map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

نحن لن ننسى أبناءنا.. حتى لو رفضوا الكلام والإفصاح عما عانوه في سوريا

تاريخ النشر : 09-12-2024
نحن لن ننسى أبناءنا.. حتى لو رفضوا الكلام والإفصاح عما عانوه في سوريا

فايز أبو عيد – مجموعة العمل

يوسف شاب فلسطيني يقيم في بلدة المزيريب بمدينة درعا جنوب سورية، تعود جذور عائلته إلى قرية عين غزال التابعة لمدينة حيفا في فلسطين، ينتسب لعائلة بسيطة كان جده من سكان مخيم درعا الذي لجؤوا عام ١٩٤٨، واضطر تحت ضغط الفاقة والفقر للخروج إلى بلدة المزيريب، ليبني هناك بيتا ويعيش مع اولاده.

يوسف الذي كان يعيش ببيت بسيط من الطين وسقفه من القصب، هو من مواليد 1986 درس في مدارس الوكالة في المزيريب، وكان من المتفوقين في دراسته.

 دخل يوسف كلية الاقتصاد في حلب، عاش في حلب كان متفوقاً، مجداً مثابراَ، وكان أبوه ينتظر اليوم الذي يرى فيها ثمرة حياته متخرجاً، لم يبق ليوسف إلا فصل واحد ويتخرج، ولكن للقدر تراتيب أخرى، إذ فجأة تأتي أخبار عن اعتقله من قبل الأجهزة الأمنية السورية، لم نفهم ما جرى في تلك اللحظة، كان الخبر أشبه بالصاعقة على رؤوسنا، إنها السنة الأخيرة، لم يبق شيء، تغيرت الحسابات، أخذ الأب يبحث عمن يساعده لم يجد، فلا أحد يستطيع المساعدة عندما تتعلق المشكلة بالأمن السوري.

 طرق الأب كل الأبواب، عرض كل ما يملك، استنجد بالقريب والصاحب وكلهم سد في وجهه الأبواب، كانت الرحلة مستمرة بين درعا ودمشق وحلب لم تتوقف، لم يستسلم الأب، أخذ يسأل لا أحد يجيب حتى توصل لأحد المقربين من ولده والذي كان حاضراً لحظة اعتقاله، فما الذي جرى حتى اعتقل يوسف ورفاقه؟

يوسف كان مقيما في السكن الجامعي بحلب، يستعد لتأدية امتحاناته، يكد ويبذل المستحيل في سبيل النجاح، وفجأة يسمع يوسف ورفاقه صوتاً مرتفعاً من الغناء والرقص يأتي من الغرفة المجاورة لهم، حاول يوسف ورفاقه الصبر عله يتوقف، ولكن طال هذا الأمر، فذهب أحدهم ودق الباب، لو سمحتم، أرجو إخفاض الصوت، نحن ندرس، لم يستجب هؤلاء الغرباء، بل بدأ الصوت يعلو ويعلو، فمن هؤلاء أليسوا طلاباً؟!  ألم يأتوا للدراسة؟!

في الحقيقة لم يكونوا طلاباً، بل كانوا ضيوفاً على أصحاب الغرفة، إنهم طلاب من الكلية البحرية من طرطوس، جاؤوا إلى حلب في زيارة، ولم يجدوا مكانا يقضون به استجمامهم سوى السكن الجامعي.

لقد استمر الأمر على هذا المنوال، رقص وغناء، وأثناء خروج أحد زملاء يوسف التقى بأحدهم وجرت مناوشة كلامية، تطورت إلى عراك بالأيدي استتبعها تلاسن كلامي من النوافذ.

انتهى اليوم وفي الصباح الباكر، دق مدير السكن الجامعي بحلب استدعى يوسف وزملاءه، في محاولة منه لمعرفة سبب المشكلة، كان الوقت باكرا جداً، ليكون الأمن بانتظارهم بجانب مبنى الإدارة ويتم إلقاء القبض عليهم.

لن ندخل في تفاصيل التعذيب والتحقيق فهي معلومة لدى الجميع وواضحة رأي العين، لكن ما التهمة الموجهة ليوسف وزملائه؟!

لقد استطاع الأب توكيل أحد المحامين في حلب وفعلا تم الوصول لمكان يوسف، وقد استطاع المحامي إدراك ان السبب وراء اعتقاله هو شتمه الرئيس بشار الأسد.

الأب لم يتمالك نفسه، ابني بعيد عن السياسة كل البعد، نحن فلسطينيون لا نتدخل بالأمور السورية، الاب الذي عانى الطرد من ليبيا لأن القذافي اختلف مع الراحل أبو عمار، فما كان منه إلا أن طرده وطرد الفلسطينيين، وكذلك الأمر في العراق والكويت، كلهم يغضب منا فيطردنا، ما مشكلتي مع هؤلاء الحكام أنا لم أغضب أحدا يوماً، كنت حددا بارعا أخدمهم، واليوم ابني أغضب رئيس سوريا، لا حول ولا قوة إلا بالله هذا ردد الأب بحزن.

استمر الأب في البحث عن حل لهذه المشكلة مع المحامي، مضى إلى الساحل السوري عله يجد من يشفق عليه ويرثي لحاله فينقذ ولده، ولا أقول بالمجان، كان الرجل قد أعد العدة ولو كلفه الأمر بيع كل ما يملك، كلهم رفض مساعدته.

خرج يوسف، كانت فرحة عارمة، فرحنا كلنا، وبعد مرور أيام قرر يوسف العودة للجامعة مع توصية الأب ابنه الابتعاد عن السياسة، وكم كانت المفاجأة بصدور قرار طرده من الجامعة كان القرار ينص على الآتي ((يمنع يوسف ورفاقه من العودة إلى جامعة حلب أو أية جامعة اخرى منعا باتا مع التأكيد على عدم عودته أبدا)).

لقد كان قرارا وحشيا وساديا، فكيف يعقل عاقل هذا الأمر، تم تبرئته من محكمة النظام ورفضت الجامعة الحكم.

عاد إلى بيته حزينا اعتاد الجلوس وحيداً، والأمر الغريب أنه طُلب للجيش لتأدية الخدمة العسكرية، ضحكنا وبكينا عندما سمعنا هذا الخبر، انظروا لهذه المفارقة الغريبة، يرفضون أن يمسك قلماً في الجامعة ويقبلون أن يمسك بندقية، حقا أمر يثير فينا الغضب والعجب والاستنكار، سمه ما شئت.

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/20899

فايز أبو عيد – مجموعة العمل

يوسف شاب فلسطيني يقيم في بلدة المزيريب بمدينة درعا جنوب سورية، تعود جذور عائلته إلى قرية عين غزال التابعة لمدينة حيفا في فلسطين، ينتسب لعائلة بسيطة كان جده من سكان مخيم درعا الذي لجؤوا عام ١٩٤٨، واضطر تحت ضغط الفاقة والفقر للخروج إلى بلدة المزيريب، ليبني هناك بيتا ويعيش مع اولاده.

يوسف الذي كان يعيش ببيت بسيط من الطين وسقفه من القصب، هو من مواليد 1986 درس في مدارس الوكالة في المزيريب، وكان من المتفوقين في دراسته.

 دخل يوسف كلية الاقتصاد في حلب، عاش في حلب كان متفوقاً، مجداً مثابراَ، وكان أبوه ينتظر اليوم الذي يرى فيها ثمرة حياته متخرجاً، لم يبق ليوسف إلا فصل واحد ويتخرج، ولكن للقدر تراتيب أخرى، إذ فجأة تأتي أخبار عن اعتقله من قبل الأجهزة الأمنية السورية، لم نفهم ما جرى في تلك اللحظة، كان الخبر أشبه بالصاعقة على رؤوسنا، إنها السنة الأخيرة، لم يبق شيء، تغيرت الحسابات، أخذ الأب يبحث عمن يساعده لم يجد، فلا أحد يستطيع المساعدة عندما تتعلق المشكلة بالأمن السوري.

 طرق الأب كل الأبواب، عرض كل ما يملك، استنجد بالقريب والصاحب وكلهم سد في وجهه الأبواب، كانت الرحلة مستمرة بين درعا ودمشق وحلب لم تتوقف، لم يستسلم الأب، أخذ يسأل لا أحد يجيب حتى توصل لأحد المقربين من ولده والذي كان حاضراً لحظة اعتقاله، فما الذي جرى حتى اعتقل يوسف ورفاقه؟

يوسف كان مقيما في السكن الجامعي بحلب، يستعد لتأدية امتحاناته، يكد ويبذل المستحيل في سبيل النجاح، وفجأة يسمع يوسف ورفاقه صوتاً مرتفعاً من الغناء والرقص يأتي من الغرفة المجاورة لهم، حاول يوسف ورفاقه الصبر عله يتوقف، ولكن طال هذا الأمر، فذهب أحدهم ودق الباب، لو سمحتم، أرجو إخفاض الصوت، نحن ندرس، لم يستجب هؤلاء الغرباء، بل بدأ الصوت يعلو ويعلو، فمن هؤلاء أليسوا طلاباً؟!  ألم يأتوا للدراسة؟!

في الحقيقة لم يكونوا طلاباً، بل كانوا ضيوفاً على أصحاب الغرفة، إنهم طلاب من الكلية البحرية من طرطوس، جاؤوا إلى حلب في زيارة، ولم يجدوا مكانا يقضون به استجمامهم سوى السكن الجامعي.

لقد استمر الأمر على هذا المنوال، رقص وغناء، وأثناء خروج أحد زملاء يوسف التقى بأحدهم وجرت مناوشة كلامية، تطورت إلى عراك بالأيدي استتبعها تلاسن كلامي من النوافذ.

انتهى اليوم وفي الصباح الباكر، دق مدير السكن الجامعي بحلب استدعى يوسف وزملاءه، في محاولة منه لمعرفة سبب المشكلة، كان الوقت باكرا جداً، ليكون الأمن بانتظارهم بجانب مبنى الإدارة ويتم إلقاء القبض عليهم.

لن ندخل في تفاصيل التعذيب والتحقيق فهي معلومة لدى الجميع وواضحة رأي العين، لكن ما التهمة الموجهة ليوسف وزملائه؟!

لقد استطاع الأب توكيل أحد المحامين في حلب وفعلا تم الوصول لمكان يوسف، وقد استطاع المحامي إدراك ان السبب وراء اعتقاله هو شتمه الرئيس بشار الأسد.

الأب لم يتمالك نفسه، ابني بعيد عن السياسة كل البعد، نحن فلسطينيون لا نتدخل بالأمور السورية، الاب الذي عانى الطرد من ليبيا لأن القذافي اختلف مع الراحل أبو عمار، فما كان منه إلا أن طرده وطرد الفلسطينيين، وكذلك الأمر في العراق والكويت، كلهم يغضب منا فيطردنا، ما مشكلتي مع هؤلاء الحكام أنا لم أغضب أحدا يوماً، كنت حددا بارعا أخدمهم، واليوم ابني أغضب رئيس سوريا، لا حول ولا قوة إلا بالله هذا ردد الأب بحزن.

استمر الأب في البحث عن حل لهذه المشكلة مع المحامي، مضى إلى الساحل السوري عله يجد من يشفق عليه ويرثي لحاله فينقذ ولده، ولا أقول بالمجان، كان الرجل قد أعد العدة ولو كلفه الأمر بيع كل ما يملك، كلهم رفض مساعدته.

خرج يوسف، كانت فرحة عارمة، فرحنا كلنا، وبعد مرور أيام قرر يوسف العودة للجامعة مع توصية الأب ابنه الابتعاد عن السياسة، وكم كانت المفاجأة بصدور قرار طرده من الجامعة كان القرار ينص على الآتي ((يمنع يوسف ورفاقه من العودة إلى جامعة حلب أو أية جامعة اخرى منعا باتا مع التأكيد على عدم عودته أبدا)).

لقد كان قرارا وحشيا وساديا، فكيف يعقل عاقل هذا الأمر، تم تبرئته من محكمة النظام ورفضت الجامعة الحكم.

عاد إلى بيته حزينا اعتاد الجلوس وحيداً، والأمر الغريب أنه طُلب للجيش لتأدية الخدمة العسكرية، ضحكنا وبكينا عندما سمعنا هذا الخبر، انظروا لهذه المفارقة الغريبة، يرفضون أن يمسك قلماً في الجامعة ويقبلون أن يمسك بندقية، حقا أمر يثير فينا الغضب والعجب والاستنكار، سمه ما شئت.

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/20899