map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

هذه حكايتي (38)| محمود شهابي: هكذا قررت أن لا أستسلم للقهر ومرارة اللجوء

تاريخ النشر : 02-04-2018
هذه حكايتي (38)| محمود شهابي: هكذا قررت أن لا أستسلم للقهر ومرارة اللجوء

مجموعة العمل – محمود زغموت

بدأ فقدان الأمن والتوتر يتصاعد في مخيم اليرموك تدريجياً في الشهر السابع من عام 2012، بسبب القصف الذي طال شارع الجاعونة وأدى إلى وقوع مجزرة. في الوقت نفسه بدا أن "حي التضامن"، المجاور للمخيم، لم يعد آمناً للسكان بسبب القصف المتكرر، وعمليات الدهم والخطف والاعتقال والاشتباكات المتقطعة بين النظام والمعارضة، ما أدى إلى نزوح كثير من السكان إلى داخل المخيم.

"محمود شهابي" حرفي فلسطيني من "مخيم اليرموك"، من سكان منطقة "التضامن"، كان يعمل في مجال الصناعات التراثية الفلسطينية، شارك إلى جانب عدد كبير من شباب المخيم في العمل الإنساني، ضمن اللجان التي تشكلت في "مخيم اليرموك" منتصف عام 2012، بغية المساهمة في تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للأهالي النازحين من مناطق الجوار(الحجر الاسود، التضامن، حي الميدان، حي القدم)، حيث تحول "مخيم اليرموك" إلى جزيرة شبه آمنة في محيط مشتعل، إذ بدأت المناطق المجاورة للمخيم تخرج عن سيطرة النظام، وأخذت تتحول تدريجياً إلى مربعات للقصف ومحاور للمعارك الطاحنة بين النظام وفصائل الجيش الحر.

أجمع الأهالي في المخيم آن ذاك، كما هو حال غالبية الفلسطينيين في سورية، على ضرورة التزام الحياد، والابتعاد عن التدخل في المواجهات من قبل أي طرف فلسطيني، منعاً لأي تورط سينعكس سلباً بالضرورة، على واقع الفلسطينيين في سورية، بالرغم من تعاطفهم مع قضية الشعب السوري، إلا أن هذا الحياد لم يدم طويلاً، وبدا الانقسام في الشارع الفلسطيني، كما الشارع السوري، كبيراً وعميقاً في الموقف من "الثورة" و"النظام".

تسارعت الأحداث، انتقل التوتر إلى المخيم الذي تعرض للقصف بطائرات الميغ يوم 16 ديسمبر 2012، أدى إلى وقوع مجزرة في مسجد الشهيد عبدالقادر الحسيني ومحيطه، الأمر الذي تسبب بانتشار الخوف والفوضى وفقدان الأمن .

وكما غالبية السكان، بكل مرارة وقهر قرر محمود الشهابي الرحيل عن المخيم، وترك منزل الطفولة الذي ترعرع فيه، والالتحاق بعائلته التي غادرت إلى لبنان قبله بأسابيع قليلة طلباً للأمن والاستقرار.

واجهتُ أوضاعاً صعبة للغاية

 يقول "محمود شهابي" الذي يعيش اليوم في منطقة البقاع. إذ تركنا خلفنا كل ما نملك في سورية، واضطررت للعمل في البناء، والزراعة، وقطاف الزيتون، وأعمال أخرى، لتسديد أجور المنزل والكهرباء وبقية المستلزمات، وتأمين الحد الأدنى من مقومات العيش، في ظروف قاسية.

كان "محمود الشهابي" قد غادر مقاعد الدراسة صغيراً بسبب الواقع المعيشي الصعب الذي عاشته أسرته في سورية، مثل كثير من العائلات الفلسطينية في ذلك الوقت، والتحق مبكراً بسوق العمل في مدينة دمشق، حيث تعلم مهنة الخياطة، وأتقنها، وعمل مع أخيه، حيث أنشأوا مشروعاً صغيراً خاصاً بهم. ومن مهنة الخياطة توسعوا إلى العمل في صناعة الألبسة التراثية الفلسطينية، ومنها إلى العمل بصناعة التراثيات الخشبية كخرائط فلسطين والمجسمات والرموز الفلسطينية.

بعد عامين تقريباً من اللجوء والمعاناة وضيق العيش في لبنان، أتيح لمحمود الشهابي أن يتلقى قرضاً صغيراً من احدى الجمعيات الفلسطينية لدعم مشروع مشغل لصنع التراثيات، وكانت فرصته في العودة إلى مهنته التي يحبها ويتقنها، حيث تم تأمين المكان المستأجر والمعدات اللازمة من خلال القرض وبدأ بالإنتاج والتسويق، من ثم افتتح متجراً صغيراً خاصاً بالتراثيات الفلسطينية في مدينة "صيدا"، وبدأ مشروعه يثمر ويتوسع شيئاً فشيئاً، وساهم مشروعه الصغير في ايجاد فرص عمل لعدد من اللاجئين الفلسطينيين.

ناشط إغاثي

بالرغم من مرارة اللجوء الأخير في لبنان والظروف القاسية التي مرت بها عائلة الشهابي، فإنه لم يتوانى عن تقديم ما يستطيع للوقوف إلى جانب المهجرين الفلسطينيين من سورية إلى لبنان، مستفيداً من الخبرة التي اكتسبها في الأشهر الأخيرة خلال عمله في مجال الاغاثة، قبيل الخروج من "مخيم اليرموك".

ينظم الشهابي اليوم العديد من الانشطة الخيرية والانسانية، كتوزيع مواد التدفئة في مناطق "البقاع" شتاءً وكذلك تأمين طرود غذائية بشكل دوري لبعض العائلات الأكثر احتياجاً، ويؤكد أن أعداد المحتاجين المسجلين لديه أكبر بكثير من حجم الدعم المتاح. وبسبب الاحتياج الذي يتصاعد في شهر رمضان أعد الناشط "الشهابي" وبمساعدة بعض الأصدقاء مطبخاً صغيراً لتحضير وجبات الإفطار في الشهر الكريم، حيث يتم توزيعها على العائلات المستحقة، إذ يؤمن المطبخ يومياً الوجبات لعدد يتراوح بين 150 إلى 400 عائلة، وذلك بحسب الدعم المتوفر، وكذلك يساهم في توزيع لحم الأضاحي خلال أيام عيد الأضحى، مستعيناً بوسائل التواصل الاجتماعي، لتسهيل مهمته في الوصول للمستحقين. إذ يعتمد الشهابي بشكل أساسي على المغتربين من أبناء مخيم اليرموك والمخيمات الفلسطينية في سورية لتغطية الاحتياجات العاجلة والاسعافية، ويجد بحسب قوله تفاعلاً جيداً من أبناء الجالية الفلسطينية في أوروبا.

وبحسب كثير من النشطاء في السياق ذاته، لاسيما ممثلي بعض الجمعيات والمنظمات الخيرية والإنسانية العاملة في المنطقة فإن الشهابي يسعى دائما لتقديم كل ما لديه ووضع كل إمكانياته وعلاقاته تحت تصرفها في سبيل الوصول للعائلات المستحقة، حيث تعتمد عليه كثير من المؤسسات الناشطة في هذا المجال مثل "حملة الوفاء الأوروبية" و"مؤسسة الهلال الخيري الدانماركي" و"مؤسسة الغوث الانساني" و"مؤسسة الأيادي الرحيمة".

ومن جهته يقول "الشهابي" أن الدعم الذي يأتي مقتصر على المساعدة العينية المباشرة، من يد ممثل الجهة الداعمة إلى الحالة المستحقة، إذ لا يتلقى ومن يساعدونه أي مقابل، بينما تتيح الحملات التي ينظمها على وسائل التواصل قدراً كبيراً من الشفافية، حيث يقوم بوضع أرقام هواتف الأسر أو الافراد المستهدفين بالحملة ليكون التواصل مباشر بينهم وبين الراغبين بتقديم العون، الأمر الذي أكسبه مصداقية كبيرة ودفع الكثير من الصفحات الاخبارية لمشاركة منشوراته على فيس بوك، والتي تكون غالباً على شكل فيديو أو صور، حيث يساهم من خلال نشاطه على وسائل التواصل في حل كثير من المشكلات الإنسانية، لاسيما الحالات الصحية التي تحتاج لعمليات جراحية عاجلة ومكلفة.

تعتبر تجربة الناشط "محمود الشهابي" اليوم ملهمة للعديد من اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سورية إلى لبنان، والذين يعانون ظروفاً معيشية صعبة بسبب غلاء المعيشة وارتفاع ايجارات المنازل وشح المساعدات والمنع من مزاولة أكثر من سبعين مهنة، يحظرها عليهم قانون العمل في لبنان، إلا أن كل هذا لا يجب أن يمنعهم من البحث عن حلول وبذل الوسع في محاولة خلق الفرص، والتحول من متلقي للدعم ومحتاج للمساعدة إلى منتج ومساهم، لاسيما في ظل الحديث عن تقليص متوقع لخدمات الأونروا التي لاتزال تغطي لهم التعليم والاستشفاء بحده الأدنى.   

 

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/9407

مجموعة العمل – محمود زغموت

بدأ فقدان الأمن والتوتر يتصاعد في مخيم اليرموك تدريجياً في الشهر السابع من عام 2012، بسبب القصف الذي طال شارع الجاعونة وأدى إلى وقوع مجزرة. في الوقت نفسه بدا أن "حي التضامن"، المجاور للمخيم، لم يعد آمناً للسكان بسبب القصف المتكرر، وعمليات الدهم والخطف والاعتقال والاشتباكات المتقطعة بين النظام والمعارضة، ما أدى إلى نزوح كثير من السكان إلى داخل المخيم.

"محمود شهابي" حرفي فلسطيني من "مخيم اليرموك"، من سكان منطقة "التضامن"، كان يعمل في مجال الصناعات التراثية الفلسطينية، شارك إلى جانب عدد كبير من شباب المخيم في العمل الإنساني، ضمن اللجان التي تشكلت في "مخيم اليرموك" منتصف عام 2012، بغية المساهمة في تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للأهالي النازحين من مناطق الجوار(الحجر الاسود، التضامن، حي الميدان، حي القدم)، حيث تحول "مخيم اليرموك" إلى جزيرة شبه آمنة في محيط مشتعل، إذ بدأت المناطق المجاورة للمخيم تخرج عن سيطرة النظام، وأخذت تتحول تدريجياً إلى مربعات للقصف ومحاور للمعارك الطاحنة بين النظام وفصائل الجيش الحر.

أجمع الأهالي في المخيم آن ذاك، كما هو حال غالبية الفلسطينيين في سورية، على ضرورة التزام الحياد، والابتعاد عن التدخل في المواجهات من قبل أي طرف فلسطيني، منعاً لأي تورط سينعكس سلباً بالضرورة، على واقع الفلسطينيين في سورية، بالرغم من تعاطفهم مع قضية الشعب السوري، إلا أن هذا الحياد لم يدم طويلاً، وبدا الانقسام في الشارع الفلسطيني، كما الشارع السوري، كبيراً وعميقاً في الموقف من "الثورة" و"النظام".

تسارعت الأحداث، انتقل التوتر إلى المخيم الذي تعرض للقصف بطائرات الميغ يوم 16 ديسمبر 2012، أدى إلى وقوع مجزرة في مسجد الشهيد عبدالقادر الحسيني ومحيطه، الأمر الذي تسبب بانتشار الخوف والفوضى وفقدان الأمن .

وكما غالبية السكان، بكل مرارة وقهر قرر محمود الشهابي الرحيل عن المخيم، وترك منزل الطفولة الذي ترعرع فيه، والالتحاق بعائلته التي غادرت إلى لبنان قبله بأسابيع قليلة طلباً للأمن والاستقرار.

واجهتُ أوضاعاً صعبة للغاية

 يقول "محمود شهابي" الذي يعيش اليوم في منطقة البقاع. إذ تركنا خلفنا كل ما نملك في سورية، واضطررت للعمل في البناء، والزراعة، وقطاف الزيتون، وأعمال أخرى، لتسديد أجور المنزل والكهرباء وبقية المستلزمات، وتأمين الحد الأدنى من مقومات العيش، في ظروف قاسية.

كان "محمود الشهابي" قد غادر مقاعد الدراسة صغيراً بسبب الواقع المعيشي الصعب الذي عاشته أسرته في سورية، مثل كثير من العائلات الفلسطينية في ذلك الوقت، والتحق مبكراً بسوق العمل في مدينة دمشق، حيث تعلم مهنة الخياطة، وأتقنها، وعمل مع أخيه، حيث أنشأوا مشروعاً صغيراً خاصاً بهم. ومن مهنة الخياطة توسعوا إلى العمل في صناعة الألبسة التراثية الفلسطينية، ومنها إلى العمل بصناعة التراثيات الخشبية كخرائط فلسطين والمجسمات والرموز الفلسطينية.

بعد عامين تقريباً من اللجوء والمعاناة وضيق العيش في لبنان، أتيح لمحمود الشهابي أن يتلقى قرضاً صغيراً من احدى الجمعيات الفلسطينية لدعم مشروع مشغل لصنع التراثيات، وكانت فرصته في العودة إلى مهنته التي يحبها ويتقنها، حيث تم تأمين المكان المستأجر والمعدات اللازمة من خلال القرض وبدأ بالإنتاج والتسويق، من ثم افتتح متجراً صغيراً خاصاً بالتراثيات الفلسطينية في مدينة "صيدا"، وبدأ مشروعه يثمر ويتوسع شيئاً فشيئاً، وساهم مشروعه الصغير في ايجاد فرص عمل لعدد من اللاجئين الفلسطينيين.

ناشط إغاثي

بالرغم من مرارة اللجوء الأخير في لبنان والظروف القاسية التي مرت بها عائلة الشهابي، فإنه لم يتوانى عن تقديم ما يستطيع للوقوف إلى جانب المهجرين الفلسطينيين من سورية إلى لبنان، مستفيداً من الخبرة التي اكتسبها في الأشهر الأخيرة خلال عمله في مجال الاغاثة، قبيل الخروج من "مخيم اليرموك".

ينظم الشهابي اليوم العديد من الانشطة الخيرية والانسانية، كتوزيع مواد التدفئة في مناطق "البقاع" شتاءً وكذلك تأمين طرود غذائية بشكل دوري لبعض العائلات الأكثر احتياجاً، ويؤكد أن أعداد المحتاجين المسجلين لديه أكبر بكثير من حجم الدعم المتاح. وبسبب الاحتياج الذي يتصاعد في شهر رمضان أعد الناشط "الشهابي" وبمساعدة بعض الأصدقاء مطبخاً صغيراً لتحضير وجبات الإفطار في الشهر الكريم، حيث يتم توزيعها على العائلات المستحقة، إذ يؤمن المطبخ يومياً الوجبات لعدد يتراوح بين 150 إلى 400 عائلة، وذلك بحسب الدعم المتوفر، وكذلك يساهم في توزيع لحم الأضاحي خلال أيام عيد الأضحى، مستعيناً بوسائل التواصل الاجتماعي، لتسهيل مهمته في الوصول للمستحقين. إذ يعتمد الشهابي بشكل أساسي على المغتربين من أبناء مخيم اليرموك والمخيمات الفلسطينية في سورية لتغطية الاحتياجات العاجلة والاسعافية، ويجد بحسب قوله تفاعلاً جيداً من أبناء الجالية الفلسطينية في أوروبا.

وبحسب كثير من النشطاء في السياق ذاته، لاسيما ممثلي بعض الجمعيات والمنظمات الخيرية والإنسانية العاملة في المنطقة فإن الشهابي يسعى دائما لتقديم كل ما لديه ووضع كل إمكانياته وعلاقاته تحت تصرفها في سبيل الوصول للعائلات المستحقة، حيث تعتمد عليه كثير من المؤسسات الناشطة في هذا المجال مثل "حملة الوفاء الأوروبية" و"مؤسسة الهلال الخيري الدانماركي" و"مؤسسة الغوث الانساني" و"مؤسسة الأيادي الرحيمة".

ومن جهته يقول "الشهابي" أن الدعم الذي يأتي مقتصر على المساعدة العينية المباشرة، من يد ممثل الجهة الداعمة إلى الحالة المستحقة، إذ لا يتلقى ومن يساعدونه أي مقابل، بينما تتيح الحملات التي ينظمها على وسائل التواصل قدراً كبيراً من الشفافية، حيث يقوم بوضع أرقام هواتف الأسر أو الافراد المستهدفين بالحملة ليكون التواصل مباشر بينهم وبين الراغبين بتقديم العون، الأمر الذي أكسبه مصداقية كبيرة ودفع الكثير من الصفحات الاخبارية لمشاركة منشوراته على فيس بوك، والتي تكون غالباً على شكل فيديو أو صور، حيث يساهم من خلال نشاطه على وسائل التواصل في حل كثير من المشكلات الإنسانية، لاسيما الحالات الصحية التي تحتاج لعمليات جراحية عاجلة ومكلفة.

تعتبر تجربة الناشط "محمود الشهابي" اليوم ملهمة للعديد من اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سورية إلى لبنان، والذين يعانون ظروفاً معيشية صعبة بسبب غلاء المعيشة وارتفاع ايجارات المنازل وشح المساعدات والمنع من مزاولة أكثر من سبعين مهنة، يحظرها عليهم قانون العمل في لبنان، إلا أن كل هذا لا يجب أن يمنعهم من البحث عن حلول وبذل الوسع في محاولة خلق الفرص، والتحول من متلقي للدعم ومحتاج للمساعدة إلى منتج ومساهم، لاسيما في ظل الحديث عن تقليص متوقع لخدمات الأونروا التي لاتزال تغطي لهم التعليم والاستشفاء بحده الأدنى.   

 

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/9407