map
RSS instagram youtube twitter facebook Google Paly App stores

عدد الضحايا

حتى اليوم

4256

هذه حكايتي (39) | رامي : أكلنا كسرات خبز عَفِن في حصار الغوطة ثم تجرعنا سمّ التهجير

تاريخ النشر : 09-04-2018
هذه حكايتي (39) | رامي : أكلنا كسرات خبز عَفِن في حصار الغوطة ثم تجرعنا سمّ التهجير

مجموعة العمل – أثير المقدسي

معاناة تلو معاناة، وحصار داخل حصار من مخيم اليرموك إلى غوطة دمشق الخضراء، المحاصِرون كثيرون والمحاصَرون كجسد واحد، يتعرض اللاجئ الفلسطيني في عدد من مناطق سورية كما أهلها لسياسة التجويع ومنع إدخال الدواء والعلاج علاوة على القصف، وبذريعة المؤامرة الكبرى تم اقتلاع الآلاف من أرضهم في تهجير قسري جديد بعدما طُردوا من فلسطين.

 حكايتنا مع اللاجئ الفلسطيني "رامي" من سكان حي القابون الدمشقي، قضى أعوام عمره الـ35 بين أزقة غوطة دمشق، لديه ولدان أكبرهما يبلغ من العمر 3 أعوام، تعود أصوله إلى قرية كفر عنان في عكا شمال فلسطين المحتلة.

فلسطينيون أنتم أصل البلاء

تعتبر القابون من أوائل المناطق التي انتفضت ضد النظام السوري، وقدّم الحيّ مئات الشهداء منذ شهر نيسان/أبريل 2011، وفي 15 تموز/يوليو 2011 أدى إطلاق النار الكثيف على المتظاهرين وملاحقتهم بالرصاص واستهداف القناصة إلى مقتل 14 شخصا وجرح المئات فيما يعرف بمجزرة "جمعة أسرى الحرية"

يحدثنا رامي وخلال تلك الأحداث كانت مداهمات المجموعات الأمنية التابعة للنظام السوري "الشبيحة" تقتحم منازلنا بشكل يومي، ويفتشوا أغراضنا في غرف النوم وحتى المطبخ لم يسلم منهم، وفي كل مرة نجمع أغراضنا من الأرض بعد قذفها يميناً وشمالاً، وذلك بحجة البحث عن السلاح.

 يضيف رامي وعندما كانوا يعلموا أننا من أبناء فلسطين، يشتموننا بأقذر العبارات، ويقولوا لنا اذهبوا إلى فلسطين وحرورها، ولماذا أنتم هنا وماذا تفعلون، وفي كل مرة نرد عليهم نحن لم نتدخل في الأحداث وليس لنا علاقة، ويكون الجواب أنتم أصل البلاء.

شظايا من القصف استقرت في رقبتي

بعد تسارع الأحداث وتحول الثورة من العمل السلمي إلى حمل السلاح بدأ النظام يستهدف القابون، وفي 18 تموز 2012 أدى القصف العنيف على الحيّ إلى مقتل العشرات، واستخدمت الدبابات لإخماد نار الثورة، لكن لم يستطع النظام دخول الحيّ بعد محاولات اقتحامه.

وأمام قصف الطائرات والمدفعية والهاون، لم نعد نعرف ماذا نفعل وإلى أين نذهب والخوف يتملكنا، أنا وزوجتي وأولادي وأختي وأمي، وخلال ذلك خرجت إلى أحد شوارع الحيّ استطلع المنطقة وإذا ما كان النظام قد فتح طريقاً لخروج المدنيين، فنزلت قذيفة هاون قريبة مني، وانفجرت ودخلت شظايا منها رقبتي واخترقت الأحبال الصوتية.

تم اسعافي إلى أحد المشافي الميدانية، حيث كان الدواء قليل والأدوات الموجودة بداخلها بدائية، ولا تصلح إلا كمراكز تقديم إسعافات أولية، ولكن بفضل الله ثم الأطباء الموجدين الذين قاموا بأصعب العمليات الجراحية بنجاح، استعدت وعيي وخرجت من المشفى، وحدثني أحد الأطباء أن عمليتي استمرت ساعة ونصف وبعدها أخرجوني من الإنعاش بعد 24 ساعة.

 بعدها اضطرت إدارة  المشفى أن تخرجني إلى البيت لشدة الازدحام بالمصابين، وفي البيت اهتمت بي والدتي وزوجتي، لكنني لم أجلس  لفترة طويلة لأنني مضطر أن أذهب وأبحث عن طعام لعائلتي.

الخبز العَفِن طعامنا

في شهر أيلول/سبتمبر 2012 تعرض حيّ القابون وأهله لحصار مشدّد، وأخذت المواد الغذائية تنفد وإذا وجدت فهي بأسعار مرتفعة، ولم يعد يدخل أي مواد غذائية أو أدوية ، عانينا كثيراً ولفترة طويلة بسبب هذا الحصار، وفي يوم من أيام الحصار خرجت أبحث عن طعام لعائلتي، ودخلت إحدى حارات الحيّ ولم أعلم أنها تحت مرمى قناص النظام وإذا بطلقة قناص تصيب قدمي، لكن الحمد لله لم تكن الإصابة كبيرة وبقيت فترة من الزمن لا أستطيع المشي عليها.

وعن معيشتهم في ظل الحصار يقول رامي: كنا نأكل القليل جداً من مؤونة البيت، في اليوم لا نستطيع أن نأكل أكثر من مرة واحدة، والحصار كان يشتد علينا إلى أن نفد الطحين، بعدها كان طعامنا يقتصر على الرز أو البرغل إن وجد.

 كانت أمي تطبخ لنا شوربة عدس ونضع عليها الخبز اليابس إن وجد، كنت أنطلق كل يوم وأبحث عن طعام عند البيوت المهدمة، كنا نجد خبزاً يابساً وعفناً  فنأكله، وبعضه نجد عليه ديدان بيضاء صغيرة ومع ذلك كنا نضطر لأكله.

أما الأولاد فهم في بكاء دائم وتأوه، كانوا جياعاً يريدون الطعام، وأنا أنظر إليهم ولا أستطيع أن أفعل شيئاً لهم سوى القهر والأسى والبكاء معهم.

وإذا مرض أحد من الأولاد أو أصيب بحمى فهنا الكارثة، أين العلاج والدواء وماذا يستطيع الأطباء تقديمه في مشافيهم الإسعافية، وأذكر أن الحصار هذا استمر قرابة ثلاث سنوات لكن من كان تحت الحصار يظن الوقت 300 سنة.

عاد الأمل مع حفر نفق الغوطة

يردف رامي قائلاً بقينا في حصار وعوز شديدين  إلى أن حفر الثوار وأهل البلد في القابون نفقاً باتجاه الغوطة الشرقية، ففي شرق القابون بلدتي عربين وحرستا ويجاور أحياء برزة من الشمال وجوبر من الجنوب، وعاد الأمل إلينا.

وعلى الرغم من أن الغوطة الشرقية وضعها ليس جيداً إلا أنها تملك أراضي زراعية يمكن أن تسد الرمق، وأخذنا منزلاً بالغوطة إلى جانب أهل القابون الذي لم يبق فيه أحد إلا الثوار.

كانت أسعار المواد مرتفعة فسعر ربطة الخبز 1500 ليرة سورية وتكفي العائلة وجبة واحدة، وكيلو السكر 5000 ليرة، وكيلو الرز 3500 ليرة، وبسبب استمرار الحصار كنا نعيش على فتات الجيران وأهل الخير.

ويضيف رامي " كنت أخرج من الغوطة إلى القابون لأطمئِنّ على منزلنا، وأجده في كل مرة ينقص حائط أو باب أو غرفة بسبب القصف، حيث أخذت قوات النظام تتقدم داخل البلد وسيطرت على مباني كثيرة.

 وفي إحدى المرات وأنا عائد إلى الغوطة أخذت أبحث عن طعام بين حارات الحيّ، فكان أحد قناصة النظام السوري ينتظرني، وأصبت في قدمي عند الركبة اليمنى، ونقلوني للمشفى وبدأت العملية الجراحية من دون تخدير، لن أستطيع وصف الألم، ثم نقلوني إلى عائلتي في الغوطة، وفي كل يومين أنزل إلى أحد المشافي الميدانية  لتغيير الضماد.

بعد حادثة القنص الثانية التي تعرض لها رامي، واجهته مشكلة المواصلات في الغوطة لاستمرار علاجه، حيث تنعدم السيارات التي تمشي في الطرقات بسبب سعر البنزين المرتفع والذي تجاوز 2000 ليرة سورية لليتر واحد.

يواصل اللاجئ الفلسطيني رامي قائلاً: وفي يوم من أيام الحصار وأنا أجلس في البيت مع أهلي وأولادي، أغارت طائرات النظام السوري علينا، لم يبق باب ولا نافذة من نوافذ منازل الحيّ الذي نسكنه من شدة الانفجار.

عائلتي وأطفالي أخذوا بالبكاء والصراخ، كانت أياماً سوداء، وحدثت بلبلة وضجة كبيرة وسط السكان، وكنا نسمع سيارات الإسعاف والكل في حالة هستيريا، ثم نزلنا للملاجئ خوفاً من قصف جديد، تلك الحادثة كانت الأولى وتكررت كثيرا بعد ذلك، واصبح الكل ينتظر الموت، وخلال ذلك حاولنا كثيرا أن نخرج من البلد وكل المحاولات كانت فاشلة.

الهجرة القسرية

وتحت حملة القصف العنيف لـ 80 يوماً متواصلة واستمرار وطأة الحصار، قررت فصائل الجيش الحر التفاوض مع النظام السوري، وتم تسليم القابون للنظام السوري مقابل ترحيل عناصر الجيش الحر ومن يرغب من المدنيين إلى شمال سورية وتم الأمر في شهر مايو- أيار عام 2017، وهُجّر آلاف المدنيين والعسكريين من أحياء القابون وبرزة وغيرها، وذهبنا إلى مدينة إدلب شمال سورية ووضعونا في المخيمات.

كان وضع المخيمات مزرياً، النساء في خيمة كبيرة والرجال في خيمة أخرى، كانت تأتي المساعدات العينية من الجمعيات الخيرية، ولم يكن هناك أي مساعدات مالية، حاولت البحث عن عمل في إدلب لكن الوضع لم يكن سهلاً لأن العمل قليل، والوضع الأمني فيها صعب، وكان إيجار المنازل مرتفعاً الأمر الذي منعنا من استئجار منزل.

 جلسنا فترة من الزمن في المخيم، وقررت أمي وأختي العودة إلى دمشق، وعادوا إلى منزل جدي، وأنا وزوجتي وأولادي غادرنا سورية ودخلنا بطريقة غير نظامية إلى تركيا لأن الفلسطيني السوري ممنوع من دخولها.

تركيا لا تعترف بحقوقنا

وصلنا تركيا وعانينا فيها ولا زلنا نعاني في كل مناحي الحياة، أولها عدم الاعتراف بنا كفلسطينيين سوريين وليس لنا حقوق وفي حالة قلق دائم، والمعيشة مرتفعة هنا كثيراً، وأجور العمل قليلة ونعاني من استغلال أرباب العمل، كما يذكر رامي أن نجله حتى الآن يعاني رهاباً من صوت الطائرات.

 ويختم رامي حكايته "لم أعد أستطع تأمين معيشة كريمة لأولادي في تركيا، فهم محرومون من أبسط حقوقهم، ويتساءل هل يا ترى لو نحن في بلدنا فلسطين كان حدث بنا ذلك"

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/9447

مجموعة العمل – أثير المقدسي

معاناة تلو معاناة، وحصار داخل حصار من مخيم اليرموك إلى غوطة دمشق الخضراء، المحاصِرون كثيرون والمحاصَرون كجسد واحد، يتعرض اللاجئ الفلسطيني في عدد من مناطق سورية كما أهلها لسياسة التجويع ومنع إدخال الدواء والعلاج علاوة على القصف، وبذريعة المؤامرة الكبرى تم اقتلاع الآلاف من أرضهم في تهجير قسري جديد بعدما طُردوا من فلسطين.

 حكايتنا مع اللاجئ الفلسطيني "رامي" من سكان حي القابون الدمشقي، قضى أعوام عمره الـ35 بين أزقة غوطة دمشق، لديه ولدان أكبرهما يبلغ من العمر 3 أعوام، تعود أصوله إلى قرية كفر عنان في عكا شمال فلسطين المحتلة.

فلسطينيون أنتم أصل البلاء

تعتبر القابون من أوائل المناطق التي انتفضت ضد النظام السوري، وقدّم الحيّ مئات الشهداء منذ شهر نيسان/أبريل 2011، وفي 15 تموز/يوليو 2011 أدى إطلاق النار الكثيف على المتظاهرين وملاحقتهم بالرصاص واستهداف القناصة إلى مقتل 14 شخصا وجرح المئات فيما يعرف بمجزرة "جمعة أسرى الحرية"

يحدثنا رامي وخلال تلك الأحداث كانت مداهمات المجموعات الأمنية التابعة للنظام السوري "الشبيحة" تقتحم منازلنا بشكل يومي، ويفتشوا أغراضنا في غرف النوم وحتى المطبخ لم يسلم منهم، وفي كل مرة نجمع أغراضنا من الأرض بعد قذفها يميناً وشمالاً، وذلك بحجة البحث عن السلاح.

 يضيف رامي وعندما كانوا يعلموا أننا من أبناء فلسطين، يشتموننا بأقذر العبارات، ويقولوا لنا اذهبوا إلى فلسطين وحرورها، ولماذا أنتم هنا وماذا تفعلون، وفي كل مرة نرد عليهم نحن لم نتدخل في الأحداث وليس لنا علاقة، ويكون الجواب أنتم أصل البلاء.

شظايا من القصف استقرت في رقبتي

بعد تسارع الأحداث وتحول الثورة من العمل السلمي إلى حمل السلاح بدأ النظام يستهدف القابون، وفي 18 تموز 2012 أدى القصف العنيف على الحيّ إلى مقتل العشرات، واستخدمت الدبابات لإخماد نار الثورة، لكن لم يستطع النظام دخول الحيّ بعد محاولات اقتحامه.

وأمام قصف الطائرات والمدفعية والهاون، لم نعد نعرف ماذا نفعل وإلى أين نذهب والخوف يتملكنا، أنا وزوجتي وأولادي وأختي وأمي، وخلال ذلك خرجت إلى أحد شوارع الحيّ استطلع المنطقة وإذا ما كان النظام قد فتح طريقاً لخروج المدنيين، فنزلت قذيفة هاون قريبة مني، وانفجرت ودخلت شظايا منها رقبتي واخترقت الأحبال الصوتية.

تم اسعافي إلى أحد المشافي الميدانية، حيث كان الدواء قليل والأدوات الموجودة بداخلها بدائية، ولا تصلح إلا كمراكز تقديم إسعافات أولية، ولكن بفضل الله ثم الأطباء الموجدين الذين قاموا بأصعب العمليات الجراحية بنجاح، استعدت وعيي وخرجت من المشفى، وحدثني أحد الأطباء أن عمليتي استمرت ساعة ونصف وبعدها أخرجوني من الإنعاش بعد 24 ساعة.

 بعدها اضطرت إدارة  المشفى أن تخرجني إلى البيت لشدة الازدحام بالمصابين، وفي البيت اهتمت بي والدتي وزوجتي، لكنني لم أجلس  لفترة طويلة لأنني مضطر أن أذهب وأبحث عن طعام لعائلتي.

الخبز العَفِن طعامنا

في شهر أيلول/سبتمبر 2012 تعرض حيّ القابون وأهله لحصار مشدّد، وأخذت المواد الغذائية تنفد وإذا وجدت فهي بأسعار مرتفعة، ولم يعد يدخل أي مواد غذائية أو أدوية ، عانينا كثيراً ولفترة طويلة بسبب هذا الحصار، وفي يوم من أيام الحصار خرجت أبحث عن طعام لعائلتي، ودخلت إحدى حارات الحيّ ولم أعلم أنها تحت مرمى قناص النظام وإذا بطلقة قناص تصيب قدمي، لكن الحمد لله لم تكن الإصابة كبيرة وبقيت فترة من الزمن لا أستطيع المشي عليها.

وعن معيشتهم في ظل الحصار يقول رامي: كنا نأكل القليل جداً من مؤونة البيت، في اليوم لا نستطيع أن نأكل أكثر من مرة واحدة، والحصار كان يشتد علينا إلى أن نفد الطحين، بعدها كان طعامنا يقتصر على الرز أو البرغل إن وجد.

 كانت أمي تطبخ لنا شوربة عدس ونضع عليها الخبز اليابس إن وجد، كنت أنطلق كل يوم وأبحث عن طعام عند البيوت المهدمة، كنا نجد خبزاً يابساً وعفناً  فنأكله، وبعضه نجد عليه ديدان بيضاء صغيرة ومع ذلك كنا نضطر لأكله.

أما الأولاد فهم في بكاء دائم وتأوه، كانوا جياعاً يريدون الطعام، وأنا أنظر إليهم ولا أستطيع أن أفعل شيئاً لهم سوى القهر والأسى والبكاء معهم.

وإذا مرض أحد من الأولاد أو أصيب بحمى فهنا الكارثة، أين العلاج والدواء وماذا يستطيع الأطباء تقديمه في مشافيهم الإسعافية، وأذكر أن الحصار هذا استمر قرابة ثلاث سنوات لكن من كان تحت الحصار يظن الوقت 300 سنة.

عاد الأمل مع حفر نفق الغوطة

يردف رامي قائلاً بقينا في حصار وعوز شديدين  إلى أن حفر الثوار وأهل البلد في القابون نفقاً باتجاه الغوطة الشرقية، ففي شرق القابون بلدتي عربين وحرستا ويجاور أحياء برزة من الشمال وجوبر من الجنوب، وعاد الأمل إلينا.

وعلى الرغم من أن الغوطة الشرقية وضعها ليس جيداً إلا أنها تملك أراضي زراعية يمكن أن تسد الرمق، وأخذنا منزلاً بالغوطة إلى جانب أهل القابون الذي لم يبق فيه أحد إلا الثوار.

كانت أسعار المواد مرتفعة فسعر ربطة الخبز 1500 ليرة سورية وتكفي العائلة وجبة واحدة، وكيلو السكر 5000 ليرة، وكيلو الرز 3500 ليرة، وبسبب استمرار الحصار كنا نعيش على فتات الجيران وأهل الخير.

ويضيف رامي " كنت أخرج من الغوطة إلى القابون لأطمئِنّ على منزلنا، وأجده في كل مرة ينقص حائط أو باب أو غرفة بسبب القصف، حيث أخذت قوات النظام تتقدم داخل البلد وسيطرت على مباني كثيرة.

 وفي إحدى المرات وأنا عائد إلى الغوطة أخذت أبحث عن طعام بين حارات الحيّ، فكان أحد قناصة النظام السوري ينتظرني، وأصبت في قدمي عند الركبة اليمنى، ونقلوني للمشفى وبدأت العملية الجراحية من دون تخدير، لن أستطيع وصف الألم، ثم نقلوني إلى عائلتي في الغوطة، وفي كل يومين أنزل إلى أحد المشافي الميدانية  لتغيير الضماد.

بعد حادثة القنص الثانية التي تعرض لها رامي، واجهته مشكلة المواصلات في الغوطة لاستمرار علاجه، حيث تنعدم السيارات التي تمشي في الطرقات بسبب سعر البنزين المرتفع والذي تجاوز 2000 ليرة سورية لليتر واحد.

يواصل اللاجئ الفلسطيني رامي قائلاً: وفي يوم من أيام الحصار وأنا أجلس في البيت مع أهلي وأولادي، أغارت طائرات النظام السوري علينا، لم يبق باب ولا نافذة من نوافذ منازل الحيّ الذي نسكنه من شدة الانفجار.

عائلتي وأطفالي أخذوا بالبكاء والصراخ، كانت أياماً سوداء، وحدثت بلبلة وضجة كبيرة وسط السكان، وكنا نسمع سيارات الإسعاف والكل في حالة هستيريا، ثم نزلنا للملاجئ خوفاً من قصف جديد، تلك الحادثة كانت الأولى وتكررت كثيرا بعد ذلك، واصبح الكل ينتظر الموت، وخلال ذلك حاولنا كثيرا أن نخرج من البلد وكل المحاولات كانت فاشلة.

الهجرة القسرية

وتحت حملة القصف العنيف لـ 80 يوماً متواصلة واستمرار وطأة الحصار، قررت فصائل الجيش الحر التفاوض مع النظام السوري، وتم تسليم القابون للنظام السوري مقابل ترحيل عناصر الجيش الحر ومن يرغب من المدنيين إلى شمال سورية وتم الأمر في شهر مايو- أيار عام 2017، وهُجّر آلاف المدنيين والعسكريين من أحياء القابون وبرزة وغيرها، وذهبنا إلى مدينة إدلب شمال سورية ووضعونا في المخيمات.

كان وضع المخيمات مزرياً، النساء في خيمة كبيرة والرجال في خيمة أخرى، كانت تأتي المساعدات العينية من الجمعيات الخيرية، ولم يكن هناك أي مساعدات مالية، حاولت البحث عن عمل في إدلب لكن الوضع لم يكن سهلاً لأن العمل قليل، والوضع الأمني فيها صعب، وكان إيجار المنازل مرتفعاً الأمر الذي منعنا من استئجار منزل.

 جلسنا فترة من الزمن في المخيم، وقررت أمي وأختي العودة إلى دمشق، وعادوا إلى منزل جدي، وأنا وزوجتي وأولادي غادرنا سورية ودخلنا بطريقة غير نظامية إلى تركيا لأن الفلسطيني السوري ممنوع من دخولها.

تركيا لا تعترف بحقوقنا

وصلنا تركيا وعانينا فيها ولا زلنا نعاني في كل مناحي الحياة، أولها عدم الاعتراف بنا كفلسطينيين سوريين وليس لنا حقوق وفي حالة قلق دائم، والمعيشة مرتفعة هنا كثيراً، وأجور العمل قليلة ونعاني من استغلال أرباب العمل، كما يذكر رامي أن نجله حتى الآن يعاني رهاباً من صوت الطائرات.

 ويختم رامي حكايته "لم أعد أستطع تأمين معيشة كريمة لأولادي في تركيا، فهم محرومون من أبسط حقوقهم، ويتساءل هل يا ترى لو نحن في بلدنا فلسطين كان حدث بنا ذلك"

الوسوم

رابط مختصر : https://actionpal.org.uk/ar/post/9447