map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

زواج القاصرات

تاريخ النشر : 02-09-2024
زواج القاصرات

فايز أبو عيد | مجموعة العمل

في الصفحة الرسمية لليونيسيف، تم تخصيص صفحة مطوّلة، عن زواج الأطفال ومخاطره وأنسب الطرق التوعوية والتثقيفية لتجنب زواج الأطفال، مع الحديث عن مضارّه واعتباره نوعا من انتهاك حقوق الأطفال. وبدورها عرّفت اليونيسيف زواج الأطفال بالآتي:

"يعرَّف زواج الأطفال على أنه أي زواج رسمي أو أي ارتباط غير رسمي بين طفلٍ تحت سن 18 عاماً وشخص بالغ أو طفل آخر".

لو قلّبنا النظر في مجتمعنا الفلسطيني في مخيمات الشتات السّورية، لوجدنا أنّ هذه الظاهرة مشرّعة ومنتشرة وتحظى بقبول اجتماعي واضح ولا تعتبر أنها مخالفة للأعراف والتقاليد.

وبكل وضوح، انخفض زواج القاصرات في المخيمات الفلسطينية بشكل واضح قبل الأحداث في سوريا، ولكنه عاد للانتشار والاتساع بشكل بيّن في المجتمع الفلسطيني وبالأخص في مخيمات اللجوء.

وهناك عدة أسباب موضوعية لهذا الانتشار، السبب الأبرز هو الكساد الاقتصادي وانخفاض مستوى المعيشة وفقدان الليرة السورية لقيمتها ووووو الخ من الإرهاصات الاقتصادية التي طالت السوريين والفلسطينيين سواء.

والسبب الثاني، هو ظهور حالات الزواج خارج إطار القانون بسبب الجهل والتخلف في المجتمع وبالتحديد في المخيمات التي كانت وما تزال خارج سيطرة الدولة كمخيم درعا على سبيل المثال لا الحصر، كما أسس لما يسمى الزواج (بكتاب شيخ) دون تسجيل واقعة الزواج في المحكمة، وهنا ظهرت الكثير من المشاكل الاجتماعية، حيث انتشر هذا الزواج بشكل واضح أثناء الأحداث في سوريا بسبب رغبة الناس بالقفز عن محاكم الدولة الشرعية والانتقال للدين الإسلامي الحنيف فقط، مع أن ديننا الحنيف لا يتعارض مع تسجيل واقعة الزواج لحفاظ حقوق الزوجة وأبنائها، وهذا الأمر أشرت له في مقالة سابقة.

وبدورها، التقت مجموعة العمل بالعديد من الحلات التي تشمل زواج القُصّر، وغالبية هذه الحالات انتهت بنهايات سيئة وكانت فاشلة وخاطئة وظالمة للفتاة الصغيرة.

التقت مجموعة العمل بوالدة الفتاة ( ص ) ، وهي فتاة ذكية ومن الطالبات الأوائل في المرحلة الثانوية الفرع العلمي، عرضت علينا والدتها جلاءاتها المدرسية، كانت ( ص ) تتميز بتفوّقها بمادة الرياضيات، ولكنّها ولسوء حظها حسب وصف أمّها، نضجت بشكل سريع، مما دفع عديد الخاطبين لطرق بابهم وطلبها بشكل رسمي، عارضت الأم زواج ابنتها بشكل واضح، لكن كما هو منتشر في مجتمعنا، ليس لرأي الأم أي تأثير في غالبية المنازل، القول الفصل هو للأب، تقول عمّة ( ص ) و والدة العريس بذات الوقت ( جاء نصيبها )، تزوجت من ابن عمّتها الذي يكبرها بسبع سنوات، ولم تكمل دراستها بسبب غيرة زوجها عليها، مع أنّه تعهد لها أن تتابع دراستها بشكل طبيعي كونهما تزوجا في العطلة الصيفية بعدما تجاوزت الصف العاشر بشكل مبهر وبدرجة الامتياز، إلا أنه كالعادة أخلف وعده.

كانت (ص) تعني الأمل الوحيد لوالدتها، كونها فتاة ذكية وإن تابعت دراستها فسيكون لها شأن كبير في المستقبل، وبالتالي ستساعد عائلتها بانتشالها من مستنقع الفقر لكن الأب قضى على مستقبلها العلمي بسبب الجهل والتخلف والعادات البالية وزوّجها لابن عّمتها، وهي اليوم فقط تكنس وتطبخ وتجلي وتشطف وتقوم على خدمة زوجها وأمه وأخواته صاحبات العلامات الدراسية المتدنية و ينجحن ( شحط ) ، عوضا عن أن تكون طبيبة في مشفى ولها عيادتها الخاصة أو صيدلانية ولها صيدليتها الخاصة حسب وصف والدتها.

وفي حالة ثانية مختلفة نوعا ما، اطلعت مجموعة العمل على قصة الفتاة ( م ) من أقرب صديقاتها، حيث أن ( م ) ابنة لعائلة فلسطينية متشددة جدا، تم تزويجها لابن عمّها وهي في الصف الثامن الإعدادي حيث نالت في ذات السنة الدراسية الترتيب الأوّل في مدرستها التابعة لوكالة الأونروا، وبعد مرور عامين أنجبت منه طفلها البكر وهو يعاني من إعاقة بسبب زواج الأقارب، التحق زوجها بقوات المعارضة السورية، و فقد حياته أثناء إحدى المعارك بين الطرفين قبل خمس سنوات، وأصبحت أرملة ومسؤولة عن طفل يتيم من ذوي الاحتياجات الخاصة ولم تكاد تبلغ من العمر 19 عاما.

وفي حالة ثالثة، التقت مجموعة العمل بالفتاة ( س )،وقد زوّجها عمّها من أحد الخاطبين المتقدمين لها وأجبرها و والدتها على الموافقة، كونها يتيمة الأب منذ طفولتها، وعمّها يعتبر نفسه مسؤولا عنها وعن نفقاتها، حين تزوجت ( س ) كانت قد نجحت بتفوّق في امتحانات الشهادة الإعدادية، لكن حسب قول عمّها لها ( البنت آخرتها لبيتها وزوجها) وبالتالي لم تكمل دراستها نزولا عند رغبة زوجها الذي يكبرها بعشر سنوات، كان زوجها يضربها ويعاملها معاملة سيئة جدا هو وعائلته بعد أن أثبتت الفحوص الطبية أنه عاقر ولا ينجب الأولاد، وحين ذهبت لعمّها شاكية باكية قام بضربها وإرجاعها لزوجها رغما عنها،

وهي تعيش في جحيم لا يطاق حسب قولها لمجموعة العمل وكل أمنياتها أن تطلّق من زوجها العامل، وتتابع دراستها وتتفوق بها، فهي تحتاج فرصة أفضل.

وهنا يتحتم على المجتمع الفلسطيني ووكالة الأونروا ومنظمات المجتمع المدني، نشر الوعي والثقافة وإعلاء قيمة العلم والدراسة للحؤول دون حصول هكذا زيجات هي ظالمة للفتاة القاصرة بكل الأحوال، وتقضي على مستقبل الفتاة الصغيرة، فمن الطبيعي أن تتزوج كل فتاة وتنجب أطفال وهذا أمر شائع وعادي وليس عملا فوق العادة، لكن من النادر أن ينجب المجتمع المثقفات والطبيبات والمهندسات ممن يسهمن برفع قيمة العلم وتحسين مستوى المعيشة لعائلاتهن.

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/20616

فايز أبو عيد | مجموعة العمل

في الصفحة الرسمية لليونيسيف، تم تخصيص صفحة مطوّلة، عن زواج الأطفال ومخاطره وأنسب الطرق التوعوية والتثقيفية لتجنب زواج الأطفال، مع الحديث عن مضارّه واعتباره نوعا من انتهاك حقوق الأطفال. وبدورها عرّفت اليونيسيف زواج الأطفال بالآتي:

"يعرَّف زواج الأطفال على أنه أي زواج رسمي أو أي ارتباط غير رسمي بين طفلٍ تحت سن 18 عاماً وشخص بالغ أو طفل آخر".

لو قلّبنا النظر في مجتمعنا الفلسطيني في مخيمات الشتات السّورية، لوجدنا أنّ هذه الظاهرة مشرّعة ومنتشرة وتحظى بقبول اجتماعي واضح ولا تعتبر أنها مخالفة للأعراف والتقاليد.

وبكل وضوح، انخفض زواج القاصرات في المخيمات الفلسطينية بشكل واضح قبل الأحداث في سوريا، ولكنه عاد للانتشار والاتساع بشكل بيّن في المجتمع الفلسطيني وبالأخص في مخيمات اللجوء.

وهناك عدة أسباب موضوعية لهذا الانتشار، السبب الأبرز هو الكساد الاقتصادي وانخفاض مستوى المعيشة وفقدان الليرة السورية لقيمتها ووووو الخ من الإرهاصات الاقتصادية التي طالت السوريين والفلسطينيين سواء.

والسبب الثاني، هو ظهور حالات الزواج خارج إطار القانون بسبب الجهل والتخلف في المجتمع وبالتحديد في المخيمات التي كانت وما تزال خارج سيطرة الدولة كمخيم درعا على سبيل المثال لا الحصر، كما أسس لما يسمى الزواج (بكتاب شيخ) دون تسجيل واقعة الزواج في المحكمة، وهنا ظهرت الكثير من المشاكل الاجتماعية، حيث انتشر هذا الزواج بشكل واضح أثناء الأحداث في سوريا بسبب رغبة الناس بالقفز عن محاكم الدولة الشرعية والانتقال للدين الإسلامي الحنيف فقط، مع أن ديننا الحنيف لا يتعارض مع تسجيل واقعة الزواج لحفاظ حقوق الزوجة وأبنائها، وهذا الأمر أشرت له في مقالة سابقة.

وبدورها، التقت مجموعة العمل بالعديد من الحلات التي تشمل زواج القُصّر، وغالبية هذه الحالات انتهت بنهايات سيئة وكانت فاشلة وخاطئة وظالمة للفتاة الصغيرة.

التقت مجموعة العمل بوالدة الفتاة ( ص ) ، وهي فتاة ذكية ومن الطالبات الأوائل في المرحلة الثانوية الفرع العلمي، عرضت علينا والدتها جلاءاتها المدرسية، كانت ( ص ) تتميز بتفوّقها بمادة الرياضيات، ولكنّها ولسوء حظها حسب وصف أمّها، نضجت بشكل سريع، مما دفع عديد الخاطبين لطرق بابهم وطلبها بشكل رسمي، عارضت الأم زواج ابنتها بشكل واضح، لكن كما هو منتشر في مجتمعنا، ليس لرأي الأم أي تأثير في غالبية المنازل، القول الفصل هو للأب، تقول عمّة ( ص ) و والدة العريس بذات الوقت ( جاء نصيبها )، تزوجت من ابن عمّتها الذي يكبرها بسبع سنوات، ولم تكمل دراستها بسبب غيرة زوجها عليها، مع أنّه تعهد لها أن تتابع دراستها بشكل طبيعي كونهما تزوجا في العطلة الصيفية بعدما تجاوزت الصف العاشر بشكل مبهر وبدرجة الامتياز، إلا أنه كالعادة أخلف وعده.

كانت (ص) تعني الأمل الوحيد لوالدتها، كونها فتاة ذكية وإن تابعت دراستها فسيكون لها شأن كبير في المستقبل، وبالتالي ستساعد عائلتها بانتشالها من مستنقع الفقر لكن الأب قضى على مستقبلها العلمي بسبب الجهل والتخلف والعادات البالية وزوّجها لابن عّمتها، وهي اليوم فقط تكنس وتطبخ وتجلي وتشطف وتقوم على خدمة زوجها وأمه وأخواته صاحبات العلامات الدراسية المتدنية و ينجحن ( شحط ) ، عوضا عن أن تكون طبيبة في مشفى ولها عيادتها الخاصة أو صيدلانية ولها صيدليتها الخاصة حسب وصف والدتها.

وفي حالة ثانية مختلفة نوعا ما، اطلعت مجموعة العمل على قصة الفتاة ( م ) من أقرب صديقاتها، حيث أن ( م ) ابنة لعائلة فلسطينية متشددة جدا، تم تزويجها لابن عمّها وهي في الصف الثامن الإعدادي حيث نالت في ذات السنة الدراسية الترتيب الأوّل في مدرستها التابعة لوكالة الأونروا، وبعد مرور عامين أنجبت منه طفلها البكر وهو يعاني من إعاقة بسبب زواج الأقارب، التحق زوجها بقوات المعارضة السورية، و فقد حياته أثناء إحدى المعارك بين الطرفين قبل خمس سنوات، وأصبحت أرملة ومسؤولة عن طفل يتيم من ذوي الاحتياجات الخاصة ولم تكاد تبلغ من العمر 19 عاما.

وفي حالة ثالثة، التقت مجموعة العمل بالفتاة ( س )،وقد زوّجها عمّها من أحد الخاطبين المتقدمين لها وأجبرها و والدتها على الموافقة، كونها يتيمة الأب منذ طفولتها، وعمّها يعتبر نفسه مسؤولا عنها وعن نفقاتها، حين تزوجت ( س ) كانت قد نجحت بتفوّق في امتحانات الشهادة الإعدادية، لكن حسب قول عمّها لها ( البنت آخرتها لبيتها وزوجها) وبالتالي لم تكمل دراستها نزولا عند رغبة زوجها الذي يكبرها بعشر سنوات، كان زوجها يضربها ويعاملها معاملة سيئة جدا هو وعائلته بعد أن أثبتت الفحوص الطبية أنه عاقر ولا ينجب الأولاد، وحين ذهبت لعمّها شاكية باكية قام بضربها وإرجاعها لزوجها رغما عنها،

وهي تعيش في جحيم لا يطاق حسب قولها لمجموعة العمل وكل أمنياتها أن تطلّق من زوجها العامل، وتتابع دراستها وتتفوق بها، فهي تحتاج فرصة أفضل.

وهنا يتحتم على المجتمع الفلسطيني ووكالة الأونروا ومنظمات المجتمع المدني، نشر الوعي والثقافة وإعلاء قيمة العلم والدراسة للحؤول دون حصول هكذا زيجات هي ظالمة للفتاة القاصرة بكل الأحوال، وتقضي على مستقبل الفتاة الصغيرة، فمن الطبيعي أن تتزوج كل فتاة وتنجب أطفال وهذا أمر شائع وعادي وليس عملا فوق العادة، لكن من النادر أن ينجب المجتمع المثقفات والطبيبات والمهندسات ممن يسهمن برفع قيمة العلم وتحسين مستوى المعيشة لعائلاتهن.

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/20616