سعيد سليمان ـ مجموعة العمل
بعد مرور عام على التغيرات الجذرية التي شهدتها سوريا بسقوط نظام بشار الأسد، يجد اللاجئون الفلسطينيون أنفسهم أمام واقع جديد مركب، يمتزج فيه الأمل الحذر بمستقبل أفضل مع تحديات جسيمة تلقي بظلالها على حاضرهم ومستقبلهم.
فبعد عقود من العيش في ظل نظام تعامل معهم بسياسات متناقضة، تتأرجح اليوم أوضاعهم بين بوادر انفراج وتساؤلات قانونية واقتصادية وأمنية عميقة.
مشهد متناقض: ارتياح حذر وغموض قانوني
في أعقاب سقوط النظام، سادت حالة من الارتياح النسبي في المخيمات الفلسطينية التي شهدت معاملة جيدة من قوات المعارضة.
هذا الشعور بالأمان المتجدد، بعد سنوات من القصف والحصار والملاحقات الأمنية، شجع آلاف اللاجئين الذين نزحوا داخل سوريا أو لجأوا إلى دول الجوار كـــ لبنان والأردن على بدء رحلة العودة إلى ديارهم.
لكن هذا التفاؤل يصطدم بواقع قانوني غامض يثير القلق، فبينما كان الفلسطينيون يُعاملون بموجب القانون رقم 260 لعام 1956 معاملة المواطن السوري في معظم الحقوق (باستثناء الحقوق السيادية)، ظهرت مؤخراً في بعض المعاملات الرسمية توصيفات مثل "أجنبي مقيم"، مما أثار مخاوف من المساس بوضعهم القانوني التاريخي كلاجئين.
ويطالب الحقوقيون والناشطون بضرورة الحفاظ على هذا الوضع الخاص الذي يضمن حقوقهم دون أن يمس بهويتهم الفلسطينية وحق العودة.
العودة إلى الركام: تحدي إعادة الإعمار
تمثل العودة تحدياً هائلاً بحد ذاتها، فاللاجئون يعودون إلى مخيمات مدمرة بشكل شبه كامل. مخيم اليرموك، الذي كان يُعرف بـ"عاصمة الشتات الفلسطيني"، ومخيمات درعا وحندرات، وغيرها، شهدت دماراً هائلاً في البنية التحتية والمنازل، حيث تصل نسبة الدمار في بعضها إلى 80%.
ورغم بدء بعض السكان بمبادرات فردية لترميم منازلهم وإزالة الأنقاض، إلا أن حجم الدمار يفوق بكثير القدرات الفردية أو حتى جهود المنظمات الأهلية. وتبرز هنا الحاجة الماسة لجهود دولية منسقة لإعادة إعمار المرافق الأساسية من شبكات مياه وكهرباء ومدارس ومستشفيات، وهو ما يتطلب تمويلاً ضخماً ودوراً فاعلاً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
أزمة اقتصادية خانقة ودور الأونروا المتراجع
تتفاقم معاناة اللاجئين بسبب أزمة اقتصادية خانقة، حيث يعيش ما يقارب 90% منهم تحت خط الفقر. سنوات الحرب دمرت مصادر الرزق، واليوم يواجه العائدون واقعاً صعباً من البطالة وانهيار الخدمات الأساسية.
ويزداد الوضع تعقيداً مع الأزمة المالية التي تعاني منها الأونروا، والتي تمثل شريان الحياة الأساسي لغالبية اللاجئين. التحذيرات تتوالى من أن أي تقليص إضافي في خدمات الوكالة سيؤدي إلى كارثة إنسانية، مما يهدد الأمن الغذائي والصحي والتعليمي لمئات الآلاف.
آمال ومخاوف المستقبل
في خضم هذا المشهد المعقد، تتلخص آمال فلسطينيي سوريا في عدة نقاط محورية:
في المقابل، تبرز مخاوف جدية من سيناريوهات قد تعيد إنتاج مأساة اللاجئين، أبرزها:
بعد عام على التغيير، يقف فلسطينيو سوريا على مفترق طرق. ورغم أنهم تنفسوا الصعداء بزوال نظام أذاقهم الأمرين، إلا أن طريقهم نحو الاستقرار واستعادة حياتهم لا يزال طويلاً ومحفوفاً بالتحديات، ويتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية لضمان عدم تحول الأمل إلى سراب.
سعيد سليمان ـ مجموعة العمل
بعد مرور عام على التغيرات الجذرية التي شهدتها سوريا بسقوط نظام بشار الأسد، يجد اللاجئون الفلسطينيون أنفسهم أمام واقع جديد مركب، يمتزج فيه الأمل الحذر بمستقبل أفضل مع تحديات جسيمة تلقي بظلالها على حاضرهم ومستقبلهم.
فبعد عقود من العيش في ظل نظام تعامل معهم بسياسات متناقضة، تتأرجح اليوم أوضاعهم بين بوادر انفراج وتساؤلات قانونية واقتصادية وأمنية عميقة.
مشهد متناقض: ارتياح حذر وغموض قانوني
في أعقاب سقوط النظام، سادت حالة من الارتياح النسبي في المخيمات الفلسطينية التي شهدت معاملة جيدة من قوات المعارضة.
هذا الشعور بالأمان المتجدد، بعد سنوات من القصف والحصار والملاحقات الأمنية، شجع آلاف اللاجئين الذين نزحوا داخل سوريا أو لجأوا إلى دول الجوار كـــ لبنان والأردن على بدء رحلة العودة إلى ديارهم.
لكن هذا التفاؤل يصطدم بواقع قانوني غامض يثير القلق، فبينما كان الفلسطينيون يُعاملون بموجب القانون رقم 260 لعام 1956 معاملة المواطن السوري في معظم الحقوق (باستثناء الحقوق السيادية)، ظهرت مؤخراً في بعض المعاملات الرسمية توصيفات مثل "أجنبي مقيم"، مما أثار مخاوف من المساس بوضعهم القانوني التاريخي كلاجئين.
ويطالب الحقوقيون والناشطون بضرورة الحفاظ على هذا الوضع الخاص الذي يضمن حقوقهم دون أن يمس بهويتهم الفلسطينية وحق العودة.
العودة إلى الركام: تحدي إعادة الإعمار
تمثل العودة تحدياً هائلاً بحد ذاتها، فاللاجئون يعودون إلى مخيمات مدمرة بشكل شبه كامل. مخيم اليرموك، الذي كان يُعرف بـ"عاصمة الشتات الفلسطيني"، ومخيمات درعا وحندرات، وغيرها، شهدت دماراً هائلاً في البنية التحتية والمنازل، حيث تصل نسبة الدمار في بعضها إلى 80%.
ورغم بدء بعض السكان بمبادرات فردية لترميم منازلهم وإزالة الأنقاض، إلا أن حجم الدمار يفوق بكثير القدرات الفردية أو حتى جهود المنظمات الأهلية. وتبرز هنا الحاجة الماسة لجهود دولية منسقة لإعادة إعمار المرافق الأساسية من شبكات مياه وكهرباء ومدارس ومستشفيات، وهو ما يتطلب تمويلاً ضخماً ودوراً فاعلاً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
أزمة اقتصادية خانقة ودور الأونروا المتراجع
تتفاقم معاناة اللاجئين بسبب أزمة اقتصادية خانقة، حيث يعيش ما يقارب 90% منهم تحت خط الفقر. سنوات الحرب دمرت مصادر الرزق، واليوم يواجه العائدون واقعاً صعباً من البطالة وانهيار الخدمات الأساسية.
ويزداد الوضع تعقيداً مع الأزمة المالية التي تعاني منها الأونروا، والتي تمثل شريان الحياة الأساسي لغالبية اللاجئين. التحذيرات تتوالى من أن أي تقليص إضافي في خدمات الوكالة سيؤدي إلى كارثة إنسانية، مما يهدد الأمن الغذائي والصحي والتعليمي لمئات الآلاف.
آمال ومخاوف المستقبل
في خضم هذا المشهد المعقد، تتلخص آمال فلسطينيي سوريا في عدة نقاط محورية:
في المقابل، تبرز مخاوف جدية من سيناريوهات قد تعيد إنتاج مأساة اللاجئين، أبرزها:
بعد عام على التغيير، يقف فلسطينيو سوريا على مفترق طرق. ورغم أنهم تنفسوا الصعداء بزوال نظام أذاقهم الأمرين، إلا أن طريقهم نحو الاستقرار واستعادة حياتهم لا يزال طويلاً ومحفوفاً بالتحديات، ويتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية لضمان عدم تحول الأمل إلى سراب.