map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

مطالب أمريكية بترحيل فلسطينيين سوريين تثير مخاوف إنسانية وتساؤلات قانونية

تاريخ النشر : 16-05-2025
مطالب أمريكية بترحيل فلسطينيين سوريين تثير مخاوف إنسانية وتساؤلات قانونية

مجموعة العمل| نضال الخليل

في لقاء وُصف بأنه مفصلي، جمع الرئيسَ الأمريكي دونالد ترامب – العائد بقوة إلى المشهد السياسي – بالرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة السعودية، طُرحت قضية اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بشكل مفاجئ، وبنبرة أثارت كثيرًا من الجدل في الأوساط الدبلوماسية والحقوقية على حدّ سواء.

ففي بيان مقتضب صدر عن البيت الأبيض عقب القمة، جاء أن الرئيس ترامب حثّ القيادة السورية على ترحيل الفلسطينيين المتورطين في "نشاطات إرهابية"، دون أن يذكر أي تفاصيل إضافية أو أسماء تنظيمات محددة.

البيان، رغم قصره، كان كفيلاً بإشعال جدل واسع حول ماهية هذه المطالب، والسياق الذي تأتي فيه، والتبعات الإنسانية والسياسية التي قد تترتب على تنفيذها.

تصنيف فضفاض وغياب للمعايير

اللافت أن البيان الأمريكي استخدم مصطلحات مبهمة مثل "الإرهابيين الفلسطينيين" دون تقديم تعريف دقيق أو إطار قانوني يحدد المقصود بهذا الوصف، ما دفع الكثيرين إلى التساؤل:

هل يدور الحديث عن عناصر مسلحة مصنفة دوليًا؟

أم أن التصنيف خاضع للتقديرات السياسية الأمريكية؟

أم أنه ببساطة يفتح الباب أمام إجراءات جماعية قد تطال آلاف الأبرياء؟

في ظل غياب أي توضيحات، بدا واضحًا أن الإدارة الأمريكية تعيد طرح ملف اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، لا من زاوية إنسانية أو قانونية، بل كقضية أمنية بحتة – ما يعيد إلى الأذهان نمطًا مألوفًا في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث تُقدَّم "مخاوف الأمن القومي" كغطاء لتجاهل المعايير الدولية.

ردود فعل غائبة… وصمت يشي بالكثير

لم تصدر عن الحكومة السورية المؤقتة أي تصريحات رسمية بشأن الطلب الأمريكي، وهو أمر لم يكن مفاجئًا لمراقبين يعتبرون أن الشرع – الذي يحاول تثبيت أقدامه في معادلة سياسية متغيرة – قد لا يكون في موقع يسمح له بمواجهة مباشرة مع واشنطن.

الفصائل الفلسطينية العاملة في سوريا – سواء التقليدية منها أو المستقلة – التزمت بدورها الصمت، أو اكتفت بتعليقات مقتضبة غير رسمية، لكن مصادر من داخل مخيمات اللاجئين عبّرت عن قلق متزايد من أن يتحوّل هذا التصريح الأمريكي إلى مقدمة لحملات استهداف واسعة قد تطال من تبقى من الفلسطينيين الذين نجوا من الحرب، لكنهم ظلوا عالقين في أزمتها.

واقع المخيمات: هشاشة مضاعفة

على الأرض، يعيش الفلسطينيون في سوريا اليوم أوضاعًا متردية: انهيار في البنية التحتية، نقص في الخدمات، تفشٍّ للفقر، وغياب للأفق السياسي.

بالنسبة لسكان المخيمات، لا يبدو الحديث عن "الترحيل" مسألة نظرية؛ بل هو سيناريو قاتم يلوح في الأفق، خصوصًا أن كثيرين منهم لا يملكون أوراقًا رسمية، ولا دولة بديلة تستقبلهم، ولا نظامًا قانونيًا يحميهم من قرارات تعسفية.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن أي خطوة لترحيل فلسطينيين من سوريا – خاصة إذا لم تُسبق بتحقيقات عادلة وضمانات قانونية – قد ترقى إلى انتهاك صارخ للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية اللاجئين لعام 1951 واتفاقيات جنيف.

اللاجئ الفلسطيني: ورقة تفاوض أم إنسان له حقوق؟

منذ بداية النزاع السوري، كان اللاجئون الفلسطينيون في سوريا يدفعون الثمن مرتين:

مرة بسبب الحرب التي عصفت بالبلاد، ومرة بسبب التهميش السياسي الذي حوّلهم إلى هامش دائم في كل مفاوضات.

واليوم، يبدو أنهم يُستخدمون مرة أخرى كورقة ضغط في مفاوضات أمريكية–سورية، بعيدًا عن أي رؤية حقيقية لحلّ جذري لأوضاعهم.

في حديث مع أحد نشطاء حقوق الإنسان العاملين في الملف الفلسطيني، يقول:

"لا أحد يطرح السؤال: ماذا سيحدث لمن يُرحَّلون؟ إلى أين سيذهبون؟ من سيحميهم؟ كل ما يُقال هو أمنٌ ومصالح، بينما البشر الحقيقيون يُتركون في العراء."

أمام كل هذه المعطيات، تغيب حتى الآن مواقف واضحة من الأمم المتحدة أو من وكالة "الأونروا" المعنية أساسًا بمتابعة شؤون اللاجئين الفلسطينيين.

بعض المنظمات الحقوقية أصدرت بيانات تحذيرية، لكنها لم تصل إلى مستوى الضغط المطلوب، ويخشى كثيرون أن يتم تمرير هذه الإجراءات – أو أجزاء منها – في صمت دولي شبيه بذلك الذي رافق مراحل سابقة من تهجير الفلسطينيين.

في عالم تتزايد فيه صفقات المصالح على حساب حقوق الإنسان، يبدو الفلسطيني مرة أخرى محاصرًا بين خطابات سياسية تصنّفه تهديدًا، وسياقات محلية لا تملك القدرة أو الرغبة في الدفاع عنه.

ما طُرح في قمة الرياض لا يمكن فصله عن مسار أطول من التهميش والتسييس، لكنه لحظة فارقة تستدعي وقفة جادة.

فالسؤال الذي لا يزال معلقًا رغم كل الضجيج هو:

هل سيبقى الفلسطيني اللاجئ رهينة دائمة للقرارات الكبرى التي تُتخذ من فوق رأسه دون أن يكون حاضرًا حتى في سردية نجاته؟

أم أن الوقت قد حان لإعادة صياغة هذا الحضور كقضية إنسانية تستحق أن تُعامل خارج حسابات الصفقات المؤقتة؟

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/21510

مجموعة العمل| نضال الخليل

في لقاء وُصف بأنه مفصلي، جمع الرئيسَ الأمريكي دونالد ترامب – العائد بقوة إلى المشهد السياسي – بالرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة السعودية، طُرحت قضية اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بشكل مفاجئ، وبنبرة أثارت كثيرًا من الجدل في الأوساط الدبلوماسية والحقوقية على حدّ سواء.

ففي بيان مقتضب صدر عن البيت الأبيض عقب القمة، جاء أن الرئيس ترامب حثّ القيادة السورية على ترحيل الفلسطينيين المتورطين في "نشاطات إرهابية"، دون أن يذكر أي تفاصيل إضافية أو أسماء تنظيمات محددة.

البيان، رغم قصره، كان كفيلاً بإشعال جدل واسع حول ماهية هذه المطالب، والسياق الذي تأتي فيه، والتبعات الإنسانية والسياسية التي قد تترتب على تنفيذها.

تصنيف فضفاض وغياب للمعايير

اللافت أن البيان الأمريكي استخدم مصطلحات مبهمة مثل "الإرهابيين الفلسطينيين" دون تقديم تعريف دقيق أو إطار قانوني يحدد المقصود بهذا الوصف، ما دفع الكثيرين إلى التساؤل:

هل يدور الحديث عن عناصر مسلحة مصنفة دوليًا؟

أم أن التصنيف خاضع للتقديرات السياسية الأمريكية؟

أم أنه ببساطة يفتح الباب أمام إجراءات جماعية قد تطال آلاف الأبرياء؟

في ظل غياب أي توضيحات، بدا واضحًا أن الإدارة الأمريكية تعيد طرح ملف اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، لا من زاوية إنسانية أو قانونية، بل كقضية أمنية بحتة – ما يعيد إلى الأذهان نمطًا مألوفًا في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث تُقدَّم "مخاوف الأمن القومي" كغطاء لتجاهل المعايير الدولية.

ردود فعل غائبة… وصمت يشي بالكثير

لم تصدر عن الحكومة السورية المؤقتة أي تصريحات رسمية بشأن الطلب الأمريكي، وهو أمر لم يكن مفاجئًا لمراقبين يعتبرون أن الشرع – الذي يحاول تثبيت أقدامه في معادلة سياسية متغيرة – قد لا يكون في موقع يسمح له بمواجهة مباشرة مع واشنطن.

الفصائل الفلسطينية العاملة في سوريا – سواء التقليدية منها أو المستقلة – التزمت بدورها الصمت، أو اكتفت بتعليقات مقتضبة غير رسمية، لكن مصادر من داخل مخيمات اللاجئين عبّرت عن قلق متزايد من أن يتحوّل هذا التصريح الأمريكي إلى مقدمة لحملات استهداف واسعة قد تطال من تبقى من الفلسطينيين الذين نجوا من الحرب، لكنهم ظلوا عالقين في أزمتها.

واقع المخيمات: هشاشة مضاعفة

على الأرض، يعيش الفلسطينيون في سوريا اليوم أوضاعًا متردية: انهيار في البنية التحتية، نقص في الخدمات، تفشٍّ للفقر، وغياب للأفق السياسي.

بالنسبة لسكان المخيمات، لا يبدو الحديث عن "الترحيل" مسألة نظرية؛ بل هو سيناريو قاتم يلوح في الأفق، خصوصًا أن كثيرين منهم لا يملكون أوراقًا رسمية، ولا دولة بديلة تستقبلهم، ولا نظامًا قانونيًا يحميهم من قرارات تعسفية.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن أي خطوة لترحيل فلسطينيين من سوريا – خاصة إذا لم تُسبق بتحقيقات عادلة وضمانات قانونية – قد ترقى إلى انتهاك صارخ للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية اللاجئين لعام 1951 واتفاقيات جنيف.

اللاجئ الفلسطيني: ورقة تفاوض أم إنسان له حقوق؟

منذ بداية النزاع السوري، كان اللاجئون الفلسطينيون في سوريا يدفعون الثمن مرتين:

مرة بسبب الحرب التي عصفت بالبلاد، ومرة بسبب التهميش السياسي الذي حوّلهم إلى هامش دائم في كل مفاوضات.

واليوم، يبدو أنهم يُستخدمون مرة أخرى كورقة ضغط في مفاوضات أمريكية–سورية، بعيدًا عن أي رؤية حقيقية لحلّ جذري لأوضاعهم.

في حديث مع أحد نشطاء حقوق الإنسان العاملين في الملف الفلسطيني، يقول:

"لا أحد يطرح السؤال: ماذا سيحدث لمن يُرحَّلون؟ إلى أين سيذهبون؟ من سيحميهم؟ كل ما يُقال هو أمنٌ ومصالح، بينما البشر الحقيقيون يُتركون في العراء."

أمام كل هذه المعطيات، تغيب حتى الآن مواقف واضحة من الأمم المتحدة أو من وكالة "الأونروا" المعنية أساسًا بمتابعة شؤون اللاجئين الفلسطينيين.

بعض المنظمات الحقوقية أصدرت بيانات تحذيرية، لكنها لم تصل إلى مستوى الضغط المطلوب، ويخشى كثيرون أن يتم تمرير هذه الإجراءات – أو أجزاء منها – في صمت دولي شبيه بذلك الذي رافق مراحل سابقة من تهجير الفلسطينيين.

في عالم تتزايد فيه صفقات المصالح على حساب حقوق الإنسان، يبدو الفلسطيني مرة أخرى محاصرًا بين خطابات سياسية تصنّفه تهديدًا، وسياقات محلية لا تملك القدرة أو الرغبة في الدفاع عنه.

ما طُرح في قمة الرياض لا يمكن فصله عن مسار أطول من التهميش والتسييس، لكنه لحظة فارقة تستدعي وقفة جادة.

فالسؤال الذي لا يزال معلقًا رغم كل الضجيج هو:

هل سيبقى الفلسطيني اللاجئ رهينة دائمة للقرارات الكبرى التي تُتخذ من فوق رأسه دون أن يكون حاضرًا حتى في سردية نجاته؟

أم أن الوقت قد حان لإعادة صياغة هذا الحضور كقضية إنسانية تستحق أن تُعامل خارج حسابات الصفقات المؤقتة؟

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/21510