map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

عندما يصبح العمل طريقاً للإدمان

تاريخ النشر : 22-11-2025
عندما يصبح العمل طريقاً للإدمان

إبراهيم محمد – مجموعة العمل

تلعب بيئة العمل دوراً بارزاً في صحة الموظف السلوكية والنفسية، قد تدفعه أحياناً أو تسهم في دفعه نحو سلوكيات غير مرغوبة، ومرفوضة اجتماعياً وقانونياً، ومنها تعاطي المخدرات والوصول إلى إدمانها، بالإضافة إلى أسباب أخرى كالفقر والبطالة وانسداد الأفق.

حقائق

تشير تقديرات الإعلاميين والأخصائيين بأن نسبة متعاطي المخدرات في سورية بعد عام 2011 وصلت إلى 9% من مجموع السكان في مقدمة الدول العربية. (المصدر تلفزيون سوريا وفق دراسة "مد غلوبال" بالتعاون مع "مركز الحوار السوري"(تسعة بالمئة من السوريين يتعاطون المخدرات.. دراسة تكشف أرقاما مثيرة للقلق

معظم المتعاطين من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18-35 وهم قلب الفئة المنتجة، وتكون عند الذكور أكثر منها من الإناث.

ومن المحتمل بأن تحوي المخيمات الفلسطينية نسبة أعلى بسبب طبيعة السكن والفقر الشديد وانتشار البطالة على شكل أوسع، وأسباب أخرى.

أسباب محتملة مرتبطة ببيئة العمل:

تبرز عدة أسباب لتعاطي المخدرات بحسب الدراسات المنشورة وبحسب الواقع المستطلع داخل المخيمات الفلسطينية في سورية ويمكن تلخيصها بعدة أسباب، أولها الضغط النفسي داخل مكان العمل حيث يؤدي بحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية داخل بيئة العمل، دون وجود دعم، إلى دفع البعض نحو تعاطي المخدرات كوسيلة للهروب المؤقت. النهوض بالصحة في مكان العمل: تعاطي الكحول والمخدرات، تقرير لجنة خبراء تابعة لمنظمة الصحة العالمية، ويشتكي معظم العاملين في القطاعات المختلفة من ضغوط العمل واستغلال أرباب العمل لحاجة العاملين، وكثرة التهديد بالفصل والخصومات ومنع العاملين من الحصول على الإجازات وإفساح المجال لهم للترفيه، وفي سياق متصل تشير الدراسات ومنها دراسة قدمها موقع"  "pupmedإلى أن بيئة العمل المجهدة تساعد على زيادة تعاطي المخدرات الإجهاد المهني وخطر تعاطي الكحول والاعتماد عليه - PubMed، وبسبب نقص الخبرات الوظيفية والأكاديمية يضطر معظم الشباب الفلسطيني للعمل في أعمال تتطلب مجهوداً بدنياً عالياً مثل أعمال البناء والإكساء بشكل خاص، وفي هذا الصدد تحدثنا إلى أبو مهدي وهو من العاملين في مجال المقاولات في جنوب دمشق،  ليخبرنا عن واقع الشباب العاملين في البناء، فيقول: "هذا العمل شاق جداً وكثير من الشباب لا يتحملون الجهد الكبير وساعات العمل الطويلة لذا يلجؤون إلى تعاطي حبوب تساعدهم على العمل دون الشعور  بالتعب."

من جانب آخر تؤدي سهولة الحصول على المواد المخدرة وتعاطيها داخل بيئة العمل، وغياب الرقابة والضبط داخل بعضها خاصة التي تتسامح مع تعاطي المخدرات والكحول مثل تلك التي يكون مكان عملها متنقلاً وضمن ورش خارجية، إلى تزايد انتشار المخدرات فيها، كما أن بعض أماكن العمل لا تولي اهتماماً لسلوكيات العاملين، وكغيرها من البيئات تؤدي العلاقات السامة داخل مكان العمل، مثل الشعور بالتهميش والنبذ والتمييز والتنمر مما يؤدي إلى ضغط نفسي يدفع إلى الإدمان، خاصة مادة الحشيش.

ولا يمكن إغفال غياب برامج التوعية داخل المؤسسات والشركات وبيئات العمل المختلفة، فمعظم المؤسسات والمنشآت تعمل إدارياً بالطريقة التقليدية، وتغفل أهمية تأمين بيئة عمل صحية للعاملين.

أضرار التعاطي على العاملين والمؤسسات:

يؤدي تعاطي المخدرات إلى أخطاء مهنية جسيمة بسبب ضعف التركيز والانتباه الذي تسببه المواد المخدرة، وضعف الالتزام والانضباط، كما أن الإدمان يسهم في تدهور الحالة النفسية والجسدية للمدمن، وزيادة احتمال تعرضه لحوادث خطرة خصوصاً في بيئات العمل القاسية والتي تحتاج إلى دقة وانتباه، مثل التعامل مع الآلات أو الصعود على الأسطح والسقالات، وكل هذه أسباب تجعل رب العمل يرفض تشغيل الشاب أو يطرده من العمل، وبالتالي مشكلات تفاقم مشكلات أخرى كالفقر والبطالة والتوتر داخل الأسرة.

وفي هذا السياق نذكر قصة "قصي" شاب في العقد الرابع من العمر وأب لثلاثة أطفال وهو من أبناء أحد مخيمات جنوب دمشق، ارتقى في السلم الوظيفي في إحدى الشركات المعروفة في ريف دمشق حتى وصل إلى رتبة رئيس قسم، لكنه سلك طريق التعاطي على نحو مفاجئ، وبدأ بتعاطي الحبوب المخدرة، وبعد ملاحظة أرباب العمل تغير سلوكياته، وكثرة أخطائه تم رفضه من العمل، واضطر للعمل بأعمال مختلفة منها العمل على بسطات أو الجلوس في المنزل، وأدت الظروف التي عاشها إلى الطلاق من زوجته.

على الجانب الآخر يؤدي انتشار الإدمان داخل بيئة العمل والمؤسسات تراجع الإنتاجية وحدوث تأثير سلبي على روح الجماعة، وسوء سمعة المؤسسة.

تجربة مشرقة:

أثناء البحث والتقصي عن الموضوع سألت عن إحدى الشركات العاملة في منطقة كسوة بريف دمشق والتي يعمل فيها عدد كبير من أبناء مخيمات الحسينية وجرمانا والسيدة زينب، وتمثل تجربة رائدة في العمل المؤسسي المحترف، إذ تضم الشركة كادراً إدارياً مختصاً، وقسماً خاصاً بالموارد البشرية ومتابعتها، ويعمل على الحفاظ على بيئة عمل صحية خالية من الضغط النفسي، وبالسؤال لعدة أشخاص مقربين يعملون داخلها، أشار الجميع إلى أن بيئة العمل داخل المؤسسة تشجع على الالتزام والانضباط.

توصيات:

لا تقتصر أضرار الإدمان على الفرد، بل تطال المؤسسة التي يعمل بها، لذا لابد من عدة إجراءات تساهم في الحد من الظاهرة، أولها التأكيد على منع المواد المخدرة وتحسين ظروف العمل النفسية والتخفيف من الأعباء الجسدية على العاملين، واستعمال الآليات المساعدة قدر الإمكان، وزيادة الأجور لتحقيق الاستقرار، وتفعيل برامج ترفيهية للعاملين، والاهتمام بمشكلاتهم النفسية والاجتماعية.

حكومياً فرض إجراءات صارمة على المؤسسات الاقتصادية لتحسين ظروف العمل للعاملين، والتأكد من الإجراءات الإدارية والفنية التي تحقق السلامة والاستقرار الوظيفي.

الأونروا توسيع برنامج تشغيل الفلسطينيين وتأمين وظائف لعدد أكبر من العاملين في مشاريع الأونروا، مع برامج توعية بما يخص تعاطي المخدرات.

الخاتمة:

بيئة العمل الصحية والداعمة مساعد مهم في تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي، وعامل في الحد من انتشار ظاهرة المخدرات، أو الانزلاق في طريق الإدمان.

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/22321

إبراهيم محمد – مجموعة العمل

تلعب بيئة العمل دوراً بارزاً في صحة الموظف السلوكية والنفسية، قد تدفعه أحياناً أو تسهم في دفعه نحو سلوكيات غير مرغوبة، ومرفوضة اجتماعياً وقانونياً، ومنها تعاطي المخدرات والوصول إلى إدمانها، بالإضافة إلى أسباب أخرى كالفقر والبطالة وانسداد الأفق.

حقائق

تشير تقديرات الإعلاميين والأخصائيين بأن نسبة متعاطي المخدرات في سورية بعد عام 2011 وصلت إلى 9% من مجموع السكان في مقدمة الدول العربية. (المصدر تلفزيون سوريا وفق دراسة "مد غلوبال" بالتعاون مع "مركز الحوار السوري"(تسعة بالمئة من السوريين يتعاطون المخدرات.. دراسة تكشف أرقاما مثيرة للقلق

معظم المتعاطين من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18-35 وهم قلب الفئة المنتجة، وتكون عند الذكور أكثر منها من الإناث.

ومن المحتمل بأن تحوي المخيمات الفلسطينية نسبة أعلى بسبب طبيعة السكن والفقر الشديد وانتشار البطالة على شكل أوسع، وأسباب أخرى.

أسباب محتملة مرتبطة ببيئة العمل:

تبرز عدة أسباب لتعاطي المخدرات بحسب الدراسات المنشورة وبحسب الواقع المستطلع داخل المخيمات الفلسطينية في سورية ويمكن تلخيصها بعدة أسباب، أولها الضغط النفسي داخل مكان العمل حيث يؤدي بحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية داخل بيئة العمل، دون وجود دعم، إلى دفع البعض نحو تعاطي المخدرات كوسيلة للهروب المؤقت. النهوض بالصحة في مكان العمل: تعاطي الكحول والمخدرات، تقرير لجنة خبراء تابعة لمنظمة الصحة العالمية، ويشتكي معظم العاملين في القطاعات المختلفة من ضغوط العمل واستغلال أرباب العمل لحاجة العاملين، وكثرة التهديد بالفصل والخصومات ومنع العاملين من الحصول على الإجازات وإفساح المجال لهم للترفيه، وفي سياق متصل تشير الدراسات ومنها دراسة قدمها موقع"  "pupmedإلى أن بيئة العمل المجهدة تساعد على زيادة تعاطي المخدرات الإجهاد المهني وخطر تعاطي الكحول والاعتماد عليه - PubMed، وبسبب نقص الخبرات الوظيفية والأكاديمية يضطر معظم الشباب الفلسطيني للعمل في أعمال تتطلب مجهوداً بدنياً عالياً مثل أعمال البناء والإكساء بشكل خاص، وفي هذا الصدد تحدثنا إلى أبو مهدي وهو من العاملين في مجال المقاولات في جنوب دمشق،  ليخبرنا عن واقع الشباب العاملين في البناء، فيقول: "هذا العمل شاق جداً وكثير من الشباب لا يتحملون الجهد الكبير وساعات العمل الطويلة لذا يلجؤون إلى تعاطي حبوب تساعدهم على العمل دون الشعور  بالتعب."

من جانب آخر تؤدي سهولة الحصول على المواد المخدرة وتعاطيها داخل بيئة العمل، وغياب الرقابة والضبط داخل بعضها خاصة التي تتسامح مع تعاطي المخدرات والكحول مثل تلك التي يكون مكان عملها متنقلاً وضمن ورش خارجية، إلى تزايد انتشار المخدرات فيها، كما أن بعض أماكن العمل لا تولي اهتماماً لسلوكيات العاملين، وكغيرها من البيئات تؤدي العلاقات السامة داخل مكان العمل، مثل الشعور بالتهميش والنبذ والتمييز والتنمر مما يؤدي إلى ضغط نفسي يدفع إلى الإدمان، خاصة مادة الحشيش.

ولا يمكن إغفال غياب برامج التوعية داخل المؤسسات والشركات وبيئات العمل المختلفة، فمعظم المؤسسات والمنشآت تعمل إدارياً بالطريقة التقليدية، وتغفل أهمية تأمين بيئة عمل صحية للعاملين.

أضرار التعاطي على العاملين والمؤسسات:

يؤدي تعاطي المخدرات إلى أخطاء مهنية جسيمة بسبب ضعف التركيز والانتباه الذي تسببه المواد المخدرة، وضعف الالتزام والانضباط، كما أن الإدمان يسهم في تدهور الحالة النفسية والجسدية للمدمن، وزيادة احتمال تعرضه لحوادث خطرة خصوصاً في بيئات العمل القاسية والتي تحتاج إلى دقة وانتباه، مثل التعامل مع الآلات أو الصعود على الأسطح والسقالات، وكل هذه أسباب تجعل رب العمل يرفض تشغيل الشاب أو يطرده من العمل، وبالتالي مشكلات تفاقم مشكلات أخرى كالفقر والبطالة والتوتر داخل الأسرة.

وفي هذا السياق نذكر قصة "قصي" شاب في العقد الرابع من العمر وأب لثلاثة أطفال وهو من أبناء أحد مخيمات جنوب دمشق، ارتقى في السلم الوظيفي في إحدى الشركات المعروفة في ريف دمشق حتى وصل إلى رتبة رئيس قسم، لكنه سلك طريق التعاطي على نحو مفاجئ، وبدأ بتعاطي الحبوب المخدرة، وبعد ملاحظة أرباب العمل تغير سلوكياته، وكثرة أخطائه تم رفضه من العمل، واضطر للعمل بأعمال مختلفة منها العمل على بسطات أو الجلوس في المنزل، وأدت الظروف التي عاشها إلى الطلاق من زوجته.

على الجانب الآخر يؤدي انتشار الإدمان داخل بيئة العمل والمؤسسات تراجع الإنتاجية وحدوث تأثير سلبي على روح الجماعة، وسوء سمعة المؤسسة.

تجربة مشرقة:

أثناء البحث والتقصي عن الموضوع سألت عن إحدى الشركات العاملة في منطقة كسوة بريف دمشق والتي يعمل فيها عدد كبير من أبناء مخيمات الحسينية وجرمانا والسيدة زينب، وتمثل تجربة رائدة في العمل المؤسسي المحترف، إذ تضم الشركة كادراً إدارياً مختصاً، وقسماً خاصاً بالموارد البشرية ومتابعتها، ويعمل على الحفاظ على بيئة عمل صحية خالية من الضغط النفسي، وبالسؤال لعدة أشخاص مقربين يعملون داخلها، أشار الجميع إلى أن بيئة العمل داخل المؤسسة تشجع على الالتزام والانضباط.

توصيات:

لا تقتصر أضرار الإدمان على الفرد، بل تطال المؤسسة التي يعمل بها، لذا لابد من عدة إجراءات تساهم في الحد من الظاهرة، أولها التأكيد على منع المواد المخدرة وتحسين ظروف العمل النفسية والتخفيف من الأعباء الجسدية على العاملين، واستعمال الآليات المساعدة قدر الإمكان، وزيادة الأجور لتحقيق الاستقرار، وتفعيل برامج ترفيهية للعاملين، والاهتمام بمشكلاتهم النفسية والاجتماعية.

حكومياً فرض إجراءات صارمة على المؤسسات الاقتصادية لتحسين ظروف العمل للعاملين، والتأكد من الإجراءات الإدارية والفنية التي تحقق السلامة والاستقرار الوظيفي.

الأونروا توسيع برنامج تشغيل الفلسطينيين وتأمين وظائف لعدد أكبر من العاملين في مشاريع الأونروا، مع برامج توعية بما يخص تعاطي المخدرات.

الخاتمة:

بيئة العمل الصحية والداعمة مساعد مهم في تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي، وعامل في الحد من انتشار ظاهرة المخدرات، أو الانزلاق في طريق الإدمان.

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/22321