map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

هذه حكايتي (36)| ياسر الحاج: خسرت الجامعة وهُجّرنا وننتظر أن تضع الحرب أوزارها

تاريخ النشر : 19-03-2018
هذه حكايتي (36)| ياسر الحاج: خسرت الجامعة وهُجّرنا وننتظر أن تضع الحرب أوزارها

مجموعة العمل – أثير المقدسي

ككل قصص المبادرة التي أطلقتها مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية في مشروع "هذه حكايتي" والتي توثق معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سورية، يبرز من خلال قصتنا الجديدة معاناة شريحة واسعة في المجتمع الفلسطيني بسورية ألا وهي الطلبة، حيث نالت الحرب في سورية من تعليم الآلاف وحطمت طموحاتهم، وأجبرت الكثير منهم على الهجرة ونال المئات منهم الاعتقال والموت تحت القصف والتعذيب.

اللاجئ الفلسطيني "ياسر الحاج" من مواليد درعا 1/1/1994 من مدينة عكا في فلسطين المحتلة، تتكون العائلة من 7 أفراد وهو الشاب الوحيد بين 4 إناث، كان والده الخمسيني يعمل موظفاً في السوق الحرة بدرعا قبل الحرب، ومع أوضاع مادية متواضعة خرج ياسر للدراسة بعيداً عن أهله القاطنين في درعا جنوب سورية

الجامعة وإيقاف التعليم

يحدثنا ياسر عن مشوار حياته، فبعد أن نال شهادة البكالوريا في عام 2012، صدرت نتائج المفاضلة للجامعة، وتم قبولي في جامعة حلب فرع الهندسة المدنية، ونتيجة تأزم الوضع في سورية ودرعا خاصة، سجّلت عن طريق مكتب جامعي فلم يكن الوضع الأمني على الطريق يسمح بخروجي إلى حلب.

 ومع بداية الدوام صدر قرار لطلاب جامعة حلب أن يتمّوا دراستهم بالجامعة الأقرب لهم بنفس الفرع الدراسي، وكانت دمشق الأقرب، وبدأت الدوام فيها لكن كان هناك أزمة بالسكن الجامعي لكثرة الطلاب من مختلف المحافظات، علاوة على سوء المعاملة من قبل اتحاد الطلبة، وأول ما سكنت بالوحدة الأولى بالسكن الجامعي بجانب غرفتي كان يوجد اتحاد طلبة، فاخذوا هويتي وفتشوني، وعندما علموا أني فلسطيني ومن درعا كانوا سيذهبون بي إلى السجن، لاعتقادهم أن أهل درعا هم السبب بالأحداث يلي صارت بسوريا، وهذا الشيء انعكس علي ولولا لطف الله ثم مساعدة الناس حولي لزجّوا بي في السجن.

وبسبب ذلك وعدم قدرتي على استئجار منزل خارج السكن الجامعي، وغلاء الأسعار وتدهور الليرة السورية، لم أستطع متابعة الدراسة وعائلتي لم تستطع أن تغطي مصاريفي أكتر، فأوقفت تسجيلي لهذه السنة وقلت في نفسي للسنة القادمة تتحسن الأمور وأعود لأكمل، لكن للأسف تدهور الوضع أكتر فأكتر.

منازلنا في درعا تحت القنص والتفتيش والاستهداف

عدت إلى درعا وصادف في نفس اليوم اشتباكات وقصف ولا يوجد أحد بالشوارع غير جيش النظام والأمن ولم أستطع الوصول للبيت بسبب القناص، واضطررت للقفز من عند الجيران حتى وصلت للبيت.

وبعد التفجير الذي حدث في نادي الضباط بدرعا، تحول فرع حزب البعث الذي كان قبالة منزلنا لثكنة عسكرية، ووضعوا قناص يرصد شوارع الحي، وقتل 4 أشخاص بنفس الشارع، وواحد من القتلى بقي ما يقارب الـ3 ايام مقتولاً بسيارته ولم يستطع أي شخص الاقتراب منه، وبعد 3 أيام سحب الناس جثته وكان عمره يقارب الـ60 سنة، ولكن السيارة بقيت بالشارع أسبوعين كاملين والدم تحت السيارة، إلى أن جاء الجيش وسحب السيارة.

 وطبعا تعرضنا لمضايقات كثيرة جداً من قوى الأمن الموجودة بفرع الحزب، ومن المضايقات التي تعرضنا لها، 12 يوماً ما قدرنا أن نخرج من البيت بسبب القناص وإذا شخصاً خرج على باب البيت، يضرب طلقة تحذيرية قريبة من الرجل ليعود للمنزل، وأخواتي تعطلوا عن المدارس وانقطعنا عن كل شيء، لم يكن بالإمكان أن نحضر أغراض البيت ولا أكل، وصرنا نتسلق ونخرج من عند الجيران.

وخلال هذه الفترة حدثت المداهمات كل أسبوع واعتقلوا الكثير من الشباب، وانا خفت على نفسي، ومرة خلال المداهمات دخلوا البيت وفتشوا، وطلبوا هويتي ودفتر الجيش، وعندما عرف أني وحيد قال لي "ما بدك تخدم عسكرية؟ قلت له أنا وحيد لأهلي وما بطلعلي أخدم جيش، فضربني العسكري وشتمني.

 بعد الحادثة عائلتي خافت عليّ وقرروا أن يخرجوني إلى الأردن مع جدي وخالتي، حيث كانوا يقطنون بحي طريق السد ومخيم درعا وطلعوا من المنطقة بسبب الاشتباكات والقصف.

الأردن – فلسطيني سوري... ممنوع الدخول

يردف ياسر قائلاً تواصلت مع شخص وزوّرت أوراق ثبوتية حتى أستطيع الدخول للأردن، وأضاف اسمي على اسم خالتي كواحد من أولادها وأخذنا إخراج قيد مزور، على أساس أننا سوريون ولسنا فلسطينيين، لأن الفلسطيني يمنع دخوله الأردن.

 وطلعنا بـ 28/1/2013 يوم الثلاثاء بعد الظهر على قرية نصيب الحدودية مع الأردن وكان التجمع بمنطقة حدودية، والدخول على نقطة التفتيش الأردنية على الساعة 6 مساء، وبدأ العسكري الأردني ينادي، "الفلسطيني يصف على جنب، ويعيد ويزيد أكتر من مرة، ويحكي الذي معه أوراق مزورة سنكشفه، نحن وبيت خالتي وبيت جدي قررنا ألا نكشف أوراقنا، وأوقفَنا الجندي وقال أنتم أبقوا هنا، ومنع دخولنا.

أقبلت الباصات الساعة 1 بالليل وانطلقنا الساعة 2 بالليل ووصلنا على مربع السرحان بالمفرق مبنى المخابرات، ونحن في الباص جلس جنب خالتي عسكري وبعد حديث معه قلنا له اننا من فلسطيني سورية ووعد بمساعدتنا، ووصلنا على مبنى المخابرات ودخل معنا وقال للضابط هؤلاء أقاربي، وليس لديهم أوراق وأخذ ما نملك من الأوراق وسجّلها وسألنا أين أوراقكم الأصلية قلنا له احترقت، فابتسم وقال أنتم فلسطينية؟ لم نرد ثم ختم البطاقة ومشينا وتفتشنا وركبنا بالباصات إلى مخيم الزعتري.

الأردن ... جحيم مخيم الزعتري

 وصلنا مخيم الزعتري للاجئين فجر الاربعاء 29/1/2013 ونزلنا على خيمة الاستقبال ووزعوا لنا وجبة لكل شخص، والصبح وقفنا على الدور حتى نسجل بالمفوضية وبقينا لقرابة العصر واقفين على الدور حتى سجلنا واستلمنا خيمة، ولم نلحق استلام فراش ولا حرامات، ونمنا على أرضية الخيمة والدنيا برد ومطر.

وثاني يوم من الصبح استلمنا فرشات وحرامات وبطانيات وكم طنجرة وصحون ومعالق وأدوات تنظيف، وأعطونا كروت لاستلام خبز مع كرتونة مساعدات ورتبنا أمورنا واستقرينا بالخيمة.

كان الوضع مأساوياً بمخيم الزعتري، فدورات المياه مشتركة تنقصها النظافة، والخيمة بآخر المخيم ولكي اتمكن من إحضار أي شيء يجب أن أمشي مسافة 5 كيلو متر، وخلال هذه الفترة أصيب ابن خالتي الصغير  بحمى قوية فأخذناه إلى المستشفى فندق فيها يوماً كاملاً ، وفي اليوم الثاني خرجنا من المشفى وعدنا للمخيم  وبقينا هناك لمدة أسبوع، ثم تواصلنا مع أقارب لنا بمدينة الزرقاء حتى نخرج بكفالة، وفعلاَ خرجنا من جحيم مخيم الزعتري، وتوجهنا لمدينة الزرقاء وقعدنا فيها، وبحثت عن عمل فوجدت وظيفة حمال في  مستودع.

الحياة في درعا لا تطاق فقررت عائلتي الهجرة

وتحت الضغط والتوتر الأمني قررت عائلتي الخروج من درعا، تواصلت مع مزوّر الأوراق وفعلاً أخرجت أوراقاً ثبوتية مزورة لعائلتي على أنهم من سورية، لكن عند مرورهم الحدود من منطقة نصيب الحدودية، قام الأمن الأردني بإعادتهم إلى سورية، ونسقنا حينها عن طريق معارفنا، ودفعنا لأحدهم 1500 دينار مقابل إدخالهم للأردن.

 غير أنهم عند عبورهم نقطة التفتيش الأولى أعادوهم مرة أخرى، فأعدنا التواصل مع معارفنا وتم تنسيق الأمر ثانية ً، وجاء ضابط وأعطاهم تصريح الدخول لمخيم الزعتري ودفعوا المبلغ ودخلوا إليه وبقوا فيه أسبوع، وبعدها اجتمعنا مع بعضنا في البيت الذي استأجرته، إلا أننا تنقلنا في الأردن بين 4 بيوت، 2 بالزرقاء و2 في محافظة جرش.

يضيف ياسر خلال وجودي في الأردن عملت بدون الحصول على تصريح عمل، فتم القبض عليّ ووقعت على تعهد بعدم العمل دون تصريح وإلا سوف أرحّل إلى سورية.

حاولت العودة للدراسة ولكن...

حاولت العودة للدراسة الجامعية، وسجلت بكلية ناعور بعمان التابعة لوكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين، وسجلت باسمي الحقيقي، ولكن لم أكمل الدراسة فالأمر بحاجة للمال والوقت، فلم يسمح لي أن أدرس واشتغل بنفس الوقت، فقد كان لزاماً علي اختيار واحدة من الاثنتين، وطبعا لم أستطع الدراسة مع أنني داومت فترة في المختبرات الطبية، ولكن العائق الأساسي المال والمصروف.

لصعوبة المعيشة في الأردن قررنا العودة

إيجار البيوت العالية والمعيشة الصعبة دفعت عائلة ياسر للعودة إلى سورية، ويردف قائلاً  "في أسوأ الأحوال المناطق المحررة في سورية لا يوجد إيجار بيوت، أو يكون الإيجار بسعر رمزي يجعل تكاليف الحياة  أخف بكثير من الأردن، حسب ما كنا نعتقد، غير أن ذلك لم يكن صحيحا حيث اكتشفنا أن كل شيء صار بالدولار في الجنوب السوري، وكل بيت نستأجره أغلى من الثاني، الأسعار عالية جداً في المناطق المحررة، ولا يوجد أمان في المنطقة، وبنفس الوقت لا نستطيع أن نرجع على بيتنا الذي كان يبعد عنّا 10 دقائق، كنا نخاف أن يكون أحد عملاء النظام السوري قد كتب فينا تقريراً للأمن أننا كنا في الأردن.

وفعلاَ رجعنا إلى قرية نافعة بحوض اليرموك بتاريخ 10/2/2015 واستأجرنا بيت بـ10 آلاف ليرة سورية، وبعد 3 شهور اشتعلت الحرب بحوض اليرموك بسبب ظهور تنظيم داعش بالمنطقة، وكان البيت الذي نسكنه قريب من منطقة الاشتباكات، مما اضطرنا للخروج من البلدة، ثم توجهنا بلدة نوى وسكنا في منزل بلا أبواب أو شبابيك أخذنا نعمل بالبيت حتى استطعنا العيش فيه، وفي آخر شهر 11 اشتعلت الحرب ببلدة الشيخ مسكين القريبة من نوى، حيث تعرضت بلدة نوى للقصف بالمدفعية والبراميل وطيارات الميغ لمدة 35 يوماً  ، كل يوم ما يقارب أربع أو خمس غارات إضافة إلى المدفعية والهاون والبراميل المتفجرة، وما تخلف ورائها من ضحايا.

 فقرر والدي الخروج من نوى، وتوجهت عائلتي إلى منزل أختي في قرية المسيفرة، وتنقلنا بين 3 منازل بالمسيفرة بسبب إيجار البيوت المرتفع، وبعد عدة أشهر رحلنا إلى قرية صيدا حيث وجدنا منزل بـ 25 ألف ليرة سورية، ثم خرجنا إلى بيت آخر بسبب طلب صاحب البيت إخلائه ثم نقلنا إلى منزل جديد منذ حوالي الشهرين، بشكل مؤقت حتى نجد منزلاً آخر، وها نحن منذ 3 سنوات نسكن في حوران ننتظر العودة إلى منازلنا.

يتمنى ياسر في ختام حكايته أن يعود إلى منزله الذي تركه في درعا، وترجع الناس المهجرة إلى بيوتها، ويعود إلى جامعته ويدرس فرعه الهندسي الذي يتمناه ويشعر أنه طالب جامعي يجلس على مدرجاتها ويستمع للدكتور المحاضر، ويفرح بنجاح مواده التعليمية، ونيل شهادة الهندسة حتى يكون مصدر سعادة وفخر لوالديه وعائلته وأبناء بلده.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/9313

مجموعة العمل – أثير المقدسي

ككل قصص المبادرة التي أطلقتها مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية في مشروع "هذه حكايتي" والتي توثق معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سورية، يبرز من خلال قصتنا الجديدة معاناة شريحة واسعة في المجتمع الفلسطيني بسورية ألا وهي الطلبة، حيث نالت الحرب في سورية من تعليم الآلاف وحطمت طموحاتهم، وأجبرت الكثير منهم على الهجرة ونال المئات منهم الاعتقال والموت تحت القصف والتعذيب.

اللاجئ الفلسطيني "ياسر الحاج" من مواليد درعا 1/1/1994 من مدينة عكا في فلسطين المحتلة، تتكون العائلة من 7 أفراد وهو الشاب الوحيد بين 4 إناث، كان والده الخمسيني يعمل موظفاً في السوق الحرة بدرعا قبل الحرب، ومع أوضاع مادية متواضعة خرج ياسر للدراسة بعيداً عن أهله القاطنين في درعا جنوب سورية

الجامعة وإيقاف التعليم

يحدثنا ياسر عن مشوار حياته، فبعد أن نال شهادة البكالوريا في عام 2012، صدرت نتائج المفاضلة للجامعة، وتم قبولي في جامعة حلب فرع الهندسة المدنية، ونتيجة تأزم الوضع في سورية ودرعا خاصة، سجّلت عن طريق مكتب جامعي فلم يكن الوضع الأمني على الطريق يسمح بخروجي إلى حلب.

 ومع بداية الدوام صدر قرار لطلاب جامعة حلب أن يتمّوا دراستهم بالجامعة الأقرب لهم بنفس الفرع الدراسي، وكانت دمشق الأقرب، وبدأت الدوام فيها لكن كان هناك أزمة بالسكن الجامعي لكثرة الطلاب من مختلف المحافظات، علاوة على سوء المعاملة من قبل اتحاد الطلبة، وأول ما سكنت بالوحدة الأولى بالسكن الجامعي بجانب غرفتي كان يوجد اتحاد طلبة، فاخذوا هويتي وفتشوني، وعندما علموا أني فلسطيني ومن درعا كانوا سيذهبون بي إلى السجن، لاعتقادهم أن أهل درعا هم السبب بالأحداث يلي صارت بسوريا، وهذا الشيء انعكس علي ولولا لطف الله ثم مساعدة الناس حولي لزجّوا بي في السجن.

وبسبب ذلك وعدم قدرتي على استئجار منزل خارج السكن الجامعي، وغلاء الأسعار وتدهور الليرة السورية، لم أستطع متابعة الدراسة وعائلتي لم تستطع أن تغطي مصاريفي أكتر، فأوقفت تسجيلي لهذه السنة وقلت في نفسي للسنة القادمة تتحسن الأمور وأعود لأكمل، لكن للأسف تدهور الوضع أكتر فأكتر.

منازلنا في درعا تحت القنص والتفتيش والاستهداف

عدت إلى درعا وصادف في نفس اليوم اشتباكات وقصف ولا يوجد أحد بالشوارع غير جيش النظام والأمن ولم أستطع الوصول للبيت بسبب القناص، واضطررت للقفز من عند الجيران حتى وصلت للبيت.

وبعد التفجير الذي حدث في نادي الضباط بدرعا، تحول فرع حزب البعث الذي كان قبالة منزلنا لثكنة عسكرية، ووضعوا قناص يرصد شوارع الحي، وقتل 4 أشخاص بنفس الشارع، وواحد من القتلى بقي ما يقارب الـ3 ايام مقتولاً بسيارته ولم يستطع أي شخص الاقتراب منه، وبعد 3 أيام سحب الناس جثته وكان عمره يقارب الـ60 سنة، ولكن السيارة بقيت بالشارع أسبوعين كاملين والدم تحت السيارة، إلى أن جاء الجيش وسحب السيارة.

 وطبعا تعرضنا لمضايقات كثيرة جداً من قوى الأمن الموجودة بفرع الحزب، ومن المضايقات التي تعرضنا لها، 12 يوماً ما قدرنا أن نخرج من البيت بسبب القناص وإذا شخصاً خرج على باب البيت، يضرب طلقة تحذيرية قريبة من الرجل ليعود للمنزل، وأخواتي تعطلوا عن المدارس وانقطعنا عن كل شيء، لم يكن بالإمكان أن نحضر أغراض البيت ولا أكل، وصرنا نتسلق ونخرج من عند الجيران.

وخلال هذه الفترة حدثت المداهمات كل أسبوع واعتقلوا الكثير من الشباب، وانا خفت على نفسي، ومرة خلال المداهمات دخلوا البيت وفتشوا، وطلبوا هويتي ودفتر الجيش، وعندما عرف أني وحيد قال لي "ما بدك تخدم عسكرية؟ قلت له أنا وحيد لأهلي وما بطلعلي أخدم جيش، فضربني العسكري وشتمني.

 بعد الحادثة عائلتي خافت عليّ وقرروا أن يخرجوني إلى الأردن مع جدي وخالتي، حيث كانوا يقطنون بحي طريق السد ومخيم درعا وطلعوا من المنطقة بسبب الاشتباكات والقصف.

الأردن – فلسطيني سوري... ممنوع الدخول

يردف ياسر قائلاً تواصلت مع شخص وزوّرت أوراق ثبوتية حتى أستطيع الدخول للأردن، وأضاف اسمي على اسم خالتي كواحد من أولادها وأخذنا إخراج قيد مزور، على أساس أننا سوريون ولسنا فلسطينيين، لأن الفلسطيني يمنع دخوله الأردن.

 وطلعنا بـ 28/1/2013 يوم الثلاثاء بعد الظهر على قرية نصيب الحدودية مع الأردن وكان التجمع بمنطقة حدودية، والدخول على نقطة التفتيش الأردنية على الساعة 6 مساء، وبدأ العسكري الأردني ينادي، "الفلسطيني يصف على جنب، ويعيد ويزيد أكتر من مرة، ويحكي الذي معه أوراق مزورة سنكشفه، نحن وبيت خالتي وبيت جدي قررنا ألا نكشف أوراقنا، وأوقفَنا الجندي وقال أنتم أبقوا هنا، ومنع دخولنا.

أقبلت الباصات الساعة 1 بالليل وانطلقنا الساعة 2 بالليل ووصلنا على مربع السرحان بالمفرق مبنى المخابرات، ونحن في الباص جلس جنب خالتي عسكري وبعد حديث معه قلنا له اننا من فلسطيني سورية ووعد بمساعدتنا، ووصلنا على مبنى المخابرات ودخل معنا وقال للضابط هؤلاء أقاربي، وليس لديهم أوراق وأخذ ما نملك من الأوراق وسجّلها وسألنا أين أوراقكم الأصلية قلنا له احترقت، فابتسم وقال أنتم فلسطينية؟ لم نرد ثم ختم البطاقة ومشينا وتفتشنا وركبنا بالباصات إلى مخيم الزعتري.

الأردن ... جحيم مخيم الزعتري

 وصلنا مخيم الزعتري للاجئين فجر الاربعاء 29/1/2013 ونزلنا على خيمة الاستقبال ووزعوا لنا وجبة لكل شخص، والصبح وقفنا على الدور حتى نسجل بالمفوضية وبقينا لقرابة العصر واقفين على الدور حتى سجلنا واستلمنا خيمة، ولم نلحق استلام فراش ولا حرامات، ونمنا على أرضية الخيمة والدنيا برد ومطر.

وثاني يوم من الصبح استلمنا فرشات وحرامات وبطانيات وكم طنجرة وصحون ومعالق وأدوات تنظيف، وأعطونا كروت لاستلام خبز مع كرتونة مساعدات ورتبنا أمورنا واستقرينا بالخيمة.

كان الوضع مأساوياً بمخيم الزعتري، فدورات المياه مشتركة تنقصها النظافة، والخيمة بآخر المخيم ولكي اتمكن من إحضار أي شيء يجب أن أمشي مسافة 5 كيلو متر، وخلال هذه الفترة أصيب ابن خالتي الصغير  بحمى قوية فأخذناه إلى المستشفى فندق فيها يوماً كاملاً ، وفي اليوم الثاني خرجنا من المشفى وعدنا للمخيم  وبقينا هناك لمدة أسبوع، ثم تواصلنا مع أقارب لنا بمدينة الزرقاء حتى نخرج بكفالة، وفعلاَ خرجنا من جحيم مخيم الزعتري، وتوجهنا لمدينة الزرقاء وقعدنا فيها، وبحثت عن عمل فوجدت وظيفة حمال في  مستودع.

الحياة في درعا لا تطاق فقررت عائلتي الهجرة

وتحت الضغط والتوتر الأمني قررت عائلتي الخروج من درعا، تواصلت مع مزوّر الأوراق وفعلاً أخرجت أوراقاً ثبوتية مزورة لعائلتي على أنهم من سورية، لكن عند مرورهم الحدود من منطقة نصيب الحدودية، قام الأمن الأردني بإعادتهم إلى سورية، ونسقنا حينها عن طريق معارفنا، ودفعنا لأحدهم 1500 دينار مقابل إدخالهم للأردن.

 غير أنهم عند عبورهم نقطة التفتيش الأولى أعادوهم مرة أخرى، فأعدنا التواصل مع معارفنا وتم تنسيق الأمر ثانية ً، وجاء ضابط وأعطاهم تصريح الدخول لمخيم الزعتري ودفعوا المبلغ ودخلوا إليه وبقوا فيه أسبوع، وبعدها اجتمعنا مع بعضنا في البيت الذي استأجرته، إلا أننا تنقلنا في الأردن بين 4 بيوت، 2 بالزرقاء و2 في محافظة جرش.

يضيف ياسر خلال وجودي في الأردن عملت بدون الحصول على تصريح عمل، فتم القبض عليّ ووقعت على تعهد بعدم العمل دون تصريح وإلا سوف أرحّل إلى سورية.

حاولت العودة للدراسة ولكن...

حاولت العودة للدراسة الجامعية، وسجلت بكلية ناعور بعمان التابعة لوكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين، وسجلت باسمي الحقيقي، ولكن لم أكمل الدراسة فالأمر بحاجة للمال والوقت، فلم يسمح لي أن أدرس واشتغل بنفس الوقت، فقد كان لزاماً علي اختيار واحدة من الاثنتين، وطبعا لم أستطع الدراسة مع أنني داومت فترة في المختبرات الطبية، ولكن العائق الأساسي المال والمصروف.

لصعوبة المعيشة في الأردن قررنا العودة

إيجار البيوت العالية والمعيشة الصعبة دفعت عائلة ياسر للعودة إلى سورية، ويردف قائلاً  "في أسوأ الأحوال المناطق المحررة في سورية لا يوجد إيجار بيوت، أو يكون الإيجار بسعر رمزي يجعل تكاليف الحياة  أخف بكثير من الأردن، حسب ما كنا نعتقد، غير أن ذلك لم يكن صحيحا حيث اكتشفنا أن كل شيء صار بالدولار في الجنوب السوري، وكل بيت نستأجره أغلى من الثاني، الأسعار عالية جداً في المناطق المحررة، ولا يوجد أمان في المنطقة، وبنفس الوقت لا نستطيع أن نرجع على بيتنا الذي كان يبعد عنّا 10 دقائق، كنا نخاف أن يكون أحد عملاء النظام السوري قد كتب فينا تقريراً للأمن أننا كنا في الأردن.

وفعلاَ رجعنا إلى قرية نافعة بحوض اليرموك بتاريخ 10/2/2015 واستأجرنا بيت بـ10 آلاف ليرة سورية، وبعد 3 شهور اشتعلت الحرب بحوض اليرموك بسبب ظهور تنظيم داعش بالمنطقة، وكان البيت الذي نسكنه قريب من منطقة الاشتباكات، مما اضطرنا للخروج من البلدة، ثم توجهنا بلدة نوى وسكنا في منزل بلا أبواب أو شبابيك أخذنا نعمل بالبيت حتى استطعنا العيش فيه، وفي آخر شهر 11 اشتعلت الحرب ببلدة الشيخ مسكين القريبة من نوى، حيث تعرضت بلدة نوى للقصف بالمدفعية والبراميل وطيارات الميغ لمدة 35 يوماً  ، كل يوم ما يقارب أربع أو خمس غارات إضافة إلى المدفعية والهاون والبراميل المتفجرة، وما تخلف ورائها من ضحايا.

 فقرر والدي الخروج من نوى، وتوجهت عائلتي إلى منزل أختي في قرية المسيفرة، وتنقلنا بين 3 منازل بالمسيفرة بسبب إيجار البيوت المرتفع، وبعد عدة أشهر رحلنا إلى قرية صيدا حيث وجدنا منزل بـ 25 ألف ليرة سورية، ثم خرجنا إلى بيت آخر بسبب طلب صاحب البيت إخلائه ثم نقلنا إلى منزل جديد منذ حوالي الشهرين، بشكل مؤقت حتى نجد منزلاً آخر، وها نحن منذ 3 سنوات نسكن في حوران ننتظر العودة إلى منازلنا.

يتمنى ياسر في ختام حكايته أن يعود إلى منزله الذي تركه في درعا، وترجع الناس المهجرة إلى بيوتها، ويعود إلى جامعته ويدرس فرعه الهندسي الذي يتمناه ويشعر أنه طالب جامعي يجلس على مدرجاتها ويستمع للدكتور المحاضر، ويفرح بنجاح مواده التعليمية، ونيل شهادة الهندسة حتى يكون مصدر سعادة وفخر لوالديه وعائلته وأبناء بلده.

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/9313