map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

فلسطينيو سوريا ورحلة التيه الجديد

تاريخ النشر : 30-11-2017
فلسطينيو سوريا ورحلة التيه الجديد

علي بدوان

على جدران مخيم اليرموك، كتب أحدهم : مضى الفلسطيني وهو يحمل أحماله الخفيفة في شارعه الطويل، يسير ليتعثر بمشاعر الخوف على أولاده .. أخوته .. أمه العجوز وأبيه المقعد، ويسير دون ان يدري الى أي مدى سيتردد صدى لعناته، وحسراته، وتنهداته .. ثم يسير ويمضي ...

كادت (البقجة) أن تكون نسياً منسياً في رحلة الدراما الفلسطينية الحزينة، لكن رحلة المآسي الفلسطينية الدائمة والمُتجددة، كانت تستحضرها دوماً، وتجعل منها رفيقاً وخلاً وفياً للشعب الفلسطيني، وتحديداً قرابة كل عقد أو نصف عقد من الزمن، ليتطور شَكُلها في حقيبة جديدة، لكن (البقجة) تبقى هي، هي، محمولة داخل حقيبة جلدية هذه المرة. فقد حَمَلَ مهجرو مخيم نهر البارد من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان قبل عدة أعوام أكواماً من (البقج) وهم خارجين من مخيم نهر البارد المجروح قبل عدة أعوام إلى متاهات جديدة داخل لبنان وحتى خارجه في منافي الشتات البعيدة. وقبلهم بسنوات قليلة كان فلسطينيو العراق، وعددهم لايتجاوز الـ (40) ألف لاجئ فلسطيني في بلد عربي مترامي الأطراف، ضحايا حملات مسعورة وظالمة، دَفَعَت بغالبيتهم لحمل (البقج) مرة ثانية بعد نكبة العام 1948، وقد تحولوا إلى لاجئين جدد في نكبة جديدة على إمتداد المعمورة من أقصاهها إلى أقصاها.

فـ (البقجة) واحدة من المفردات التي رافقت مسار المآسي الفلسطينية منذ عام النكبة 1948، وقد لازمت الفلسطيني في رحلة التراجيديا التي مازالت فصولها وتداعياتها ترتسم حتى اللحظة بالرغم من مضي نحو (66) عاماً من عمر النكبة الكبرى وضياع الوطن الفلسطيني.

البقجة، مُصطلح، إنفرد وتَفَرَدَ به الفلسطينيون، وخاصة اللاجئين منهم عن عموم سكان وشعوب المنطقة بأسرها من المحيط إلى الخليج. فقد أعادت وقائع التغريبة الجديدة لفلسطينيي سورية ومخيم اليرموك على وجه التحديد، الصورة الحية لنكبة العام 1948 ومفاعيلها التي مازالت حتى الآن راسخة في الذاكرة الحية للشعب الفلسطيني.

لقد تحولت (البقجة) إلى تراث وفولكلور فلسطيني محض، لايمكن القفز عنها في كتابة دراما التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر. فباتت واحدة من المسلمات المُتعارف عليها في رحلة التيه الفلسطيني بين الوطن والشتات، وبين الشتات ودياسبورا المنافي البعيدة التي أصبحت في العقدين الأخيرين موئلاً لقطاعات واسعة من اللاجئين الفلسطينيين الذين ضاقت بهم أرض العرب والعروبة على إتساعها. هذا هو حال معظم فلسطينيي لبنان والعراق الذين غَصّت بهم دول غرب أوربا والمجموعة الإسكندنافية وكندا واستراليا، وحنى ماليزيا وقبرص والهند، ويكاد الحال أن يصبح الآن هو حال فلسطينيي سورية في ظل محنتهم الأخيرة.

كانت (البقجة) ومازالت أشبه بما يسمى بـ (كيس البَحّار) المعروف في الجيوش وأنظمة الأمتعة العسكرية، فـ (البقجة) عبارة عن شرشف أو معطف أو قطعة قماش كبيرة، تضم بين ثناياها بعض الأمتعة الضرورية، عنواناً للحل والترحال وقد عادت تلك (البقجة) لتستولد نفسها هذه المرة من جديد مع نازحي الشعب الفلسطيني الذين إضطروا للخروج من مخيم اليرموك ومن مخيم الحسينية القريبين من دمشق في تغريبة جديدة بإتجاه (دياسبورا) داخلية محلية في عموم مناطق دمشق وحتى لبنان إلى مخيم عين الحلوة وغيره من المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض اللبنانية.

تلك التغريبة، أعادت معها حالة النزوح الكبير لسكان مخيم اليرموك ومواطنيه وهم يحملون (البقج) بين أيديهم وعلى رؤوس نسائهم وأطفالهم، في رسم وترسيخ لصورة النكبة ووقائعها في وجدان ومشاعر وأحاسيس الأجيال الجديدة من الفلسطينيين من الذين ولدوا في المنافي والشتات بعيداً عن الوطن الفلسطيني ولم يشهدوا بأم أعينهم حقيقة ماجرى عام 1948، وقد إرتوت وأتخمت ذاكرتهم بوقائع النكبة المنقولة بالتواتر الشفهي على لسان أبائهم وأجدادهم الذين خرجوا من فلسطين من حيفا وعكا ويافا واللد والرملة وصفد، وهم يحملون أكوام (البقج) بين أيديهم وعلى رؤوس وهم يجرجرون أطفالهم في رحلة النسيان الطويلة التي أراد منها أعداء الشعب الفلسطيني إنهاء قضيته وطمسها للأبد، وعلى قاعدة "الكبار يموتون والصغار ينسون" كما قالها في حينها وزير الخارجية الأمريكية جون فوستر دالاس عام 1955...

الطريف في ذلك، أن (البقجة) كانت أيضاً، مصدراً هاماً للناس عند إستلامها من وكالة الأونروا، التي كانت تقدم للمسجلين في سجلاتها مساعدات من الألبسة المستعملة موضوعة في (بقجة) لكل أسرة وعائلة فلسطينية حسب عدد نفوسها، وقد عادت تلك (البقجة) الآن ومعها (البطانيات) وبعض المواد الغذائية العينية لتُسَلَم للاجئين الفلسطينيين في سورية في مراكز الوكالة وخاصة في مركز (الأليانس) المعروف وسط دمشق وفي حي الأمين على وجه التحديد.

دوائر عالميه عديده تقود المخطط .. تحت مسمى الهجرة الغير شرعيه

الترغيب والترهيب .. العصا والجزره .. اما ن تموت او تهاجر ...!!

كل رصاصة اطلقت على غزه او على مخيم في سوريا او مطاردة لفلسطيني في الدول العربيه هدفها التهجير ....!!

كل حصار .. كل تدمير .. كل قتل .. من اجل هجرة الوعي والهويه ...!...

التهجير هو المستوى الاخر من العدوان والمؤامره ..

لأول مرة من تاريخ الصراع لا تستطيع ان تمنع اوتقنع البعض بعدم الهجره لانك لا تستطيع ان تقدم البديل لمن هو هائم على وجهه ..

مؤامره من اجل كي الوعي الفلسطيني

ومع كل تلك الصورة الدرامية، لازال فلسطينيو سوريا يقولون ويرددون كما كتبوا في خربشاتهم على جدران مخيم اليرموك :

لاشيء يَكسرنا

لن نَكتب وصيتنا الأخيرة، سَقط السُقوط، ونحن نَعلو، وبقي لحمَنَا حياً.

كم نَحنُ وحدنا. ياوحدنا نعم نحن وحدنا، لابرَّ إلا سواعدنا، ولا أمل إلا صوتنا.

وحدنا في الأمام لندافع عن أرضٍ ليسَت لنا، وعن هواء ليسَ لنا... . وحدنا حَظهم لكي ينتصروا.

المصدر: دنيا الوطن 

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/8630

علي بدوان

على جدران مخيم اليرموك، كتب أحدهم : مضى الفلسطيني وهو يحمل أحماله الخفيفة في شارعه الطويل، يسير ليتعثر بمشاعر الخوف على أولاده .. أخوته .. أمه العجوز وأبيه المقعد، ويسير دون ان يدري الى أي مدى سيتردد صدى لعناته، وحسراته، وتنهداته .. ثم يسير ويمضي ...

كادت (البقجة) أن تكون نسياً منسياً في رحلة الدراما الفلسطينية الحزينة، لكن رحلة المآسي الفلسطينية الدائمة والمُتجددة، كانت تستحضرها دوماً، وتجعل منها رفيقاً وخلاً وفياً للشعب الفلسطيني، وتحديداً قرابة كل عقد أو نصف عقد من الزمن، ليتطور شَكُلها في حقيبة جديدة، لكن (البقجة) تبقى هي، هي، محمولة داخل حقيبة جلدية هذه المرة. فقد حَمَلَ مهجرو مخيم نهر البارد من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان قبل عدة أعوام أكواماً من (البقج) وهم خارجين من مخيم نهر البارد المجروح قبل عدة أعوام إلى متاهات جديدة داخل لبنان وحتى خارجه في منافي الشتات البعيدة. وقبلهم بسنوات قليلة كان فلسطينيو العراق، وعددهم لايتجاوز الـ (40) ألف لاجئ فلسطيني في بلد عربي مترامي الأطراف، ضحايا حملات مسعورة وظالمة، دَفَعَت بغالبيتهم لحمل (البقج) مرة ثانية بعد نكبة العام 1948، وقد تحولوا إلى لاجئين جدد في نكبة جديدة على إمتداد المعمورة من أقصاهها إلى أقصاها.

فـ (البقجة) واحدة من المفردات التي رافقت مسار المآسي الفلسطينية منذ عام النكبة 1948، وقد لازمت الفلسطيني في رحلة التراجيديا التي مازالت فصولها وتداعياتها ترتسم حتى اللحظة بالرغم من مضي نحو (66) عاماً من عمر النكبة الكبرى وضياع الوطن الفلسطيني.

البقجة، مُصطلح، إنفرد وتَفَرَدَ به الفلسطينيون، وخاصة اللاجئين منهم عن عموم سكان وشعوب المنطقة بأسرها من المحيط إلى الخليج. فقد أعادت وقائع التغريبة الجديدة لفلسطينيي سورية ومخيم اليرموك على وجه التحديد، الصورة الحية لنكبة العام 1948 ومفاعيلها التي مازالت حتى الآن راسخة في الذاكرة الحية للشعب الفلسطيني.

لقد تحولت (البقجة) إلى تراث وفولكلور فلسطيني محض، لايمكن القفز عنها في كتابة دراما التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر. فباتت واحدة من المسلمات المُتعارف عليها في رحلة التيه الفلسطيني بين الوطن والشتات، وبين الشتات ودياسبورا المنافي البعيدة التي أصبحت في العقدين الأخيرين موئلاً لقطاعات واسعة من اللاجئين الفلسطينيين الذين ضاقت بهم أرض العرب والعروبة على إتساعها. هذا هو حال معظم فلسطينيي لبنان والعراق الذين غَصّت بهم دول غرب أوربا والمجموعة الإسكندنافية وكندا واستراليا، وحنى ماليزيا وقبرص والهند، ويكاد الحال أن يصبح الآن هو حال فلسطينيي سورية في ظل محنتهم الأخيرة.

كانت (البقجة) ومازالت أشبه بما يسمى بـ (كيس البَحّار) المعروف في الجيوش وأنظمة الأمتعة العسكرية، فـ (البقجة) عبارة عن شرشف أو معطف أو قطعة قماش كبيرة، تضم بين ثناياها بعض الأمتعة الضرورية، عنواناً للحل والترحال وقد عادت تلك (البقجة) لتستولد نفسها هذه المرة من جديد مع نازحي الشعب الفلسطيني الذين إضطروا للخروج من مخيم اليرموك ومن مخيم الحسينية القريبين من دمشق في تغريبة جديدة بإتجاه (دياسبورا) داخلية محلية في عموم مناطق دمشق وحتى لبنان إلى مخيم عين الحلوة وغيره من المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض اللبنانية.

تلك التغريبة، أعادت معها حالة النزوح الكبير لسكان مخيم اليرموك ومواطنيه وهم يحملون (البقج) بين أيديهم وعلى رؤوس نسائهم وأطفالهم، في رسم وترسيخ لصورة النكبة ووقائعها في وجدان ومشاعر وأحاسيس الأجيال الجديدة من الفلسطينيين من الذين ولدوا في المنافي والشتات بعيداً عن الوطن الفلسطيني ولم يشهدوا بأم أعينهم حقيقة ماجرى عام 1948، وقد إرتوت وأتخمت ذاكرتهم بوقائع النكبة المنقولة بالتواتر الشفهي على لسان أبائهم وأجدادهم الذين خرجوا من فلسطين من حيفا وعكا ويافا واللد والرملة وصفد، وهم يحملون أكوام (البقج) بين أيديهم وعلى رؤوس وهم يجرجرون أطفالهم في رحلة النسيان الطويلة التي أراد منها أعداء الشعب الفلسطيني إنهاء قضيته وطمسها للأبد، وعلى قاعدة "الكبار يموتون والصغار ينسون" كما قالها في حينها وزير الخارجية الأمريكية جون فوستر دالاس عام 1955...

الطريف في ذلك، أن (البقجة) كانت أيضاً، مصدراً هاماً للناس عند إستلامها من وكالة الأونروا، التي كانت تقدم للمسجلين في سجلاتها مساعدات من الألبسة المستعملة موضوعة في (بقجة) لكل أسرة وعائلة فلسطينية حسب عدد نفوسها، وقد عادت تلك (البقجة) الآن ومعها (البطانيات) وبعض المواد الغذائية العينية لتُسَلَم للاجئين الفلسطينيين في سورية في مراكز الوكالة وخاصة في مركز (الأليانس) المعروف وسط دمشق وفي حي الأمين على وجه التحديد.

دوائر عالميه عديده تقود المخطط .. تحت مسمى الهجرة الغير شرعيه

الترغيب والترهيب .. العصا والجزره .. اما ن تموت او تهاجر ...!!

كل رصاصة اطلقت على غزه او على مخيم في سوريا او مطاردة لفلسطيني في الدول العربيه هدفها التهجير ....!!

كل حصار .. كل تدمير .. كل قتل .. من اجل هجرة الوعي والهويه ...!...

التهجير هو المستوى الاخر من العدوان والمؤامره ..

لأول مرة من تاريخ الصراع لا تستطيع ان تمنع اوتقنع البعض بعدم الهجره لانك لا تستطيع ان تقدم البديل لمن هو هائم على وجهه ..

مؤامره من اجل كي الوعي الفلسطيني

ومع كل تلك الصورة الدرامية، لازال فلسطينيو سوريا يقولون ويرددون كما كتبوا في خربشاتهم على جدران مخيم اليرموك :

لاشيء يَكسرنا

لن نَكتب وصيتنا الأخيرة، سَقط السُقوط، ونحن نَعلو، وبقي لحمَنَا حياً.

كم نَحنُ وحدنا. ياوحدنا نعم نحن وحدنا، لابرَّ إلا سواعدنا، ولا أمل إلا صوتنا.

وحدنا في الأمام لندافع عن أرضٍ ليسَت لنا، وعن هواء ليسَ لنا... . وحدنا حَظهم لكي ينتصروا.

المصدر: دنيا الوطن 

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/8630