map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

علاء البرغوثي | فلسطينيو سورية في أوروبا وإعادة بناء الذات

تاريخ النشر : 01-08-2016
علاء البرغوثي | فلسطينيو سورية في أوروبا وإعادة بناء الذات

"يكفي أن يواجه المرء تجربة الاقتلاع الأولى حتى يصبح مقتلعاً من هنا إلى الأبدية.. الأمر يشبه أن تزل قدمه عن درجة واحدة من السلّم العالي حتى يكتمل النزول إلى منتهاه.." كلمات قالها الأديب مريد البرغوثي في روايته المفضلة لدي وهي رأيت رام الله والتي أعدت قراءتها أكثر من مرة في أوقات متباعدة، لكن هذه المرة كان للرواية طعم آخر وفهم آخر واسقاطات كثيرة على واقعنا كلاجئين للمرة الثانية أو الثالثة أو ربما الرابعة عند بعضنا، فكثير من فصول الرواية خصوصاً التي تتحدث عن مشاعر اللاجئ في بلدان الغربة، تكاد تكون كٌتبت عنا الآن.

كلاجئ للمرة الرابعة ربما أصبحت معتاداً على اللجوء على بداياته المؤقتة ونهاياته المؤقتة أيضاً، على مصاعبه وعقباته وخيباته، كما بت متأكداً أننا كلاجئين أصبحنا كالنبتة التي يتم نقلها من تربة إلى أخرى، لا نملك إلا خيارين إما التأقلم والحفاظ على ما تبقى لنا من غصون وأوراق والتخفيف قدر الإمكان من خسائر اللجوء الحتمية، أو أن نيأس ونفقد ما تبقى لنا ونصبح مجرد أغصان يابسة أخذت الريح أوراقها.

بعد خمس سنوات من التهجير والتعب والخذلان، أخذت الحياة تعود تدريجياً لأشجار فلسطينيي سورية في أوروبا، وبدأت أغصانها تخضر، فبالرغم من الإهمال الكبير من قبل السفارات والمؤسسات الأهلية الأوروبية العاملة لفلسطينيي لمعظم فلسطينيي سورية الذين تجاوز عددهم (80) ألفاً على أقل تقدير، إلا أن ذلك لم يمنع فلسطينيي سورية من كتابة سطور نجاحهم على صفحات بلدان اللجوء الجديدة.

فبالأمس سمعنا في السويد عن "مايا سمير الأسدي" و "فرح فراس شقير" وهما فتاتان فلسطينيتان من سورية تمكنتا من الحصول على المجموع التام في الثانوية العامة السويدية.

وقبلها رأينا تمكن الشاعر الفلسطيني السوري "رامي العاشق" ومجموعة من زملائه من إصدار أول جريدة عربية في ألمانيا والتي حملت اسم "أبواب".

وقبلها تفاعلنا مع كلمة الناشط الشاب "فراس الشهابي" ابن مخيم اليرموك في مؤتمر دعم "الأونروا" في نيويورك بأمريكا، حين نقل معاناة أبناء فلسطينيي سورية إلى ذلك المؤتمر، محملاً الاحتلال عما يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون من حروب وقتل وتهجير.

وقبلها فرحنا بنيل رسام الكاريكاتير الشاب "هاني عباس" ابن مخيم اليرموك المقيم في سويسرا أرفع جائزة عالمية في فن الكاريكاتير من مؤسسة "رسامو كاريكاتير من أجل السلام" في جينيف.

ولا ننسى أيضاً الجائزة التي حصل عليها الموسيقي الشاب "أيهم أحمد" من مخيم اليرموك والذي حصل على جائزة بيتهوفين لحقوق الإنسان والسلام العالمية وذلك في ألمانيا.

يضاف لهم العشرات من الشباب الفلسطيني الذين نجحوا بالالتحاق بالجامعات الأوروبية بمختلف الدرجات العلمية، ومنهم من انضم للعديد من المؤسسات الحقوقية والإغاثية الدولية، ومن المريح لي كفلسطيني سوري أن أرى أن تلك النجاحات الباهرة لم تغر الشباب الفلسطيني السوري عن متابعة نصرته لأهله في المخيمات الفلسطينية في سورية حيث تمحورت إنتاجات أولئك الشباب حول قضية فلسطينيي سورية وما يعانوه من قصف وحصار واعتقال.

لكن بالجانب الآخر، نرى أن جميع نجاحات اللاجئين الفلسطينيين السوريين في أوروبا هي نجاحات فردية، حيث كان الفشل النسبي رفيقاً لمعظم السفارات والمؤسسات العاملة لفلسطين في أوروبا وهنا أقصد ما يتعلق بفلسطينيي سورية، فباستثناء عدد قليل جداً من لم تتطرق أي مؤسسة لفلسطينيي سورية في أوروبا إلا بإطار ضيق لا يرقى لحجم معاناة فلسطينيي سورية كما لا يرقى للشعارات التي ترفعها تلك المؤسسات بمختلف أطيافها قديمة كانت أم جديدة.

وهنا نرى أننا للأسف وبعد وصول (80) ألف لاجئين على الأقل، وبعد مرور خمس سنوات، لا نمتلك كلاجئين فلسطينيين سوريين في أوروبا أي إطار أو مؤسسة أو تجمع يهتم بقضايانا وقضايا أبناءنا في أوروبا بالمستوى المطلوب.

فيا ترى من يتحمل المسؤولية عن تشتت جهود فلسطيني سورية في أوروبا؟ هل هي السفارات؟ أم المؤسسات القائمة؟ أم اللاجئون أنفسهم؟ أم..؟

المصدر: صحيفة السبيل الأردنية

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/5398

"يكفي أن يواجه المرء تجربة الاقتلاع الأولى حتى يصبح مقتلعاً من هنا إلى الأبدية.. الأمر يشبه أن تزل قدمه عن درجة واحدة من السلّم العالي حتى يكتمل النزول إلى منتهاه.." كلمات قالها الأديب مريد البرغوثي في روايته المفضلة لدي وهي رأيت رام الله والتي أعدت قراءتها أكثر من مرة في أوقات متباعدة، لكن هذه المرة كان للرواية طعم آخر وفهم آخر واسقاطات كثيرة على واقعنا كلاجئين للمرة الثانية أو الثالثة أو ربما الرابعة عند بعضنا، فكثير من فصول الرواية خصوصاً التي تتحدث عن مشاعر اللاجئ في بلدان الغربة، تكاد تكون كٌتبت عنا الآن.

كلاجئ للمرة الرابعة ربما أصبحت معتاداً على اللجوء على بداياته المؤقتة ونهاياته المؤقتة أيضاً، على مصاعبه وعقباته وخيباته، كما بت متأكداً أننا كلاجئين أصبحنا كالنبتة التي يتم نقلها من تربة إلى أخرى، لا نملك إلا خيارين إما التأقلم والحفاظ على ما تبقى لنا من غصون وأوراق والتخفيف قدر الإمكان من خسائر اللجوء الحتمية، أو أن نيأس ونفقد ما تبقى لنا ونصبح مجرد أغصان يابسة أخذت الريح أوراقها.

بعد خمس سنوات من التهجير والتعب والخذلان، أخذت الحياة تعود تدريجياً لأشجار فلسطينيي سورية في أوروبا، وبدأت أغصانها تخضر، فبالرغم من الإهمال الكبير من قبل السفارات والمؤسسات الأهلية الأوروبية العاملة لفلسطينيي لمعظم فلسطينيي سورية الذين تجاوز عددهم (80) ألفاً على أقل تقدير، إلا أن ذلك لم يمنع فلسطينيي سورية من كتابة سطور نجاحهم على صفحات بلدان اللجوء الجديدة.

فبالأمس سمعنا في السويد عن "مايا سمير الأسدي" و "فرح فراس شقير" وهما فتاتان فلسطينيتان من سورية تمكنتا من الحصول على المجموع التام في الثانوية العامة السويدية.

وقبلها رأينا تمكن الشاعر الفلسطيني السوري "رامي العاشق" ومجموعة من زملائه من إصدار أول جريدة عربية في ألمانيا والتي حملت اسم "أبواب".

وقبلها تفاعلنا مع كلمة الناشط الشاب "فراس الشهابي" ابن مخيم اليرموك في مؤتمر دعم "الأونروا" في نيويورك بأمريكا، حين نقل معاناة أبناء فلسطينيي سورية إلى ذلك المؤتمر، محملاً الاحتلال عما يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون من حروب وقتل وتهجير.

وقبلها فرحنا بنيل رسام الكاريكاتير الشاب "هاني عباس" ابن مخيم اليرموك المقيم في سويسرا أرفع جائزة عالمية في فن الكاريكاتير من مؤسسة "رسامو كاريكاتير من أجل السلام" في جينيف.

ولا ننسى أيضاً الجائزة التي حصل عليها الموسيقي الشاب "أيهم أحمد" من مخيم اليرموك والذي حصل على جائزة بيتهوفين لحقوق الإنسان والسلام العالمية وذلك في ألمانيا.

يضاف لهم العشرات من الشباب الفلسطيني الذين نجحوا بالالتحاق بالجامعات الأوروبية بمختلف الدرجات العلمية، ومنهم من انضم للعديد من المؤسسات الحقوقية والإغاثية الدولية، ومن المريح لي كفلسطيني سوري أن أرى أن تلك النجاحات الباهرة لم تغر الشباب الفلسطيني السوري عن متابعة نصرته لأهله في المخيمات الفلسطينية في سورية حيث تمحورت إنتاجات أولئك الشباب حول قضية فلسطينيي سورية وما يعانوه من قصف وحصار واعتقال.

لكن بالجانب الآخر، نرى أن جميع نجاحات اللاجئين الفلسطينيين السوريين في أوروبا هي نجاحات فردية، حيث كان الفشل النسبي رفيقاً لمعظم السفارات والمؤسسات العاملة لفلسطين في أوروبا وهنا أقصد ما يتعلق بفلسطينيي سورية، فباستثناء عدد قليل جداً من لم تتطرق أي مؤسسة لفلسطينيي سورية في أوروبا إلا بإطار ضيق لا يرقى لحجم معاناة فلسطينيي سورية كما لا يرقى للشعارات التي ترفعها تلك المؤسسات بمختلف أطيافها قديمة كانت أم جديدة.

وهنا نرى أننا للأسف وبعد وصول (80) ألف لاجئين على الأقل، وبعد مرور خمس سنوات، لا نمتلك كلاجئين فلسطينيين سوريين في أوروبا أي إطار أو مؤسسة أو تجمع يهتم بقضايانا وقضايا أبناءنا في أوروبا بالمستوى المطلوب.

فيا ترى من يتحمل المسؤولية عن تشتت جهود فلسطيني سورية في أوروبا؟ هل هي السفارات؟ أم المؤسسات القائمة؟ أم اللاجئون أنفسهم؟ أم..؟

المصدر: صحيفة السبيل الأردنية

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/5398