map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

بين أحلام التعليم وهاجس الهجرة.. معاناة الطلاب الفلسطينيين في جلّين بدرعا

تاريخ النشر : 21-11-2024
بين أحلام التعليم وهاجس الهجرة..  معاناة الطلاب الفلسطينيين في جلّين بدرعا

فايز أبو عيد – مجموعة العمل

كشف تحقيق صحفي أجرته مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية عن معاناة الطلاب الفلسطينيين في قرية جلّين غرب مدينة درعا السورية، حيث يواجهون خيارات صعبة بين مواصلة تعليمهم في ظل ظروف اقتصادية قاسية أو التفكير بالهجرة بحثاً عن مستقبل أفضل.

وتعد بلدة جلّين، الواقعة على بعد 25 كم غرب مدينة درعا، أكبر تجمع للفلسطينيين في المنطقة بحوالي 3000 نسمة، لكن هذا العدد تراجع بشكل ملحوظ نتيجة الحرب التي اندلعت في سورية والهجرة المتزايدة.

بدوره أشار مدرس في مدرسة عسقلان التابعة للأونروا – في تصريح خاص لـ "مجموعة العمل" إلى تراجع كبير في أعداد الطلاب الفلسطينيين، مما دفع المدرسة لقبول طلاب سوريين. كما انخفض عدد المتقدمين لامتحانات شهادة التعليم الأساسي للعام الدراسي 2023-2024 إلى حوالي 55 طالباً فقط.

وعزا المدرس هذا التراجع إلى التكلفة الباهظة للدراسة، حيث بات الطالب الواحد يكلف أهله مبالغ كبيرة لا يستطيعون تحملها، فكيف إذا اعتبرنا أن الأسرةَ الواحدة لديها ثلاثةُ أبناء، ونتيجة لذلك، اضطر العديد من الطلاب للانخراط في سوق العمل، خاصة في الأراضي الزراعية، لدعم عائلاتهم مادياً.

أما طلاب المرحلة الثانوية، فيكملون دراستهم في ثانوية جلين التابعة للحكومة السورية، وقد قُدّر عددُ الطّلّاب المُنخرطين في الفرعين العلمي والأدبي حوالي 150طالباً وطالبةً، حيث بلغ عدد الفلسطينيين 60 طالباً فقط، يواجهون تحديات إضافية تتمثل في ارتفاع تكاليف المواصلات والمستلزمات الدراسية، وقد أدى ذلك إلى تقلص أعدادهم بشكل كبير، مع توجه الكثيرين نحو الهجرة أو ترك الدراسة.

فيما يُضطرّ الطّلبةُ من باقي الفروع المهنية للخروج خارجِ البلدة متوجّهين نحو مدينة درعا، وهؤلاء تبدو معاناتُهم أكبرَ، إذ تبدأ من أجور النقل المرتفعة جدّا، فأجرةُ السرفيس من جلين لدرعا 6000 آلاف ليرة أي شهريّا 240ألفا، دون حساب أيّ احتياجات أخرى لهذا الطالب، وهؤلاء مضطرون للدوام أغلبَ أيّامِ الأسبوع من أجل الجانب العملي الإجباريّ، وهؤلاء الطلبة في الغالب ينقطعون عن دراستهم مفضلين العمل أو السفر.

أما فيما يتعلق بطلبة الجامعات والمعاهد، فقد تقلّصت أعدادهم بشكل مخيف، ولعلّ السببَ وراء ذلك الرّغبةُ بالهجرة لضمان مستقبلٍ أفضلَ، قد لا يتحقّق في سوريّة بالمستقبل القريب، بالإضافة إلى التكلفة الكبيرة التي بات الأهالي يتكلّفونها لتدريس طالبٍ واحدٍ فقط.

 تحوي مدينة درعا بعض الكليات النظرية التابعة لجامعة دمشق كاللغة العربية والانجليزية والحقوق والاقتصاد والعلوم والرّياضيات وعلم الاجتماع وعلم النفس، ويتكلّفُ طلّابُ هذه الأقسام مبلغاً لا يقلُّ عن800 ألف ليرة في حال قرّر الطالب الدوام بشكل يومي، ونتيجة لذلك يفضّل الكثيرون الاقتصار على دوام يومٍ أو يومين في الأسبوع، فيما يضطرُّ طلبةُ الفروع العلمية إلى الذهاب إلى جامعة دمشق، وجامعات أخرى، ولدى حوارنا مع بعض الطّلبة الفلسطينيين من جلّين حول ما يتكلّفونه من مشاق ماديّةٍ ومعنويةٍ في دراستهم.

أخبرنا م. ر "طالب معهد" أنّ الطالب يحتاج مبلغاً يتراوح بين 500 إلى 700 ألف ليرة كمصروفٍ شهريٍّ لتغطية احتياجاته اليوميّة من مواصلات وملخّصاتٍ ولوازمَ حياتية، فيما يحتاج وسطيّاً 30 ألف ليرة كمصروف يومي.

في حين ذكرت إحدى طالبات كلية الهندسة المعمارية بجامعة دمشق، أنّها تحتاج إلى جانب أجور المواصلات، إلى 4 كراتين للرسم أسبوعياً، سعرُ الواحدة 5000 ليرة، فضلاً عن عدّة الرّسم التي يشتريها الطلّابُ مع بداية العام الدراسي، وأوضحت، بالنظر إلى المشروبات أو السندويشة، التي قد يعتبرها البعضُ من الكماليّات، فهي مصاريفُ محسوبةٌ لطلّاب العمارة، تُضاف إلى مُجمل المصاريف، وخاصّةً أنّ طالبَ العمارة يقضي كلَّ نهاره في المراسم ، هذه المصاريفُ المرتفعةُ دفعتِ الكثيرَ من الطّلاب لاختصار الدوامِ إلى يومين في الأسبوع.

وهذا أكّده أ. س "طالب في كلية الزّراعة بجامعة البعث"، حيث أشار إلى أنّه يحتاج 200000 ليرة في كل مرّة يذهب فيها للجامعة تتضمّنُ أجورَ المواصلات وتناولِ سندويشةٍ مع فنجان شاي، دون حسابِ تكاليفِ المحاضراتِ الجامعية، مضيفاً، أذهبُ إلى الجامعة، فقط في الأيّام المُخصّصة لإعطاء الجانب العملي وذلك لتوفير النفقات، وفي باقي الأيّامِ أعمل في الورشات الزراعيّة في جلّين لتغطيةِ مصاريفي الجامعيّة، وفوق ذلك أقومُ بالعمل طيلة فترة الصّيفِ لأساعدَ أهلي بجزءٍ من مصروفي.

في الوقت نفسِه يقول طالبٌ آخرُ كان يدرس في كلية هندسة الطّيران بجامعة حلب إنه "ترك الدراسة في السنة الثانية وهو يجمعُ النقود في محاولة يائسةٍ للهجرة خارجِ سوريا، لأنّ الدراسةَ اليومَ لم تعدْ مُجديةً ماديّاً، وكلفتُها أكبرُ من فائدتها"، على حد تعبيره.

وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يجد الطلاب الفلسطينيون في جلّين أنفسهم أمام خيارات محدودة، حيث أصبح التعليم، وخاصة الجامعي، مرتبطاً بشكل مباشر بالقدرة المالية. ويعكس وضعهم معاناة الطلاب الفلسطينيين في مختلف المخيمات السورية في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية.

وفي النّهاية: يبقى لسانُ حال هؤلاء الطّلبة يقول: ((كم تُراني سأتحمّل البقاءَ في هذا الوضع))، كم تملك من مالٍ في جيبك، هو العاملُ المُتحكّم في إتاحة التّعليم في سوريا ولاسيّما التّعليم الجامعيّ، مع اشتداد وطأةِ الأزمةِ الاقتصاديّة، وهؤلاء الطّلبةُ الفلسطينيّون في مخيم جلّين ليسوا إلا امتداداً لما يعانيه أبناؤنا الطّلبةُ في كلّ المخيمات الفلسطينية في سوريّة.

 

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/20845

فايز أبو عيد – مجموعة العمل

كشف تحقيق صحفي أجرته مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية عن معاناة الطلاب الفلسطينيين في قرية جلّين غرب مدينة درعا السورية، حيث يواجهون خيارات صعبة بين مواصلة تعليمهم في ظل ظروف اقتصادية قاسية أو التفكير بالهجرة بحثاً عن مستقبل أفضل.

وتعد بلدة جلّين، الواقعة على بعد 25 كم غرب مدينة درعا، أكبر تجمع للفلسطينيين في المنطقة بحوالي 3000 نسمة، لكن هذا العدد تراجع بشكل ملحوظ نتيجة الحرب التي اندلعت في سورية والهجرة المتزايدة.

بدوره أشار مدرس في مدرسة عسقلان التابعة للأونروا – في تصريح خاص لـ "مجموعة العمل" إلى تراجع كبير في أعداد الطلاب الفلسطينيين، مما دفع المدرسة لقبول طلاب سوريين. كما انخفض عدد المتقدمين لامتحانات شهادة التعليم الأساسي للعام الدراسي 2023-2024 إلى حوالي 55 طالباً فقط.

وعزا المدرس هذا التراجع إلى التكلفة الباهظة للدراسة، حيث بات الطالب الواحد يكلف أهله مبالغ كبيرة لا يستطيعون تحملها، فكيف إذا اعتبرنا أن الأسرةَ الواحدة لديها ثلاثةُ أبناء، ونتيجة لذلك، اضطر العديد من الطلاب للانخراط في سوق العمل، خاصة في الأراضي الزراعية، لدعم عائلاتهم مادياً.

أما طلاب المرحلة الثانوية، فيكملون دراستهم في ثانوية جلين التابعة للحكومة السورية، وقد قُدّر عددُ الطّلّاب المُنخرطين في الفرعين العلمي والأدبي حوالي 150طالباً وطالبةً، حيث بلغ عدد الفلسطينيين 60 طالباً فقط، يواجهون تحديات إضافية تتمثل في ارتفاع تكاليف المواصلات والمستلزمات الدراسية، وقد أدى ذلك إلى تقلص أعدادهم بشكل كبير، مع توجه الكثيرين نحو الهجرة أو ترك الدراسة.

فيما يُضطرّ الطّلبةُ من باقي الفروع المهنية للخروج خارجِ البلدة متوجّهين نحو مدينة درعا، وهؤلاء تبدو معاناتُهم أكبرَ، إذ تبدأ من أجور النقل المرتفعة جدّا، فأجرةُ السرفيس من جلين لدرعا 6000 آلاف ليرة أي شهريّا 240ألفا، دون حساب أيّ احتياجات أخرى لهذا الطالب، وهؤلاء مضطرون للدوام أغلبَ أيّامِ الأسبوع من أجل الجانب العملي الإجباريّ، وهؤلاء الطلبة في الغالب ينقطعون عن دراستهم مفضلين العمل أو السفر.

أما فيما يتعلق بطلبة الجامعات والمعاهد، فقد تقلّصت أعدادهم بشكل مخيف، ولعلّ السببَ وراء ذلك الرّغبةُ بالهجرة لضمان مستقبلٍ أفضلَ، قد لا يتحقّق في سوريّة بالمستقبل القريب، بالإضافة إلى التكلفة الكبيرة التي بات الأهالي يتكلّفونها لتدريس طالبٍ واحدٍ فقط.

 تحوي مدينة درعا بعض الكليات النظرية التابعة لجامعة دمشق كاللغة العربية والانجليزية والحقوق والاقتصاد والعلوم والرّياضيات وعلم الاجتماع وعلم النفس، ويتكلّفُ طلّابُ هذه الأقسام مبلغاً لا يقلُّ عن800 ألف ليرة في حال قرّر الطالب الدوام بشكل يومي، ونتيجة لذلك يفضّل الكثيرون الاقتصار على دوام يومٍ أو يومين في الأسبوع، فيما يضطرُّ طلبةُ الفروع العلمية إلى الذهاب إلى جامعة دمشق، وجامعات أخرى، ولدى حوارنا مع بعض الطّلبة الفلسطينيين من جلّين حول ما يتكلّفونه من مشاق ماديّةٍ ومعنويةٍ في دراستهم.

أخبرنا م. ر "طالب معهد" أنّ الطالب يحتاج مبلغاً يتراوح بين 500 إلى 700 ألف ليرة كمصروفٍ شهريٍّ لتغطية احتياجاته اليوميّة من مواصلات وملخّصاتٍ ولوازمَ حياتية، فيما يحتاج وسطيّاً 30 ألف ليرة كمصروف يومي.

في حين ذكرت إحدى طالبات كلية الهندسة المعمارية بجامعة دمشق، أنّها تحتاج إلى جانب أجور المواصلات، إلى 4 كراتين للرسم أسبوعياً، سعرُ الواحدة 5000 ليرة، فضلاً عن عدّة الرّسم التي يشتريها الطلّابُ مع بداية العام الدراسي، وأوضحت، بالنظر إلى المشروبات أو السندويشة، التي قد يعتبرها البعضُ من الكماليّات، فهي مصاريفُ محسوبةٌ لطلّاب العمارة، تُضاف إلى مُجمل المصاريف، وخاصّةً أنّ طالبَ العمارة يقضي كلَّ نهاره في المراسم ، هذه المصاريفُ المرتفعةُ دفعتِ الكثيرَ من الطّلاب لاختصار الدوامِ إلى يومين في الأسبوع.

وهذا أكّده أ. س "طالب في كلية الزّراعة بجامعة البعث"، حيث أشار إلى أنّه يحتاج 200000 ليرة في كل مرّة يذهب فيها للجامعة تتضمّنُ أجورَ المواصلات وتناولِ سندويشةٍ مع فنجان شاي، دون حسابِ تكاليفِ المحاضراتِ الجامعية، مضيفاً، أذهبُ إلى الجامعة، فقط في الأيّام المُخصّصة لإعطاء الجانب العملي وذلك لتوفير النفقات، وفي باقي الأيّامِ أعمل في الورشات الزراعيّة في جلّين لتغطيةِ مصاريفي الجامعيّة، وفوق ذلك أقومُ بالعمل طيلة فترة الصّيفِ لأساعدَ أهلي بجزءٍ من مصروفي.

في الوقت نفسِه يقول طالبٌ آخرُ كان يدرس في كلية هندسة الطّيران بجامعة حلب إنه "ترك الدراسة في السنة الثانية وهو يجمعُ النقود في محاولة يائسةٍ للهجرة خارجِ سوريا، لأنّ الدراسةَ اليومَ لم تعدْ مُجديةً ماديّاً، وكلفتُها أكبرُ من فائدتها"، على حد تعبيره.

وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يجد الطلاب الفلسطينيون في جلّين أنفسهم أمام خيارات محدودة، حيث أصبح التعليم، وخاصة الجامعي، مرتبطاً بشكل مباشر بالقدرة المالية. ويعكس وضعهم معاناة الطلاب الفلسطينيين في مختلف المخيمات السورية في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية.

وفي النّهاية: يبقى لسانُ حال هؤلاء الطّلبة يقول: ((كم تُراني سأتحمّل البقاءَ في هذا الوضع))، كم تملك من مالٍ في جيبك، هو العاملُ المُتحكّم في إتاحة التّعليم في سوريا ولاسيّما التّعليم الجامعيّ، مع اشتداد وطأةِ الأزمةِ الاقتصاديّة، وهؤلاء الطّلبةُ الفلسطينيّون في مخيم جلّين ليسوا إلا امتداداً لما يعانيه أبناؤنا الطّلبةُ في كلّ المخيمات الفلسطينية في سوريّة.

 

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/20845