map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

عيد الغياب: ذاكرة الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات السورية خارج الروزنامات

تاريخ النشر : 17-04-2025
عيد الغياب: ذاكرة الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات السورية خارج الروزنامات

نضال الخليل – خاص – مجموعة العمل

"من أصعب ما عشته أن يُنزع اسمك إلى رقم ملاجئهم مجهولة. وأرواحهم معه قُوِّضت في غيوم مظلمة… ثم تنتظرني أمي مقالٌ على باب لا يُفتح."

— مريم الحريري لاجئة فلسطينية سورية من مخيم اليرموك

في المخيمات الفلسطينية داخل سوريا حيث تختلط الذاكرة بالرماد لا تُقاس الأيام بتواريخ الأعياد الرسمية ولا تحكمها مواسم الاحتفال هناك عيدٌ آخر غير مُعلن لا يظهر في نشرات الأخبار ولا يتصدّر مواقع التواصل الاجتماعي… عيد الغياب.

عيد لا نحتفي فيه بالأسير المحرَّر، بل نستحضر فيه من بقوا خلف الجدران أو من ابتلعتهم الزنازين السورية دون أثر مناسبة يتقاطع فيها الألم الفلسطيني مع الجرح السوري فتتشكل ذاكرة جماعية غارقة في الغياب ومعلّقة بين زنزانة لم تُفتح وصورة لم تُلتقط

في مخيم اليرموك وحده عشرات العائلات الفلسطينية لم تعرف مصير أبنائها.

سمر شحادة — ابنة المخيم — ما تزال تحتفظ بصورة شقيقها حسن شحادة الذي اختفى على يد أجهزة الأمن السورية عام 2013 كان حسن يحمل أحلاماً بسيطة… مقعد جامعي وزيارة مؤجلة للأقصى

اليوم لم يبق منه سوى رقمٌ محفور على ورقة مهترئة عُثر عليها في مذكرات معتقل آخر خرج حيًّا.

والمهندس الفلسطيني باسل خرطبيل (الصفدي) الذي تحوّل من مبرمج يحلم بإنترنت حرّ لفلسطين وسوريا إلى رقم في لائحة الإعدامات اختفى من زنزانته في 2015 قبل أن يتأكد خبر تصفيته بعد عامين… دون قبر دون شاهد.

أما محمد غريب طالب الأدب العربي من مخيم درعا فقدت والدته فاطمة غريب أثره حين اعتقل عام 2012 لم تغادر الأم بوابة المخيم منذ ذلك اليوم مرددة:

"كل حائط هنا يشبه وجهه… لا أنسى صوته."

بعيداً عن ضوضاء التغطيات الإعلامية التي تحتفي بعيد الأسير الفلسطيني في إبريل تحتفل المخيمات الفلسطينية السورية بطريقتها: بذكرى من لا يُعرف لهم مصير.

لا يُرفع علم ولا توزع بيانات العيد هنا صامت مكتوب في دفاتر صغيرة تحتفظ بها العائلات  أو على جدران الذاكرة حيث تبقى الأسماء حاضرة.

مريم الحريري من سكان مخيم اليرموك فقدت والدها وعمّها في سجون النظام تقول:

"ما عاد للعيد شكل كل مرة أنطق فيها اسمي أرى ظلهما في الزقاق."

هذا العيد غير المُعلن هو ذكرى للعدالة المفقودة وللأسماء التي لم تُنطق منذ سنوات وهو مقاومة يومية للنسيان الذي تحاول السجون والجدران والسياسة أن تفرضه.

تقول الشهادات الموثقة إن عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون السورية بلغ أكثر من 1800 بينهم نساء وأطفال كثيرون من هؤلاء اعتقلوا من داخل منازلهم في المخيمات أو من الحواجز دون مذكرة توقيف ودون محاكمة.

وعلى الرغم من حملات التوثيق والمناشدات لم يتغيّر المشهد ما زالت القوائم تتجدد والأسماء تتراكم والمخيم يحتفل كل عام بعيدٍ لا موعد له.

"في الزنزانة الموت لا يأتي دفعة واحدة بل على هيئة نسيان أن تنسى اسمك واسم أمك… أن تصبح رقماً في سجلات الظلام."

عيد الغياب ليس طقساً عابراً في ذاكرة فلسطينيي سوريا إنه ذاكرة حية تقاوم الاندثار طقس نُعلن فيه — رغم الألم — أننا لم ننسَ.

ولأن الغياب الفلسطيني لا يقاس بعدد السنين، بل بعدد الحكايات التي لم تكتمل… سيبقى هذا العيد حياً حتى تعود الأسماء إلى أصحابها.

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/21388

نضال الخليل – خاص – مجموعة العمل

"من أصعب ما عشته أن يُنزع اسمك إلى رقم ملاجئهم مجهولة. وأرواحهم معه قُوِّضت في غيوم مظلمة… ثم تنتظرني أمي مقالٌ على باب لا يُفتح."

— مريم الحريري لاجئة فلسطينية سورية من مخيم اليرموك

في المخيمات الفلسطينية داخل سوريا حيث تختلط الذاكرة بالرماد لا تُقاس الأيام بتواريخ الأعياد الرسمية ولا تحكمها مواسم الاحتفال هناك عيدٌ آخر غير مُعلن لا يظهر في نشرات الأخبار ولا يتصدّر مواقع التواصل الاجتماعي… عيد الغياب.

عيد لا نحتفي فيه بالأسير المحرَّر، بل نستحضر فيه من بقوا خلف الجدران أو من ابتلعتهم الزنازين السورية دون أثر مناسبة يتقاطع فيها الألم الفلسطيني مع الجرح السوري فتتشكل ذاكرة جماعية غارقة في الغياب ومعلّقة بين زنزانة لم تُفتح وصورة لم تُلتقط

في مخيم اليرموك وحده عشرات العائلات الفلسطينية لم تعرف مصير أبنائها.

سمر شحادة — ابنة المخيم — ما تزال تحتفظ بصورة شقيقها حسن شحادة الذي اختفى على يد أجهزة الأمن السورية عام 2013 كان حسن يحمل أحلاماً بسيطة… مقعد جامعي وزيارة مؤجلة للأقصى

اليوم لم يبق منه سوى رقمٌ محفور على ورقة مهترئة عُثر عليها في مذكرات معتقل آخر خرج حيًّا.

والمهندس الفلسطيني باسل خرطبيل (الصفدي) الذي تحوّل من مبرمج يحلم بإنترنت حرّ لفلسطين وسوريا إلى رقم في لائحة الإعدامات اختفى من زنزانته في 2015 قبل أن يتأكد خبر تصفيته بعد عامين… دون قبر دون شاهد.

أما محمد غريب طالب الأدب العربي من مخيم درعا فقدت والدته فاطمة غريب أثره حين اعتقل عام 2012 لم تغادر الأم بوابة المخيم منذ ذلك اليوم مرددة:

"كل حائط هنا يشبه وجهه… لا أنسى صوته."

بعيداً عن ضوضاء التغطيات الإعلامية التي تحتفي بعيد الأسير الفلسطيني في إبريل تحتفل المخيمات الفلسطينية السورية بطريقتها: بذكرى من لا يُعرف لهم مصير.

لا يُرفع علم ولا توزع بيانات العيد هنا صامت مكتوب في دفاتر صغيرة تحتفظ بها العائلات  أو على جدران الذاكرة حيث تبقى الأسماء حاضرة.

مريم الحريري من سكان مخيم اليرموك فقدت والدها وعمّها في سجون النظام تقول:

"ما عاد للعيد شكل كل مرة أنطق فيها اسمي أرى ظلهما في الزقاق."

هذا العيد غير المُعلن هو ذكرى للعدالة المفقودة وللأسماء التي لم تُنطق منذ سنوات وهو مقاومة يومية للنسيان الذي تحاول السجون والجدران والسياسة أن تفرضه.

تقول الشهادات الموثقة إن عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون السورية بلغ أكثر من 1800 بينهم نساء وأطفال كثيرون من هؤلاء اعتقلوا من داخل منازلهم في المخيمات أو من الحواجز دون مذكرة توقيف ودون محاكمة.

وعلى الرغم من حملات التوثيق والمناشدات لم يتغيّر المشهد ما زالت القوائم تتجدد والأسماء تتراكم والمخيم يحتفل كل عام بعيدٍ لا موعد له.

"في الزنزانة الموت لا يأتي دفعة واحدة بل على هيئة نسيان أن تنسى اسمك واسم أمك… أن تصبح رقماً في سجلات الظلام."

عيد الغياب ليس طقساً عابراً في ذاكرة فلسطينيي سوريا إنه ذاكرة حية تقاوم الاندثار طقس نُعلن فيه — رغم الألم — أننا لم ننسَ.

ولأن الغياب الفلسطيني لا يقاس بعدد السنين، بل بعدد الحكايات التي لم تكتمل… سيبقى هذا العيد حياً حتى تعود الأسماء إلى أصحابها.

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/21388