المجتمع، وأدت إلى ارتفاع نسبة الإناث بشكل كبير جداً مقابل انخفاض في نسبة الذكور،  وهذا العامل أدى لتأخر سن الزواج والعنوسة، وظهور حالات الزواج خارج إطار القانون بسبب الجهل والتخلف الذي يسربل مجتمعاتنا، كما أساس لما يسمى الزواج (بكتاب شيخ) دون تسجيل واقعة الزواج في المحكمة، وهنا ظهرت الكثير من المشاكل الاجتماعية، حيث انتشر هذا الزواج بشكل واضح أثناء الأحداث في سوريا بسبب رغبة الناس بالقفز عن محاكم الدولة الشرعية والانتقال للدين الإسلامي الحنيف فقط، مع أن ديننا الحنيف لا يتعارض مع تسجيل واقعة الزواج لحفاظ حقوق الزوجة وأبنائها.

كما انتشر بشكل غير مسبوق ظاهرة الفتيات اللواتي ممن لم يسعفهن الحظ للزواج بعد. وقد سلطنا الضوء في تحقيقنا هذا على شريحة من الفتيات الفلسطينيات في سورية المطلّقات وممن فاتهن قطار الزواج.

(ر) فتاة لم تبلغ عامها العشرين ولم تحصل سوى على الشهادة الابتدائية، تزوجت مرّة واحدة وطُلَقت، تزوجت عسكري سوري منشق، قادم من محافظات الشمال السوري، كان يتبع للفصائل السورية المعارضة وأنجبت منه ولداً، وبعد اجراء التسويات في محافظة درعا، قرر الذهاب إلى مدينة إدلب ورفض ترافقه، ولم يكتف بذلك، بل قام بأخذ الولد منها رغماً عنها وبموافقة أهلها وقالوا لها بالحرف " هاد الولد مش ابنا " بعد طلاقه لها بلا مبرر منطقي، هي تفتقد ابنها كثيراً وتشتاق له وتبكيه في غالب الأوقات.

تقول (آ) مدرّسة لغة أجنبية، تبلغ من العمر 25 ربيعاً، تزوّجت مرّة واحدة وطُلِقت، الأولى عندما كنت طالبة جامعية ولم أسجل واقعة الزواج في المحكمة واستمر زواجي نصف عام فقط، وعندما تزوجت المرة الثانية تم اعتقال زوجي، بعد عامين من زواجي منه، اليوم مرّ على اعتقال زوجي سبع سنوات وأنا لا أعلم عنّه أي شيْ.

(د) مهندسة مدنية، تزوجت وهي في سنتها الجامعية الأولى بعد قصة حب عاصفة، وعندما تخرجت من الجامعة، تم اغتيال زوجها، وكانت قد انجبت منه طفلين، وكانت ترفض فكرة الزواج بشكل قاطع لكن عائلتها أجبرتها على الزواج من شقيق زوجها الذي يكبرها بعشرين عام، وهي اليوم تتمنى بأنها لم تتزوج منه إطلاقاً.

(م) صيدلانية، تكاد تبلغ من العمر 30 عاماً، تقول إنه تم خطبتها مرة واحدة فقط لشاب مطلّق ولديه ابن وابنة من طليقته وقد رفضت بسبب وجود الأطفال، فهي بنظرها تستحق فرصة أفضل، وحسب تعبيرها لليوم "لم يدق بابها أي عريس".

(س) طالبة جامعية، أخبرتنا أنّها أحبت رجلاً مطلّقا ولديه طفلتين من طليقته، ولكنه لا يلتقي بهما إلا يوم واحد بالأسبوع عن طريق (الإراءة) في المحكمة، رفضت عائلتها ارتباطها بهِ، وذلك لأنه يكبرها بخمسة عشرة عاما، وما زالت لليوم تتواصل معه وهي عازمة على الزواج منه، مهما بلغت التضحيات.

(ن) طالبة جامعية خطبها ابن خالها المقيم في ألمانيا عن طريق النت كما هو منتشر حالياً وذلك قبل ست سنوات، لكن إجراءات لم الشمل تعقدت كثيراً ولم تتهيأ لهما الأسباب لإتمام الزواج، تم فسخ الخطوبة بالتراضي، حاليا تعمل في شركة توزيع، ولليوم لم يتقدم لخطبتها أي شاب.

للفتيات أحلام كما الفتيان، كل فتاة تحلم أن يأتي فتى أحلامها وقد جهز لها كل أساليب الحياة المقبولة، في ظل الغلاء الفاحش وفقدان العملة لقيمتها وانهيار الاقتصاد، أصبح الزواج مكلفاً جداً، مما يجعل الخاطبين يكتفون بخاتم (حابس ومحبس فقط)، وأن يأكلوا خبز وبصل ووجود حصيرة وفرشة.

غالبية الفتيات ممن تم مقابلتهن من مجموعة العمل يتمنين الزواج لتشكيل أسرّة سعيدة، يحلمن بطفل صغير يقول لهنّ ماما، لكن هجرة الشباب وانهيار الاقتصاد أضاع هذه الأمنيات البيضاء، مع أن هذه الأمنيات هي أقلّ ما يمكن تحقيقه لأي شاب أو شابة على وجه البسيطة.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/20502

فايز أبو عيد || مجموعة العمل

من المعروف أن للحرب إرهاصاتها السلبية التي لا تنتهي أبدًا وقد تستمر لعقود بعدها، ولكن من عاش في لجتها وأكتوى بنارها يعرف أن لها أوزارًا أثقل من الأسلحة، وآثاراً عميقة وندوب وجروح نفسية متنوعة بسبب ما تُخلفه من دمار وخراب اقتصادي وعمراني، ثقافي واجتماعي، فالأذى الذي يصيب الإنسان يتنوّع بين فقدانه لأحبابه، جراء القتل والاعتقال والاخفاء القسري، ليصل للهجرة الطوعية أو القسرية طلباً للأمن والأمان.

وشكلت ظاهرة هجرة الشباب تحديداً اختلال في بنية المجتمع، وأدت إلى ارتفاع نسبة الإناث بشكل كبير جداً مقابل انخفاض في نسبة الذكور،  وهذا العامل أدى لتأخر سن الزواج والعنوسة، وظهور حالات الزواج خارج إطار القانون بسبب الجهل والتخلف الذي يسربل مجتمعاتنا، كما أساس لما يسمى الزواج (بكتاب شيخ) دون تسجيل واقعة الزواج في المحكمة، وهنا ظهرت الكثير من المشاكل الاجتماعية، حيث انتشر هذا الزواج بشكل واضح أثناء الأحداث في سوريا بسبب رغبة الناس بالقفز عن محاكم الدولة الشرعية والانتقال للدين الإسلامي الحنيف فقط، مع أن ديننا الحنيف لا يتعارض مع تسجيل واقعة الزواج لحفاظ حقوق الزوجة وأبنائها.

كما انتشر بشكل غير مسبوق ظاهرة الفتيات اللواتي ممن لم يسعفهن الحظ للزواج بعد. وقد سلطنا الضوء في تحقيقنا هذا على شريحة من الفتيات الفلسطينيات في سورية المطلّقات وممن فاتهن قطار الزواج.

(ر) فتاة لم تبلغ عامها العشرين ولم تحصل سوى على الشهادة الابتدائية، تزوجت مرّة واحدة وطُلَقت، تزوجت عسكري سوري منشق، قادم من محافظات الشمال السوري، كان يتبع للفصائل السورية المعارضة وأنجبت منه ولداً، وبعد اجراء التسويات في محافظة درعا، قرر الذهاب إلى مدينة إدلب ورفض ترافقه، ولم يكتف بذلك، بل قام بأخذ الولد منها رغماً عنها وبموافقة أهلها وقالوا لها بالحرف " هاد الولد مش ابنا " بعد طلاقه لها بلا مبرر منطقي، هي تفتقد ابنها كثيراً وتشتاق له وتبكيه في غالب الأوقات.

تقول (آ) مدرّسة لغة أجنبية، تبلغ من العمر 25 ربيعاً، تزوّجت مرّة واحدة وطُلِقت، الأولى عندما كنت طالبة جامعية ولم أسجل واقعة الزواج في المحكمة واستمر زواجي نصف عام فقط، وعندما تزوجت المرة الثانية تم اعتقال زوجي، بعد عامين من زواجي منه، اليوم مرّ على اعتقال زوجي سبع سنوات وأنا لا أعلم عنّه أي شيْ.

(د) مهندسة مدنية، تزوجت وهي في سنتها الجامعية الأولى بعد قصة حب عاصفة، وعندما تخرجت من الجامعة، تم اغتيال زوجها، وكانت قد انجبت منه طفلين، وكانت ترفض فكرة الزواج بشكل قاطع لكن عائلتها أجبرتها على الزواج من شقيق زوجها الذي يكبرها بعشرين عام، وهي اليوم تتمنى بأنها لم تتزوج منه إطلاقاً.

(م) صيدلانية، تكاد تبلغ من العمر 30 عاماً، تقول إنه تم خطبتها مرة واحدة فقط لشاب مطلّق ولديه ابن وابنة من طليقته وقد رفضت بسبب وجود الأطفال، فهي بنظرها تستحق فرصة أفضل، وحسب تعبيرها لليوم "لم يدق بابها أي عريس".

(س) طالبة جامعية، أخبرتنا أنّها أحبت رجلاً مطلّقا ولديه طفلتين من طليقته، ولكنه لا يلتقي بهما إلا يوم واحد بالأسبوع عن طريق (الإراءة) في المحكمة، رفضت عائلتها ارتباطها بهِ، وذلك لأنه يكبرها بخمسة عشرة عاما، وما زالت لليوم تتواصل معه وهي عازمة على الزواج منه، مهما بلغت التضحيات.

(ن) طالبة جامعية خطبها ابن خالها المقيم في ألمانيا عن طريق النت كما هو منتشر حالياً وذلك قبل ست سنوات، لكن إجراءات لم الشمل تعقدت كثيراً ولم تتهيأ لهما الأسباب لإتمام الزواج، تم فسخ الخطوبة بالتراضي، حاليا تعمل في شركة توزيع، ولليوم لم يتقدم لخطبتها أي شاب.

للفتيات أحلام كما الفتيان، كل فتاة تحلم أن يأتي فتى أحلامها وقد جهز لها كل أساليب الحياة المقبولة، في ظل الغلاء الفاحش وفقدان العملة لقيمتها وانهيار الاقتصاد، أصبح الزواج مكلفاً جداً، مما يجعل الخاطبين يكتفون بخاتم (حابس ومحبس فقط)، وأن يأكلوا خبز وبصل ووجود حصيرة وفرشة.

غالبية الفتيات ممن تم مقابلتهن من مجموعة العمل يتمنين الزواج لتشكيل أسرّة سعيدة، يحلمن بطفل صغير يقول لهنّ ماما، لكن هجرة الشباب وانهيار الاقتصاد أضاع هذه الأمنيات البيضاء، مع أن هذه الأمنيات هي أقلّ ما يمكن تحقيقه لأي شاب أو شابة على وجه البسيطة.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/20502