map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

هذه حكايتي (27): " سامي" ولدت أمي ففرح الجميع إلا أنا

تاريخ النشر : 15-01-2018
هذه حكايتي (27): " سامي" ولدت أمي ففرح الجميع إلا أنا

مجموعة العمل: اسطنبول -  ابراهيم العلي

 

حكاية جديدة بدأت أحداثها في مخيم سبينة للاجئين الفلسطينيين في  ريف دمشق لكنها لم تنته بعد فالمأساة مستمرة والطريق لا يزال طويلاً.

يقول سامي  " كنا نعيش في مخيم سبينة القريب من المنطقة الصناعية لبلدة سبينة، كانت الحياة في انتعاش وازدهار وتآلف بين النسيج الاجتماعي الموجود ضمن المخيم والمناطق المحيطة به، ولم نكن نشعر بالاغتراب فيه رغم أننا قد وفدنا إليه حديثاً عندما تزوج والدي من أمي وسكن في المخيم بعدما قضى طفولته في منطقة ركن الدين في مدينة دمشق.

كانت عائلتي كأي عائلة فلسطينية كادحة تعمل من أجل النهوض بأوضاعها للقيام بواجباتها تجاهنا من تعليم واحتياجات أخرى.

مع بداية الأحداث وتفاقم الأزمة في سورية بدأ الحراك الثوري يصل إلى بلدة بينة بما فيها المخيم، وبدأت المظاهر المسلحة تظهر للعلن ولكن بشكل محدود، وبعد تفجير خلية إدارة الأزمة في تموز- يوليو 2012  عندها دخل المخيم على خط الأزمة بشكل واضح وصريح وقامت قوات المعارضة المسلحة بالسيطرة على المخيم وطرد قوات النظام السوري منه.

عندها بدأت حركة النزوح من المخيم فنزحنا إلى بيت جدي في ركن الدين شرقي دمشق، فوجدنا أنفسنا بين العديد من الأعمام والعمات الذين سبقونا إلى هناك من مناطق مختلفة لا سيما الحجر الأسود والبويضة وغيرها من المناطق المشتعلة.

حاولنا التأقلم مع الوضع الجديد إلا أننا لم نستطع بسبب الازدحام والغلاء الفاحش الذي بدأت تشهده الأسواق وعدم القدرة على تأمين الحاجات الأساسية لنا، فلجأت مع والدتي إلى لبنان في منطقة وادي الزينة في صيدا الجنوب، وبقينا هناك لمدة شهرين كاملين غير أننا عدنا تحت وطأة الظروف المادية حيث كانت أمي على وشك الولادة ولم نكن قادرين على تغطية النفقات أو حتى تسجيل المولود في حال تمت الولادة. 

 عدنا من جديد إلى بيت جدي ولكن بسبب الخلافات بين العائلات المتراكمة في هذه المساحة الضيقة من المنزل  اضطررنا للنزوح إلى منطقة الدحاديل جنوب دمشق فاستئجرنا بيتاً مشتركاً مع عائلتين من الأقارب عبارة عن طابقين مؤلفين من ست غرف فسكنت كل عائلة بغرفتين.

بقينا على هذا الحال لمدة سنة تقريباً ثم انتقلنا إلى منزل آخر في منطقة نهر عيشة بناء على طلب صاحب البيت لإسكان أقاربه النازحين من مدينة درعا.

سكنا في المنزل الجديد لوحدنا حيث انفصلت بقية العائلات عنا، بعد ذلك بدأت معاناتي عندما وضعت والدتي مولودها الذكر ففرح الجميع إلا أنا !!! لأني أصبحت مطلوباً لخدمة العلم !!!

وبدأ مع هذا الوضع التفكير بطريقة للهروب من هذا الواقع الجديد خاصة مع اقتراب انتهاء مهلة التأجيل فلم يكن أمامي خيارات سوى السفر خارج سورية باتجاه لبنان التي كانت قد اغلقت حدودها في وجه الفلسطيني السوري، إلا أنني تمكنت من ذلك عن طريق أحد اقاربي النافذين هناك.

سكنت مع جدتي التي كانت تقيم مع خالتي وزوجها وأولادها وبنت حماها وأخو زوجها في منزل بمنطقة وادي الزنية، وبدأت أبحث عن عمل لإعانة نفسي وأسرتي في سورية التي كانت بأمس الحاجة إلى الدعم المادي خصوصاً أن والدي كان موظفاً بسيطاً راتبه لا يكاد يغطي أجرة المنزل.

فعملت لأيام وجيزة كعامل في مغسل سيارات وورشة بناء إلى أن وجدت فرصة عمل في المطحنة كعامل تنظيفات مؤقتاً إلى أن انتقلت إلى عامل حدادة ثم مساعد طحان، بيد أني لم أشعر بالأمان الوظيفي بسبب جنسيتي الفلسطينية السورية فكنت مهدداً بالتسريح بأي وقت ولأتفه الأسباب.

وبعد حوالي العام  حاولت والدتي زيارتي في لبنان إلا أنها لم تتمكن من ذلك فجازفت بنفسها وبأخي الصغير وأختي ودخلت إلى لبنان بطريقة غير شرعية، عبرت فيها الجبال الفاصلة بين سورية ولبنان سيراً على الأقدام في رحلة استمرت قرابة الـ 12 ساعة.  

استمر وضعي على هذا الحال إلى أن قررت السفر إلى تركيا قاصداً  أوروبا لأدخل في فصل جديد من المعاناة.

الطريق إلى اسطنبول

حاولت الحصول على تأشيرة إلى تركيا بشتى الطرق والوسائل حتى أنني كنت على استعداد لدفع أي مبلغ لذلك إلا أنني لم أستطع فما كان مني إلا أن أفكر بطرق أخرى علها توصلني إلى هناك.

تواصلت مع أحد أقاربي فأعطاني رقم مهرب يستطيع نقلي من لبنان إلى تركيا براً، مقابل 2500 $ أمريكي، فتواصلت معه واتفقنا على كل شيء وحددنا موعداً للسفر ثاني أيام عيد الأضحى المبارك 1438هـ .

بدأت رحلتي من وادي الزينة إلى طرابلس فوادي خالد الواقع بين سورية ولبنان فمكثت هناك لحوالي ست ساعات ثم تابعت باتجاه مدينة القصير ثم الكبيسة حيث بتنا هناك ليلتنا، وفي الصباح تابعنا المسير باتجاه قلعة المضيق بمدنية حماة وعند المساء وصلنا إلى بيت المهرب في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية.

في اليوم التالي تنصل المهرب من وعوده بتوصيلي إلى اسطنبول وقال أنه سيكتفي بإيصالي إلى قرية قاراخان في الأراضي التركية بحجة صعوبة متابعة الطريق، هنا اتفقت معه على الانسحاب من الاتفاق مقابل تسوية مالية  وتواصلت مع أحد أصدقائي المقيمين في معرة مصرين في ادلب وأقمت عنده لمدة يومين ثم بدأت محاولات العبور إلى داخل الأراضي التركية.

كان حظي جميلاً عندما نجحت بالدخول إلى تركيا بعد خمس محاولات تخللها التعب والعذاب والضرب المبرح الذي تعرضت له من قبل حرس الحدود التركي " الجندرما " .

ومع دخولي إلى تركيا بدأت رحلة البحث عن الذات من جديد في مجتمع لا أعرف لغته، ولا عاداته ولا تقاليده محاولا ً التأقلم مع الوضع الجديد والاستعداد إلى المرحلة القادمة من الطريق نحو اوروبا.

وعن المستقبل يحدثنا سامي " لقد أحببت الحياة في تركيا ولكن الوضع القانوني للاجئين لا يمنحهم وضعاً مستقراً ولايزال مستقبل اللجوء فيها غامضاَ، فأنا اليوم أحلم بالوصول إلى أوروبا والحصول على الأمن والأمان كي أبني حياة جديدة ملؤها الاستقرار والأمل ومستقبل أفضل" ورسالتي إلى العالم الأصم الذي تجاهل معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سورية أن يحاول لمرة واحدة الاستماع إلى معاناتهم واجتراح الحلول اللازمة لتأمين متطلبات الحياة الكريمة لهم.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/8900

مجموعة العمل: اسطنبول -  ابراهيم العلي

 

حكاية جديدة بدأت أحداثها في مخيم سبينة للاجئين الفلسطينيين في  ريف دمشق لكنها لم تنته بعد فالمأساة مستمرة والطريق لا يزال طويلاً.

يقول سامي  " كنا نعيش في مخيم سبينة القريب من المنطقة الصناعية لبلدة سبينة، كانت الحياة في انتعاش وازدهار وتآلف بين النسيج الاجتماعي الموجود ضمن المخيم والمناطق المحيطة به، ولم نكن نشعر بالاغتراب فيه رغم أننا قد وفدنا إليه حديثاً عندما تزوج والدي من أمي وسكن في المخيم بعدما قضى طفولته في منطقة ركن الدين في مدينة دمشق.

كانت عائلتي كأي عائلة فلسطينية كادحة تعمل من أجل النهوض بأوضاعها للقيام بواجباتها تجاهنا من تعليم واحتياجات أخرى.

مع بداية الأحداث وتفاقم الأزمة في سورية بدأ الحراك الثوري يصل إلى بلدة بينة بما فيها المخيم، وبدأت المظاهر المسلحة تظهر للعلن ولكن بشكل محدود، وبعد تفجير خلية إدارة الأزمة في تموز- يوليو 2012  عندها دخل المخيم على خط الأزمة بشكل واضح وصريح وقامت قوات المعارضة المسلحة بالسيطرة على المخيم وطرد قوات النظام السوري منه.

عندها بدأت حركة النزوح من المخيم فنزحنا إلى بيت جدي في ركن الدين شرقي دمشق، فوجدنا أنفسنا بين العديد من الأعمام والعمات الذين سبقونا إلى هناك من مناطق مختلفة لا سيما الحجر الأسود والبويضة وغيرها من المناطق المشتعلة.

حاولنا التأقلم مع الوضع الجديد إلا أننا لم نستطع بسبب الازدحام والغلاء الفاحش الذي بدأت تشهده الأسواق وعدم القدرة على تأمين الحاجات الأساسية لنا، فلجأت مع والدتي إلى لبنان في منطقة وادي الزينة في صيدا الجنوب، وبقينا هناك لمدة شهرين كاملين غير أننا عدنا تحت وطأة الظروف المادية حيث كانت أمي على وشك الولادة ولم نكن قادرين على تغطية النفقات أو حتى تسجيل المولود في حال تمت الولادة. 

 عدنا من جديد إلى بيت جدي ولكن بسبب الخلافات بين العائلات المتراكمة في هذه المساحة الضيقة من المنزل  اضطررنا للنزوح إلى منطقة الدحاديل جنوب دمشق فاستئجرنا بيتاً مشتركاً مع عائلتين من الأقارب عبارة عن طابقين مؤلفين من ست غرف فسكنت كل عائلة بغرفتين.

بقينا على هذا الحال لمدة سنة تقريباً ثم انتقلنا إلى منزل آخر في منطقة نهر عيشة بناء على طلب صاحب البيت لإسكان أقاربه النازحين من مدينة درعا.

سكنا في المنزل الجديد لوحدنا حيث انفصلت بقية العائلات عنا، بعد ذلك بدأت معاناتي عندما وضعت والدتي مولودها الذكر ففرح الجميع إلا أنا !!! لأني أصبحت مطلوباً لخدمة العلم !!!

وبدأ مع هذا الوضع التفكير بطريقة للهروب من هذا الواقع الجديد خاصة مع اقتراب انتهاء مهلة التأجيل فلم يكن أمامي خيارات سوى السفر خارج سورية باتجاه لبنان التي كانت قد اغلقت حدودها في وجه الفلسطيني السوري، إلا أنني تمكنت من ذلك عن طريق أحد اقاربي النافذين هناك.

سكنت مع جدتي التي كانت تقيم مع خالتي وزوجها وأولادها وبنت حماها وأخو زوجها في منزل بمنطقة وادي الزنية، وبدأت أبحث عن عمل لإعانة نفسي وأسرتي في سورية التي كانت بأمس الحاجة إلى الدعم المادي خصوصاً أن والدي كان موظفاً بسيطاً راتبه لا يكاد يغطي أجرة المنزل.

فعملت لأيام وجيزة كعامل في مغسل سيارات وورشة بناء إلى أن وجدت فرصة عمل في المطحنة كعامل تنظيفات مؤقتاً إلى أن انتقلت إلى عامل حدادة ثم مساعد طحان، بيد أني لم أشعر بالأمان الوظيفي بسبب جنسيتي الفلسطينية السورية فكنت مهدداً بالتسريح بأي وقت ولأتفه الأسباب.

وبعد حوالي العام  حاولت والدتي زيارتي في لبنان إلا أنها لم تتمكن من ذلك فجازفت بنفسها وبأخي الصغير وأختي ودخلت إلى لبنان بطريقة غير شرعية، عبرت فيها الجبال الفاصلة بين سورية ولبنان سيراً على الأقدام في رحلة استمرت قرابة الـ 12 ساعة.  

استمر وضعي على هذا الحال إلى أن قررت السفر إلى تركيا قاصداً  أوروبا لأدخل في فصل جديد من المعاناة.

الطريق إلى اسطنبول

حاولت الحصول على تأشيرة إلى تركيا بشتى الطرق والوسائل حتى أنني كنت على استعداد لدفع أي مبلغ لذلك إلا أنني لم أستطع فما كان مني إلا أن أفكر بطرق أخرى علها توصلني إلى هناك.

تواصلت مع أحد أقاربي فأعطاني رقم مهرب يستطيع نقلي من لبنان إلى تركيا براً، مقابل 2500 $ أمريكي، فتواصلت معه واتفقنا على كل شيء وحددنا موعداً للسفر ثاني أيام عيد الأضحى المبارك 1438هـ .

بدأت رحلتي من وادي الزينة إلى طرابلس فوادي خالد الواقع بين سورية ولبنان فمكثت هناك لحوالي ست ساعات ثم تابعت باتجاه مدينة القصير ثم الكبيسة حيث بتنا هناك ليلتنا، وفي الصباح تابعنا المسير باتجاه قلعة المضيق بمدنية حماة وعند المساء وصلنا إلى بيت المهرب في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية.

في اليوم التالي تنصل المهرب من وعوده بتوصيلي إلى اسطنبول وقال أنه سيكتفي بإيصالي إلى قرية قاراخان في الأراضي التركية بحجة صعوبة متابعة الطريق، هنا اتفقت معه على الانسحاب من الاتفاق مقابل تسوية مالية  وتواصلت مع أحد أصدقائي المقيمين في معرة مصرين في ادلب وأقمت عنده لمدة يومين ثم بدأت محاولات العبور إلى داخل الأراضي التركية.

كان حظي جميلاً عندما نجحت بالدخول إلى تركيا بعد خمس محاولات تخللها التعب والعذاب والضرب المبرح الذي تعرضت له من قبل حرس الحدود التركي " الجندرما " .

ومع دخولي إلى تركيا بدأت رحلة البحث عن الذات من جديد في مجتمع لا أعرف لغته، ولا عاداته ولا تقاليده محاولا ً التأقلم مع الوضع الجديد والاستعداد إلى المرحلة القادمة من الطريق نحو اوروبا.

وعن المستقبل يحدثنا سامي " لقد أحببت الحياة في تركيا ولكن الوضع القانوني للاجئين لا يمنحهم وضعاً مستقراً ولايزال مستقبل اللجوء فيها غامضاَ، فأنا اليوم أحلم بالوصول إلى أوروبا والحصول على الأمن والأمان كي أبني حياة جديدة ملؤها الاستقرار والأمل ومستقبل أفضل" ورسالتي إلى العالم الأصم الذي تجاهل معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سورية أن يحاول لمرة واحدة الاستماع إلى معاناتهم واجتراح الحلول اللازمة لتأمين متطلبات الحياة الكريمة لهم.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/8900