map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

اندثار الطبقة الفلسطينية الوسطى في سوريا

تاريخ النشر : 06-08-2024
اندثار الطبقة الفلسطينية الوسطى في سوريا

فايز أبوعيد – مجموعة العمل 
من المعروف أن أكثر من 90% من الفلسطينيين اللاجئين في سوريا هم من أبناء الطبقة الوسطى، هذه الطبقة التي تعتبر العمود الفقري لأي مجتمع، فهي أكثر من تتمسك بالعادات والتقاليد وبالشعائر الدينية على عكس الطبقة الفقيرة والطبقة الغنية، والتي غالبيتهما لا تكترثان كثيرا بهذه الأمور وذلك حسب العديد من الدراسات الاجتماعية المعروفة.
تعتبر الطبقة الوسطى في أي مجتمع هي ضمان الحزام الاجتماعي وهي المنتجة الحقيقية للاقتصاديين والمثقفين، وبانهيارها تتزعزع بنية أي مجتمع مما يعود بنتائج سلبية كثيرة على الدولة.
هذه الطبقة الوسطى في المجتمع الفلسطيني في سوريا انحدرت وأصبحت من المحسوبين على الطبقة الفقيرة، وذلك بسبب الحرب وإرهاصاتها التي لم تنته ليومنا هذا، وبالتالي لم يعد لهذه الطبقة أي وجود أساسا، فهي اندثرت وانتهت للأسف الشديد.
تضمّ الطبقة الوسطى بشكل أساسي الموظفين الحكوميين وغالبيتهم من موظفي وزارة التربية وبشكل أخص من المعلمين والمعلمات، وموظفين وموظفات في باقي دوائر الدولة حيث كان لهم وما يزال وجود فاعل في مؤسسات الدولة، في ظل عزوف بعض أبناء المحافظات الثرية كمحافظة درعا على سبيل المثال لا التحديد، من التوظيف في دوائر الدولة لضعف الراتب (قبل الأزمة وحتى يومنا هذا)، ولهجرة غالبية أبنائها لدول الخليج العربي، بنسبة تصل لأكثر من 94%.
وإذا تحدثنا بشكل أعم لوجدنا بكل بساطة أنّ حدود الطبقة الوسطى وفق تقييم الدخل فهي تنحدر نحو الفاقة والفقر المدقع، بعدما هبطت إلى ما دون حد الفقر الذي يهيمن حالياً على الاقتصاد وعلى بنية المجتمع، وسط انتشار البطالة والأزمات، وغلاء الأسعار وارتفاع الإيجارات المنزلية وتهاوي سعر صرف الليرة السورية بشكل دوري أمام العملات الأجنبية كالدولار واليورو.
ولا آتي بجديد عندما أتحدث عن الفرق الشاسع بين القوة الشرائية لرواتب الموظفين الفلسطينيين قبل الأزمة السورية وفي هذه الأيام، هذا من جانب ومن جانب آخر، نجد أن طبقة موظفين وكالة الأونروا لم تتأثر رواتبهم في هذه الأزمة، وبقيت أمورهم الاقتصادية على حالها، حالهم كحال موظفي السفارة الفلسطينية في سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية والمتفرغين في الحركات التي تكون في إطار منظمة التحرير الفلسطينية.
وبدورنا التقينا الأستاذ أبو رامي وهو مدرس لغة عربية، أخبرنا أنّه خريج جامعة دمشق منذ العام 2000 وزوجته أيضا تحمل شهادة جامعية في الأدب الإنكليزي، وفي حسبة سريعة فإن مجموع راتب أبو رامي وزوجته هو63 دولارا فقط. وهما يمضيان جلّ يومهم في إعطاء الدروس الخصوصية، ليصلوا لمرحلة الاكتفاء الذاتي فقط، وكي لا يستدينوا من أحد نهائيا، لدى أبو رامي وزوجته خمسة أطفال، وهم بحاجة لمصروف يومي يصل ل عشرة دولارات مع إضافة المبلغ الذي يدفعونه كإيجار للبيت الذي يسكنوه، بعدما تعرض منزلهم للقصف في مخيمهم الفلسطيني من قبل القوات الحكومية السورية، وبعد ذلك قامت قوات المعارضة السورية بتعفيش البيت وسرقته، "حتى مقابس النور والتواليت الفرنجي لم يسلم منهم" وذلك حسب تعبير الأستاذ أبو رامي.
يخبرنا الأستاذ أبو رامي أنّه لا يود العودة لفلسطين لأنها وطنه السليب فقط، بل لأن الفلسطينيين إذا تمّ قتلهم هناك فهم شهداء، وإذا تمّ اعتقالهم، فهم أسرى ولهم مخصصاتهم ورواتبهم التي تدفع بانتظام، فالفلسطيني في الوطن هو موظف في وكالة الأونروا أو موظف لدى السلطة الوطنية الفلسطينية وفي كلا الحالتين تكون الرواتب ممتازة ومن الممكن التوفير منها وشراء منزل وسيارة بالحد الأدنى.
وفي المحصلة نجد، أن أشد المتأثرين في انهيار الوضع الاقتصادي في سوريا هم من الفلسطينيين الموظفين في الحكومة السّورية، على عكس الموظفين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا والموظفين والمتفرغين من أبناء الفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية، فلم تتأثر أوضاعهم المعيشية إبان الأزمة، بل تحسنت لحصولهم على إضافات مستمرة على رواتبهم بسبب الحرب في سوريا، صدق المثل القائل " مصائب قوم عند قوم فوائد".

 

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/20542

فايز أبوعيد – مجموعة العمل 
من المعروف أن أكثر من 90% من الفلسطينيين اللاجئين في سوريا هم من أبناء الطبقة الوسطى، هذه الطبقة التي تعتبر العمود الفقري لأي مجتمع، فهي أكثر من تتمسك بالعادات والتقاليد وبالشعائر الدينية على عكس الطبقة الفقيرة والطبقة الغنية، والتي غالبيتهما لا تكترثان كثيرا بهذه الأمور وذلك حسب العديد من الدراسات الاجتماعية المعروفة.
تعتبر الطبقة الوسطى في أي مجتمع هي ضمان الحزام الاجتماعي وهي المنتجة الحقيقية للاقتصاديين والمثقفين، وبانهيارها تتزعزع بنية أي مجتمع مما يعود بنتائج سلبية كثيرة على الدولة.
هذه الطبقة الوسطى في المجتمع الفلسطيني في سوريا انحدرت وأصبحت من المحسوبين على الطبقة الفقيرة، وذلك بسبب الحرب وإرهاصاتها التي لم تنته ليومنا هذا، وبالتالي لم يعد لهذه الطبقة أي وجود أساسا، فهي اندثرت وانتهت للأسف الشديد.
تضمّ الطبقة الوسطى بشكل أساسي الموظفين الحكوميين وغالبيتهم من موظفي وزارة التربية وبشكل أخص من المعلمين والمعلمات، وموظفين وموظفات في باقي دوائر الدولة حيث كان لهم وما يزال وجود فاعل في مؤسسات الدولة، في ظل عزوف بعض أبناء المحافظات الثرية كمحافظة درعا على سبيل المثال لا التحديد، من التوظيف في دوائر الدولة لضعف الراتب (قبل الأزمة وحتى يومنا هذا)، ولهجرة غالبية أبنائها لدول الخليج العربي، بنسبة تصل لأكثر من 94%.
وإذا تحدثنا بشكل أعم لوجدنا بكل بساطة أنّ حدود الطبقة الوسطى وفق تقييم الدخل فهي تنحدر نحو الفاقة والفقر المدقع، بعدما هبطت إلى ما دون حد الفقر الذي يهيمن حالياً على الاقتصاد وعلى بنية المجتمع، وسط انتشار البطالة والأزمات، وغلاء الأسعار وارتفاع الإيجارات المنزلية وتهاوي سعر صرف الليرة السورية بشكل دوري أمام العملات الأجنبية كالدولار واليورو.
ولا آتي بجديد عندما أتحدث عن الفرق الشاسع بين القوة الشرائية لرواتب الموظفين الفلسطينيين قبل الأزمة السورية وفي هذه الأيام، هذا من جانب ومن جانب آخر، نجد أن طبقة موظفين وكالة الأونروا لم تتأثر رواتبهم في هذه الأزمة، وبقيت أمورهم الاقتصادية على حالها، حالهم كحال موظفي السفارة الفلسطينية في سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية والمتفرغين في الحركات التي تكون في إطار منظمة التحرير الفلسطينية.
وبدورنا التقينا الأستاذ أبو رامي وهو مدرس لغة عربية، أخبرنا أنّه خريج جامعة دمشق منذ العام 2000 وزوجته أيضا تحمل شهادة جامعية في الأدب الإنكليزي، وفي حسبة سريعة فإن مجموع راتب أبو رامي وزوجته هو63 دولارا فقط. وهما يمضيان جلّ يومهم في إعطاء الدروس الخصوصية، ليصلوا لمرحلة الاكتفاء الذاتي فقط، وكي لا يستدينوا من أحد نهائيا، لدى أبو رامي وزوجته خمسة أطفال، وهم بحاجة لمصروف يومي يصل ل عشرة دولارات مع إضافة المبلغ الذي يدفعونه كإيجار للبيت الذي يسكنوه، بعدما تعرض منزلهم للقصف في مخيمهم الفلسطيني من قبل القوات الحكومية السورية، وبعد ذلك قامت قوات المعارضة السورية بتعفيش البيت وسرقته، "حتى مقابس النور والتواليت الفرنجي لم يسلم منهم" وذلك حسب تعبير الأستاذ أبو رامي.
يخبرنا الأستاذ أبو رامي أنّه لا يود العودة لفلسطين لأنها وطنه السليب فقط، بل لأن الفلسطينيين إذا تمّ قتلهم هناك فهم شهداء، وإذا تمّ اعتقالهم، فهم أسرى ولهم مخصصاتهم ورواتبهم التي تدفع بانتظام، فالفلسطيني في الوطن هو موظف في وكالة الأونروا أو موظف لدى السلطة الوطنية الفلسطينية وفي كلا الحالتين تكون الرواتب ممتازة ومن الممكن التوفير منها وشراء منزل وسيارة بالحد الأدنى.
وفي المحصلة نجد، أن أشد المتأثرين في انهيار الوضع الاقتصادي في سوريا هم من الفلسطينيين الموظفين في الحكومة السّورية، على عكس الموظفين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا والموظفين والمتفرغين من أبناء الفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية، فلم تتأثر أوضاعهم المعيشية إبان الأزمة، بل تحسنت لحصولهم على إضافات مستمرة على رواتبهم بسبب الحرب في سوريا، صدق المثل القائل " مصائب قوم عند قوم فوائد".

 

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/20542