map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

"بين غربتَيْن".. فيلم يجابه الفلسطينيون فيه سطوة الموت

تاريخ النشر : 23-02-2016
"بين غربتَيْن".. فيلم يجابه الفلسطينيون فيه سطوة الموت

غزة - نجلاء السكافي

كم هو صعب أن يلفظك التشرّد واللجوء مرة.. بل ألف مرة، من نكبة فلسطين الأولى إلى مجابهة الموت في ملحمة "اليرموك" نحو عصف "غزة" المأكول. هروب قسري من صدى صرخة الميلاد إلى أصداء صرَخات "النفي" التي ظلَّت تتردد فيهم جيلًا بعد جيل.

"بين غربتين" فيلم وثائقي يروي نزف أسرة فلسطينية لطخت ببرد "الهجرة" مرةً تلو مرة وتجرعت كأس "الغربة" خارج أسوار الوطن وداخله، فاستبدلت "حلم" العودة بـ "الرحيل"، "أماني الفليت" كاتبة سيناريو الفيلم ومخرجته في استضافة "فلسطين"، والتقرير التالي:

صرخة اللقاء

العودة إلى فلسطين "حلم" لكل أبنائها النازحين في بِقاع العالم لكن عندما لا يكون العود "أحمد" ويصبح فرض النزوح "قدرا"، سيؤثر الزوجان "إيمان ونجيب العماوي" مرارة الغُربة على مِلح الوطن، و"إيمان" هي أنموذج قهري واقعي طرحته "أماني الفليت" في فيلمها لتُجسد حالنا الذي أقل ما يُوصف بأنه "مُزرٍ"، فتقول: "الفيلم يروي قصة عائلة فلسطينية تجسد قصص مئات العائلات الفلسطينية المُعذّبة، هُجِّرت من أراضيها عام 1948، لتستقر بعد ذلك في مخيم اليرموك بسوريا، إلى أن نشبت الحرب ووصلت نارها إليهم".

في مطلع عام 2012م، تضخمت وتيرة الحرب في سوريا كما تصف ايمان في الفيلم قائلة: "ما عاد في أمان"، فعلى الرغم من مساحة سوريا الكبيرة التي تُمكِن ساكنيها من التنقل من مكان لآخر إلا أن ويلات الحرب لم ترحم أحدا، ومع أزيز الطائرات وأمام فوهات الدبابات وضرباتها العشوائيًة في أرجاء "اليرموك" اضطرت العماوي للرحيل مُجددا، وكانت الوجهة هذه المرة نحو أعتاب "غزة"، تردف أماني: "لم يكن من خيار أمامهم سوى الوطن الأم فلسطين، وغزة تحديدا حيث عائلة الزوج".

زحفًا على أدراج الدمع استقبلت والدة "نجيب" ابنها وأسرته الذي أطلق صرخة الحنين بعد فراق عشرين عاما فاتحًا ذراعيه ليحتضن نسيم غزة الدافئ ذاك الذي ما لبث أن أصبح حارِقًا مُدمِرًا، كما تُعقب الفليت قائلة: "وصلوا إلى غزة بعد معاناة مريرة واجهوها أثناء طريقهم ليستقر بهم الحال في بيت حانون، وتكيفًا منهم مع الحياة الجديدة في وطنهم الأصلي الذي قد عادوا إليه جبرًا وفرحًا قاموا باستئجار بيت وبناء مشغل خياطة ليكون كمصدر دخل لهم"، حالهم حال غالبية الفلسطينيين الذين عادوا لترابها عودة المُضنى من الوجع.

بلا مأوى مُجددًا

كانت السعادة والاستقرار حليفهم في بداية وصولهم إلى غزة، لكن وضعها الاقتصادي الصعب حال دون اكتمال حلقة "الهناء" تلك، ليس هذا فحسب، إنما قدر التشرد وهذه المرة بين موتين وبلا طوق نجاة عندما دقت أجراس "الحرب" حدود غزة وباطنها، كما تُوضح الفليت: "لم يمهلهم القدر كثيرا ليباغتهم بلعنة حرب جديدة حيث حرب غزة لعام 2014، فقد تم تدمير بيتهم ومشغل الخياطة كذلك، لتصبح العائلة معذّبة لا مأوى لها"، مع تدمير ما يُقارب من 80% من مساحة بيت حانون الحدودية.

لم يعد من خيارٍ بديل أمام "نجيب" إلا درب الهجرة الذي لوّن أهداب عينيه بآهاتٍ من الأسى فاضطر كأب يبحث عن قوت أطفاله وعن حياةٍ كريمة للهجرة من جديد، لتكون "ألمانيا" وجهته الأخيرة، وبقيت إيمان وأطفالها الأربعة في غزة يكتوون بنار الحصار ومرارة الفقر، والمرض حليف الأم، فتتجرع هي وأبناؤها وجع الغربة في الوطن الذي لم يكن حانيًا عليهم، بنصف روح؟ بنصف حياة؟ أم بموت وروح معلّقة على بوابات الانتظار، وقد يكون انتظار شيء من لا شيء.

تُنهي أماني الفليت إخراج الفيلم برسالة لرئيس لجنة متابعة شؤون اللاجئين السوريين في غزة _عاطف العماوي_ قائلًا: "نحن نقول إن لدينا أربعمائة عائلة فلسطينية من ليبيا وسوريا واليمن لا يُشكلون أي قلق بالنسبة لأي حكومة تريد فعلا لأبناء شعبها أن يكونوا موجودين في بلادهم، لكننا نشعر أننا غير مرغوب فينا، ونفهم أن (إسرائيل) لا ترغب بنا وتعتبرنا متسللين ولا تقدم لنا الرعاية الصحية، لكن كيف نفهم موقف القوى الوطنية والإسلامية والحكومات المتعاقبة؟، كيف نفهم موقف السلطة الوطنية الفلسطينية؟، إننا في طريقنا للهجرة عبر قوارب الموت إذا لم يتم وضع أسس صحيحة لبقائنا، فنحن لا نبحث إلا عن شيء بسيط جدا اسمه (الحياة)".

كواليس

وقد أثارت استضافة رئيس لجنة متابعة شؤون اللاجئين السوريين في غزة، في الفيلم، فعمل وجوده كمُكمِل و مُؤكِد لحديث الأم، كأنّ من يروي القصة اثنان ليس واحداً، لقول الفليت: "تبرز أهميته في نهاية الفيلم عندما يوضح مطالب اللاجئين كمتحدث باسمهم"، وجاء اختيار الفيلم ليكون "وثائقيًا" للعديد من المزايا فالوثائقي يعتمد على الوثائق وليس القصة والخيال وفكرة الفيلم هي توثيق تاريخي لهجرات متكررة تعرضت لها الاسرة فكان الوثائقي هو الخيار الأنسب، كما يُمكن من خلال الوثائقي إضافة التعليق على بعض المشاهد، وهو يستند إلى المقابلات مع الاشخاص الذين يدور حولهم الحدث فيُمثل تجسيدا حقيقيا للواقع.

وتكشف الفليت عما رأته من أسى خلال إخراج الفيلم بعينها ليس بعين المشاهد قائلةً: "ذهبنا يوم التصوير إلى مسكن عائلة إيمان العماوي الحالي، المكان متواضع جدًا فالأسرة تقطن في غرفتين ومطبخ _لا يشبه المطابخ إلا في اسمه_ ودورة مياه، وهو في الأصل بيت والد زوجها مع العلم أنه تعرض للقصف لكن تدمر جزئيا وهم يسكنون في الجزء المتبقي منه"، وتضيف: "صورنا معهم، وخلال استرجاع الأم للأحداث وهي تروي قصتهم يشعرك ذلك بألم كبير، وفي موطن معين لم أتمالك نفسي من البكاء وبدأت دموعي تسقط، أردت أن أتماسك وأكون أكثر قوة، لكن إنسانية القصة ووجعها كبير".

وقد فاز "بين غربتين" بالمركز الثاني في مهرجان الأعمال التلفزيونية في الجامعة الإسلامية، تقول الفليت: "نجاح الفيلم في إيصال صوت عائلة وتوثيق معاناتها وهي معاناة فئة ليست بالقليلة تعاني الويلات في وطنها وتطالب بأدنى حقوقها المعيشية هو جائزتي الحقيقية، وبعد تقييم لجنة التحكيم التي تكونت من د. نعيم المصري وأ. محمد أبو شمالة والمخرجة سحر فسفوس، حصل فيلمي على المركز الثاني في مهرجان الأعمال التلفزيونية، وتم عقد ورشة عمل عُرضت فيها الأفلام الفائزة وكُرِّمت بشهادات شكر وتقدير".

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/4306

غزة - نجلاء السكافي

كم هو صعب أن يلفظك التشرّد واللجوء مرة.. بل ألف مرة، من نكبة فلسطين الأولى إلى مجابهة الموت في ملحمة "اليرموك" نحو عصف "غزة" المأكول. هروب قسري من صدى صرخة الميلاد إلى أصداء صرَخات "النفي" التي ظلَّت تتردد فيهم جيلًا بعد جيل.

"بين غربتين" فيلم وثائقي يروي نزف أسرة فلسطينية لطخت ببرد "الهجرة" مرةً تلو مرة وتجرعت كأس "الغربة" خارج أسوار الوطن وداخله، فاستبدلت "حلم" العودة بـ "الرحيل"، "أماني الفليت" كاتبة سيناريو الفيلم ومخرجته في استضافة "فلسطين"، والتقرير التالي:

صرخة اللقاء

العودة إلى فلسطين "حلم" لكل أبنائها النازحين في بِقاع العالم لكن عندما لا يكون العود "أحمد" ويصبح فرض النزوح "قدرا"، سيؤثر الزوجان "إيمان ونجيب العماوي" مرارة الغُربة على مِلح الوطن، و"إيمان" هي أنموذج قهري واقعي طرحته "أماني الفليت" في فيلمها لتُجسد حالنا الذي أقل ما يُوصف بأنه "مُزرٍ"، فتقول: "الفيلم يروي قصة عائلة فلسطينية تجسد قصص مئات العائلات الفلسطينية المُعذّبة، هُجِّرت من أراضيها عام 1948، لتستقر بعد ذلك في مخيم اليرموك بسوريا، إلى أن نشبت الحرب ووصلت نارها إليهم".

في مطلع عام 2012م، تضخمت وتيرة الحرب في سوريا كما تصف ايمان في الفيلم قائلة: "ما عاد في أمان"، فعلى الرغم من مساحة سوريا الكبيرة التي تُمكِن ساكنيها من التنقل من مكان لآخر إلا أن ويلات الحرب لم ترحم أحدا، ومع أزيز الطائرات وأمام فوهات الدبابات وضرباتها العشوائيًة في أرجاء "اليرموك" اضطرت العماوي للرحيل مُجددا، وكانت الوجهة هذه المرة نحو أعتاب "غزة"، تردف أماني: "لم يكن من خيار أمامهم سوى الوطن الأم فلسطين، وغزة تحديدا حيث عائلة الزوج".

زحفًا على أدراج الدمع استقبلت والدة "نجيب" ابنها وأسرته الذي أطلق صرخة الحنين بعد فراق عشرين عاما فاتحًا ذراعيه ليحتضن نسيم غزة الدافئ ذاك الذي ما لبث أن أصبح حارِقًا مُدمِرًا، كما تُعقب الفليت قائلة: "وصلوا إلى غزة بعد معاناة مريرة واجهوها أثناء طريقهم ليستقر بهم الحال في بيت حانون، وتكيفًا منهم مع الحياة الجديدة في وطنهم الأصلي الذي قد عادوا إليه جبرًا وفرحًا قاموا باستئجار بيت وبناء مشغل خياطة ليكون كمصدر دخل لهم"، حالهم حال غالبية الفلسطينيين الذين عادوا لترابها عودة المُضنى من الوجع.

بلا مأوى مُجددًا

كانت السعادة والاستقرار حليفهم في بداية وصولهم إلى غزة، لكن وضعها الاقتصادي الصعب حال دون اكتمال حلقة "الهناء" تلك، ليس هذا فحسب، إنما قدر التشرد وهذه المرة بين موتين وبلا طوق نجاة عندما دقت أجراس "الحرب" حدود غزة وباطنها، كما تُوضح الفليت: "لم يمهلهم القدر كثيرا ليباغتهم بلعنة حرب جديدة حيث حرب غزة لعام 2014، فقد تم تدمير بيتهم ومشغل الخياطة كذلك، لتصبح العائلة معذّبة لا مأوى لها"، مع تدمير ما يُقارب من 80% من مساحة بيت حانون الحدودية.

لم يعد من خيارٍ بديل أمام "نجيب" إلا درب الهجرة الذي لوّن أهداب عينيه بآهاتٍ من الأسى فاضطر كأب يبحث عن قوت أطفاله وعن حياةٍ كريمة للهجرة من جديد، لتكون "ألمانيا" وجهته الأخيرة، وبقيت إيمان وأطفالها الأربعة في غزة يكتوون بنار الحصار ومرارة الفقر، والمرض حليف الأم، فتتجرع هي وأبناؤها وجع الغربة في الوطن الذي لم يكن حانيًا عليهم، بنصف روح؟ بنصف حياة؟ أم بموت وروح معلّقة على بوابات الانتظار، وقد يكون انتظار شيء من لا شيء.

تُنهي أماني الفليت إخراج الفيلم برسالة لرئيس لجنة متابعة شؤون اللاجئين السوريين في غزة _عاطف العماوي_ قائلًا: "نحن نقول إن لدينا أربعمائة عائلة فلسطينية من ليبيا وسوريا واليمن لا يُشكلون أي قلق بالنسبة لأي حكومة تريد فعلا لأبناء شعبها أن يكونوا موجودين في بلادهم، لكننا نشعر أننا غير مرغوب فينا، ونفهم أن (إسرائيل) لا ترغب بنا وتعتبرنا متسللين ولا تقدم لنا الرعاية الصحية، لكن كيف نفهم موقف القوى الوطنية والإسلامية والحكومات المتعاقبة؟، كيف نفهم موقف السلطة الوطنية الفلسطينية؟، إننا في طريقنا للهجرة عبر قوارب الموت إذا لم يتم وضع أسس صحيحة لبقائنا، فنحن لا نبحث إلا عن شيء بسيط جدا اسمه (الحياة)".

كواليس

وقد أثارت استضافة رئيس لجنة متابعة شؤون اللاجئين السوريين في غزة، في الفيلم، فعمل وجوده كمُكمِل و مُؤكِد لحديث الأم، كأنّ من يروي القصة اثنان ليس واحداً، لقول الفليت: "تبرز أهميته في نهاية الفيلم عندما يوضح مطالب اللاجئين كمتحدث باسمهم"، وجاء اختيار الفيلم ليكون "وثائقيًا" للعديد من المزايا فالوثائقي يعتمد على الوثائق وليس القصة والخيال وفكرة الفيلم هي توثيق تاريخي لهجرات متكررة تعرضت لها الاسرة فكان الوثائقي هو الخيار الأنسب، كما يُمكن من خلال الوثائقي إضافة التعليق على بعض المشاهد، وهو يستند إلى المقابلات مع الاشخاص الذين يدور حولهم الحدث فيُمثل تجسيدا حقيقيا للواقع.

وتكشف الفليت عما رأته من أسى خلال إخراج الفيلم بعينها ليس بعين المشاهد قائلةً: "ذهبنا يوم التصوير إلى مسكن عائلة إيمان العماوي الحالي، المكان متواضع جدًا فالأسرة تقطن في غرفتين ومطبخ _لا يشبه المطابخ إلا في اسمه_ ودورة مياه، وهو في الأصل بيت والد زوجها مع العلم أنه تعرض للقصف لكن تدمر جزئيا وهم يسكنون في الجزء المتبقي منه"، وتضيف: "صورنا معهم، وخلال استرجاع الأم للأحداث وهي تروي قصتهم يشعرك ذلك بألم كبير، وفي موطن معين لم أتمالك نفسي من البكاء وبدأت دموعي تسقط، أردت أن أتماسك وأكون أكثر قوة، لكن إنسانية القصة ووجعها كبير".

وقد فاز "بين غربتين" بالمركز الثاني في مهرجان الأعمال التلفزيونية في الجامعة الإسلامية، تقول الفليت: "نجاح الفيلم في إيصال صوت عائلة وتوثيق معاناتها وهي معاناة فئة ليست بالقليلة تعاني الويلات في وطنها وتطالب بأدنى حقوقها المعيشية هو جائزتي الحقيقية، وبعد تقييم لجنة التحكيم التي تكونت من د. نعيم المصري وأ. محمد أبو شمالة والمخرجة سحر فسفوس، حصل فيلمي على المركز الثاني في مهرجان الأعمال التلفزيونية، وتم عقد ورشة عمل عُرضت فيها الأفلام الفائزة وكُرِّمت بشهادات شكر وتقدير".

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/4306