map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4294

الغائبون بلا أثر.. ندوة ترفع صوت المختفين قسرًا في سوريا

تاريخ النشر : 30-11-2025
الغائبون بلا أثر.. ندوة ترفع صوت المختفين قسرًا في سوريا

نضال الخليل – مجموعة العمل

لم تكن الندوة التي عُقدت بالأمس حول النضال من أجل الحقيقة والعدالة للمفقودين في سوريا مجرد اجتماع لمؤسسات وناشطين، بل بدت - منذ لحظتها الأولى - كأنها محاولة لإعادة ترتيب الوعي السوري وامتحان قدرة مجتمعٍ مثخنٍ بالغياب على مواجهة مرآته المكسورة
هناك في القاعة التي ازدحمت بالأسماء والملفات بدا السؤال القديم حاضرًا:

 كيف يمكن لبلد أن ينهض بينما ظلاله ما تزال محتجزة في الأقبية؟

شارك في النقاش ممثلون عن الهيئة الوطنية للمفقودين ومتحف سجون سوريا وروابط العائلات والناشطين الحقوقيين إضافة إلى منظمة العفو الدولية التي حضرت لأول مرة داخل هذا الملف كأنها تدخل متأخرة إلى مسرح بدأت جراحه قبل سنوات طويلة.

الحقيقة الغائبة… والبلد الذي يختبر نفسه

أجمع الحاضرون على حقيقة لا تحتاج إلى مجاز: سوريا اليوم أكبر خزان للمغيبين في العالم هذه ليست مجرد معلومة إحصائية إنها إعلان عن عمق الانهيار الذي أصاب البنية السياسية والاجتماعية للبلاد
ومع ذلك جرى الحديث بنبرة مسؤولية لا بنبرة رثاء عن معاناة العائلات وعن التشتت النفسي والاقتصادي وعن الفراغ الذي خلّفه غياب المعيل في آلاف البيوت

الهيئة الوطنية للمفقودين… ولادة في زمن متأخر

قدّمت زينة شهلا مداخلة كشفت الطابع التأسيسي للهيئة الوطنية هيئة لم تولد من رغبة بيروقراطية، بل من ضرورة أخلاقية وهي الآن تخطّ خطواتها الأولى وسط أرشيف فقد جزءًا كبيرًا من ملامحه
تحدثت عن برامج التوثيق وعن محاولة بناء قاعدة بيانات موحدة وعن مسودة قانون خاص بالمفقودين يُعمل عليه كشرط أولي لإعادة الاعتبار للحق في المعرفة لكن ما بين الكلمة والواقع فجوة ضخمة:

 القانون يُصاغ لكن الحقيقة ما تزال تتقدّم ببطء شديد

متحف سجون سوريا… حين تتحول الذاكرة إلى وثيقة

في مداخلته بدا روبن ياسين قصاب وكأنه يعيد تقديم الجحيم عبر لغة باردة ودقيقة استعرض ما بقي من وثائق الفروع الأمنية بعد سقوط النظام وتوقف عند تفاصيل الاعتقال في فرع التحقيق العسكري:

 الموت المؤجل، الملفات الناقصة والرعب الذي لم يتوقف رغم تحوّله إلى نصوص مكتوبة

وكانت النقطة الأكثر إثارة للانتباه تأكيده ضرورة الإبقاء على مواقع السجون كما هي - لا بهدف الانتقام بل بهدف أن تبقى الشهادة حيّة وأن يتعرّف المجتمع إلى قسوته من خلال آثارها المادية.

المفقودون لدى داعش… طبقة أعمق من العتمة

فتحت ريهام حسان بابًا آخر في الندوة بابًا يتجاوز الجغرافيا السياسية التقليدية ويدخل في مناطق الانهيار المطلق.
ملف المفقودين لدى داعش لا يزال مشرّعًا على احتمالات كثيرة: من بقي في سجون التحالف، من اختفى أثناء عمليات التهجير، من ضاعت آثاره في فضاء الحرب… كل ذلك يجعل البحث في هذا الملف أشبه بمحاولة جمع رماد تذروه رياح متعددة الاتجاهات

مسؤوليات معلّقة على الحكومة الجديدة

جميع الأطراف اتفقت على أن الحكومة الجديدة تقف أمام مهمة شاقة: دعم العائلات التي فقدت معيلها تمويل أعمال البحث والتوثيق، إنشاء مراكز للتحقيق والطب الشرعي وإعادة بناء الثقة بين المؤسسات والمجتمع وهي مهمة لا تُختزل بقرارات إدارية، بل تتطلب إرادة سياسية ورؤية قانونية جديدة.

خلاصة… السؤال الذي لا يغيب

خرجت الندوة وكأنها تذكّر الجميع بأن ملف المفقودين - بجميع فئاته سوريين وفلسطينيين وغيرهم- ليس ملفًا يمكن فرزه أو ترتيب ألمه بحسب الانتماء إنه ملف وطني واحد يضع السوريين جميعًا أمام السؤال ذاته:

كيف يمكن لمجتمع أن يبدأ من جديد بينما أبناؤه ما يزالون في عداد الغياب؟

ذلك السؤال سيظل معلّقًا ما لم تُفتح الأبواب المغلقة ويُعاد للذاكرة حقها الأول:

المعرفة قبل العدالة والحقيقة قبل المصالحة.

 

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/22363

نضال الخليل – مجموعة العمل

لم تكن الندوة التي عُقدت بالأمس حول النضال من أجل الحقيقة والعدالة للمفقودين في سوريا مجرد اجتماع لمؤسسات وناشطين، بل بدت - منذ لحظتها الأولى - كأنها محاولة لإعادة ترتيب الوعي السوري وامتحان قدرة مجتمعٍ مثخنٍ بالغياب على مواجهة مرآته المكسورة
هناك في القاعة التي ازدحمت بالأسماء والملفات بدا السؤال القديم حاضرًا:

 كيف يمكن لبلد أن ينهض بينما ظلاله ما تزال محتجزة في الأقبية؟

شارك في النقاش ممثلون عن الهيئة الوطنية للمفقودين ومتحف سجون سوريا وروابط العائلات والناشطين الحقوقيين إضافة إلى منظمة العفو الدولية التي حضرت لأول مرة داخل هذا الملف كأنها تدخل متأخرة إلى مسرح بدأت جراحه قبل سنوات طويلة.

الحقيقة الغائبة… والبلد الذي يختبر نفسه

أجمع الحاضرون على حقيقة لا تحتاج إلى مجاز: سوريا اليوم أكبر خزان للمغيبين في العالم هذه ليست مجرد معلومة إحصائية إنها إعلان عن عمق الانهيار الذي أصاب البنية السياسية والاجتماعية للبلاد
ومع ذلك جرى الحديث بنبرة مسؤولية لا بنبرة رثاء عن معاناة العائلات وعن التشتت النفسي والاقتصادي وعن الفراغ الذي خلّفه غياب المعيل في آلاف البيوت

الهيئة الوطنية للمفقودين… ولادة في زمن متأخر

قدّمت زينة شهلا مداخلة كشفت الطابع التأسيسي للهيئة الوطنية هيئة لم تولد من رغبة بيروقراطية، بل من ضرورة أخلاقية وهي الآن تخطّ خطواتها الأولى وسط أرشيف فقد جزءًا كبيرًا من ملامحه
تحدثت عن برامج التوثيق وعن محاولة بناء قاعدة بيانات موحدة وعن مسودة قانون خاص بالمفقودين يُعمل عليه كشرط أولي لإعادة الاعتبار للحق في المعرفة لكن ما بين الكلمة والواقع فجوة ضخمة:

 القانون يُصاغ لكن الحقيقة ما تزال تتقدّم ببطء شديد

متحف سجون سوريا… حين تتحول الذاكرة إلى وثيقة

في مداخلته بدا روبن ياسين قصاب وكأنه يعيد تقديم الجحيم عبر لغة باردة ودقيقة استعرض ما بقي من وثائق الفروع الأمنية بعد سقوط النظام وتوقف عند تفاصيل الاعتقال في فرع التحقيق العسكري:

 الموت المؤجل، الملفات الناقصة والرعب الذي لم يتوقف رغم تحوّله إلى نصوص مكتوبة

وكانت النقطة الأكثر إثارة للانتباه تأكيده ضرورة الإبقاء على مواقع السجون كما هي - لا بهدف الانتقام بل بهدف أن تبقى الشهادة حيّة وأن يتعرّف المجتمع إلى قسوته من خلال آثارها المادية.

المفقودون لدى داعش… طبقة أعمق من العتمة

فتحت ريهام حسان بابًا آخر في الندوة بابًا يتجاوز الجغرافيا السياسية التقليدية ويدخل في مناطق الانهيار المطلق.
ملف المفقودين لدى داعش لا يزال مشرّعًا على احتمالات كثيرة: من بقي في سجون التحالف، من اختفى أثناء عمليات التهجير، من ضاعت آثاره في فضاء الحرب… كل ذلك يجعل البحث في هذا الملف أشبه بمحاولة جمع رماد تذروه رياح متعددة الاتجاهات

مسؤوليات معلّقة على الحكومة الجديدة

جميع الأطراف اتفقت على أن الحكومة الجديدة تقف أمام مهمة شاقة: دعم العائلات التي فقدت معيلها تمويل أعمال البحث والتوثيق، إنشاء مراكز للتحقيق والطب الشرعي وإعادة بناء الثقة بين المؤسسات والمجتمع وهي مهمة لا تُختزل بقرارات إدارية، بل تتطلب إرادة سياسية ورؤية قانونية جديدة.

خلاصة… السؤال الذي لا يغيب

خرجت الندوة وكأنها تذكّر الجميع بأن ملف المفقودين - بجميع فئاته سوريين وفلسطينيين وغيرهم- ليس ملفًا يمكن فرزه أو ترتيب ألمه بحسب الانتماء إنه ملف وطني واحد يضع السوريين جميعًا أمام السؤال ذاته:

كيف يمكن لمجتمع أن يبدأ من جديد بينما أبناؤه ما يزالون في عداد الغياب؟

ذلك السؤال سيظل معلّقًا ما لم تُفتح الأبواب المغلقة ويُعاد للذاكرة حقها الأول:

المعرفة قبل العدالة والحقيقة قبل المصالحة.

 

الوسوم

رابط مختصر : http://actionpal.org.uk/ar/post/22363