map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

نساء لوحدهن.. حكايتان حزينتان من حلب ودرعا

تاريخ النشر : 07-08-2024
نساء لوحدهن.. حكايتان حزينتان من حلب ودرعا

فايز أبو عيد

لو نظرنا نظرة سريعة وخاطفة على مخيمات الشتات الفلسطينية، لوجدنا الكثير من المآسي والقصص الحزينة التي تفطر القلب وتذهب بعقل اللبيب.

كما لو تجاوزنا وقائع القتل والاعتقال بلا سبب وبلا أي مبرر وبلا ارتكاب أي جرم قانوني، والنزوح القسري، لوصلنا لمعاناة يومية تعيشها بعض نسوة المخيمات، ذاك الألم المستمر الذي لا ينقطع وليس هناك ما يلوح في الأفق لينتهي.

(أ) أرملة منذ أكثر من عشرين عاماً، من سكان مخيم النيرب، توفي زوجها إثر نوبة قلبية مفاجئة، لها ابنان وابنتين، جميعهم يعيشون خارج سوريا، هاجروا خلال موجة الهجرة في العام 2015 والحرب مستعرة في البلاد. الابنان كانت خدمة العلم سببهما الرئيسي للهجرة، أما الابنتين فقد هاجرتا مع أزواجهما اللذان هربا أيضاً من خدمة العلم، فهم حسب تعبيرهم لن يقضوا خمس سنوات في جيش التحرير الفلسطيني، وهم ليسوا مستعدين لأن يكونوا وقوداً لحرب لا ناقة ولا جمل لهم فيها، وقد يعودوا سالمين لعائلاتهم أو في توابيت خشبية.

تكره السيدة (أ) كلمة الجيش كرهاً عميقاً، لأنه سبب هجرة عائلتها، تقول بحرقة واضحة" خلفت شبّين وصبيتين مشان يتركوني لحالي، بلكي متت بليل، مين رح يحس علي، كله بسبب الجيش، الله ينتقم منهم ويفرقهم عن ولادهم متل ما عملوا فيني".

حسب تعبيرها، تعيش السيدة (أ) معاناة يومية، فهي تشعر بالقلق الدائم والخوف أثناء الليل، وقد اضطرت منذ هجرة كافة أفراد عائلتها لتناول بعض الأدوية المهدئة والمنوّمة والتي أثّرت على ذاكرتها بشكل واضح جداً، وقد التقت بابنها البكر فقط في أربيل العام الفائت، لمدة أسبوعين، لم تكن كافية لخفوت نار الشوق في صدرها، فأكبر أمنياتها أن تلتقي بأولادها لو مرّة واحدة في العام.

السيدة (ع) أرملة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، أنجبت خمسة أبناء وثلاث بنات، من سكان مخيم درعا، استشهد زوجها في غزّة، وقامت عائلة زوجها وهم من عشيرة كبيرة من عشائر غزّة الكرام، باستخدام نفوذهم للم شمل أبنائهم، وقد تحققت لهم غايتهم، وعاد الأبناء لفلسطين، لكن السلطات المصرية حينها لم تسمح لأمهم بالسفر لسبب مجهول وغير معروف.

تعبر السيدة (ع) عن مخاوفها وقلقها الشديد على أولادها في ظل ما يشهده القطاع من مجازر وإبادة جماعية قائلة: " والله من أوّل حرب غزّة ما بنامش يا خالتي، حرموني النوم، ما بكفي عايشة لحالي وكمان ليل نهار خايفة على الولاد لا يصيبهم شي، الله ينتقم من اليهود ومن العرب بنفس الوقت".

لو أنعمنا النظر، في مأساة السيدة (أ) من مخيم النيرب والسيدة (ع) من مخيم درعا، لوجدنا تطابقا كبيراً في حديثهما وعرض آلامهما، التي تتلخص بالوحدة، والتفكير المستمر في عائلاتهما المهاجرة خارج سوريا.

ولأكون منصفاً، إن معاناة السيدة (ع) هي أشد وأثقل من معاناة السيدة ( أ )، فالأولى تعيش قلقاً وأرقاً بسبب خوفها على حياة أولادها، وأمنيتها الوحيدة هي أن لا يصيب أولادها أي مكروه خلال الحرب، أمّا السيدة الثانية وهي أيضاً مفارقة لأولادها، تعيش قلقاً وأرقاً بسبب الوحدة والعزلة، مما أدى لإصابتها بأمراض نفسية مزمنة.

لست في صدد مقارنة المعاناة بين سيدتين فاضلتين، بل لأوجه رسالة للقارئ الكريم، أن السيدتين تعيشان اليوم بين حالتين، السيء والأسوأ، وهذا هو حال غالبية أبناء شعبنا الفلسطيني اليوم.

وفي المحصلة، نستنتج أن هناك الكثير من العائلات التي تفككت وانهارت وباتت مشتتة، فلا يكفي الفلسطيني الهجرة التي أجبرته على مغادرة وطنه السليب، بل هو يجبر على الهجرة مراراً وتكراراً، فشعبنا يعيش آلاماً مضاعفة وهموماً متزايدة وليس هناك ما يبشر بنهايتها.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/20547

فايز أبو عيد

لو نظرنا نظرة سريعة وخاطفة على مخيمات الشتات الفلسطينية، لوجدنا الكثير من المآسي والقصص الحزينة التي تفطر القلب وتذهب بعقل اللبيب.

كما لو تجاوزنا وقائع القتل والاعتقال بلا سبب وبلا أي مبرر وبلا ارتكاب أي جرم قانوني، والنزوح القسري، لوصلنا لمعاناة يومية تعيشها بعض نسوة المخيمات، ذاك الألم المستمر الذي لا ينقطع وليس هناك ما يلوح في الأفق لينتهي.

(أ) أرملة منذ أكثر من عشرين عاماً، من سكان مخيم النيرب، توفي زوجها إثر نوبة قلبية مفاجئة، لها ابنان وابنتين، جميعهم يعيشون خارج سوريا، هاجروا خلال موجة الهجرة في العام 2015 والحرب مستعرة في البلاد. الابنان كانت خدمة العلم سببهما الرئيسي للهجرة، أما الابنتين فقد هاجرتا مع أزواجهما اللذان هربا أيضاً من خدمة العلم، فهم حسب تعبيرهم لن يقضوا خمس سنوات في جيش التحرير الفلسطيني، وهم ليسوا مستعدين لأن يكونوا وقوداً لحرب لا ناقة ولا جمل لهم فيها، وقد يعودوا سالمين لعائلاتهم أو في توابيت خشبية.

تكره السيدة (أ) كلمة الجيش كرهاً عميقاً، لأنه سبب هجرة عائلتها، تقول بحرقة واضحة" خلفت شبّين وصبيتين مشان يتركوني لحالي، بلكي متت بليل، مين رح يحس علي، كله بسبب الجيش، الله ينتقم منهم ويفرقهم عن ولادهم متل ما عملوا فيني".

حسب تعبيرها، تعيش السيدة (أ) معاناة يومية، فهي تشعر بالقلق الدائم والخوف أثناء الليل، وقد اضطرت منذ هجرة كافة أفراد عائلتها لتناول بعض الأدوية المهدئة والمنوّمة والتي أثّرت على ذاكرتها بشكل واضح جداً، وقد التقت بابنها البكر فقط في أربيل العام الفائت، لمدة أسبوعين، لم تكن كافية لخفوت نار الشوق في صدرها، فأكبر أمنياتها أن تلتقي بأولادها لو مرّة واحدة في العام.

السيدة (ع) أرملة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، أنجبت خمسة أبناء وثلاث بنات، من سكان مخيم درعا، استشهد زوجها في غزّة، وقامت عائلة زوجها وهم من عشيرة كبيرة من عشائر غزّة الكرام، باستخدام نفوذهم للم شمل أبنائهم، وقد تحققت لهم غايتهم، وعاد الأبناء لفلسطين، لكن السلطات المصرية حينها لم تسمح لأمهم بالسفر لسبب مجهول وغير معروف.

تعبر السيدة (ع) عن مخاوفها وقلقها الشديد على أولادها في ظل ما يشهده القطاع من مجازر وإبادة جماعية قائلة: " والله من أوّل حرب غزّة ما بنامش يا خالتي، حرموني النوم، ما بكفي عايشة لحالي وكمان ليل نهار خايفة على الولاد لا يصيبهم شي، الله ينتقم من اليهود ومن العرب بنفس الوقت".

لو أنعمنا النظر، في مأساة السيدة (أ) من مخيم النيرب والسيدة (ع) من مخيم درعا، لوجدنا تطابقا كبيراً في حديثهما وعرض آلامهما، التي تتلخص بالوحدة، والتفكير المستمر في عائلاتهما المهاجرة خارج سوريا.

ولأكون منصفاً، إن معاناة السيدة (ع) هي أشد وأثقل من معاناة السيدة ( أ )، فالأولى تعيش قلقاً وأرقاً بسبب خوفها على حياة أولادها، وأمنيتها الوحيدة هي أن لا يصيب أولادها أي مكروه خلال الحرب، أمّا السيدة الثانية وهي أيضاً مفارقة لأولادها، تعيش قلقاً وأرقاً بسبب الوحدة والعزلة، مما أدى لإصابتها بأمراض نفسية مزمنة.

لست في صدد مقارنة المعاناة بين سيدتين فاضلتين، بل لأوجه رسالة للقارئ الكريم، أن السيدتين تعيشان اليوم بين حالتين، السيء والأسوأ، وهذا هو حال غالبية أبناء شعبنا الفلسطيني اليوم.

وفي المحصلة، نستنتج أن هناك الكثير من العائلات التي تفككت وانهارت وباتت مشتتة، فلا يكفي الفلسطيني الهجرة التي أجبرته على مغادرة وطنه السليب، بل هو يجبر على الهجرة مراراً وتكراراً، فشعبنا يعيش آلاماً مضاعفة وهموماً متزايدة وليس هناك ما يبشر بنهايتها.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/20547